لم تقتصر سيطرة مليشيا "الحشد الشعبي" في العراق على المؤسسات الأمنيّة فقط، بل بدأت تتعدى ذلك من خلال تدخلها بالملفات الخارجية لسياسة العراق، ووضع ملامحها، من خلال توجيه وزارة الخارجيّة إلى كل ما يدعم "الحشد" خارجياً، مقابل تضييق العلاقات مع عدد من الدول وفق ما يراه.
وبحسب معلومات حصل عليها لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، نقلاً عن مصدر رفيع في وزارة الخارجية العراقية، فإنّ قادة مليشيا الحشد ومنهم هادي العامري، وأبو مهدي المهندس وغيرهم، يجرون لقاءات دورية مع وزير الخارجية ابراهيم الجعفري، وكبار مسؤولي الوزارة، لتحديد السياسة الخارجية للبلاد، "وفقاً للمعطيات التي تراها المليشيات".
وأضاف المصدر أنّ "قادة الحشد رسموا سياسة العراق في عدّة ملفات، وطلبوا من الوزارة تصعيد الخطاب مع المملكة العربيّة السعودية، ومع تركيا تحديداً، مقابل التعاطف مع اليمن والنظام السوري، كسياسة خارجية ثابتة"، موضحاً أنّهم "حدّدوا الخطوط العريضة للتعامل مع هذه الدول والقضايا العربيّة، ورفضوا أي تغيير عليها، كما أنّهم فرضوا على الوزير اصطحاب ممثّل عن الحشد في المؤتمرات والمحافل الدوليّة".
وأشار المصدر إلى أنّ "الجعفري لا يستطيع اليوم الخروج عن سياسة الحشد الشعبي، لا سيما وأنّه (الحشد) استغلّ مساعي إقالة الوزير"، لافتاً إلى أنّ "الحشد دعا الجعفري والوزارة إلى الترويج الإعلامي للحشد دوليّاً، وأن يجعل منه القوة الممثلة للعراق، ولكافة المكونات العراقيّة، وأنّ لها الفضل في تحرير المناطق من سيطرة داعش".
وأكّد المصدر أنّ "هذا الترويج سيكون مكثّفاً من الآن قبيل معركة الموصل، وسيستمر، وفقاً للمعطيات والتوجيهات التي يحدّدها الحشد".
وتصدر مليشيا "الحشد"، بين فينة وأخرى، بيانات صحافيّة تتحدّث فيها عن زيارات متتابعة لقادتها إلى وزارة الخارجية وبحث الملفات السياسيّة مع الجعفري ومسؤولي الوزارة، كان آخرها بيان أصدره المتحدّث باسم مليشيا "الحشد" أحمد الأسدي، والذي أكد فيه لقاءه بالجعفري حيث "بحث معه دور الخارجية العراقية في دعم الحشد الشعبي والدفاع عنه في المحافل الدولية"، بحسب البيان.
وأضاف البيان، أنّه "بحث أيضاً مع الوزير زيارة وفد الحشد إلى جنيف، ودور عدد من موظفي البعثة الذي كان داعماً لوفد الحشد ودوره الإيجابي هناك، كما تم بحث موضوع معركة الموصل المرتقبة والتواجد التركي المرفوض على الأراضي العراقية".
وباتت مليشيا "الحشد الشعبي" جهة تسيطر على القرار السياسي والعسكري في العراق، وهي القوة الخارجة عن القانون وفوقه، حيث لم تجرِ محاسبتها على الانتهاكات والجرائم التي أدينت بها.