يطرأ هذه الأيام تصعيد مستمر في الخطاب بالحرب الباردة بين الدول العظمى؛ روسيا والولايات المتحدة، في الساحة السورية الملتهبة. التصعيد الروسي، الذي شمل تعزيز النشاط العسكري بشكل مضاعف بعد انهيار الهدنة، يعتبر– من وجهة نظر إسرائيلية- تسهيلاً لحصول "حزب الله" على السلاح.


ووفقاً للمحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، فإن الوتيرة السريعة للتصريحات المرافقة للتطورات الكثيرة في سوريا، تحتم على إسرائيل المتابعة الدائمة واليقظة التامة، فمن البديهي أن المواجهة بين طائرات أميركية، ونظم الدفاع الجوي الروسي والسوري بسماء سوريا، سيحمل تداعيات حقيقية على اسرائيل.

على الرغم من أن إسرائيل تصطف علانية بالجانب الأميركي، اهتمت حكومة نتنياهو في العام الأخير بتحسين العلاقات مع روسيا لأجل منع حوادث جوية غير مرغوب بها بين طيران الاسرائيلي وروسيا.

فقبل شهرين، فشلت محاولة الجيش الاسرائيلي إسقاط طائرة بلا طيار روسية كانت قد قطعت الحدود باتجاه الجولان. ويضاف هذا إلى عدد من التقارير غير المؤكدة التي تحدثت عن أن النظم الروسية والسورية المضادة للطائرات "أغلقت" المجال على الطيران الاسرائيلي أثناء تحليقه في سماء سوريا.

ولم ترحب واشنطن بطبيعة الحال باللقاءات الكثيرة بين نتنياهو وبوتين، لكن نتنياهو يرى روسيا مركباً أساسياً في الحفاظ على إسرائيل خارج المواجهات في سوريا. فبحسب الكاتب، من وجهة النظر الإسرائيلية فإن أي تدخل أميركي مباشر في سوريا سيزيد من اللهيب في المنطقة، وقد يفتح عدداً من الجبهات الثانوية المتأثرة مما يجري في سوريا ومن التوتر بين الدول العظمى.

ويضيف الكاتب أن من التداعيات الممكنة لتعزيز قوة الدفاع الجوي الروسي في سوريا هو تقوية "حزب الله" أكثر، والحد من قدرة اسرائيل على منع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان.

في هذا السياق يقول هارئيل إن "حزب الله" سيعتبر أن تعزيز الوجود العسكري الروسي في سوريا يفتح المجال أمام حرية الحركة فيما يخص تهريب السلاح الروسي، وإدخال نظم عسكرية متطورة من صناعة روسية، وهو ما صرّحت اسرائيل سابقاً بكونه "خطاً أحمر" بالنسبة لها.

حرب باردة


وفي تحليله لجوانب مختلفة من التصعيد الأميركي-الروسي في الساحة السورية، يقول المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري طالب، نهاية الأسبوع الماضي، بالتحقيق باتهامات جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا والنظام السوري في قصفهم مدنيين في سوريا.

كما أنها المرة الأولى التي تتهم فيها الإدارة الاميركية روسيا، بشكل رسمي، بمسؤوليتها على هجمات القرصنة التي اخترقت حواسيب الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، وذلك بهدف التدخل بالانتخابات الأميركية. وفي ظل التصعيد الواضح بدأ الإعلام الأميركي يطالب بعملية عسكرية محدودة ضد النظام السوري، كرسالة لروسيا.

ومن جانبه صادق البرلمان الروسي على توقيع اتفاق مع سوريا سيتم بموجبه تفعيل القاعدة الجوية في اللاذقية بشكل ثابت من قبل الجيش الروسي، كما هددت روسيا بأنها ستعتبر أي هجوم أميركي على مواقع النظام السوري هجوماً يعدد جنودها في سوريا. كما تحدثت وسائل الإعلام الروسية عن توجيهات إطلاق النار التي أعطيت للقوات في سوريا في حال وجدوا أنفسهم تحت الخطر.

وفي الوقت نفسه قدم الإعلام الدولي معلومات إضافية عن حجم الانتشار العسكري الروسي في سوريا، فقالوا إن حجم الحركة في ميناء طرطوس تضاعف منذ انهيار الهدنة في 19 أيلول الماضي. كما أن روسيا أرسلت مؤخراً سفينتي صواريخ إضافيتين إلى سواحل سوريا، ونشرت نظماً حديثة من صواريخ أرض-جو، كما أرسلت المزيد من طائرات السوخوي.

ويضيف الكاتب أن التقارير والتحليلات الأميركية غارقة في المقارنات التاريخية، وتحديداً فيتنام وأفغانستان، وأزمة الصواريخ في كوبا، والصراع بين الدول العظمى في برلين بداية سنوات الستين. ففي صحيفة "واشنطن بوست"، قال المحلل جورج ويل، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يعيد العالم لسنوات الثلاثين"، أي لأيام المجازر التي قادها ستالين.

لكن، بحسب هارئيل، على الرغم من اللهجة الشديدة من الصعب معرفة هل كان التوبيخ الأميركي للروس هو تجهيز للأرضية اللازمة لبدء عملية عسكرية حقيقية في سوريا. ففي هذا السياق يعتبر السباق الانتخابي عاملاً مهماً في اتخاذ القرار.

(Al Khaleej Online)