قد تندلع معركة الموصل في أي لحظة بقطع النظر عن الخلافات القائمة حولها سواء بين العراقيين أو بينهم وبين تركيا. ومن الواضح أن قرار الإسراع ببدء المعركة جاء وليد حسابات أميركية خاصة تريد حسمها قبل الانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 23 نوفمبر المقبل.
يأتي هذا فيما يصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مشاركة قوات من بلاده في المعركة، ملوحا بخطة (ب) إذا رفض التحالف الدولي هذه المشاركة.
وحذر متابعون للشأن العراقي من أن سعي واشنطن لتجميع أطراف متناقضة المصالح والأجندات يمكن أن يحوّل اتجاه المعركة إلى معارك هامشية بين ميليشيات طائفية مختلفة وراءها تركيا وإيران، بدل المعركة الأصلية مع داعش.
وسعى الأميركيون إلى طمأنة الجميع بأن مكانهم محفوظ في المعركة، فهي تظهر دعمها لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في رده على تصريحات مهينة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتقول إن أي مشاركة في الحرب لا بد أن تكون بالتنسيق مع الحكومة العراقية.
وفي المقابل، مرت واشنطن إلى القبول بالدور التركي في الحرب، بتوظيف المقاتلين العشائريين الذين دربتهم أنقرة، في ما بات يعرف بالحشد الوطني (السني)، فضلا عن عناصر من وحدات البيشمركة الكردية.
وقالت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء الجمعة إن مقاتلين دربهم الجيش التركي في معسكر بعشيقة بشمال العراق سيشاركون في العملية المزمع القيام بها لطرد داعش من الموصل.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين شاركوا في محادثات بين تركيا والولايات المتحدة ومصادر عراقية قولهم إن العملية ستبدأ في غضون أيام “إذا لم يطرأ تطور استثنائي”، كاشفة عن أن المرحلة الأولى من خطة العملية التي ستجري بتنسيق أميركي، ستشمل شن قوات البيشمركة هجوما على خطوط الجبهة في محيط المدينة.
وأوضحت أن المتطوعين الموصليين من قوات الحشد الوطني التي دربها الجيش التركي منذ مطلع 2015، سيتحركون بالتزامن مع قوات البيشمركة على نفس خط الجبهة بمحيط المدينة.
وسيتم دمج قوات الحشد الوطني التي غيرت اسمها مؤخرا إلى “حرس نينوى” في صفوف قيادة عمليات نينوى، إحدى تشكيلات الجيش العراقي.
وأفضت لقاءات بين قيادات بالجيش العراقي، وأثيل النجيفي محافظ الموصل السابق، قائد حرس نينوى، إلى التوافق بخصوص الالتزام بخطة واضحة لتوزيع القوات الموجودة بمعسكر بعشيقة على نقاط مختلفة للمشاركة في تحرير المدينة.
وأظهر تسجيل مصور، قالت الأناضول إنها اطلعت عليه، زيارة وزير الدفاع العراقي المقال خالد العبيدي إلى معسكر بعشيقة الذي يتواجد فيه عسكريون أتراك لتدريب متطوعين عراقيين من سكان محافظة نينوى (شمال).
وقال العبيدي في خطابه للمتطوعين (الحشد الوطني)، إن العبادي، أرسله خصيصا لزيارة المعسكر (حيث كان الوزير في منصبه خلال الزيارة).
وتعترض حكومة بغداد التي يقودها الشيعة على الوجود العسكري التركي وتريد أن تكون قواتها في طليعة الهجوم.
وقال الرئيس التركي الجمعة إن بلاده عازمة على المشاركة في عملية الموصل وإنها ستنفذ “خطة بديلة” إذا لم تشارك.
وأضاف في كلمة بمدينة قونية أن تركيا ستبلّغ شركاءها الدوليين برغبتها في المشاركة في عملية التحالف خلال الأيام المقبلة. ولم يقدم تفاصيل عن الاستراتيجية البديلة.
وذكرت قناة (سي.إن.إن ترك) أن قائد القوات المسلحة الجنرال خلوصي أكار سيتوجه إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماع مع نظرائه في دول التحالف المناهض لتنظيم داعش.
واعتبر محللون أن ما يقلق أردوغان ليس مجريات معركة الموصل بل توازن القوى الجديد الذي سينتج عنها.
ويقول إيكان أردمير من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، مقرها واشنطن، “إنه قلق حيال التكوين الاثني والطائفي في الموصل ويريد التأكد من عدم هيمنة الأكراد والشيعة”.
ويضيف “لا تريد أنقرة البقاء خارج اللعبة في العراق”.
واعتبر سونر كغبتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن أن الخطاب الشديد اللهجة للمسؤولين الأتراك يظهر أنهم “بصدد التحضير لمرحلة ما بعد الموصل”.
صحيفة العرب