في الشكل لم يخيّب الرئيس سعد الحريري توقعات الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بأن يلقى رداً وطنياً مصوّباً لمكمن الداء الإيراني التخريبي المتفشي في جسد الأمة العربية، سيّما وأنّ الردّ في المضمون على نصرالله جاء من نصرالله نفسه بكلامه المنطبق «حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة» حسبما لفت الحريري في مستهل تغريداته المنددة بخطاب «تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصبّ الزيت على نيران الحروب العربية»، مع التشديد في المقابل على أنّ مسلسل الإساءة للبنان ولعلاقاته مع أشقائه العرب «لن يكون وسيلة لجرّ لبنان إلى ما تريده إيران وأدواتها».

إذاً وفي ختام يوم آخر من الركود السياسي والحراك الرئاسي المتباين سواءً على جبهة عين التينة التي أطل منها رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية مجدداً 

التأكيد على استمراره في الترشح «من هذا المنبر ولو بقي نائب واحد معنا» داعياً رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى «النزول والاحتكام لمجلس النواب»، أو على جبهة الرابية التي أطلقت جولة من المشاورات بدأها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أمس بزيارات «حليفة» هادفة إلى حشد التأييد اللازم لانتخاب عون في صفوف الحلفاء باعتبار أنّ الاستحقاق الرئاسي بات «أمام مفترق طرق فإما التوافق أو المجهول».. أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» شخصياً في الليلة العاشرة من شهر محرم من مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية ليطلق مواقف متجددة ومتأصلة في العداء والكراهية للعرب بلسان يحاكي التطلعات الإيرانية التخريبية في المنطقة وليشحذ الهمم الفتنوية ويحضّها على إشعال فتائل النيران المذهبية بين المسلمين تحت ستار وشعار التباكي على دماء اليمنيين. أما الشأن الوطني والرئاسي تحديداً فاحتل أسفل سلم أولياته الخطابية ليختم به متوجهاً إلى الشركاء في الوطن بجملة من المواعظ بالوفاء والتفاخر بالالتزام باستمرار تعطيل نصاب انتخاب الرئيس ما لم يضمن وصول عون إلى سدة الرئاسة الأولى، مبدياً في الشكل تقديره للمبادرة الرئاسية الجديدة التي يقودها الرئيس الحريري لكن من دون أن يقدم أي التزام علني واضح بالنزول إلى مجلس النواب لانتخاب عون حتى في حال تبني الخصوم ترشيحه، مكتفياً بتغليف موقفه الضبابي بمروحة من الأحجيات والأمثال الشعبية مثل: غداً لناظره قريب.. وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.

الحريري

ولاحقاً، ردّ الرئيس الحريري على خطاب نصرالله، فقال في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»: توقّع السيد نصرالله أن أردّ عليه في نهاية خطابه إلا أنه ردّ على نفسه بنفسه وكلامه ينطبق حرفياً على ما تقوم به إيران في سوريا والمنطقة»، وأضاف: «يد إيران و«حزب الله» في تدمير مدن سوريا وفي دماء أكثر من ربع مليون سوري، لن يغطيها الصراخ، وأصوات أطفال حلب ستظل تقض مضاجع القتلة»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «الأجدر بالذين يتباكون على اليمن وشعبها أن يتوقفوا عن المشاركة في تقسيم اليمن وتسعير الحرب الأهلية بين أبنائها».

وتابع الحريري قائلاً: «قبل أن يسأل هؤلاء ماذا تفعل السعودية في اليمن ليسألوا أنفسهم ماذا يفعلون هم في اليمن وكيف يعطون إيران شرعية تدريب الميليشيات وتسليحها. فليكف هؤلاء عن سفك دماء اليمنيين والسوريين والعراقيين وليكفوا عن سياسات ضرب الوحدة الإسلامية»، وتساءل: «أين دموعهم من الجرائم التي يرتكبونها في سوريا والعراق واليمن وغيرها؟ أين دموعهم من أيديهم الملطخة بالدماء في حلب وكل أنحاء سوريا؟ أين دموع هؤلاء من ملايين السوريين والعراقيين واليمنيين المشردين في أصقاع الدنيا بفعل قرار إيران تخريب المجتمعات العربية؟».

وإذ أكد أنّ «إيران هي رأس حربة التخريب في سوريا والعراق واليمن وهي المسؤولة عن تسريب السموم المذهبية إلى مجتمعاتنا وتهديد وحدتها وعيش أبنائها»، ختم الحريري بالقول: «إننا أمام خطاب سياسي متوتر لا وظيفة له سوى تأجيج الكراهيات بين المسلمين وصبّ الزيت على نيران الحروب العربية. ما سمعناه وما نسمعه منذ سنوات حلقة في مسلسل يسيء للبنان ولعلاقاته مع أشقائه، لكنه لن يكون وسيلة لجر لبنان إلى ما تريده إيران وأدواتها».