الرئاسة على خط ساخن بين باريس وبيروت , وباسيل يغازل السنة ويدعو إلى عدم فصل لبنان عن محيطه العربي
السفير :
حرّكت إطلالتا وخطابا الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، في ليلة العاشر من محرم ونهارها، الماء الرئاسي الراكد، بتأكيده على المسار السياسي الإيجابي الذي أحدثته المبادرة الحريرية النظرية بتبني ترشيح العماد ميشال عون. في الوقت نفسه، أظهرت مواقف «السيد» أن المنطقة مقبلة على مرحلة تصعيد وتوتر سياسي وميداني من اليمن الى سوريا مروراً بالعراق والبحرين، الأمر الذي يضع الجميع لبنانياً أمام مسؤولية صياغة تسوية انتقالية تساعد في تثبيت الاستقرار السياسي والأمني وعدم تأثر لبنان بالنيران التي سترتفع ألسنتها في كل الإقليم في الأسابيع والأشهر المقبلة.
في هذا السياق، كان الاستنفار الأمني، قد بلغ ذروته مع العاشر من محرم. عشرة أيام من الجهد الأمني الذي شاركت فيه كل المؤسسات العسكرية والأمنية، وكانت حصيلته توقيف عشرات الإرهابيين هم عبارة عن خلايا نائمة موزعة بين الشمال والجنوب والجبل والبقاع والعاصمة.
ومع هذه الإنجازات الأمنية الجديدة، يكتسب الداخل مناعة أكبر، لكن الخطر يبقى قائما في كل ساعة ويوم، الأمر الذي يستوجب تزخيم التنسيق والتعاون الأمني الذي يعطي مفاعيله كما في أكثر من حالة في الآونة الأخيرة..
كان الاستنفار الأمني في أوجّه. البحث عن الانتحاريين في المناطق اللبنانيّة كالبحث عن إبرة في كومة قشّ. ومع ذلك، ألقت المديريّة العامّة للأمن العام ومخابرات الجيش اللبنانيّ القبض على انتحاريين كانا قاب قوسين أو أدنى من تفجير نفسيهما في مركزين دينيين.
هكذا، نجت الضاحية الجنوبية لبيروت من مجزرة حتميّة، إذ أقرّ الانتحاري الذي ألقى الأمن العام القبض عليه الأربعاء الواقع في 5 تشرين الأوّل الماضي في الكولا بأنّه كان يتحضّر لتفجير نفسه بعد يومين (أي يوم الجمعة الماضي) أثناء صلاة الجمعة وداخل أحد أكبر المساجد في الضاحية.
وبدا واضحاً من خلال التّحقيق وقبله الرصد التقني، أنّ مشغّل الانتحاريين (أمير في تنظيم «داعش» في مدينة الرقّة) واحد، وقد أرسلهما في الفترة نفسها، فيما تبيّن أنّ الانتحاريين لا يعرفان بعضهما البعض، برغم تلقيهما الأوامر نفسها من المشغّل نفسه.
وفي الوقت نفسه، تبين أن مجموعتين لوجستيتين كانتا تؤمّنان للانتحاريين الدّعم اللوجستيّ المتمثّل بتأمين التنقّلات ومقرّ الإقامة في لبنان إلى حين موعد التّفجير، بالإضافة إلى استطلاع الأماكن المنوي استهدافها وتوضيب الأحزمة، وهاتان المجموعتان لا تعرفان بعضهما البعض وتتلقيان الأوامر من المشغل «الداعشي» نفسه في الرقة.
إذاً، هي خلايا عنقوديّة أنشأتها قيادات «داعش» في الرقّة بطريقة احترافيّة من دون أن يؤدّي إلقاء القبض على واحد من أفرادها الى انهيار الشبكة بكاملها. وهذا ما يفسّر كيف أنّ مخابرات الجيش رصدت الانتحاري الأوّل وألقت القبض عليه وكادت أن تُنهي استجوابه الى أن انكشف أمر الانتحاريّ الثاني الذي سقط بيد الأمن العام الذي قام بتسليمه الى مخابرات الجيش كي يكون ملفّ التحقيق معهما واحداً.
أمّا أهمّ الإنجازات التي سجّلها الأمن العام، فكانت فجر أمس، عندما ألقت مجموعة منه القبض على ثمانية أشخاص داخل مستودع ذخائر ومتفجّرات يعود لشخصٍ ينتمي إلى «جبهة النّصرة»، ولكنّ تبين من خلال التحقيقات الأولية أن الرّجل الذي بايع «النّصرة» يتصرف كتاجر أسلحة.
لم يترك الرّجل تنظيماً إرهابياً إلّا وباعه أسلحة وذخائر. لذلك، لم تجد الدوريّة عند مداهمة المستودع المذكور في محلة بحمدون أثراً للمتفجّرات، وإنّما صواعق ورمانات يدويّة وذخائر بحمولة نصف بيك اب. فيما الأخطر هو مصادرة الأمن العام لـ «فلاي كام» (كاميرا صغيرة مثبتة على جسم طائر على علوّ منخفض) وبمقدورها أن تحمل متفجّرة صغيرة.
ولدى التّحقيق مع صاحب المستودع، اعترف أنّه باع المتفّجرات لأكثر من تنظيم وبينها «داعش». فيما أخطر اعترافاته حينما توجّه إلى المحقّقين بالقول: «لو جئتم بالأمس، لكنتم وجدتم ستّ كاميرات طائرة متفجّرة». إذ أنّ الرّجل باع خمسة منها لـ»النّصرة»، عشية المداهمة ولم يتبقّ سوى واحدة هي التي ضبطت في المستودع!
«انتحاريّ دمث»!
وبالتّوازي مع هذه العمليّة النوعيّة، فإن عيون الأمن العام كانت تتابع مشتبهاً به آخر في منطقة صور. لا يشبه الرّجل السّمين واللطيف والدّمث الأخلاق، أشكال الانتحاريين المعتادين وأطباعهم، تماماً كإقامته واتّكاله في كثير من الأحيان على معارف ممن سبقوه من أقاربه النّازحين إلى المنطقة.
وبرغم ذلك، فإنّ الشبهات التي تحوم حوله كثيرة وكان آخرها تلقّيه مبالغ ماليّة تمّ تحويلها على اسمه من الرقّة. وبالفعل، ما إن تمّ إلقاء القبض عليه حتّى اعترف الرّجل أنّه جاء إلى لبنان مؤخّراً بعد تلقّيه دورات تدريبيّة على المتفجّرات وكيفيّة صنعها.
وتبيّن أنّ دوره لوجستيّ يتمحور في إيواء انتحاريين، بالإضافة إلى استطلاع أماكن يمكن استهدافها عبر أعمالٍ إرهابيّة ووضع لائحة بها لإرسالها إلى قيادته في «داعش» قبيل تحديد الأهداف نهائيا.
وبالإضافة إلى هذه الإنجازات الثلاثة، فإنّ الأمن العام قام بعمليّة أمنيّة في حيّ السلّم، حينما رصد اتصالات مشبوهة بين أشخاص تابعين لـ «النصرة» وشخصين اشتريا رقمين لبنانيين تمّ استخدامهما فور وصولهما للإقامة في حيّ السلّم أثناء إقامة المراسم العاشورائيّة وبالقرب من أحد المساجد.
ما زاد الشبهات هو إرسال أحدهم رسالة نصية إلى أمير في «النصرة» مفادها: «أنا وصلت عالضيعة، وصلوا الشباب؟».
وحتّى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تُثبت التّحقيقات مع هؤلاء الموقوفين أنّهم كانوا مكلفين بمهام انتحارية، برغم تأكيد صلتهم بـ «النّصرة» بسبب سيطرتها على قريتهم، مؤكّدين تواصلهم مع أشخاص مشبوهين بسبب الصلات العائليّة فقط.
إبراهيم: التنسيق قائم بين الأجهزة الأمنية
من جهته، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنه عندما أعلن، أمس، عن توقيف الجيش شبكة كانت تنوي القيام بعمليات ارهابية في الضاحية الجنوبية، «لا اخفي اننا أوقفنا أحدهم وسلمناه إلى الجيش قبل 24 ساعة على تنفيذ العملية التي كان ينوي القيام بها»، في اشارة الى الارهابي الذي أوقف في محلة الكولا، وكان سيفجر نفسه في أحد المساجد، بينما أوقف الجيش الانتحاري الثاني الذي تلقى أمرا بتنفيذ عملية ثانية من المشغّل نفسه في الرقة.
ونفى ابراهيم أن يكون توقيف المفتي السابق الشيخ بسام الطراس قد تم بناء على معلومات خارجية، مؤكداً أن العملية صنعت في لبنان 100 في المئة. وأثنى، خلال غداء تكريمي أقامته نقابة المحررين، لمناسبة العيد الحادي والسبعين للأمن العام، على أهمية التنسيق بين مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، مشيراً إلى أنه «في قضية الطراس مثلا كانت كل المعلومات لدينا، ولمّا تم توقيفه من قبل فرع المعلومات زودناهم بالمعلومات التي بحوزتنا، مما سمح لهم بإكمال المهمة وهي عملية متبادلة بكل ما في الكلمة من معنى».
وأكد أن الخبرات التي باتت تمتلكها الأجهزة الأمنية اللبنانية مكنتها من أن تكون متقدمة على البعض من الأجهزة الأمنية الغربية، ولو أحسنت بعض هذه الأجهزة استخدام ما زودناها به من معلومات، لكان بامكانها تجنيب بلادها بعض العمليات الأمنية التي وقعت.
النهار :
اذا كان مستوى التوتر العالي الذي قفز الى المشهد الداخلي بفعل الهجمات العنيفة التي شنها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية في اطلالتيه في ذكرى عاشوراء والردّين الحادّين لزعيم "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري و"كتلة المستقبل" عليه يصلح مقياساً لمآل المسار السياسي الرئاسي فلا موجب للاكثار من الخلاصات الموغلة في السلبية. ولكن يبدو ان "فترة السماح" لبلورة بعض المعطيات المتصلة باستمرار تحرك الحريري لا تزال تبقي نصف فتحة في مسار الانتظار، علماً ان ما يصدر من مؤشرات عن "التيار الوطني الحر"، المعني الأول بترقب أي تطور محتمل في هذا المسار، لا يزال يوحي بان قراءة التيار للتطورات والمواقف الاخيرة تختلف عن معظم الانطباعات الأخرى التي يغلب عليها التحفظ او التشاؤم بامكان تحقيق اختراق حقيقي قبل موعد الجلسة الانتخابية في 31 تشرين الاول.
وليس أدل على ذلك مما بثته محطة "أو تي في" التلفزيونية الناطقة باسم التيار مساء أمس من ان رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون سيلقي الاحد المقبل كلمة في الاعتصام الذي ينفذه أنصاره على طريق قصر بعبدا في ذكرى عملية 13 تشرين الاول 1990 "ستكون أقرب ما يكون الى مشروع عهد". وقال رئيس التيار الوزير جبران باسيل إن الرئيس الحريري "تحدث معنا عن مهلة محددة وإن هدفنا الاستراتيجي هو التفاهم مع تيار المستقبل البلد لا يقوم بلا مكوناته الاساسية". لكن باسيل استدرك في حديث الى برنامج "كلام الناس" من المؤسسة اللبنانية للارسال بأنه "لا يجزم بتبني الحريري لترشيح العماد عون إلّا عندما يعلن ذلك ويعود إليه الحرية والوقت لاعلان الدعم العلني للجنرال". وفي موضوع "رفع الفيتو" السعودي عن وصول عون إلى الرئاسة قال: "نحن لا نعرف الإجابة وهذا الموضوع عند الرئيس الحريري والمملكة تقول إنها غير معنيّة".
واعتبرت أوساط نيابية ان الاجواء التفاؤلية التي أشاعتها أوساط موالية للعماد عون مساء أمس يراد من ورائها التهيئة لإنجاح مهرجان الاحد . ولاحظت ان المعطيات المتوافرة عنة أجواء بعض العواصم المعنية تفيد أن هناك موقفاً خارجياً يؤيد وصول شخصية "غير تصادمية" الى سدة الرئاسة في لبنان.
الحريري في باريس
وفي آخر محطات تحركه الخارجي، التقى الرئيس الحريري ظهر أمس في مقر وزارة الخارجية الفرنسية في باريس وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت. وأفاد المكتب الاعلامي للحريري أنه عرض خلال اللقاء "لمخاطر استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية اللبنانية والجهود التي يبذلها لوضع حد له، كما طلب تحركاً فرنسياً عاجلاً لدى الدول الصديقة للبنان لمساعدته على مواجهة اعباء النزوح السوري اليه، فوعد الوزير ايرولت ببذل كل الجهود الممكنة للاستجابة في هذا المجال".
كما شهدت معراب حركة ديبلوماسية لافتة أمس، فزارها على التوالي السفير البريطاني هوغو شورتر والسفير الفرنسي إيمانويل بون اللذان التقيا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. وتناول اللقاءان الأوضاع السياسية العامة ولا سيما منها أزمة رئاسة الجمهورية.
في غضون ذلك، أصدرت "كتلة المستقبل" عقب اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة بياناً ردت فيه بحدة على مواقف السيد نصرالله في مناسبة عاشوراء وخصوصاً ما وصفته "بالهجوم الجائر والفاجر على المملكة العربية السعودية والمسؤولين فيها". وحذرت من ان نصرالله "يعرّض مجدداً مصالح لبنان واللبنانيين لأخطار كبيرة غير مكترث أو عابئ بالنتائج". وقالت ان ذلك "يقدم مثالاً صارخاً جديداً على ولاء حزب الله لايران ومصالحها ودليلاً دامغاً على التخريب المتعمد الذي يقوم به الامين العام للحزب ضد مصلحة لبنان". واذ اتهمت الكتلة تكراراً الحزب بتعطيل الانتخابات الرئاسية شددت على ان "المدخل لولوج باب الحلول يكمن في المبادرة قبل أي شيء آخر الى انتخاب رئيس الجمهورية وفق القواعد التي ينص عليها الدستور ومنطق الدولة وتحت سقف اتفاق الطائف بعيداً من محاولات الفرض أو الزام النواب الاقتراع لمرشح بذاته تحت طائلة تعطيل عملية الانتخاب".
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، علمت "النهار" من مصادر وزارية ان جلسة مجلس الوزراء أمس مثّلت إستعادة المجلس عافيته السياسية والادارية والانتاجية. وقللت المصادر شأن دلائل تغيّب وزير الخارجية جبران باسيل عن الجلسة ما دام الوزير الآخر في "التيار الوطني الحر" الياس بوصعب قد شارك فيها. ولفتت الى ان الجلسة أبرزت إهتمام الحكومة بقضايا الناس. ذلك أنه بعد الجلسة السابقة التي إتخذت قرارات بدعم مزارعي التفاح، قررت الحكومة دعم مزارعي الكرز في عرسال واصحاب مزارع الدواجن. وأضافت ان إعتماد المجلس الفصل بين الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام من جهة وجهاز أمن الدولة في موضوع المخصصات هو بمثابة توطئة لتغيير مدير جهاز أمن الدولة.
وتحدثت المصادر عن نقاش دار حول موضوع التعويضات لمزارعي عرسال إنتهى بإعتماد مفهوم التعويضات المتوازنة مما أدخل مزارعي القاع والطفيّل وسائر القرى الحدودية في شرق البقاع وشماله في دائرة الدعم.
واثمرت الجلسة افراجاً عن المخصصات السرّية للجيش وقوى الامن الداخلي العالقة منذ 25 آب الماضي بعد فكّ ارتباطها بالمخصصات السرية لجهاز أمن الدولة. وعلم ان الوزراء المسيحيين ومعهم الوزير بو فاعور طالبوا بالمساواة بين الأجهزة، وانسحب الوزير ميشال فرعون من الجلسة، ليس اعتراضاً على اعطاء الجيش والاجهزة الاخرى مخصصاتها، بل لأن وعداً اعطي بمعالجة أزمة امن الدولة منذ ثلاثة أشهر ولم يتحقّق. الا أن رئيس الوزراء تمام سلام أكد أنه مسؤول عن هذا الجهاز وكل حقوقه تصله، باستثناء المخصصات السرّية لاعتراضه الشخصي على أداء المدير العام للجهاز معه، داعياً الى الاجتماع لمعالجة هذه العقدة.
وبسبب رفع الجلسة، ارجئ البحث في دفتر شروط مناقصة ادارة وتشغيل شبكتي الهاتف الخليوي، ومشاريع القوانين الاربعة المرفوعة من وزارة المال والمتعلّقة بالشفافية وتبادل المعلومات لأغراض ضريبية متصلة باتفاقات مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وطالب وزير المال بإقرارها وانجازها في مجلس النواب قبل نهاية الشهر، لكن الوزير محمد فنيش طالب بمناقشتها قبل اقرارها، ولذلك تقرر ان تكون بنداً أول في الجلسة المقبلة.
وعلم في هذا المجال ان رسالة تحذيرية وردت الى وزارة المال من هذا المنتدى الدولي تطالب بإقرار هذه الاتفاقات قبل وضع لبنان على اللائحة السوداء. وتمكّنت وزارة المال بمراسلاتها من ارجاء هذا الاجراء الى حين انعقاد المنتدى في الرابع من تشرين الثاني المقبل والذي يشارك فيه وزير المال في جورجيا.
المستقبل :
في بيروت تتواصل بركة أجواء التبريد السياسي بانعكاساتها الإنتاجية على عمل مجلس الوزراء للأسبوع الثاني على التوالي متيحةً المجال أمام تسيير عجلة الدولة وتيسير شؤون الناس وتلبية بعض من احتياجاتهم المتراكمة على مرّ شهور الشغور العجاف وتداعياته المكربجة لعمل المؤسسات. وإلى باريس نقل الرئيس سعد الحريري الهموم الوطنية مستعرضاً أمس مع وزير الخارجية الفرنسية مخاطر الشغور الرئاسي وأعباء النزوح السوري متلقياً في المقابل وعداً فرنسياً بالعمل على مساعدة لبنان على مواجهة هذه الأعباء.
وإثر لقائه الوزير جان مارك آيرولت في مقر وزارة الخارجية الفرنسية ظهراً بحضور مستشار الرئيس الحريري للشؤون الأوروبية المحامي بازيل يارد ورئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون وعدد من الديبلوماسيين، أوضح المكتب الإعلامي للحريري أنه عرض خلال اللقاء «لمخاطر استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية اللبنانية والجهود التي يبذلها لوضع حد له، كما طلب تحركاً فرنسياً عاجلاً لدى الدول الصديقة للبنان لمساعدته على مواجهة أعباء النزوح السوري إليه، فوعد الوزير آيرولت ببذل كل الجهود الممكنة للاستجابة في هذا المجال».
«كرز عرسال» في كنف الدولة
بالعودة إلى مجلس الوزراء، فقد استكمل المجلس في جلسته الأسبوعية أمس دورة عمله المنتجة فأقرّ جملة بنود حياتية أبرزها تخصيص مبلغ 10 مليارات ليرة للهيئة العليا للإغاثة لدفع التعويضات عن موسم الكرز عن السنوات الثلاث المنصرمة للبساتين في عرسال وجرودها نظراً للخسائر التي تكبدها المزارعون العراسلة نتيجة تعذر بلوغ بساتينهم خلال تلك السنوات تحت وطأة المحاذير الأمنية المحيطة بالمنطقة، علماً أنّ الحكومة كلفت الجيش إجراء المسوحات اللازمة لهذا الموضوع. وعلى الفور تحوّلت الوقفة التذكيرية بالمطالب التي نفذها مزارعو عرسال في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء إلى وقفة تقدير وشكر للحكومة ولكل القوى السياسية التي دعمت إقرار التعويض عن خسائرهم. كما وافق المجلس أمس على تخصيص مبلغ قدره ملياران و600 مليون ليرة للهيئة العليا للإغاثة لدفع تعويضات لمربي الدواجن عن تلف طيور لهم بسبب مرض إنفلونزا الطيور.
وفي الشأن العسكري والأمني، أقرّ مجلس الوزراء الإفراج عن المخصصات العائدة للأموال السرية لكل من الجيش وقوى الأمن الداخلي، بينما أخذ رئيس المجلس تمام سلام على عاتقه تولي حلحلة إشكالية ملف مديرية أمن الدولة، مع الاتجاه نحو عقد اجتماعات خاصة بهذا الملف لإيجاد حل نهائي لهذه الإشكالية.
«المستقبل»
سياسياً، لفت تنديد كتلة «المستقبل» بالمواقف التعطيلية والتحريضية الأخيرة التي سجلها أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، معربةً خلال اجتماعها الدوري أمس في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة عن استنكارها «أشد الاستنكار« لكلام نصرالله في ما يتعلق «بهجومه الجائر والفاجر على المملكة العربية السعودية والمسؤولين فيها»، محذرةً في بيانها (ص 3) من أنّ «أمين عام «حزب الله« وبتعطيله المستمر لانتخابات رئاسة الجمهورية وكذلك بكلامه التهجمي والافترائي على السعودية إنما يعرّض مجدداً مصالح لبنان واللبنانيين لأخطار كبيرة غير مكترث أو عابئ بالنتائج التي يمكن أن تترتب على لبنان وعلى علاقاته العربية ولا على اللبنانيين وعلى مصالحهم وأعمالهم وسبل تحصيل أرزاقهم«.
باسيل
ومساءً، برزت إطلالة لافتة للانتباه في مضامينها السياسية والرئاسية لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل عبّر فيها خلال برنامج «كلام الناس» (ص 4) عن قناعة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بأنّ لبنان «لا يركب» من دون التفاهم مع «تيار المستقبل» من منطلق كونه «الممثل الأكبر والأقوى للطائفة السنية في البلد»، مشدداً في هذا السياق على أنّ «لبنان لا يعيش بلا الطائفة السنية» التي أكد أنها «وجه الاعتدال في كل العالم وأحلى صورة للإسلام في العالم»، وأردف قائلاً: «من هنا أهمية دور سعد الحريري و»تيار المستقبل» من أجل مواجهات الظواهر الإسلامية الأخرى». ورداً على استفسارات الزميل مارسيل غانم عن موقف «التيار الوطني» من «حزب الله» في حال شروعه بتعطيل عملية انتخاب عون رئيساً للجمهورية، أجاب باسيل: «عندها يكون الحزب قد خرج من التفاهم معنا.. وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان»، مشدداً على أنّ اتفاق «التيار الوطني» مع الحزب لم يقم على «إلغاء الناس».
وإذ نقل عن الوزير وائل أبو فاعور أنه أبلغه بأنّ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط سيتبنى ترشيح عون في حال أقدم الحريري على دعم ترشيحه، جزم باسيل بأنّ «التفاهمات مع «تيار المستقبل» هي تفاهمات وطنية بدأت قبل ملف الرئاسة»، وأضاف: «(الرئيسان) بشارة الخوري ورياض الصلح أسسا الميثاق الوطني واليوم نحن نريد محاولة إعادة إحيائه»، مؤكداً أنّ «عنوان المرحلة المقبلة هو التأكيد على الانتخابات النيابية وقانون انتخابي جديد وحكومة اتحاد وطني تضم كل الفرقاء يرأسها سعد الحريري».
وعن مواقف «حزب الله» العدائية للمملكة العربية السعودية والمسيئة لعلاقات لبنان بالعرب، لفت باسيل إلى أنّ «المواقف الصادرة عن (أمين عام الحزب السيد حسن) نصرالله بشأن البحرين والموجّهة ضد السعودية لا تمثّل الخارجية اللبنانية أو الحكومة اللبنانية أو حتى التيار الوطني الحر»، مشدداً في هذا المجال على أنّ لبنان لا يمكنه الانفصال عن محيطه العربي «ونحن جزء من هذا الشرق وأبناء المنطقة ولا يمكننا الانفصال عن علاقاتنا العربية».
الديار :
العونيون متفائلون، وارتياح في الرابية بقرب وصول العماد ميشال عون الى بعبدا، وخارطة الطريق التي رسمت بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل تسير وفق ما تم الاتفاق عليه. فالرئيس سعد الحريري الذي التقى ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحث معه في ملف رئاسة الجمهورية، وأخذ الحريري من الأمير محمد البركة السعودية على السير بالعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وقد تركّز الاجتماع على الموضوع الرئاسي بشكل أساسي وليس على ما تعانيه شركة «سعودي اوجيه» التابعة لسعد الحريري كما حاول ان يعمم البعض.
الرئيس الحريري أخذ موافقة السعودية على أن يخفف الجنرال عون اندفاعته مع حزب الله دون قطع العلاقة، ويعمل على الانفتاح على باقي الاطراف السياسية، والا تكون علاقته محصورة فقط بحزب الله بل الوصول الى تفاهم مع الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع وجميع الأطراف، كي يتم بعد انتخاب الرئيس وتكليف الحريري رئاسة الحكومة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع ولا يعود عون ملزماً بعلاقة وحيدة مع حزب الله.
الرئيس سعد الحريري الذي يريد العودة الى رئاسة الحكومة، في ظل أزماته المالية للتخلص من مشكلة تأمين 20 مليون دولار كمصروف شهري، يعرف ان المصدر الوحيد لتأمين هذا المبلغ، هو من موازنة رئاسة مجلس الوزراء والهيئة العليا للاغاثة ومصادر تمويل خاصة برئاسة الحكومة، لتأمين كل المصاريف الشخصية، من اجور الحرس ورحلاته الخارجية، وطائراته الى السعودية، والنثريات، وامور البيت والقصور، وبالتالي تأمين الـ20 مليون دولار لصرفها بفواتير رسمية صادرة عن رئاسة مجلس الوزراء تحت عنوان مصاريف خاصة. وهذه الفواتير يتم صرفها بسرعة وبشكل مباشر ويستطيع الحريري إذّاك تأمين اموره المالية.
ـ لقاء الحريري - جنبلاط ـ
الصورة الرئاسية باتت واضحة، وقد التقى النائب وليد جنبلاط بالرئيس سعد الحريري في باريس، ووضعه جنبلاط في أجواء عودة الوزير وائل أبو فاعور من السعودية وابلاغه من قبل المسؤولين السعوديين موافقتهم على العماد ميشال عون. وقد شجع جنبلاط الحريري على السير في خيار دعم ترشيح العماد ميشال عون.
الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل وضعا «خارطة الطريق» والمواعيد للاخراج الرئاسي الذي لن يطول، ومن الممكن ان يظهر في اجتماع كتلة المستقبل الثلاثاء أو الاربعاء أم يطل الرئيس سعد الحريري بمقابلة تلفزيونية ليعلن الخبر اليقين الى اللبنانيين الذين احترقت اعصابهم من الانتظار.
تيار المستقبل يؤكد ان الرئىس الحريري التقى الامير محمد بن سلمان وانتقل الى باريس واجتمع بوزير الخارجية الفرنسي جان ايرولت، وبحث معه الوضع الرئاسي على ان يعود بعدها الى بيروت لاعلان الترشيح.
وبدوره الوزير جبران باسيل صارح الحلفاء بوجود تفاهم مع الرئيس سعد الحريري حول موضوعي رئاستي الجمهورية والحكومة، وطمأنهم الى عدم وجود صفقة ثنائية او بحث باسماء الحقائب الوزارية والتفاهم هدفه الخروج من المأزق الرئاسي، وطلب تأييد الحلفاء الذين تريثوا بانتظار وضوح الرؤية واعلان الحريري واخذ مشورة الرئيس بري وموقف حزب الله.
العماد عون سيطل الاحد على طريق قصر بعبدا مع خطاب يتضمن تصوره «للعهد الجديد» وقد أعد العونيون العدة ليكون احتفالا جماهيريا حاشدا و«بروفة» للمهرجانات الرئاسية التي بدأوا يحضرون لاقامتها في كل المناطق اللبنانية بعد انتخاب العماد ميشال عون في 31 تشرين الاول، والتحضيرات بدأت ليكون الحضور على مستوى الحدث.
العونيون «متفائلون» و«نشوة الفرح» على وجوههم في الرابية، وهناك ثقة بالرئيس الحريري ودوره وما يقوم به، ولا يأخذون «بالتسريبات» الخبيثة لان الامور تشير وفق ما رسمه الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل بدقة متناهية للمواعيد التي حددت في التفاهم الشامل.
ـ بري والجلسة التشريعية ـ
اما الرئيس نبيه بري المصر على عقد جلسة تشريعية على ان يحدد موعدها بعد الاجتماع الثاني لمكتب المجلس في 18 تشرين الاول، فأكد امام زواره، انه لا يتصور ان يقف احد ضد عقد الجلسة التشريعية لانها ستقر قوانين مالية لمصلحة خزينة الدولة. واضاف انه كان من الممكن ان نتفادى كل هذه الازمات لو التزم الجميع عمل المؤسسات. وابدى ارتياحه لعقد جلسات لمجلس الوزراء واتخاذ قرارات. وتساءل «لو اتيح للرئيسين بري وسلام العمل بالاجواء الايجابية لكانا امنا العمل التشريعي والحكومي من ضمن الدستور ودون اثارة القضايا الخلافية. وتابع «سنتان ونصف من التعطيل، ماذا حققنا؟ هل تم انتخاب رئيس للجمهورية؟ والجميع يعرف نتائج التعطيل. علماً ان القوات اللبنانية ترفض عقد اي جلسة تشريعية لا يكون بندها الاول قانون الانتخابات، ويؤيد التيار هذا التوجه لكن الاتصالات لم تفض الى حلول بعد، والرئيس بري متمسك بموقفه التشريعي والطرفان المسيحيان بقانون الانتخاب».
الاستحقاق الرئاسي بات بحكم الواقع في 31 تشرين الأول ولا اعتراضات من الدول العربية المشغولة بمشاكلها الداخلية التي لا تعد ولا تحصى، ولا احد يفكر بلبنان حاليا من قوى اقليمية ودولية، فالرئيس الحريري لا يقدم على هكذا خطوة واشاعة اجواء داعمة للعماد عون لولا حصوله على الموافقة السعودية التي تبلغها امس من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فيما الولايات المتحدة مشغولة بالانتخابات وأوروبا بالخطر الارهابي.
الفرج يحتاج الى أسبوع فقط.
ـ مجلس الوزراء ـ
وفي ظل الاجواء الرئاسية الضبابية، عادت الحرارة الى اجتماعات مجلس الوزراء وفي حضور كل الاطياف الحكومية. وقد اقر مجلس الوزراء المصاريف السرية للاجهزة الامنية من جيش وقوى امن داخلي والامن العام واستثنى جهاز امن الدولة، مما اثار غضب الوزيرين الياس بو صعب وميشال فرعون اللذين هددا بالانسحاب، فتعمد الرئيس تمام سلام بمعالجة هذا الموضوع فتم إقرار المصاريف السرية رغم ان الامر احدث سجالا بين الوزراء اخذ منحى طائفيا وتأكيد الوزير الياس بو صعب ان المعطيات التي كانت في الجلسات الماضية لا تزال كما هي لكن الوزير ابو صعب يعرف ان الامور جيدة وان المسار الرئاسي لا يسمح بتفجير عمل مجلس الوزراء.
الجمهورية :
يمرّ لبنان في حالٍ من المراوحة السياسية بسبب عوامل عديدة، أهمُّها ضبابية الصورة الإقليمية والدولية، ويبدو أنّ المساعي إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي في جلسة 31 الجاري عادت إلى نقطة الصفر بعد إطلالتين عاشورائيتين للأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله لم تقدّما إجابات حاسمة حول الاستحقاق، وقد سبَقتهما تمنّيات كثيفة من الرابية في اتّجاه الحزب لكي لا تأتيا عاليَتي النبرة، مع تراجعِ نسبة التفاؤل حيال حركة رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الهادفة إلى إعلان ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية رغم تنقّلِه بين الرياض وباريس قبل أن يحطّ في واشنطن لاحقاً، وتمسّكِ رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية بترشّحِه وبتحدّيه عون حضور جلسة الانتخاب المقبلة. وسط هذه الأجواء، انعقد مجلس الوزراء في جلسةٍ كانت كسابقاتها لجهة نِصف المشاركة من «التيار الوطني الحر»، بغياب وزير الخارجية جبران باسيل، وبعلامات استفهام لبعض الوزراء حول مسألة إقرار المخصّصات السرّية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي من دون إقرار الشيء المماثل لمديرية أمن الدولة، مع انتظار التحرّك العوني بإحياء ذكرى 13 تشرين، المتوقع أن يكون نصفَ تصعيديّ في 16 الجاري على طريق قصر بعبدا.
توقّفت مصادر في قوى 14 آذار بسلبية عند خطاب نصرالله، كونه أرخى سلبيات كبيرة على الملف الرئاسي، خصوصاً الهجوم العنيف الذي شنّه على السعودية، وهذا وفقَ معلومات المصادر، وكان مبعثَ استياء بالغ لدى المملكة التي اعتبَرت أنّه إذا كان هناك مِن تقدُّم في الملف الرئاسي فمِن شأن هذا الخطاب أن يردّه خطوات إلى الوراء.
وبرغم أنّ نصرالله أكّد التزامه بعون، إلّا أنّه لم يعطِ كلاماً شافياً وعملياً حول هذا الأمر، بل بدا أنّ الخطاب انحازَ بشكل مباشر إلى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري.
«المستقبل»
واستنكرَت «كتلة المستقبل» التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة هجومَ نصرالله على السعودية، واعتبرَت أنّه «بتعطيله المستمر للانتخابات الرئاسية يعرّض مجدّداً مصالحَ لبنان واللبنانيين لأخطار كبيرة»، ومواقفه «كشفَت مجدداً، بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ حزبه وبما يمثّله من بُعدٍ إقليمي ايراني هو المعطل الحقيقي لانتخاب رئيس للجمهورية.
ورأت أنّ «ما ادّعاء تأييدِه اللفظي والملتبس لمرشح معيّن إلّا تأكيد جديد على تعطيل «حزب الله» لعملية الانتخاب بشكل لم يعُد ينطلي على أحد، وذلك بالرغم من محاولاته وحزبه البائسة لإلصاق هذه التهمة بتيار المستقبل أو بالمملكة العربية السعودية».
زهرا
وقال عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا لـ»الجمهورية» إنّ «كلام نصرالله فرملَ مبادرة الحريري عندما أكّد دعم العماد ميشال عون شرط إجرائه تفاهمات مع الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية، كأنّه يقدّم له شيكاً بلا رصيد».
وأضاف: «إذا كانت هناك بارقة أمل، جاءت كلمة نصرالله لتجهضَها نهائياً، بل شكّلت مزيداً من الإحراج للحريري وعون. يبدو أنّه علينا المزيد من الانتظار. وقد قالها نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أنّه عندما تبدأ الحلول في المنطقة تبدأ الحلول عندنا، لذلك نرى أنّه لا يزال باكراً الكلام عن حلول. ونتوقّع أن يطول الانتظار كحدّ أدنى حتى آخر السنة».
«التيار الوطني الحر»
في المقابل، اعتبرَت مصادر في «التيار الوطني الحر» أنّ مَن قرأ مواقف الأمين العام لـ»حزب الله» بأنّها موجّهة ضد مبادرة الحريري وتقطع الطريق أمام وصول عون إلى الرئاسة هو مَن لا يريد أن يكون عون رئيساً، ففسّر هذه المواقف على ذوقه، أمّا نحن فنعتبر أنّ في كلام الأمين العام تحفيزاً للحريري لكي يستمر في مبادرته.
وسألت المصادر: مَن قال إننا لا نريد أن نتفاهم مع الرئيس بري والنائب سليمان فرنجية ومع الجميع؟ فالذي يريد أن يكون رئيساً للجمهورية لا يعادي أحداً، بل يصبح أباً لكلّ اللبنانيين.
وإذ لفتَت المصادر إلى أنّ السيّد نصرالله فصَل بين الشأنين الإقليمي والمحلي، ذكّرت بأنّ «المستقبل» يجلس مع «حزب الله» في حوارهما الثنائي، على رغم كلّ شيء، ودعت الى اعتبار أنّ الوضع الرئاسي يشبه هذا الحوار، بغضّ النظر عن أيّ تطوّر إقليمي يحصل .
مصدر وزاري
وردّاً على سؤال: هل إنّ الحريري سيبادر في الأيام القليلة المقبلة إلى إعلان ترشيح عون؟ تساءلَ مصدر وزاري: بعد خطاب نصرالله هل يمكن أن يبادر بعد؟ واستدركَ بالقول لـ«الجمهورية»: الدنيا «خربانة» هناك انقسام حاد داخل كتلة «المستقبل» وانقسام حاد داخل تيار«المستقبل»، والنقاش جارٍ على قدم وساق من دون الوصول الى نتيجة حتى الآن، حتى في الاجتماع الاخير لكتلة «المستقبل» والذي ترَأسه الرئيس الحريري لفتَ الانتباه إلى أنّ الحريري وعندما عرض موضوع مشاوراته وتوجّهه الى تحديد خيار جديد من دون ان يسمّي عون، لم تسجّل أيّ ردّات فعل أو تلقّف إيجابي من غالبية الحضور حيال خياراته الجديدة، بل صمتَ حتى من يصنَّفون في موقع أكثر المتحمّسين لهذا التوجّه.
وأضاف: « كان يفترض أن تعقد الكتلة اجتماعاً برئاسة الحريري اليوم (أمس) إلّا أنّه لم يحضر، والسبب على ما يبدو أنّه لم يحصل على ضوء أخضر بعد، ثمّ كيف يحضر والدنيا «خربانة»؟
الحريري
وكان الحريري قد واصَل حراكه الخارجي، فالتقى في باريس أمس وزيرَ الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت في مقرّ وزارة الخارجية الفرنسية، بحضور مستشار الحريري للشؤون الأوروبية المحامي بازيل يارد ورئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون وعدد من الدبلوماسيين.
وعرضَ الحريري خلال اللقاء لمخاطر استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية اللبنانية والجهود التي يَبذلها لوضع حدّ له، كما طلبَ تحرّكاً فرنسياً عاجلاً لدى الدول الصديقة للبنان لمساعدته على مواجهة أعباء النزوح السوري إليه، فوعد الوزير ايرولت ببذلِ كلّ الجهود الممكنة للاستجابة في هذا المجال.
تفاؤل في الرابية
وخلافاً لكلّ الأجواء السائدة، لا يزال التفاؤل سيّد الموقف في الرابية التي تترقّب جواب الحريري النهائي وتؤكّد في الوقت نفسه استمرارَها في سياسة اليد الممدودة الى الجميع، والانفتاح والإيجابية بهدف إنقاذ لبنان .
وإذ يتحدّث زوّار الرابية عن تمديد المهلة المعطاة للحريري لكي يعلن موقفَه الرسمي، توقّعت أن يأتي الجواب بعد 16 تشرين، إن لم يكن قبل.
وفي مقابلة تلفزيونية ليل أمس، قال الوزير باسيل: «لم يكن هناك تفاوضٌ بيننا وبين «تيار المستقبل»، وهذه ليست المرّة الأولى التي نتحاور بها، وهذا الأمر ليس بجديد، فنحن لدينا هدف استراتيجي بالاتفاق مع «المستقبل» لأنّ لبنان لا «يركب» من دون التفاهم مع ممثّل الطائفة السنّية». واعتبَر مواقف نصرالله بشأن البحرين، والموجّهة ضد السعوديّة، لا تمثّل الخارجيّة أو الحكومة أو حتّى «التيار»
عين التينة ـ الرابية
وعلى خط عين التينة ـ الرابية، لم يَبرز أيّ جديد يعبّد الطريق بين المقرَّين، بل على العكس، فخطاب الوزير علي حسن خليل في عاشوراء، والذي يعبّر عن موقف برّي صراحةً بما تضمَّنه من مواقف من موضوع التفاهمات الشاملة ورفض التفاهمات الثنائية، لم يكن صداه مريحاً في الرابية.
«القوات»
وفي الحراك الرئاسي، زار أمس كلّ مِن السفير البريطاني هوغو شورتر والسفير الفرنسي إيمانويل بون معراب، وعرَضا على التوالي مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للأوضاع السياسية العامة، خصوصاً أزمة رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى التطوّرات في المنطقة.
وقالت مصادر مطلعة على اللقاءَين لـ»الجمهورية» إنّ اللقاءين تخللتهما نقاشات حول الوضع اللبناني والمنطقة واحتمالات المرحلة المقبلة، وإنّ الشأن الرئاسي استحوَذ على جانب أساسي من اللقاءين، وكانت أسئلة ديبلوماسية تسعى إلى استشراف المآل الذي سيذهب إليه هذا الملف من دون الدخول في الأسماء، وتؤكّد أنّ الاستقرار في لبنان هو أساس.
وأضافت المصادر أنه بَرز خلال هذه النقاشات رؤية مشتركة بين السفيرين وجعجع على أهمّية الاستقرار في لبنان، وأنّ جعجع أبلغَ إليهما قوله: واضح أنّ هناك قراراً دولياً أكيداً بالاستقرار وهو في الوقت نفسه قرار محلّي، حيث لا يبدو أنّ هناك أيّ طرف في الداخل يريد المسّ به، بمن فيه «حزب الله».
وفي الموضوع الرئاسي، أبلغَ جعجع الى السفيرين أن لا رئاسة جمهورية بلا عون، وأنّ الظرف الحالي أو بالأحرى تركيبة المجريات السياسية القائمة في لبنان توصل الى خلاصة أن لا رئيس للجمهورية إلّا ميشال عون. وتوجّه إليهما بالقول: إذا أردنا أن نخلّص الجمهورية علينا إنجاز رئاسة الجمهورية في أسرع وقت.
جلسة منتجة
حكومياً، شقّت الحكومة الأجواء السياسية الضبابية، مرتكزةً على جرعات دعم من قوى سياسية اساسية، وآخرها تأكيد نصرالله على عدم تعطيلها، بجلسة ثانية مكتملة النصاب والمكوّنات، وبحثت في جدول اعمال من 146 بنداً، فأقرّت 20 منها.
لكنّ فرحة الحكومة بإعادة انتظام عملها لا يبدو انّها ستكتمل بعد تجدّد الخلافات القديمة والدائمة، والتي بَرز منها امس ملفّ امن الدولة عند مناقشة بند صرف المخصّصات المالية للجيش وقوى الامن والأمن العام، إذ أعاد الوزير ميشال فرعون اعتراضَه على عدم صرفِ مخصصات أمن الدولة السرية، وسانَده الوزير الياس بوصعب مطالبَين بتوقيف الصَرف، لكنّ البند أقِرّ على نيّة وعد قطَعه الرئيس تمّام سلام أن يبحث الأمر في اجتماعات خارج مجلس الوزراء.
أمّا الخلوي وتعيين محافظ جبل لبنان فتأجّلا الى الجلسة المقبلة.
بوصعب
وقال بوصعب لـ«الجمهورية»: سنستمر في المشاركة في الجلسات طالما التعاطي معنا إيجابي وميثاقي، أمّا حضور الوزير جبران باسيل فمرتبط بحسابات ومعطيات أخرى لم تتبدّل من الاسبوع الماضي. وأضاف: سننزل إلى الشارع للتعبير عن رأينا الأحد، ونزولنا له أوجه عدة، فنحن لدينا كلّ الحق في أن نعبّر بالطريقة التي نراها مناسبة، والظروف هي التي تحكم.
بوفاعور
وقال بوفاعور لـ«الجمهورية»: بات كلّ الأفرقاء على يقين أنّ الحكومة تكاد تكون الملاذ الأخير لهم، لذلك هم يَعملون على حمايتها من كلّ التجاذبات السياسية، وينعكس هذا الأمر رغبةً بالحضور واكتمال النصاب. ولفت إلى أنّ «كلّ الأجهزة اللاسلكية صامتة أمّا الأنتينات فلم تتوقّف مرّة».
سلام
وعلمت الجمهورية» أنّ سلام أثار في بداية الجلسة موضوع استنزاف الوقت في الحكومة، وأعاد التأكيد أنّ 3 ساعات كافية لبتّ أمور كثيرة، وقال للوزراء: معظم بلدان العالم يناقشون جدول أعمالهم في جلسات الحكومة خلال ساعة أو ساعة ونصف، أمّا نحن فنغرق بنقاشات عصيبة لساعات وساعات من دون إحراز أيّ نتائج. وأكثر من ذلك لا نلتزم بالأدبيات في تعاطينا مع بعضنا، فأدعوكم الى تجنّب المشادات الكلامية ومحاولة أخذ النقاش الى مكان منتج.
ولوحِظ أنّ بوصعب يطالب بإقرار بنود وزير الخارجية في غيابه، ما أثار اعتراض بعض الوزراء، مطالبين بحضور الوزير المختص، الأمر الذي دفعَ بأحد الوزراء الى السؤال عن سبب هذه المسرحية، حيث إنّ «التيار الوطني الحر» يقاطع إعلامياً، فيما هو داخل الحكومة أكثر المطالبين بإقرار بنود تتعلق بوزاراته.
بري
وكان بري قد توقّف بارتياح أمام انعقاد مجلس الوزراء بكلّ مكوّناته، وقال امام زوّاره أمس: هذا ما يجب ان يحصل دائماً، كان يمكن ان نتفادى كلّ ما نحن فيه من خلافات وتعطيل لمجلس الوزراء والحكومة، لو تمّ الالتزام بالنص الدستوري وتُركت الحكومة تعمل ولم توجَّه السهام إلى مجلس النواب تارةً بتعطيله وتارةً اخرى باعتباره غيرَ شرعي.
أنا على يقين أنّني شخصياً والرئيس تمّام سلام ما كنّا إلّا لنسير بإيجابية في المؤسّستين، ولم نطرح على بساط البحث أيّ قضايا تثيرالتباسات أو اعتراضات أو هواجس لأيّ كان. أسأل ماذا حقّقنا خلال سنتين ونصف من التعطيل؟ الجواب واضح، وصَلنا الى ما نحن فيه من خلافات.
وأكّد بري تمسّكه بعقد جلسة تشريعية بعد جلسة انتخاب أعضاء المجلس النيابي الثلثاء المقبل، وقال: هناك أمور مالية ودقيقة يجب أن نقرّها، ولا أعتقد أنّ هذه المواضيع المهمة جداً والتي ستُدرَج في جدول الأعمال يمكن أيّ طرف ان يكون ضدّها وضد المشاركة في جلسة إقرارها.
وعن حضور كلّ الأطراف، قال بري: لن أدخل في الاحتمالات، الجلسة مهمّة جداً وستُعقد
اللواء :
بعد غد الأحد يلجأ «التيار الوطني الحر» إلى الضغط بالشارع، عبر «عراضة شعبية» بعنوان الاحتفال بـ13 تشرين أوّل، وتحت شعار «يكون الميثاق أو لا يكون لبنان»، مع استمرار الضغط السياسي، عبر امتناع وزير الخارجية ورئيس التيار جبران باسيل عن المشاركة في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس، بعد ان كان قاطع الجلسة السابقة على قاعدة «نصف مشاركة ونصف مقاطعة»، فيما يبقى الانتظار سيّد الموقف بما يمكن ان تؤول إليه مشاورات الرئيس سعد الحريري الذي كانت له محطة في «الكي دورسيه» مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، في إطار المشاورات الجارية لتظهير الموقف المناسب في ما خص الاستحقاق الرئاسي، وامكان دعم ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة الأولى.
وإذا كان الرئيس الحريري عرض مع مضيفه الفرنسي مخاطر استمرار الشغور الرئاسي والجهود التي يبذلها لوضع حدّ لهذا الفراغ، فإن مصادر متابعة أخذت تميل إلى الاعتقاد بأن فرص حصول خرق في الجدار الرئاسي في غضون الأسبوعين المقبلين، آخذة في التضاؤل، لاعتبارات عدّة ابرزها:
1- حجم الاشتباك الأميركي - الروسي حول الخيارات السياسية والعسكرية في المنطقة، على الرغم من تحديد موعد في جنيف لسحب التوتر من الجو والبحر والبر إلى طاولة المفاوضات.
كتلة المستقبل
2- إطاحة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بأية إمكانية لقبول خيار ترشيح النائب عون للرئاسة الأولى، عبر حملة مبرمجة غير مسبوقة، منبرياً وعلى الأرض في مسيرة العاشر من محرم في الضاحية الجنوبية، بإلصاقه تهماً وتسميات متعلقة بما يجري في اليمن، وصفتها كتلة «المستقبل النيابية» بأنها «ضرب من الفجور» واصفة هجومه على المملكة العربية السعودية «بالجائر» مكررة التأكيد بأن إيران «الاساس في إشعال حرب اليمن»، و«استخدام حزب الله كأداة عسكرية لها هناك».
وقالت كتلة «المستقبل» في بيانها ان أمين عام حزب الله وبتعطيله المستمر لانتخابات رئا