إنتهى النهار «العوني» الطويل إحياء لذكرى 13 تشرين بكلمة لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، بدت أشبه بمختصر لخريطة طريق أسلوب الحكم الذي سيعتمده إذا ما وصل إلى قصر بعبدا، مفتتحاً الأسبوع الجديد على احتمالات عدة تتوقف على ما سيبادر إليه رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري الذي أرجأ ترشيحه لعون إفساحاً لمزيد من المشاورات والإتصالات التي يواصلها في الخارج وستستكمل هذا الأسبوع على رغم ما صدر من بعض الشخصيات المحسوبة على «حزب الله» والنظام السوري بأن «لا قبول برئيس حكومة لا يلتزم ببند الجيش والشعب والمقاومة». تزامناً، ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظة لا تقلّ حزماً عن سابقاتها في ما يخصّ الإستحقاق الرئاسي. في المقابل نشر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع «تويتر» صورة تظهر شخصاً يستلم رسالة من آخر، مرفقة بعبارة: «أتت كلمة السر كما يبدو ألله يستر». أمّا دولياً، فحذّرَت واشنطن ولندن أمس من أنّ الحلفاء الغربيين يبحثون فرضَ عقوبات على أهداف اقتصادية في روسيا وسوريا بسبب حصار مدينة حلب، غداة محادثات بشأن سوريا بين روسيا والولايات المتحدة وعددٍ من دول المنطقة أمس الأول في مدينة لوزان السويسرية لم تفضِ إلى نتيجة.
نظّم «التيار الوطني الحر» أمس ذكرى 13 تشرين في تجمّع آلاف من أنصاره على طريق قصر بعبدا قبل أن يطلّ عون عبر شاشة عملاقة، على عكس توقعاتهم مبرّراً ذلك بالقول: «تعرفون الأسباب»، ويلقي كلمته الهادئة التي احتوت مؤشرين بارزين:
أولاً، حدّد فيها مجموعة أفكار تحت عنوان «بناء الوطن» وهي تصلح أن تكون جزءاً من خطاب القسم أهمها: «إحترام الدستور والميثاق والقوانين، والمشاركة المضمونة والمتوازنة لكافة الطوائف من دون كيدية أو عزل أو قهر، وضع حد للمحسوبيات والاستزلام، واحترام الكفاءات في الاختيار، وعودة معايير الولاء للدولة من دون سواها. دعم استقلالية القضاء كي يحمي الناس في رزقهم وعيالهم وكرامتهم وحرياتهم.
تجديد النخب السياسية من خلال قانون انتخابات عادل يؤمّن التمثيل الصحيح لجميع مكوناته، وإيجاد البيئة الاقتصادية الملائمة لعودة شبابنا، التنمية المتوازنة وتثمير خيرات البلاد، والاستماع الى صرخة الناس في همومهم اليومية ومحاولة إيجاد الحلول السريعة لها».
ثانياً، إستخدم لهجة مرنة غابت عنها الرئاسة، وبَدا كلامه جامعاً منفتحاً على كل المكوّنات والطوائف بعدما نأى بنفسه عن مهاجمة أي طرف سياسي لأنّ من شأن ذلك أن ينسف المشاورات والتفاهمات التي بناها طوال الأسبوع الفائت، مفسحاً في المجال أمام الحريري لتنظيم الهيكليّة والآليّة التي سيعلن بموجبها ترشيحه في الأيام المقبلة.
امّا رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل فاكد أنّ «نضال التيار مستمر من أجل الميثاق بعد أن ناضلنا من أجل تحرير لبنان من الوصاية والاحتلال، وبعد أن عدنا إلى الدولة بقيت الرئاسة لنصل إليها». وقال: «حلمنا أن يقف عون على شرفة القصر الجمهوري ويهتف يا شعب لبنان العظيم والى جانبه كل قادة لبنان»، معتبراً أنّ «لبنان من دون ميثاق العيش المتساوي بين مسلمين ومسيحيين ليس وطناً».
في غضون ذلك توقّعَ مصدر «مستقبلي» أن يتحدّث الحريري في اجتماع الكتلة غداً عن موقفه من ترشيح عون، على أن يستكمل هذا الموقف في إطلالة تلفزيونية في إطار برنامج «كلام الناس» للزميل مارسيل غانم على شاشة الـ»أل.بي.سي» الخميس المقبل.
واعترفَ المصدر بوجود فريق داخل كتلة «المستقبل» لا يزال يعارض ترشيح عون بقوّة.
في غضون ذلك، تضاربَت المعلومات حول ما إذا كان الحريري غادر باريس أم لا يزال فيها، لكن المتوقّع أن يكون في بيروت في أيّ وقت، ولم يُعرف ما إذا كان سيُعرّج على الرياض أم لا.
واستبعَدت جهات سياسية معنية بالاستحقاق أن يَحسم الحريري موقفَه في السرعة التي يتوقّعها البعض، مشيرةً إلى أنّه لم يمتلك كلَّ المعطيات الكاملة لمِثل هذه الخطوة بعد.
العامل السوري
وفيما ينتظر «التيار» أن يقول الحريري كلمته «قريباً جداً» على حد تأكيدات مسؤوليه موضحاً ان تفاؤله مبنيّ على مقوّمات حقيقيّة، وتؤكد «القوات اللبنانية» بلسان نائبها جورج عدوان بأنّ موقف الحريري سيكون خلال ايام، جاءت مواقف مختلف الاطراف السياسية لتخالف حالة التفاؤل العونية ـ القواتية بانتخاب عون لرئاسة الجمهورية في جلسة 31 تشرين الحالي ولا حتى في اي جلسة بعدها، ولتؤكد أنّ ازمة لبنان لا يمكن ان تحل بالاتفاقات الثنائية إنما بالحوار الشامل مع كل الأفرقاء والكتل النيابية، وذهبت مواقف البعض في فريق 8 آذار الى استحضار العامل السوري على خط الرئاسة، رافضة وصول الحريري الى رئاسة الحكومة، في وقت كرّر رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الاستمرار في السباق الرئاسي وعدم التراجع مُشدداً على انّ الكلمة الفصل لصندوق الاقتراع نهاية الشهر الجاري.
«14 آذار»
ورأت مصادر في قوى 14 آذار ما سمّته «بصمات حزب الله» في دخول العامل السوري على خط الرئاسة»، وقالت لـ«الجمهورية»: مَن تحدّث عن رفض دمشق لتوَلّي الحريري رئاسة الحكومة لا يفعل ذلك من دون توجيهات من الحزب.
وبالتالي، هذه توجيهات صدرت مباشرة منه في محاولة لعرقلة انتخاب الرئاسة مجدداً، وما جرى يؤكّد عدم رغبته في إنجاز الاستحقاق الرئاسي ووصول عون الى سدة الرئاسة.
على خط مواز، قال مصدر وزاري وسطي لـ«الجمهورية»: إذا تمّ الفصل بين الملفّين الاقليمي والمحلي تصبح مبادرة الحريري مبادرة جدية وليس معناه «انها بتمشي»، لكن هذه الجديّة تحتاج الى تذليل عقبات عدة مع مواقع اساسية في البلد.
فتفت
ووضع عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت التفاؤل بقرب تبنّي الحريري ترشيح عون في اطار الضخّ الاعلامي والضغط لا اكثر ولا اقل، مؤكداً ان لا قرار نهائياً حتى الآن في انتظار عودة الرئيس للحريري واجتماع الكتلة.
وعن لهجة عون وباسيل الهادئة امس، قال فتفت: لقد سبق السيف العَزل. السياسة التي اعتمدها في مقابلته المتلفزة الاخيرة كلها ضمن الاغراءات التي يقدّمها اي مرشح رئاسي، واعتبر انّ عون انتبه الى ذلك متأخراً جداً.
وأضاف: لو شاء إقناع الناس لكان عليه ان يبدأ بهذا الخطاب منذ سنوات وليس الآن، فخطابه اليوم لا يقنع احداً، إذ للأسف الممارسات في الفترة الماضية كانت تصفية حسابات وكيدية في الوزارات وتحديداً في الوزارات التي استلمها الوزير باسيل.
حمادة
وقال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «لا نستطيع ان نركن الى اللهجة أكانت هادئة أو متشنّجة او حماسيّة، لأنها تبقى شعبويّة. لا مشكلة لنا مع الحلم. المهم ان لا يتحوّل الى كابوس بالنسبة لغد اللبنانيين».
سعيد
من جهته، جدّد منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد موقفه القائل إنّ عون لن يكون رئيساً للجمهورية. وقال لـ«الجمهورية»: أنا اليوم متمسّك برأيي اكثر بعد فشل مؤتمر لوزان. وشَبّه سعيد خطاب عون بـ«أكل المستشفيات»، فبما انه مرشّح للرئاسة ولا يريد مشاكل مع الجميع، لم يتحدث في السياسة».
وقال سعيد: المشكلة لا تكمن في ما اذا كان الرئيس الحريري سيتبنّى ترشيح عون أم لا، بل هل هناك انتخابات رئاسية في لبنان في ظل التعقيدات السياسية الموجودة في سوريا ؟ وهل انّ ايران ستسلّم ورقة الرئاسة اللبنانية الى ادارة اميركية راحلة ام الى ادارة اميركية جديدة؟
فجلسة الانتخاب في 31 تشرين الجاري والانتخابات الرئاسية الاميركية في 8 /11/ 2016 ألا تنتظر القضية شهراً أو شهرين أو ثلاثة اشهر؟ فلماذا الاستعجال؟
الراعي
في غضون ذلك، كان البطريرك الراعي يُلقي عظة قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي ببكركي، إستكمل فيها مواقفه الحازمة من الإستحقاق الرئاسي وحَدّد مواصفات رئيس الجمهورية العتيد: «المطلوب رئيس جدير بتحمّل المسؤولية التاريخية، وبإعادة بناء الدولة بمؤسساتها على أساس الدستور والميثاق الوطني؛ رئيس يعمل جاهداً وأساساً من أجل المصالحة والوفاق وعودة الثقة بلبنان الدولة والوطن الذي يعلو كل اعتبار، وبين اللبنانيين من مختلف الاتجاهات؛ رئيس معروف بثقافة الانفتاح وأصالة الانتماء يعيد لبنان إلى موقع الصداقة والتعاون والعلاقات السلمية والسليمة مع أسرة الدول العربية والأسرة الدولية، على أساس من الاحترام والصدق والإنتاج.
فلبنان، المميّز بالتعددية الموحدة، والمؤمن بقضية العدالة والسلام، والباحث عن الأمن والاستقرار، لا يتحمّل الانحياز إلى محاور والانخراط في معسكرات إقليمية أو دولية».
وتابع: «لقد سئم الشعب اللبناني ممارسة سياسية منذ سنتين وستة أشهر، يبحث أصحابها تارة عن سلة وتارة عن تفاهمات. وهي تصبّ، في معظمها على ما يبدو، في خانة واحدة هي تقاسم حصص ومغانم على حساب الخير العام، بل على حساب لبنان وشعبه. وها هم ضائعون بين تفسيرات متناقضة لتصريح، وبين انتظارات لإعلان موقف ونوايا، فيما انتخاب رئيس للبلاد بات رهينة لكلّ ذلك.
ألا يستطيع أهل السياسة بعد هذا الفراغ الطويل من أخذ المبادرة الذاتية، اللبنانية -اللبنانية، والتركيز على ما يوحّد، ونبذ ما يفرّق؟ لقد حان لهم أن يعودوا إلى لبنان».
وأمل الراعي في أن تصل المحاولات الجارية إلى تفاهم على شخص الرئيس وأن يتمّ انتخابه في جلسة 31 الجاري وأن تسلّط «التفاهمات» على كيفيّة إيقاف الدّين العام.
وأكدت اوساط كنسيّة لـ«الجمهورية» انّ عظة الراعي أمس تأتي ضمن المسار الذي بدأه البطريرك منذ فترة وتَوَّجه بنداء المطارنة، لافتة الى أنّ جميع الذين راهنوا على تغيير لهجة بكركي سقطت رهاناتهم لأنّ الراعي ماض في مواقفه التي تنبثق من الدستور وليس من حسابات شخصية او فئوية.
وشدّدت المصادر على انّ الراعي يريد تحصين الرئيس المقبل أيّاً كان اسمه وهذا مبدأ عام ولا يريد ان نصل الى انتخابات رئاسية والرئيس مجرّد من اي صلاحية او سلطة.
واشارت الى انّ الصرح البطريركي سيشهد المزيد من اللقاءات والمشاورات من اجل دفع عجلة الاستحقاق قدماً، ولم تستبعد ان يزور عون بكركي قريباً بعد الاتصال الذي حصل اخيراً مع البطريرك أو أيّ من الأقطاب المسيحيين الآخرين.
واكدت الاوساط انّ بكركي حريصة على اللعبة الديموقراطية والميثاقية ومشاركة المسيحيين في الحكم وهي أوّل من أيّدت اتفاق معراب، وتدعو كل لحظة الى تفاهم اللبنانيين، لكنّ طرح السلال او التفاهمات الجانبية يأتي في سياق عرقلة الرئاسة ولو كان هذا الأمر مدخلاً ضرورياً للانتخابات الرئاسية لماذا تأخّر سنتين وخمسة أشهر علماً أنّ الراعي كان يدعو دائماً الى مبادرات شجاعة؟
وختمت المصادر: نحن مع انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، والسلة الوحيدة التي نقبل بها هي الدستور، ولا تنتظروا من بكركي التي هي أمينة على هذا الوطن أيّ تهاون في هذا المجال.
أولاً، حدّد فيها مجموعة أفكار تحت عنوان «بناء الوطن» وهي تصلح أن تكون جزءاً من خطاب القسم أهمها: «إحترام الدستور والميثاق والقوانين، والمشاركة المضمونة والمتوازنة لكافة الطوائف من دون كيدية أو عزل أو قهر، وضع حد للمحسوبيات والاستزلام، واحترام الكفاءات في الاختيار، وعودة معايير الولاء للدولة من دون سواها. دعم استقلالية القضاء كي يحمي الناس في رزقهم وعيالهم وكرامتهم وحرياتهم.
تجديد النخب السياسية من خلال قانون انتخابات عادل يؤمّن التمثيل الصحيح لجميع مكوناته، وإيجاد البيئة الاقتصادية الملائمة لعودة شبابنا، التنمية المتوازنة وتثمير خيرات البلاد، والاستماع الى صرخة الناس في همومهم اليومية ومحاولة إيجاد الحلول السريعة لها».
ثانياً، إستخدم لهجة مرنة غابت عنها الرئاسة، وبَدا كلامه جامعاً منفتحاً على كل المكوّنات والطوائف بعدما نأى بنفسه عن مهاجمة أي طرف سياسي لأنّ من شأن ذلك أن ينسف المشاورات والتفاهمات التي بناها طوال الأسبوع الفائت، مفسحاً في المجال أمام الحريري لتنظيم الهيكليّة والآليّة التي سيعلن بموجبها ترشيحه في الأيام المقبلة.
امّا رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل فاكد أنّ «نضال التيار مستمر من أجل الميثاق بعد أن ناضلنا من أجل تحرير لبنان من الوصاية والاحتلال، وبعد أن عدنا إلى الدولة بقيت الرئاسة لنصل إليها». وقال: «حلمنا أن يقف عون على شرفة القصر الجمهوري ويهتف يا شعب لبنان العظيم والى جانبه كل قادة لبنان»، معتبراً أنّ «لبنان من دون ميثاق العيش المتساوي بين مسلمين ومسيحيين ليس وطناً».
في غضون ذلك توقّعَ مصدر «مستقبلي» أن يتحدّث الحريري في اجتماع الكتلة غداً عن موقفه من ترشيح عون، على أن يستكمل هذا الموقف في إطلالة تلفزيونية في إطار برنامج «كلام الناس» للزميل مارسيل غانم على شاشة الـ»أل.بي.سي» الخميس المقبل.
واعترفَ المصدر بوجود فريق داخل كتلة «المستقبل» لا يزال يعارض ترشيح عون بقوّة.
في غضون ذلك، تضاربَت المعلومات حول ما إذا كان الحريري غادر باريس أم لا يزال فيها، لكن المتوقّع أن يكون في بيروت في أيّ وقت، ولم يُعرف ما إذا كان سيُعرّج على الرياض أم لا.
واستبعَدت جهات سياسية معنية بالاستحقاق أن يَحسم الحريري موقفَه في السرعة التي يتوقّعها البعض، مشيرةً إلى أنّه لم يمتلك كلَّ المعطيات الكاملة لمِثل هذه الخطوة بعد.
العامل السوري
وفيما ينتظر «التيار» أن يقول الحريري كلمته «قريباً جداً» على حد تأكيدات مسؤوليه موضحاً ان تفاؤله مبنيّ على مقوّمات حقيقيّة، وتؤكد «القوات اللبنانية» بلسان نائبها جورج عدوان بأنّ موقف الحريري سيكون خلال ايام، جاءت مواقف مختلف الاطراف السياسية لتخالف حالة التفاؤل العونية ـ القواتية بانتخاب عون لرئاسة الجمهورية في جلسة 31 تشرين الحالي ولا حتى في اي جلسة بعدها، ولتؤكد أنّ ازمة لبنان لا يمكن ان تحل بالاتفاقات الثنائية إنما بالحوار الشامل مع كل الأفرقاء والكتل النيابية، وذهبت مواقف البعض في فريق 8 آذار الى استحضار العامل السوري على خط الرئاسة، رافضة وصول الحريري الى رئاسة الحكومة، في وقت كرّر رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الاستمرار في السباق الرئاسي وعدم التراجع مُشدداً على انّ الكلمة الفصل لصندوق الاقتراع نهاية الشهر الجاري.
«14 آذار»
ورأت مصادر في قوى 14 آذار ما سمّته «بصمات حزب الله» في دخول العامل السوري على خط الرئاسة»، وقالت لـ«الجمهورية»: مَن تحدّث عن رفض دمشق لتوَلّي الحريري رئاسة الحكومة لا يفعل ذلك من دون توجيهات من الحزب.
وبالتالي، هذه توجيهات صدرت مباشرة منه في محاولة لعرقلة انتخاب الرئاسة مجدداً، وما جرى يؤكّد عدم رغبته في إنجاز الاستحقاق الرئاسي ووصول عون الى سدة الرئاسة.
على خط مواز، قال مصدر وزاري وسطي لـ«الجمهورية»: إذا تمّ الفصل بين الملفّين الاقليمي والمحلي تصبح مبادرة الحريري مبادرة جدية وليس معناه «انها بتمشي»، لكن هذه الجديّة تحتاج الى تذليل عقبات عدة مع مواقع اساسية في البلد.
فتفت
ووضع عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت التفاؤل بقرب تبنّي الحريري ترشيح عون في اطار الضخّ الاعلامي والضغط لا اكثر ولا اقل، مؤكداً ان لا قرار نهائياً حتى الآن في انتظار عودة الرئيس للحريري واجتماع الكتلة.
وعن لهجة عون وباسيل الهادئة امس، قال فتفت: لقد سبق السيف العَزل. السياسة التي اعتمدها في مقابلته المتلفزة الاخيرة كلها ضمن الاغراءات التي يقدّمها اي مرشح رئاسي، واعتبر انّ عون انتبه الى ذلك متأخراً جداً.
وأضاف: لو شاء إقناع الناس لكان عليه ان يبدأ بهذا الخطاب منذ سنوات وليس الآن، فخطابه اليوم لا يقنع احداً، إذ للأسف الممارسات في الفترة الماضية كانت تصفية حسابات وكيدية في الوزارات وتحديداً في الوزارات التي استلمها الوزير باسيل.
حمادة
وقال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «لا نستطيع ان نركن الى اللهجة أكانت هادئة أو متشنّجة او حماسيّة، لأنها تبقى شعبويّة. لا مشكلة لنا مع الحلم. المهم ان لا يتحوّل الى كابوس بالنسبة لغد اللبنانيين».
سعيد
من جهته، جدّد منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد موقفه القائل إنّ عون لن يكون رئيساً للجمهورية. وقال لـ«الجمهورية»: أنا اليوم متمسّك برأيي اكثر بعد فشل مؤتمر لوزان. وشَبّه سعيد خطاب عون بـ«أكل المستشفيات»، فبما انه مرشّح للرئاسة ولا يريد مشاكل مع الجميع، لم يتحدث في السياسة».
وقال سعيد: المشكلة لا تكمن في ما اذا كان الرئيس الحريري سيتبنّى ترشيح عون أم لا، بل هل هناك انتخابات رئاسية في لبنان في ظل التعقيدات السياسية الموجودة في سوريا ؟ وهل انّ ايران ستسلّم ورقة الرئاسة اللبنانية الى ادارة اميركية راحلة ام الى ادارة اميركية جديدة؟
فجلسة الانتخاب في 31 تشرين الجاري والانتخابات الرئاسية الاميركية في 8 /11/ 2016 ألا تنتظر القضية شهراً أو شهرين أو ثلاثة اشهر؟ فلماذا الاستعجال؟
الراعي
في غضون ذلك، كان البطريرك الراعي يُلقي عظة قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي ببكركي، إستكمل فيها مواقفه الحازمة من الإستحقاق الرئاسي وحَدّد مواصفات رئيس الجمهورية العتيد: «المطلوب رئيس جدير بتحمّل المسؤولية التاريخية، وبإعادة بناء الدولة بمؤسساتها على أساس الدستور والميثاق الوطني؛ رئيس يعمل جاهداً وأساساً من أجل المصالحة والوفاق وعودة الثقة بلبنان الدولة والوطن الذي يعلو كل اعتبار، وبين اللبنانيين من مختلف الاتجاهات؛ رئيس معروف بثقافة الانفتاح وأصالة الانتماء يعيد لبنان إلى موقع الصداقة والتعاون والعلاقات السلمية والسليمة مع أسرة الدول العربية والأسرة الدولية، على أساس من الاحترام والصدق والإنتاج.
فلبنان، المميّز بالتعددية الموحدة، والمؤمن بقضية العدالة والسلام، والباحث عن الأمن والاستقرار، لا يتحمّل الانحياز إلى محاور والانخراط في معسكرات إقليمية أو دولية».
وتابع: «لقد سئم الشعب اللبناني ممارسة سياسية منذ سنتين وستة أشهر، يبحث أصحابها تارة عن سلة وتارة عن تفاهمات. وهي تصبّ، في معظمها على ما يبدو، في خانة واحدة هي تقاسم حصص ومغانم على حساب الخير العام، بل على حساب لبنان وشعبه. وها هم ضائعون بين تفسيرات متناقضة لتصريح، وبين انتظارات لإعلان موقف ونوايا، فيما انتخاب رئيس للبلاد بات رهينة لكلّ ذلك.
ألا يستطيع أهل السياسة بعد هذا الفراغ الطويل من أخذ المبادرة الذاتية، اللبنانية -اللبنانية، والتركيز على ما يوحّد، ونبذ ما يفرّق؟ لقد حان لهم أن يعودوا إلى لبنان».
وأمل الراعي في أن تصل المحاولات الجارية إلى تفاهم على شخص الرئيس وأن يتمّ انتخابه في جلسة 31 الجاري وأن تسلّط «التفاهمات» على كيفيّة إيقاف الدّين العام.
وأكدت اوساط كنسيّة لـ«الجمهورية» انّ عظة الراعي أمس تأتي ضمن المسار الذي بدأه البطريرك منذ فترة وتَوَّجه بنداء المطارنة، لافتة الى أنّ جميع الذين راهنوا على تغيير لهجة بكركي سقطت رهاناتهم لأنّ الراعي ماض في مواقفه التي تنبثق من الدستور وليس من حسابات شخصية او فئوية.
وشدّدت المصادر على انّ الراعي يريد تحصين الرئيس المقبل أيّاً كان اسمه وهذا مبدأ عام ولا يريد ان نصل الى انتخابات رئاسية والرئيس مجرّد من اي صلاحية او سلطة.
واشارت الى انّ الصرح البطريركي سيشهد المزيد من اللقاءات والمشاورات من اجل دفع عجلة الاستحقاق قدماً، ولم تستبعد ان يزور عون بكركي قريباً بعد الاتصال الذي حصل اخيراً مع البطريرك أو أيّ من الأقطاب المسيحيين الآخرين.
واكدت الاوساط انّ بكركي حريصة على اللعبة الديموقراطية والميثاقية ومشاركة المسيحيين في الحكم وهي أوّل من أيّدت اتفاق معراب، وتدعو كل لحظة الى تفاهم اللبنانيين، لكنّ طرح السلال او التفاهمات الجانبية يأتي في سياق عرقلة الرئاسة ولو كان هذا الأمر مدخلاً ضرورياً للانتخابات الرئاسية لماذا تأخّر سنتين وخمسة أشهر علماً أنّ الراعي كان يدعو دائماً الى مبادرات شجاعة؟
وختمت المصادر: نحن مع انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، والسلة الوحيدة التي نقبل بها هي الدستور، ولا تنتظروا من بكركي التي هي أمينة على هذا الوطن أيّ تهاون في هذا المجال.