بين ما أبلغه الرئيس نبيه برّي لهيئة مكتب المجلس في اجتماعه الاثنين الماضي، من انه لن ينتخب العماد ميشال عون ولو بقي وحيداً، وعاد مكتبه الإعلامي وأوضح، من دون أن ينفي، أن مكتب المجلس لم يناقش موضوع رئاسة الجمهورية، وأن موقفه يعلنه يوم الانتخاب، وما أدلى به رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية، من منبر عين التينة، وبعد زيارة استغرقت ساعتين، من انه «مستمر بترشحه للرئاسة الأولى، ولو بقي نائب واحد معه، ولن يتراجع عن هذا الموقف»، بدأت معالم جبهة تحالفات انتخابية، يريدها الرئيس بري والنائب فرنجية شبيهة بتلك التي حصلت عام 1970، وأوصلت الرئيس الراحل سليمان فرنجية (الجد) الى قصر بعبدا.
وعلى وقع «السراء والضراء» بين عين التينة وبنشعي، بدت «الأسابيع المقبلة»، التي أشار إليها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، لإنضاج «المسار الإيجابي للرئاسة» على طاولة البحث، ليس في بيروت، وإنما مع العواصم العربية والأوروبية المعنية، مع وصول رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري إلى الرياض لاجراء محادثات مع القيادة السعودية، على ان ينتقل بعدها إلى باريس.
واستبعد مصدر مطلع أن يخرج بيان كتلة «المستقبل» غداً بأي ترشيح رسمي أو دعم مباشر لأي مرشّح، على اعتبار أن خلط أوراق تعيشه الساحة الداخلية، على الرغم من التحوّل الإيجابي الذي أحدثه توجه رئيس تيّار «المستقبل» لإنهاء الشغور الرئاسي، من دون ان يكون النائب عون خارج الأفضلية، أو الخيار الاقرب الى حصول الانتخاب.
في المقابل، بدا التوجه سيّد الموقف في الرابية، في ظل ما أدلى به النائب فرنجية من عين التينة، ودعوة السيّد نصرالله النائب عون إلى اجراء تفاهمات مع كل من الرئيس برّي والنائب فرنجية، «فالمطلوب الآن اتصالات ولقاءات وحوارات من أجل ايجاد تفاهمات والمساعدة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي»، على حدّ تعبير نصرالله، الذي تساءل: «ما المشكلة ان تكون هناك تفاهمات مع بقية القوى السياسية خصوصاً الوازنة والاساسية في لبنان؟ وان الذي يدفع الامور إلى الأمام هو تفاهمنا وطمأنة بعضنا البعض وإزالة هواجس بعضنا البعض».
وعلى الرغم من إشارة السيّد نصرالله إلى أن المنطقة مقبلة على مزيد من التوتر في خطابه حيث أطل شخصياً، خلال احياء مراسم ليلة العاشر من محرم في ضاحية بيروت الجنوبية، فانه أراد الايحاء أن موقف «حزب الله» من انتخاب الرئيس لا يرتبط بأي رهان على ما يجري في المنطقة.
وإذ رمى السيّد نصرالله المشكلة في ملعب الرئيس الحريري بقوله: «قبل إعلان رئيس تيّار المستقبل بترشيح النائب عون لا معنى لانسحاب فرنجية أو اجراء الانتخابات الرئاسية»، في محاولة فسرت بأنها موقف دفاعي عن خيارات «حزب الله» ورهاناته، فإن ملخص ما قدمه في كلمته العاشورائية حول الوضع في لبنان، أوحى لكثير من المراقبين أن أزمة انتخاب الرئيس لا تزال في الدوامة نفسها، وأن لا أولوية لانتخابات الرئاسة الأولى في حسابات «حزب الله» الحالية، حيث يتقدّم الأمن والاستقرار في البلاد على ما عداه، باعتباره خطاً احمر والأمل الذي تبنى عليه الرئاسة والاقتصاد وسائر الحلول الممكنة للأزمات.
ردّ الحريري
ولم يتأخر ردّ الرئيس الحريري على خطاب نصرالله، حيث قال في سلسلة من التغريدات «ان ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يُسيء للبنان ولعلاقاته مع أشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجر لبنان إلى ما تريده إيران وأدواتها.
ووصف خطاب نصرالله بأنه «متوتر ولا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصب الزيت على نيران الحروب العربية»، واصفاً إيران بأنها «رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن، وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية إلى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش ابنائها».
ورد الحريري في إحدى تغريداته متسائلاً: «قبل أن يسأل هؤلاء ماذا تفعل السعودية في اليمن ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلوا هم في اليمن وكيف يعطون إيران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها»، مضيفاً «أين دموعهم من الجرائم التي يرتكبونها في سوريا والعراق واليمن وغيرها؟ أين دموعهم من أيديهم الملطخة بالدماء في حلب وكل أنحاء سوريا؟»، داعياً هؤلاء إلى أن يكفوا عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين، وليكفوا عن سياسات ضرب الوحدة الإسلامية.
وكان الرئيس الحريري استهل تغريداته عبر حسابه على موقع «تويتر» بالقول: «توقّع السيّد نصر الله أن أردّ عليه في نهاية خطابه إلا أنه ردّ على نفسه بنفسه، وكلامه ينطبق حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة».
أما عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت فلاحظ لـ«اللواء»، أن خطاب السيّد نصر الله، لم يفتح نافذة في موضوع الاستحقاق الرئاسي، بل أنه أقفل هذه النافذة بهجومه العنيف على المملكة العربية السعودية في موضوع اليمن، وإصراره على ضرورة تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، معتبراً ذلك مؤشراً على أنه ليس في نيّته إنهاء الفراغ الرئاسي، لأنه بمجرد انتخاب الرئيس سيؤدي ذلك تلقائياً إلى تفعيل الحكومة والمجلس معاً.
وقال إن نصر الله مصمم على أن يحرق كل أوراق العلاقات اللبنانية - العربية، متناسياً المصلحة اللبنانية في أن تكون له علاقات استراتيجية مع أشقائه الدول العربية، ومصلحة اللبنانيين الذين يعملون في دول الخليج.
ولفت إلى أن نصر الله اعترف بأن المشكلة في فريق 8 آذار عندما دعا عون للتفاهم مع الرئيس برّي والنائب فرنجية، مشيراً إلى أن هذه التفاهمات هي نفسها التفاهمات التي يدعو إليها الرئيس برّي، وهي نفسها كانت إحدى أهداف جولة رئيس التيار العوني الوزير جبران باسيل أمس على كل من أحزاب الطاشناق والقومي السوري والنائب طلال أرسلان (راجع ص3).
خطاب نصر الله
وكان السيّد نصر الله في خطابه ليل العاشر من محرم، تعرض للمملكة العربية السعودية على خلفية حرب اليمن في حملة لم تبقِ ولم تذر، قبل أن ينتقل إلى مقاربة لم تحمل جديداً في ما خصّ الوضع اللبناني، فهو:
1- اعتبر أن الأولوية الآن للاستقرار والحفاظ على الأمن والسلم الأهلي، واصفاً قدرة اللبنانيين على تحقيق هذا الإنجاز رغم انقسامهم بالنقطة الإيجابية.
2- وترتّب على ذلك التأكيد على تقديم الدعم والمساندة للجيش والأجهزة الأمنية، الأمر الذي رأت فيه مصادر سياسية أنه رسالة إلى «التيار الوطني الحر» لتجنّب الصدام مع القوى الأمنية في الشارع.
3- في ما خصّ التحولات السياسية الإيجابية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، نوّه بما يمكن أن يقدم عليه رئيس تيّار «المستقبل» من دون أن يذكر الرئيس الحريري بالإسم، مؤيّداً ومرحّباً ومشجّعاً «ونحن نعترف لمن يملك هذا التحوّل بالشجاعة»، مضيفاً: «وبالحرص على أن يوجد المخرج المعقول».
4- جاهر السيّد نصر الله بأن هناك نقاط خلاف مع الحلفاء والأصدقاء، منها أن حزب الله يؤيّد تفعيل العمل الحكومي، مطالباً التيار العوني بالمشاركة في الجلسات مقابل «التزام مكوّنات الحكومة بالميثاقية والشراكة، وأن نثبت ذلك لمن ترك أو قاطع».
وعلى صعيد التشريع دعا لفتح أبواب المجلس النيابي، مبدياً عدم موافقته على شرط إدراج قانون الانتخاب، داعياً إلى تفاهمات للوصول إلى نتيجة.
5- في ما خصّ انتخابات الرئاسة قال نصر الله: «نحن لسنا من رشح عون فهو مرشّح ونحن دعمنا هذا المرشح»، ودافع عن عدم الذهاب إلى مجلس النواب قبل ضمان وصول هذا المرشح، وتوقف عند الاتهامات التي تُساق ضد حزب الله بأنه عطّل الرئاسة وعطّل مجلس النواب والمؤسسات ومصالح النّاس، متهماً أناساً لم يسمّهم «بالسعي لخلق فتنة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وبين حزب الله وحركة «أمل» وبين حزب الله وتيار «المردة» وهم أصلاً غير مهتمين كثيراً لوصول الرئيس من عدمه»، في إشارة فُهمت أنها تعني «القوات اللبنانية» ورئيسها.
وفي السياق الرئاسي، خاطب «التيار الوطني الحر» بطريقة ضمنية قائلاً: «نحن أهل الصدق وأهل الوفاء وأهل الالتزام بالموقف»، واصفاً ترشيح النائب فرنجية من قبل تيّار «المستقبل» كان طرحاً مشوقاً، وحصلت اتصالات دولية وإقليمية وضغوط حتى نتراجع عن الالتزام مع العماد عون ولم نفعل.
اللواء : نصر الله يجاهر بالخلاف مع عون.. وخارطة طريق بين برّي وفرنجية الحريري يردُّ: ماذا يفعل حزب الله في اليمن وإيران مسؤولة عن السموم المذهبية
اللواء : نصر الله يجاهر بالخلاف مع عون.. وخارطة طريق بين...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
477
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro