تجزم مصادر في تيار المستقبل، وأخرى في التيار الوطني الحر، بأن الرئيس سعد الحريري سيعلن ترشيحه العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، قبل نهاية الأسبوع الجاري. لكن هذه المعلومات تتجاهل عقدة رئيسة تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، عنوانها تجاهل طرفي التسوية الرئاسية للرئيس نبيه بري، رغم كونه أحد أبرز حاملي مفتاح الانتخابات
أسبوع آخر يُضاف إلى روزنامة الحراك الرئاسي الذي يقوده رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري. حتى الآن لا شيء محسوماً بعد، والتقديرات تسير كالبورصة صعوداً ونزولاً. وتضاربت أمس المعلومات بشأن آخر تطورات موقف الحريري من ترشيح العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
وفيما فُسِّرت مغادرة رئيس «المستقبل» إلى الرياض بأنها تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة على موقفه من الانتخابات الرئاسية، أكّدت مصادر قريبة منه أن الزيارة متصلة بالوضع المالي لشركة «سعودي أوجيه» وجهود إنقاذها من الإفلاس. وجزمت مصادر بارزة في تيار المستقبل بأن «الحريري سيعلن الأسبوع الجاري دعم عون، وأنه ليس في انتظار إشارة من المملكة العربية السعودية، لأنها سبق أن أبلغته السير بما يريده، على أن يتحمّل هو المسؤولية».
وفي هذا الإطار، أشارت مصادر فريق الثامن من آذار إلى أن «العماد عون كان قد أبلغ حلفاءه أن الحريري أكد له أنه سيعلن ترشيحه يوم 15 تشرين الأول (أول من أمس)»، غير أن مصادر الحريري نفت الأمر، مشيرة إلى أن الموعد كان مقرراً بين «15 و20 الشهر الجاري». كذلك نفت مصادر التيار الوطني الحر صحة موعد 15 تشرين الأول. وقالت مصادر المستقبل إن «الحريري ليس في انتظار إشارة سعودية، لأن المملكة سبق أن أعطت رأيها، وهي لن تعود وتكرره في كل لحظة، وأن ما يبحث عنه الرئيس الحريري هو المزيد من الضمانات الدولية».
في مقابل هذا الجوّ، نقل فريق الثامن من آذار جوّاً سلبياً، يتعلّق بموقف أبلغه الرئيس نبيه برّي لحزب الله أكد فيه أنه «مش ماشي بعون، وما حدا يجرّب معي». ونُقِل عن بري قوله لمسؤولين في حزب الله إن السعودية لن تقبل بعون رئيساً، وإنها ستمنع وصوله إلى بعبدا، حتى لو أعلن الحريري دعمه له. ونقلت مصادر هذا الفريق عن برّي استياءه الشديد من الكلام الذي صدر بشأن ثنائية الحريري ــ عون، وتشبيهها بتحالف رياض الصلح وبشارة الخوري، مشيرة إلى أنه «علّق على هذا الكلام بموقف قاس، قائلاً: صار جبران باسيل ونادر الحريري هما من يقرران من هو رئيس الجمهورية ومن هو رئيس الحكومة، وأيضاً رئيس مجلس النواب، وهما من يوزعان الحقائب والحصص وعلّي أنا أن أوقّع لهما على بياض؟». وفيما يستعد الرئيس برّي لمغادرة البلاد لفترة طويلة بعد جلسة انتخاب اللجان يوم الثلاثاء المقبل، رأت مصادر سياسية أن «هذا الأمر سيجعل من عقد التفاهمات أمراً صعباً، لأن الوقت بين عودته وجلسة انتخاب الرئيس نهاية الشهر سيكون قصيراً، إذا افترضنا أن الحريري أعلن موقفه الداعم لوصول عون إلى بعبدا». وتحمّل مصادر في 8 آذار العماد عون مسؤولية تصلّب الرئيس بري، متسائلة «كيف يُمكن للجنرال عقد تفاهمات مع الحريري وسمير جعجع، ولا يزال عاجزاً عن صياغة تفاهم مع رئيس المجلس، رغم كونه مفتاح الحل الرئاسي؟». أما تيار المستقبل فلا يزال يرى أن «جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق حزب الله لأنه معنيّ بالتدخل والوساطة»، ويرى أن «الرئيس بري أولاً وأخيراً سيسير بميشال عون، لأن قوته تكمن في أنه جزء من السلطة وليس من المعارضة، وهو بطبيعته رجل تسويات قائمة على التفاهمات الوطنية». لكن مصادر أخرى قريبة من تيار المستقبل ترى أن العقدة الكبرى هي بين الحريري وبرّي «المستاء من لجوء الشيخ سعد إلى ترشيح عون». وتلفت مصادر «وسطية» وأخرى من 8 آذار إلى «خطأ كبير يوقع العونيون والمستقبل البلد فيه، عندما يتعاملان مع اعتراض الرئيس بري كعقدة ثانوية قابلة للحل من قبل حزب الله بسهولة». وأشارت المصادر إلى أن حجم اعتراض بري على التسوية «كبير جداً، وجديّ للغاية، ولا يمكن تجاوزه بسهولة، خاصة أنه متصل بما يراه رئيس المجلس توازنات طائفية في البلاد لن يسمح بالمساس بها».
من جهة أخرى، جرى التداول بمعلومات تشير إلى ان الحريري أبلغ المعنيين بالمفاوضات انه لن يقدم على إعلان ترشيح عون الا بعد ان تتفق قوى ٨ آذار، وأولهم رئيس المجلس النيابي، على موقف موحد من ترشيح عون. وانه لهذا السبب ارجأ اعلان موقفه، خصوصا انه لا يزال يواجه اعتراضات داخل كتلته وفي قوى ١٤ اذار. ومع بروز بعض المواقف من قوى ٨ اذار حول عدم القبول بالحريري رئيسا للحكومة، زاد من تريثه وارجأ موقفه الى ما بعد انتهاء زيارته الى السعودية. لكن مصادر في 8 آذار نفت هذه المعلومات، قائلة إن المسار المتفق عليه ينص على إعلان الحريري موقفه، ليتبعه توجه عون والحريري وآخرين نحو الرئيس بري للتفاهم معه.
وعلى الخط الرئاسي أيضاً، أثارت أمس تغريدة للنائب وليد جنبلاط بلبلة كبيرة، حين غرّد على صفحته على تويتر قائلاً «أتت كلمة السرّ... الله يستر». وفيما اعتبرها البعض «نوعاً من التسلية»، وفسّرها البعض الآخر بأنها «تعبّر عن معلومات تلقّاها تفيد بأن الرئيس الحريري مصمّم على السير بعون»، تبيّن لاحقاً أن الرجل كان يقصد بها «الاتفاقات الدولية بشأن مدينة حلب»، فيما أكد رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب أنه ما زال عند رأيه بأن العماد عون سيكون رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومة، وإن تحدثت عن بعض الشروط السياسية». وأوضح وهاب أن «العلاقة مع سوريا يجب توضيحها، ويجب أن يكون لدينا سياسة واضحة، والحكومة القادمة ستستمر بموقف سياسي معين كان قد اتخذه الحريري سابقاً». وتعليقاً على الكلام حول أن سوريا لا تريد الحريري لفت الى «أننا لن ننتظره لتسمية عون ومن ثم ننقلب عليه، فليطمئن من هذه الناحية». وفيما فُسِّر كلام وهاب بأنه رسالة سورية سلبية تجاه عودة الحريري إلى السلطة وتخفيف لاندفاعة تفاهم الحريري ــــ عون، أكّدت مصادر مقرّبة من القيادة السورية أن «كلمة سر دمشق بيد السيد حسن نصرالله وحده».