الى ان يبرز اي تطور يتصل بحركة الاتصالات الخارجية والداخلية التي يجريها الرئيس سعد الحريري فان المشهد الناشئ في الساعات الثماني والاربعين الاخيرة لم يكن أكثر من زيادة التعقيدات تعقيدا والتباسا وغموضا . ذلك ان تحويل مناسبة احياء عاشوراء على يد " حزب الله " في مختلف المسيرات العاشورائية التي شهدتها مناطق انتشار الحزب ونفوذه منصة لاطلاق اوسع الحملات الحادة والهجومية ضد المملكة العربية السعودية شكلت العنوان السياسي الداخلي العابر اقليميا لهذه المناسبة الامر الذي تحولت معه ملامح المرونة في مسألة " المسار السياسي الرئاسي " نقطة مثيرة لمزيد من الشكوك وليس للتقديرات الإيجابية الفعلية . ولم يكن خافيا من خلال استقصاء معظم الاصداء السياسية وردود الفعل على الخطابين اللذين ألقاهما الامين العام ل" حزب الله " السيد حسن نصرالله مساء الثلثاء وظهر الاربعاء ان لوحة التشاؤم حيال امكانات حصول أختراق حقيقي في المسار الرئاسي لم تتبدل بل زادت اتساعا ولو ان نصرالله عاود امس التأكيد على موقفه الإيجابي مما سماه " المسار السياسي الإيجابي الحالي " بعدما كان دعا قبل يوم الى توسيع اطار التفاهمات السياسية للوصول الى النتائج المطلوبة وكرر دعم الحزب للعماد ميشال عون .

 

ولعل ابرز ما تظهره الاصداء السياسية لهذين الخطابين وما واكبهما من مظاهر حزبية في اليومين الاخيرين ان الاوساط المواكبة لاحظت تناقضات واسعة جدا بين منحى اتخذ طابعا شديد الهجومية والعدائية حيال المملكة العربية السعودية وإطلاق شعارات " الموت لآل سعود " من جهة ودعوة السيد نصرالله الى عزل لبنان عن حروب المنطقة من جهة مقابلة . اذ ان الخطابين اللذين ألقاهما تضمنا اوسع اعتراف علني ومقصود باتساع تورط الحزب في ميادين المواجهات الاقليمية من سوريا الى العراق الى اليمن فالبحرين وشكلت مواقفه من هذه المواجهات اكثر من نسبة تسعين في المئة من مضامين الخطابين . ولفتت الاوساط الى انه في وقت كان السيد نصرالله يستهجن فيه في اول خطابه الاول التوقعات بان يضرب بهجماته العنيفة على السعودية الفرصة التي سنحت للعماد عون مع تحرك الرئيس الحريري فانه عاد فعلا بسرعة قياسية الى تثبيت هذه المخاوف بدلا من تبديدها من خلال تصعيد حملاته الكلامية الحادة على السعودية . وتتساءل الاوساط كيف يمكن توقع اصداء ايجابية للمرونة الشكلية التي اعلنها السيد نصرالله حيال مسعى الحريري فيما هو يلهب الصراع مع السعودية ويضع العماد عون ايضا امام لحظة اشد تعقيدا من قبل ؟ واذا كان التعامل المرن مع مسعى الحريري يهدف الى تسهيل الطريق نحو جلسة 31 تشرين الاول فكيف يستقيم الامر مع مجرد دعوة الى توسيع التفاهمات كأنما الحزب يعفي نفسه من مهمة اقتلاع العوائق ويترك لحلفائه وفي مقدمهم عون نفسه إقلاع شوكهم بايديهم ؟ وتضيف الاوساط ان احدا لم تفته الإشارات اللافتة التي ركز عبرها السيد نصرالله مرارا على تحريك عمل الحكومة الحالية وتفعيلها وتفعيل عمل مجلس النواب في جلسات التشريع . ومع ان هذا الموقف يتسم بايجابية لا يمكن إنكارها لكن الاوساط تشدد على الدلالة البارزة لجعل تفعيل الحكومة والمجلس اولوية لدى السيد نصرالله تتقدم اولوية الانتخاب الرئاسي كما برز بوضوح في الخطابين .