إن أهم إنجاز حققه الإمام الحسين (ع) في كربلاء -بنفسه ونسائه وأطفاله- هو فضحه لإسلام مزيف كان يزيد بن معاوية يسعى لنشره بين المسلمين بإسم الإسلام نفسه، وذلك بعدما تحطمت النفوس الأبية عند المسلمين لدرجة أنهم تركوا نصرة الحسين لصالح يزيد الذي يتظاهر بالفسق والمجون وقتل النفس المحترمة وشرب الخمور وهو في سدة الخلافة !

وهنا وجد الحسين (ع) أن ظروف المعركة من الناحية الإعلامية والتعبوية في صالح مشروع الإستنهاض المحمدي، حيث لم يكن لأحد من المسلمين -الذين يدينون ولو ظاهرا بشريعة الإسلام- أي مبرر "ديني" لنصرة يزيد وخذلان الحسين (ع) كما كان الحال مع من سبق يزيد من حكام . وقد أدخل الإمام الحسين (ع) إلى معركته -ضد الباطل اليزيدي- أهل بيته من نساء وأطفال، ليظهر للمسلمين جميعا أن يزيد ليس أهلا للخلافة بل هو خطر جسيم على الإسلام . فوقع يزيد في فخ الحسين (ع)، فقتله وسبى نسائه وأطفاله في البلاد جهارا نهارا، وهم المعروفون بين المسلمين أنهم "بقية الله ورسوله" بينهم !

وهنا،ورغم أن الحسين (ع) قد خسر المعركة عسكريا، لكنه ربح الحرب وعلى طول المدى، وذلك من خلال كشف حقيقة الملك يزيد الذي تزين بزينة الدين لتنفيذ أهدافه الشيطانية !
وبما أن صراع الحق والباطل مستمر، وبما أن الباطل دنيء وخبيث، لدرجة أنه يستعمل نفس مظاهر الدين وشعاراته وسيفه للفتك بالدين وأهله أنفسهما ، فيجب علينا -إن كنا حقا عاشورائيون- أن نتعلم أن أهم وسيلة لهزيمة الباطل هو كشف زيفه أمام الفطرة البشرية التي فطر الله الناس جميعا عليها، والتي ترفض الظلم والشرور وتحن إلى العدل والخير .

إن ما نراه اليوم من ظلم وبغي  وعدم تورع حتى عن سفك دماء أبناء جلدتهم من قبل المدعين للتدين، هو حالة يزيدية، وهي حالة تقاتل الحسينيين بإسم الحسين كما قاتل يزيد الحسين بإسم محمد (ص) !!

فمن خلال نظرة سريعة للبيئة التي تدعي التدين من مدعي التشيع في لبنان ولحكام هذه البيئة، يظهر لنا أنهم لا يتورعون عن قول أو فعل أي شيء في مواجهة من يختلفون معهم في الرأي، بل هم انتقلوا من مرحلة سياسة معاوية في التخفي بالظلم والمعاصي إلى مرحلة يزيد بالتجاهر بهما . فتراهم يمارسون البغي والغوغائية عبر التجاهر بالغيبة والنميمة والشتيمة والتحريض والإيقاع بين المؤمنين ومحاربة الشيعة الإثني عشرية لمجرد أنهم لا يؤمنون ب"عجل" عشقوه كما عشق بنو إسرائيل عجلهم، فعبدوه من دون الله وجعلوا شريعة السماء خلف ظهورهم . وهؤلاء اليوم يفعلون ذلك تحت "عناوين حسينية" كما فعل يزيد ما فعل بالحسين (ع) تحت عناوين محمدية، كدعوى "خروجه على إمام زمانه" وشق صفوف المسلمين إلخ !!

إن أهم درس نتعلمه من عاشوراء هو أن نحسن التمييز بين الحسين الصادق الداعي إلى الحق وبين الحسين الدجال، كما أراد الحسين لأهل زمانه أن يميزوا بين محمد ووحيه الصادق وبين محمد الدجال ووحي الشياطين لبعضهم، والذي كان يمثله يزيد بن معاوية !!

إن أكثر بيئة ما يسمى اليوم ب"بيئة المتدينين" هم -وبعد التجربة العميقة المحسوسة الملموسة- مجرد يزيديين بلباس الحسينيين . فهم يرتكبون في حياتهم مختلف أنواع الشرور بحق الدين وأهله الطيبين، وهم يعلنون وبكل وقاحة أن الغيبة والنميمة والشتيمة وإيذاء من يخالفهم والمكر بهم وإيقاع الفتن بين الناس لفرض رأيهم عليهم، هي أمور مباحة مغفورة ما داموا يمارسونها ضد من لا يوالي "عجلهم" الذي عشقوه فعبدوه من دون الله، والله ورسوله والحسين بريئون من هؤلاء الفسقة البغاة "المتشيعة الأراذل" !

بقلم: الشيخ عباس حطيط