نصرالله يعلن خلافا مع عون , والرئيس سعد يرد
السفير :
استطاع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه العاشورائي، أمس، وبإطلالة شخصية مباشرة من مجمع سيد الشهداء في الرويس، أن يعيد «كرة النار» الرئاسية الى ملعب الآخرين، بعدما تدحرجت في شوارع الضاحية، خلال الأسابيع الأخيرة، بفعل الضخ المنظّم من بعض القوى السياسية التي صورت «حزب الله» وكأنه غير متحمس للتجاوب مع تحرك الرئيس سعد الحريري، وبالتالي غير راغب ضمناً في وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.
وفي مؤشر الى اقتراب الحريري من لحظة حسم خياره، عُلم أنه توجه ليل أمس الى السعودية، بالتزامن مع دعوة نصرالله الضمنية له بأن يبادر الى نصحها بوقف حربها على اليمن، بدل أن يردّ عليه، كما جرت العادة بعد كل خطاب أو مناسبة لـ«حزب الله»..
وسعى نصرالله الى حماية الفرصة الرئاسية المستجدّة لعون من مفاعيل هجومه على السعودية وإدانته الشديدة للمجزرة التي ارتكبتها قبل أيام في صنعاء، وهو الأمر الذي ترجمه من خلال التمييز بين انتقاده الحاد للرياض وصولاً الى تحذيرها من أن الدم اليمني سيجرفها ما لم توقف العدوان، وبين التفاعل الإيجابي مع مشروع مبادرة الحريري باتجاه «الجنرال».
ومنعا للاجتهاد في تفسير نيات «حزب الله» حيال تطورات الملف الرئاسي، أبدى نصرالله انفتاحا على المسار السياسي الإيجابي الذي أطلقه الحريري، بل هو توجّه الى رئيس «تيار المستقبل»، بلغة متقدمة في مرونتها، إذ قال إن التحوّل الذي يتم الحديث عنه لجهة أن الحريري قد يعلن عن دعمه لترشيح عون، هو تحوّل إيجابي نسانده ونؤيده ونعترف لمن يملك هذا التحوّل بالشجاعة.
وأعطى نصرالله إشارة جديدة الى عدم الممانعة في تولّي الحريري رئاسة الحكومة، عندما لفت الانتباه الى أن ما بين «المستقبل» و«التيار الحر» هو تفاهم وجزء من هذا التفاهم «انتخاب عون كمرشح قوي للرئاسة وفلان كمرشح قوي لرئاسة الحكومة».
وتمكن نصرالله ايضا من تحقيق التوازن بين أولويات حلفائه المتضاربة، معتمداً على مسطرة سياسية دقيقة في رسم مواقفه وترسيم حدودها. بهذا المعنى، نجح «السيد» في التوفيق بين متطلبات حلفائه وخصوصيات العلاقة مع كل منهم، وهو الذي استشعر بوجود محاولة للإيقاع بينهم وبين الحزب:
فقد أكد نصرالله أن «عون هو مرشحنا ونحن أهل الصدق والوفاء والالتزام بالموقف، هكذا كنّا وهكذا سنبقى»، وذهب في التحدي الى الحد الاقصى بقوله إنه عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، قاطعاً بذلك الطريق أمام محاولات التشويش على التحالف مع «التيار الحر» أو تشويهه.. كما برّأ «التيار» من تهمة إبرام صفقة ثنائية من تحت الطاولة مع الحريري، واضعاً ما يجري على خط الرابية ـ بيت الوسط في إطار «التفاهم».
وفي الوقت ذاته، ساند «السيد» الرئيس نبيه بري في دعوته الى التفاهمات الوطنية، داعياً ضمناً «الجنرال» الى أن يتفاهم معه كما فعل مع «المستقبل». ولم يفت نصرالله أيضا أن «ينحاز» بوضوح الى جانب بري في المطالبة بفتح أبواب المجلس النيابي امام «تشريع الضرورة» من دون ربطه حُكما بقانون الانتخاب، وكذلك الأمر بالنسبة الى تفعيل العمل الحكومي ودعوة «التيار» للعودة الى مجلس الوزراء مقابل الالتزام بالميثاقية والشراكة.
وتكلم «السيد» بعاطفة سياسية وشخصية عن «حليفنا وعزيزنا سليمان فرنجية»، واصفا ترشيحه بأنه كان عرضاً مشوقاً ومشجعاً، ورافضاً تحميل الحزب وزر الضغط عليه لاقناعه بالانسحاب، ملمحا الى ان المطلوب من الآخرين ان يتحاوروا معه، في إطار التمهيد لانجاز الاستحقاق الرئاسي.
الحريري: خطاب تأجيج الكراهيات
وعلى مسافة أقل من ثلاث ساعات من الخطاب، قال الرئيس الحريري إن السيد نصرالله توقّع أن أردّ عليه في نهاية خطابه «الا انه رد على نفسه بنفسه، وكلامه ينطبق حرفيا على ما تقوم به ايران في سوريا والمنطقة». وأضاف: «أننا أمام خطاب سياسي متوتر، لا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصب الزيت على نيران الحروب العربية»، معتبرا في سلسلة تغريدات بعد مغادرته بيروت، أن «ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يسيء للبنان ولعلاقاته مع اشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجر لبنان الى ما تريده ايران وأدواتها».
وقال الحريري إنه «الأجدر بالذين يتباكون على اليمن وشعبها ان يتوقفوا عن المشاركة في تقسيم اليمن وتسعير الحرب الاهلية بين ابنائها، ودعا من يسألون «ماذا تفعل السعودية في اليمن، ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلون هم في اليمن وكيف يعطون ايران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها»، وتابع: «ليكفّ هؤلاء عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين وليكفّوا عن سياسات ضرب الوحدة الاسلامية»، واتهم إيران بأنها «رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية الى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش أبنائها».
ترتيب الأوراق
ومع انحسار مفاعيل «التغريدة» السعودية الملتبسة التي أظهرت مدى هشاشة الساحة الداخلية وقابليتها السريعة للتأثر بكل شاردة وواردة.. بدا أن الاطراف المحلية المعنية بتوازنات الاستحقاق الرئاسي تحاول تحصين خطوطها الدفاعية والهجومية، في انتظار ان يقول رئيس «المستقبل» كلمته النهائية والرسمية في ما خص ترشيح عون.
هكذا، وفي يوم واحد، أدارت الرابية وبنشعي محركاتهما، وأعطت كل منهما إشارة واضحة الى انها مصممة على الاستمرار في خوض المعركة الرئاسية حتى «الرمق السياسي» الأخير.
فقد جال الوزير جبران باسيل على أحزاب «القومي» و «الديموقراطي» و «الطاشناق»، في إطار السعي الى توسيع نطاق البيئة السياسية الحاضنة لترشيح «الجنرال»، استعدادا لملاقاة الرد الايجابي الذي تنتظره الرابية من بيت الوسط.
بالتزامن، كان فرنجية يصل الى عين التينة ويلتقي بري، حليفه «في السرّاء والضرّاء»، معيدا تنشيط خلايا ترشيحه الذي كان الكثيرون يعتقدون انه دخل في طور «الموت السريري»، بعد انعطافة الحريري نحو الرابية.
ولعل التمهّل الزائد للحريري في حسم خياره رسميا، سمح لمراكز القوى الداخلية في التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب اوراقها، بعدما تبعثرت مع عودة رئيس «المستقبل» الى لبنان، متأبطا مشروع مبادرة جديدة قاده الى الانفتاح على خيار عون.
لكن لا يبدو ان خصوم هذا الخيار بوارد الاستسلام، بل هم يُظهرون عند كل فرصة استعدادا للمضي في مقاومته، وهذا ما عكسه بوضوح فرنجية في زيارته الى بري في هذا التوقيت، معبّراً من على منبر عين التينة عما يختلج في أعماق رئيس المجلس النيابي.
والأرجح ان زيارة فرنجية الى بري، في هذه اللحظة، تنطوي على رسائل في اتجاهات عدة، فهو أراد ان يؤكد لعون انه لن ينسحب ما دام هناك نائب واحد يؤيده، وللحريري انه لن يتأثر بامكان تراجعه عن دعمه، ولعل رئيس «تيار المردة» أراد ايضا ان يبلغ نصرالله، قبيل إلقاء كلمته في مجلس عاشوراء،(ليل أمس)، بأنه باق على موقفه.
وأوضح بري امام زواره امس ان النقاش مع فرنجية تركز على الشأن الرئاسي، مشيرا الى ان ضيفه أكد له الاستمرار في ترشيحه.
وردا على سؤال، أجاب بري: ما داموا لم يقبلوا بالسلة الوطنية التي اقترحتها، فلم يعد لدي ما افعله سوى النزول الى مجلس النواب والمشاركة في جلسات الانتخاب، التزاما بالدستور، كما افعل منذ سنتين ونصف تقريبا. وأضاف: البعض تكلم حول تفاهمات يعقدها مع الآخرين، ولا أدري ما الفارق بينها وبين ما أطرحه.. وتابع مبتسما ومستعيرا كلمات أغنية للفنانة ماجدة الرومي:»كلمات.. كلمات
المستقبل :
في الشكل لم يخيّب الرئيس سعد الحريري توقعات الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بأن يلقى رداً وطنياً مصوّباً لمكمن الداء الإيراني التخريبي المتفشي في جسد الأمة العربية، سيّما وأنّ الردّ في المضمون على نصرالله جاء من نصرالله نفسه بكلامه المنطبق «حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة» حسبما لفت الحريري في مستهل تغريداته المنددة بخطاب «تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصبّ الزيت على نيران الحروب العربية»، مع التشديد في المقابل على أنّ مسلسل الإساءة للبنان ولعلاقاته مع أشقائه العرب «لن يكون وسيلة لجرّ لبنان إلى ما تريده إيران وأدواتها».
إذاً وفي ختام يوم آخر من الركود السياسي والحراك الرئاسي المتباين سواءً على جبهة عين التينة التي أطل منها رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية مجدداً
التأكيد على استمراره في الترشح «من هذا المنبر ولو بقي نائب واحد معنا» داعياً رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى «النزول والاحتكام لمجلس النواب»، أو على جبهة الرابية التي أطلقت جولة من المشاورات بدأها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أمس بزيارات «حليفة» هادفة إلى حشد التأييد اللازم لانتخاب عون في صفوف الحلفاء باعتبار أنّ الاستحقاق الرئاسي بات «أمام مفترق طرق فإما التوافق أو المجهول».. أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» شخصياً في الليلة العاشرة من شهر محرم من مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية ليطلق مواقف متجددة ومتأصلة في العداء والكراهية للعرب بلسان يحاكي التطلعات الإيرانية التخريبية في المنطقة وليشحذ الهمم الفتنوية ويحضّها على إشعال فتائل النيران المذهبية بين المسلمين تحت ستار وشعار التباكي على دماء اليمنيين. أما الشأن الوطني والرئاسي تحديداً فاحتل أسفل سلم أولياته الخطابية ليختم به متوجهاً إلى الشركاء في الوطن بجملة من المواعظ بالوفاء والتفاخر بالالتزام باستمرار تعطيل نصاب انتخاب الرئيس ما لم يضمن وصول عون إلى سدة الرئاسة الأولى، مبدياً في الشكل تقديره للمبادرة الرئاسية الجديدة التي يقودها الرئيس الحريري لكن من دون أن يقدم أي التزام علني واضح بالنزول إلى مجلس النواب لانتخاب عون حتى في حال تبني الخصوم ترشيحه، مكتفياً بتغليف موقفه الضبابي بمروحة من الأحجيات والأمثال الشعبية مثل: غداً لناظره قريب.. وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.
الحريري
ولاحقاً، ردّ الرئيس الحريري على خطاب نصرالله، فقال في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»: توقّع السيد نصرالله أن أردّ عليه في نهاية خطابه إلا أنه ردّ على نفسه بنفسه وكلامه ينطبق حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة»، وأضاف: «يد إيران و«حزب الله» في تدمير مدن سوريا وفي دماء أكثر من ربع مليون سوري، لن يغطيها الصراخ، وأصوات أطفال حلب ستظل تقض مضاجع القتلة»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «الأجدر بالذين يتباكون على اليمن وشعبها أن يتوقفوا عن المشاركة في تقسيم اليمن وتسعير الحرب الأهلية بين أبنائها».
وتابع الحريري قائلاً: «قبل أن يسأل هؤلاء ماذا تفعل السعودية في اليمن ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلون هم في اليمن وكيف يعطون إيران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها. فليكف هؤلاء عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين وليكفوا عن سياسات ضرب الوحدة الإسلامية»، وتساءل: «أين دموعهم من الجرائم التي يرتكبونها في سوريا والعراق واليمن وغيرها؟ أين دموعهم من أيديهم الملطخة بالدماء في حلب وكل أنحاء سوريا؟ أين دموع هؤلاء من ملايين السوريين والعراقيين واليمنيين المشردين في أصقاع الدنيا بفعل قرار إيران تخريب المجتمعات العربية؟».
وإذ أكد أنّ «إيران هي رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية إلى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش أبنائها»، ختم الحريري بالقول: «إننا أمام خطاب سياسي متوتر لا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصبّ الزيت على نيران الحروب العربية. ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يسيء للبنان ولعلاقاته مع أشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجر لبنان إلى ما تريده إيران وأدواتها».
الديار :
اطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله شخصياً امام الحشود المشاركة في احياء ليلة العاشر من محرم وتطرق في كلمته الى الاوضاع الداخلية وما يتعرض له الشعب اليمني والتطورات السورية، وهاجم بعنف المملكة العربية السعودية مؤكداً ان «دماء اليمنيين ستجرف السعودية الى ابد التاريخ» وان الارهاب في العالم يرجع بالفكر والمال الى السعودية، وتساءل اين هي مليارات الدولارات؟ الى أين تذهبون وانتم عاجزون عن الدفاع عن مواقعكم على الحدود امام الحفاة اليمنيين، مؤكداً ان الحل المتاح اليوم هو ان يعود الحكام في السعودية الى عقولهم وان يُنصحوا من حلفائهم، واضاف: «اذا كان لها في اي مكان في العالم ان يقدم نصيحة لحكام السعودية بوقف سفك دماء اليمنيين والا هذا الدم سيجرفهم الى ابد التاريخ» وعلق على المجزرة التي ارتكبتها الرياض في مجلس عزاء في صنعاء وقال «هذه المجزرة هي فضيحة كبرى للنظام السعودي ويرفضون التحقيق الدولي، حتى ان السعودية لا تسمح للجرحى بمغادرة البلد ولا تسمح بوصول مساعدات طبية للجرحى». وتابع «على السعودية ان تقتنع ان لا امل لها بالانتصار وان من سينتصر هو الدم اليمني المظلوم» وجزم سماحته بان «السعودية ارتكبت خطأ تاريخيا عندما ظنت انها تستطيع ان تحسم المعركة في اليمن وان تسجل نصراً عظيماً خلال اسابيع، وهذا العقل المستكبر الذي استضعف اليمنيين واحتقرهم ونظر اليهم بنظرة دونية واعتقد بالانتصار. ها هو يهزم اليوم، وهذا الخطأ في الفهم سببه هذا العقل، مؤكداً ان الانتصار سيكون للشعب اليمني الذي صمد بوجه كل العواصف وكل الحشد الدولي.
وفي الملف اللبناني الداخلي، أعلن السيد حسن نصرالله تأييده اي تحولات سياسية ايجابية توصل الاستحقاق الرئاسي للنتجية، وقال انه منذ «اليوم الاول خيارنا واضحا وقبل عامين وفي مثل هذه الليلة اعلنت اننا بشكل واضح وعلني دعمنا للعماد ميشال عون، واخذنا خياراً ان لا نذهب للجلسات اذا لم يصل مرشحنا، وهذا حقنا القانوني وفتح علينا سيل من الاتهامات، وسيبقى حتى انتخاب الرئىس اننا نعطل الانتخاب».
وقال السيد نصرالله ان «اللبنانيين مطالبون ببذل الجهود للتفاهم والتلاقي لانتخاب رئىس وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع ويبدأ التحضير للانتخابات النيابية، نحن لا ننتظر شيئاً من المنطقة ولا نريد توظيف التطورات في المنطقة في لبنان».
وتساءل السيد نصرالله «اذا انسحب فرنجية هل ستحصل انتخابات رئاسية؟»، واضاف هم يريدون «مشكلا بيننا وبين حلفائنا، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان»، وأشار الى أن المطلوب هو حوارات لايجاد تفاهمات والمساعدة على انجاز هذا الاستحقاق».
وفي الموضوع السوري قال سماحته «مشهد المنطقة حالياً هو مشهد توتر وتصعيد ولا يبدو ان هناك مسارات للتفاوض او الحلول، واشار الى ان سوريا كانت امام فرصة لوقف القتال واعادة اطلاق المسار السياسي لكن سرعان ما خرج الاميركيون من الاتفاق وعطلوه وقطعوا الاتصالات السياسية لانهم اكتشفوا بان فصل النصرة عن الجماعات المسلحة غير متاح، واميركا ستواصل تقديم الدعم للجماعات المسلحة. وكشف ان لدى الادارة الاميركية مشروع تكديس مسلحي داعش في المنطقة الشرقية وفتح الطريق امام داعش للخروج من الموصل والتوجه الى الرقة ودير الزور.
واكد السيد نصرالله «انه في المدى المنظور لا يبدو ان هناك افقاً لحلول سياسية او معالجات سياسية والساحة مفتوحة على المزيد من التوتر والمطلوب هو الصمود والثبات والبقاء في الميادين واكبر انجاز لسوريا والجيش السوري وحلفاء سوريا انهم منعوا ان تسقط سوريا في يد الجماعات التكفيرية الارهابية وجميع الذين يدافعون عن سوريا يدافعون عن محور المقاومة.
اشارات حريرية سلبية ضد عين التينة
اما على صعيد الاتصالات السياسية فكانت لافتة الرسائل الاعلامية السلبية التي وصلت للرئيس نبيه بري عبر وسائل اعلامية محسوبة على المستقبل، ونقلت عنه كلاماً بأنه «لن ينتخب العماد ميشال عون حتى لو بقي وحيداً»، وهذا ما استدعى رداً من المكتب الاعلامي للرئيس بري الذي نادراً ما يرد على تسريبة اعلامية.
وقد اعتبرت مصادر نيابية هذه «التسريبة» اشارات تعبرعن المأزق الذي يعيشه سعد الحريري ومحاولة تصدير هذا المأزق الى غيره وتحديداً الى الرئيس نبيه بري وتحميله مسؤولية فشل الاتصالات الاخيرة المتعلقة بمجيء العماد ميشال عون واسقاط التسوية عبر مواقفه.
وفي هذا الاطار، فان زيارة النائب سليمان فرنجية الى الرئيس نبيه بري لم تحمل جديداً خصوصاً ان النائب سليمان فرنجية ما زال يؤكد انه مرشح لرئاسة الجمهورية ولن يتراجع حتى لو بقي وحيداً، في حين رأى السياسيون ان هذا الترشيح له دلالاته كونه اطلق من عين التينة، بالتزامن مع جولة الوزير جبران باسيل على قيادات حزبية لوضعها في جو ترشيح العماد عون، وبالتالي كلام فرنجية حمل رسالة واضحة في ظل الانتقادات التي وجهها للعماد ميشال عون ودعوته للنزول الى جلسة 31 تشرين الاول ويتم الانتخاب «وصحتين لمن يربح» رغم ان فرنجية يعرف ان العماد عون لن ينزل الى المجلس النيابي الا بتوافق شامل وان يكون المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية.
بري: اعمل للتوافق وغيري للتفاهمات
اما الرئىس نبيه بري فجدد امام زواره تأكيد على ان نواب كتلة التنمية والتحرير شاركوا في كل الجلسات الرئاسية، وسينزلون في 31 تشرين الاول، وغيرنا لا ينزل، ولا نسأل نحن عن عرقلة انتخاب الرئيس.
وقال: انا اعمل للتوافق الوطني وغيري يعمل للتفاهمات وقال: ليس عندي شيء جديد بالنسبة للرئاسة، لكن وزير المالية علي حسن خليل اكد اننا نعيش ازمة كبيرة لا تحل بتفاهمات ثنائية او من خلال اعادة انتاج تفاهمات حصلت سابقاً بين اطراف مع بعضها البعض، ان العقد المطلوب هو عقد وطني جامع نحققه من خلال تفاهم وطني واسع بين كل القوى السياسية المشاركة على طاولة الحوار، لكن التفاهمات الداخلية تستوجب تفاهمات على تسوية شاملة قادرة على الاحاطة بهواجس الجميع.
الجمهورية :
إستأثرَت أزمات المنطقة، وخصوصاً اليمن وسوريا، بأكثر من نصف كلمة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله العاشورائيّة، التي سيكون لها تأثيراتها على الحركة الرئاسية، وقد تركت انطباعات عدة: أوّلاً، لا تبدو اللحظة الإقليمية مؤاتية للتوصّل إلى تسوية رئاسية، نظراً إلى التصعيد الكلامي ضد السعودية واحتدام النزاع في المنطقة وانخراط «حزب الله» فيه. وثانياً، وجود ملاحظات لـ»حزب الله» على انفتاح رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري حيال رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وتشديده على ضرورة الاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والحلفاء. ثالثاً، تكراره عدم استعداد «حزب الله» للضغط على حلفائه، أي حركة «أمل» ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجيّة، للانسحاب من السباق الرئاسي ودعمِ عون.
أعلنَ السيّد نصرالله تأييده أيَّ تحوّلات سياسية إيجابية توصل الاستحقاق الرئاسي إلى النتيجة، وقال إنّه منذ «اليوم الأوّل خيارُنا واضح، وقبل عامين وفي مِثل هذه الليلة أعلنتُ أننا بشكل واضح وعلني دعَمنا العماد ميشال عون، وأخَذنا خيار أن لا نذهب إلى الجلسات إذا لم يصل مرشّحنا، وهذا حقّنا القانوني، وفُتِح علينا سيلٌ من الاتهامات، وسيبقى حتى انتخاب الرئيس، بأنّنا نعطّل الانتخاب».
ولفتَ نصرالله إلى أنه «تمّ اتّخاذ قرار منذ سنتين أن لا نكون مضغوطين لهذا الاتّهام»، وقال: «هناك أُناس يعملون للاستفادة من التطورات الرئاسية لحصول فتنة بين الحزب و»التيار» وبين الحزب وحركة «أمل» وبين الحزب و»المردة»، ولا يهتمون بوصول الرئيس»، وأكّد «أننا أهلُ الصدق والوفاء وأهل الالتزام بالموقف، هكذا كنّا وهكذا سنبقى».
وأضاف أنّ «اللبنانيين مطالبون ببذل الجهود للتفاهم والتلاقي لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع، ليبدأ التحضير للانتخابات النيابية، نحن لا ننتظر شيئاً من المنطقة ولا نريد توظيف تطورات المنطقة في لبنان».
وتساءَل: «إذا انسحب فرنجية هل ستَحصل انتخابات رئاسية؟»، وأضاف: «هم يريدون»مشكلة بيننا وبين حلفائنا، وعند الامتحان يكرَم المرء أو يهان»، وأشار إلى «أنّ المطلوب هو حوارات لإيجاد تفاهمات، والمساعدة على إنجاز هذا الاستحقاق».
وأوضَح أنّ «بين المستقبل والتيار تفاهم وليس صفقة، جزءٌ من التفاهم انتخاب العماد عون مرشّحاً قوياً للرئاسة، وفلان مرشّحاً قوياً لرئاسة الحكومة». وبالنسبة إلى وضع المنطقة، قال نصرالله: «نحن نَشهد في هذه الأيام، مشهداً تصعيدياً وتوتّراً، خلافاً لِما كان عليه قبل أشهر.
قبل أشهر بدا كأنّ المنطقة تدخل في الحلول، مثلاً المفاوضات اليمنية في الكويت، اللقاءات الدولية في فيينا، والحوار بين الأميركيين والروس والوصول الى اتّفاقات معيّنة أعطت شعوراً أنّ سوريا ستصل الى حلّ سياسي معيّن. ولكن في الأسابيع الماضية هذا المسار التفاؤلي سَقط. مفاوضات الكويت فشلت والمفاوضات الأميركية الروسية فشلت، وعاد جوّ المنطقة إلى التصعيد والتوتّر».
ردّ الحريري
وفي ردّ على نصرالله، قال الرئيس سعد الحريري: «توقّع السيد نصرالله ان أردّ عليه في نهاية خطابه، إلّا أنه ردّ على نفسه بنفسه. وكلامه ينطبق حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة»، معتبراً أن «يد ايران و»حزب الله» في تدمير مدن سوريا وفي دماء أكثر من ربع مليون سوري لن يغطيها الصراخ، وأصوات أطفال حلب ستظل تقضّ مضاجع القتلة».
وأضاف: «الأجدر بالذين يتباكون على اليمن وشعبها أن يتوقفوا عن المشاركة في تقسيم اليمن وتسعير الحرب الأهلية بين أبنائها، وقبل أن يسأل هؤلاء ماذا تفعل السعودية في اليمن، ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلون هم في اليمن وكيف يعطون إيران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها، فليكفّ هؤلاء عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين، وليكفوا عن سياسات ضرب الوحدة الإسلامية».
وسأل: «أين دموعهم من الجرائم التي يرتكبونها في سوريا والعراق واليمن وغيرها؟ أين دموعهم من أيديهم الملطخة بالدماء في حلب وكل أنحاء سوريا؟ أين دموع هؤلاء من ملايين السوريين والعراقيين واليمنيين المشردين في أصقاع الدنيا بفعل قرار ايران تخريب المجتمعات العربية؟».
وأكد «أن ايران هي رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن، وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية الى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش أبنائها»، مشدّداً على «أننا أمام خطاب سياسي متوتر، لا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين، وصبّ الزيت على نيران الحروب العربية، و ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يسيء للبنان ولعلاقاته مع أشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجرّ لبنان الى ما تريده إيران وأدواتها.
من جهة أخرى، يتقلّب الاستحقاق الرئاسي، وفق مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، بين التفاؤل والتشاؤم. فطالما إنّ الحريري لم يترجم «وعده» لعون بترشيحه عملياً، فلا ينتظرنَّ من الآخرين، سواء على مستوى ساحته الداخلية، أو على مستوى ساحة الفريق الآخر، بلورةَ أيّ موقف ما لم يقل كلمتَه حتى يَبني الجميع على الشيء مقتضاه.
لكنّ الحريري، في المقابل، والذي يدرك أنّه لا يمكنه حسم خيارِه الرئاسي قبل التفاهم مع الرياض، يَرغب في لبننةِ هذا الخيار عبر حركته التشاورية، أقلّه على المستوى الداخلي. وفي هذه الحال، ينتظر من الآخرين مواقفَ يعتقد أنّها تساعده على هذا الخيار، علّها تغيّر في المناخ السعودي الذي يفهمه كثيرون الآن على أنّه نأيٌ سعوديّ عن الملف الرئاسي خصوصاً، واللبناني عموماً. وقد غادرَ الحريري أمس الى الرياض، ما فرَض تأجيل الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» حتى غدٍ الخميس.
فرنجية عند بري
وكان الملف الرئاسي قد تنقّلَ أمس بين بكركي التي أجرى عون اتصالاً هاتفياً بسيّدها شاكراً له مواقفَه، وعين التينة التي حطّ فيها رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية مؤكّداً استمرارَه في ترشيحه حتى لو بقيَ معه نائب واحد، والسراي الحكومي التي زارها موفَد النائب وليد جنبلاط الوزير وائل ابو فاعور بعد زيارة عين التينة و»بيت الوسط» غداة عودته من الرياض.
إلّا أنّ الحدث الأبرز على جبهة الاستحقاق الرئاسي تمثّلَ باللقاء الذي شهدَته عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وفرنجية، وهو لقاء حمَّله البعض أكثرَ من رسالة في أكثر من اتّجاه، وأُعطيَ جملة من التفسيرات، ويتوقّع أن يكون تأثيره المباشر وغير المباشر في مجرى الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو أنّه ما زال مقفَل الأفق طالما إنّ الحريري لم يحسم خيارَه النهائي بعد.
بري
ولم يَرشح من أوساط بري أيّ تفاصيل عمّا دار في اللقاء بينه وبين فرنجية، إلّا أنّه قال أمام زوّاره إنّ ما أعلنه فرنجية بعد اللقاء هو نفسه ما قاله خلاله.
وهل يمكن الاستنتاج ممّا قاله فرنجية أنّ الاستحقاق الرئاسي آيلٌ إلى منافسة ديموقراطية في المجلس بين مرشّحَين أو أكثر؟ أجاب بري: «هناك اتصالات ومشاورات، ويريدون إنجاز الاستحقاق حسب الأصول الدستورية.
طرَحنا شيئاً ففسّروه خطأً وكادوا أن يوقعوا بيننا وبين بكركي، والحمد لله عولج الأمر. وبدأنا نسمع حديثاً عن تفاهمات وطنية وتفاهمات تفاهمات وكلمات كلمات. على أيّ حال أنا وكتلتي نحضر إلى المجلس منذ أوّل جلسة دعونا إليها، وملتزمون الأصول».
وكان المكتب الإعلامي لبري قد نفى كلاماً منسوباً له خلال اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب حول انتخابات رئاسة الجمهورية. وأوضح «أنّ مكتب المجلس ناقشَ الأمور المدعو إليها، ولم يناقش موضوع رئاسة الجمهورية، مَن مع أو مَن ضدّ عون، وأملَ في أن لا يحاول أحد أن يتغطى بموقفه».
اللواء :
بين ما أبلغه الرئيس نبيه برّي لهيئة مكتب المجلس في اجتماعه الاثنين الماضي، من انه لن ينتخب العماد ميشال عون ولو بقي وحيداً، وعاد مكتبه الإعلامي وأوضح، من دون أن ينفي، أن مكتب المجلس لم يناقش موضوع رئاسة الجمهورية، وأن موقفه يعلنه يوم الانتخاب، وما أدلى به رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية، من منبر عين التينة، وبعد زيارة استغرقت ساعتين، من انه «مستمر بترشحه للرئاسة الأولى، ولو بقي نائب واحد معه، ولن يتراجع عن هذا الموقف»، بدأت معالم جبهة تحالفات انتخابية، يريدها الرئيس بري والنائب فرنجية شبيهة بتلك التي حصلت عام 1970، وأوصلت الرئيس الراحل سليمان فرنجية (الجد) الى قصر بعبدا.
وعلى وقع «السراء والضراء» بين عين التينة وبنشعي، بدت «الأسابيع المقبلة»، التي أشار إليها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، لإنضاج «المسار الإيجابي للرئاسة» على طاولة البحث، ليس في بيروت، وإنما مع العواصم العربية والأوروبية المعنية، مع وصول رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري إلى الرياض لاجراء محادثات مع القيادة السعودية، على ان ينتقل بعدها إلى باريس.
واستبعد مصدر مطلع أن يخرج بيان كتلة «المستقبل» غداً بأي ترشيح رسمي أو دعم مباشر لأي مرشّح، على اعتبار أن خلط أوراق تعيشه الساحة الداخلية، على الرغم من التحوّل الإيجابي الذي أحدثه توجه رئيس تيّار «المستقبل» لإنهاء الشغور الرئاسي، من دون ان يكون النائب عون خارج الأفضلية، أو الخيار الاقرب الى حصول الانتخاب.
في المقابل، بدا التوجه سيّد الموقف في الرابية، في ظل ما أدلى به النائب فرنجية من عين التينة، ودعوة السيّد نصرالله النائب عون إلى اجراء تفاهمات مع كل من الرئيس برّي والنائب فرنجية، «فالمطلوب الآن اتصالات ولقاءات وحوارات من أجل ايجاد تفاهمات والمساعدة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي»، على حدّ تعبير نصرالله، الذي تساءل: «ما المشكلة ان تكون هناك تفاهمات مع بقية القوى السياسية خصوصاً الوازنة والاساسية في لبنان؟ وان الذي يدفع الامور إلى الأمام هو تفاهمنا وطمأنة بعضنا البعض وإزالة هواجس بعضنا البعض».
وعلى الرغم من إشارة السيّد نصرالله إلى أن المنطقة مقبلة على مزيد من التوتر في خطابه حيث أطل شخصياً، خلال احياء مراسم ليلة العاشر من محرم في ضاحية بيروت الجنوبية، فانه أراد الايحاء أن موقف «حزب الله» من انتخاب الرئيس لا يرتبط بأي رهان على ما يجري في المنطقة.
وإذ رمى السيّد نصرالله المشكلة في ملعب الرئيس الحريري بقوله: «قبل إعلان رئيس تيّار المستقبل بترشيح النائب عون لا معنى لانسحاب فرنجية أو اجراء الانتخابات الرئاسية»، في محاولة فسرت بأنها موقف دفاعي عن خيارات «حزب الله» ورهاناته، فإن ملخص ما قدمه في كلمته العاشورائية حول الوضع في لبنان، أوحى لكثير من المراقبين أن أزمة انتخاب الرئيس لا تزال في الدوامة نفسها، وأن لا أولوية لانتخابات الرئاسة الأولى في حسابات «حزب الله» الحالية، حيث يتقدّم الأمن والاستقرار في البلاد على ما عداه، باعتباره خطاً احمر والأمل الذي تبنى عليه الرئاسة والاقتصاد وسائر الحلول الممكنة للأزمات.
ردّ الحريري
ولم يتأخر ردّ الرئيس الحريري على خطاب نصرالله، حيث قال في سلسلة من التغريدات «ان ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يُسيء للبنان ولعلاقاته مع أشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجر لبنان إلى ما تريده إيران وأدواتها.
ووصف خطاب نصرالله بأنه «متوتر ولا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصب الزيت على نيران الحروب العربية»، واصفاً إيران بأنها «رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن، وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية إلى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش ابنائها».
ورد الحريري في إحدى تغريداته متسائلاً: «قبل أن يسأل هؤلاء ماذا تفعل السعودية في اليمن ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلوا هم في اليمن وكيف يعطون إيران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها»، مضيفاً «أين دموعهم من الجرائم التي يرتكبونها في سوريا والعراق واليمن وغيرها؟ أين دموعهم من أيديهم الملطخة بالدماء في حلب وكل أنحاء سوريا؟»، داعياً هؤلاء إلى أن يكفوا عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين، وليكفوا عن سياسات ضرب الوحدة الإسلامية.
وكان الرئيس الحريري استهل تغريداته عبر حسابه على موقع «تويتر» بالقول: «توقّع السيّد نصر الله أن أردّ عليه في نهاية خطابه إلا أنه ردّ على نفسه بنفسه، وكلامه ينطبق حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة».
أما عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت فلاحظ لـ«اللواء»، أن خطاب السيّد نصر الله، لم يفتح نافذة في موضوع الاستحقاق الرئاسي، بل أنه أقفل هذه النافذة بهجومه العنيف على المملكة العربية السعودية في موضوع اليمن، وإصراره على ضرورة تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، معتبراً ذلك مؤشراً على أنه ليس في نيّته إنهاء الفراغ الرئاسي، لأنه بمجرد انتخاب الرئيس سيؤدي ذلك تلقائياً إلى تفعيل الحكومة والمجلس معاً.
وقال إن نصر الله مصمم على أن يحرق كل أوراق العلاقات اللبنانية - العربية، متناسياً المصلحة اللبنانية في أن تكون له علاقات استراتيجية مع أشقائه الدول العربية، ومصلحة اللبنانيين الذين يعملون في دول الخليج.
ولفت إلى أن نصر الله اعترف بأن المشكلة في فريق 8 آذار عندما دعا عون للتفاهم مع الرئيس برّي والنائب فرنجية، مشيراً إلى أن هذه التفاهمات هي نفسها التفاهمات التي يدعو إليها الرئيس برّي، وهي نفسها كانت إحدى أهداف جولة رئيس التيار العوني الوزير جبران باسيل أمس على كل من أحزاب الطاشناق والقومي السوري والنائب طلال أرسلان (راجع ص3).
خطاب نصر الله
وكان السيّد نصر الله في خطابه ليل العاشر من محرم، تعرض للمملكة العربية السعودية على خلفية حرب اليمن في حملة لم تبقِ ولم تذر، قبل أن ينتقل إلى مقاربة لم تحمل جديداً في ما خصّ الوضع اللبناني، فهو:
1- اعتبر أن الأولوية الآن للاستقرار والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، واصفاً قدرة اللبنانيين على تحقيق هذا الإنجاز رغم انقسامهم بالنقطة الإيجابية.
2- وترتّب على ذلك التأكيد على تقديم الدعم والمساندة للجيش والأجهزة الأمنية، الأمر الذي رأت فيه مصادر سياسية أنه رسالة إلى «التيار الوطني الحر» لتجنّب الصدام مع القوى الأمنية في الشارع.
3- في ما خصّ التحولات السياسية الإيجابية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، نوّه بما يمكن أن يقدم عليه رئيس تيّار «المستقبل» من دون أن يذكر الرئيس الحريري بالإسم، مؤيّداً ومرحّباً ومشجّعاً «ونحن نعترف لمن يملك هذا التحوّل بالشجاعة»، مضيفاً: «وبالحرص على أن يوجد المخرج المعقول».
4- جاهر السيّد نصر الله بأن هناك نقاط خلاف مع الحلفاء والأصدقاء، منها أن حزب الله يؤيّد تفعيل العمل الحكومي، مطالباً التيار العوني بالمشاركة في الجلسات مقابل «التزام مكوّنات الحكومة بالميثاقية والشراكة، وأن نثبت ذلك لمن ترك أو قاطع».
وعلى صعيد التشريع دعا لفتح أبواب المجلس النيابي، مبدياً عدم موافقته على شرط إدراج قانون الانتخاب، داعياً إلى تفاهمات للوصول إلى نتيجة.
5- في ما خصّ انتخابات الرئاسة قال نصر الله: «نحن لسنا من رشح عون فهو مرشّح ونحن دعمنا هذا المرشح»، ودافع عن عدم الذهاب إلى مجلس النواب قبل ضمان وصول هذا المرشح، وتوقف عند الاتهامات التي تُساق ضد حزب الله بأنه عطّل الرئاسة وعطّل مجلس النواب والمؤسسات ومصالح النّاس، متهماً أناساً لم يسمّهم «بالسعي لخلق فتنة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وبين حزب الله وحركة «أمل» وبين حزب الله وتيار «المردة» وهم أصلاً غير مهتمين كثيراً لوصول الرئيس من عدمه»، في إشارة فُهمت أنها تعني «القوات اللبنانية» ورئيسها.
وفي السياق الرئاسي، خاطب «التيار الوطني الحر» بطريقة ضمنية قائلاً: «نحن أهل الصدق وأهل الوفاء وأهل الالتزام بالموقف»، واصفاً ترشيح النائب فرنجية من قبل تيّار «المستقبل» كان طرحاً مشوقاً، وحصلت اتصالات دولية وإقليمية وضغوط حتى نتراجع عن الالتزام مع العماد عون ولم نفعل