قطع القرار الظنيّ الذي أصدرته امس قاضي التّحقيق في جبل لبنان بالانتداب ساندرا المهتار الشكّ في اليقين في موضوع وفاة العريف في المديريّة العامّة لأمن الدّولة مارك ك. الذي اعلن عن مقتله في 8 حزيران الماضي.
وكان أعلن عن خبر مقتل مارك ك.، اذ انشغل كثيرون بما قيل إنّ ابن الـ28 عاماً هو المرافق الشخصيّ للواء جورج قرعة، قبل أن تصدر المديريّة بياناً تنفي فيه هذا الأمر. وعليه، بقي الثابت الوحيد أنّ ابن مرافق قرعة انتحر بسبب علاقة عاطفيّة مع امرأة متزوّجة هي م. ب من مواليد 1977.
واضافت صحيفة "السفير" انه سرعان ما ازداد الاهتمام بهذه القضيّة مع توسّع التّحقيقات التي أشرف عليها أمن الدّولة، لتتحوّل الفرضيّة من انتحار إلى جريمة قتل بعد توقيف م. ب. بسبب وجود مخلّفات إطلاق النّار على يديها وتناقض في إفاداتها عن مكان وجودها لحظة إطلاق النّار، ثمّ اتهامها بالقتل وتحويل الملفّ إلى قاضي التّحقيق في جبل لبنان بالانتداب ساندرا المهتار.
وتابعت الصحيفة انه استنادا الى جملة من الإثباتات والقرائن التي تبدأ بمكان وجود جثّة مارك التي أوصدت الباب عقب إطلاقه النّار على نفسه، مروراً بمسار الطّلقة وبُعدها وصولاً إلى عدم وجود بصمات لـ م. ب. على مسدّس القتيل، ونسبة الكحول المرتفعة في عيّنة الدم المأخوذة من جثة مارك.
وكانت خلاصة المهتار منع المحاكمة عن المدّعى عليها لعدم ثبوت وقوع جرم جزائي.
وفي هذا الاطار خلصت الصحيفة ان مارك انتحر في 8 حزيران الماضي داخل منزل حبيبته م. ب. في برج حمود، فكانت هي آخر من يراه قبل تلك الرصاصة.
من يعرف الاثنين، لا يتوقّع أنّ يكونا على علاقة طيّبة بفعل مشاكل بينهما تعود إلى العام 2012 حينما كان مارك يريد الارتباط بابنة شقيق م. ب. التي عارضت الموضوع، قبل أن يتصالحا في أواخر العام 2015 ويتواصلا بعضهما مع بعض عبر "واتس اب" ثم يبدآن بالخروج سوياً وعلناً، وكانا على وشك السّفر إلى تركيا مع ابن م. ب. البالغ من العمر 5 سنوات لملاقاة زوجها في تركيا حيث يقيم دائماً.
وفي تفاصيل ما جرى، روت الصحيفة انه وقبل شهر من حادثة الانتحار، وقعت حادثة مشابهة حينما حضر مارك للقاء م. ب. في أحد المتاجر ليقوم بتعنيفها وإجبارها على التوجّه معه في سيارتها إلى المتن قبل أن يترجّل من السيارة ويبدأ بتهديدها بإرسال رسالة صوتيّة إلى زوجها، ثم رسالة يهددها فيها بالانتحار: "كرامة عينك رح قوّص حالي هلق. ما بقى بدّي شي من الحياة. تعبت، يئست، نفسيتي بالأرض، ما بقى بدي هالحياة، هلق بتشوفي، بدي اعتبر حالي سكران ولقطت الفرد وقوّصت حالي"، ثمّ أعقبها برسالة أخرى: "يا my love انت.. ما بقى بدّك ياني؟ بسيطة".
حينها، عادت إليه لتقوم بتهدئته وتتصل بوالدته للهدف عينه.
هذا الغضب سرعان ما تكرّر، وفق ما اشارت الصحيفة حينما علم مارك أنّ م. ب. ذهبت إلى منزل ذوي زوجها برفقة ابنها، ليبدأ بالاتصال بها، ثمّ يتوجّه مع صديقه لشرب الفودكا. وعند السّاعة الواحدة والنّصف فجراً، سمعت باب المنزل يُطرق بقوّة لتجد مارك واقفاً أمام الباب بحالة سكر وغضب شديدين، وطلب منها هاتفها ومحفظتها ودخل إلى الصّالون وقام بتفتيشهما متّهماً إيّاها بالخيانة.
وما إن توجّهت المرأة إلى الحمام حتّى لحق بها مارك ووضع مسدّسه في فمها، فخافت وتوسّلت إليه بعدم إطلاق النّار عليها، فأعلمها بأنّه كان يريد إخافتها، إذ إنّ المسدّس غير محشوّ. عندها، سمعا صوت ابنها من داخل غرفة نومه، فطلب منها مارك أن تدخل إليه.
.. وهنا تختلف الرواية. ففي البداية أشارت م. ب. إلى أنّها كانت في غرفة النّوم حينما سمعت إطلاق النّار، فيما آثار البارود التي ظهرت على يديها أكّدت عكس ذلك.
أما الحقيقة فقد نطقتها الموقوفة بعد أكثر من جلسة استجواب، لتقول إنّها كانت تهمّ بالتوجّه إلى غرفة ابنها وكانت على بعد متر واحد من مارك الذي ناداها قائلاً لها "بحبّك"، ثم أومأ لها باصبعه اليمنى وأطلق النّار باتجاه رأسه أمام ناظريها. وأغلق الشاب بسقوطه الباب (وهي أمام باب الصالون الذي أغلق)، فحاولت فتحه من دون أن تتمكّن من ذلك.
ولذلك اتّصلت من هاتف مارك وهاتف ابنها (لأنّ هاتفها كان في الصالون مع مارك)، بالصليب الأحمر ووالد مارك لإعلامهم بما حصل، ومن دون أن يُفتح الباب إلّا بعد حضور القوى الأمنيّة التي التقطت صوراً للجثة قبل فتح الباب، وحضور الطبيب الشرعيّ الذي أشار إلى حصول الوفاة الفوريّة بسبب تلف ونزف دماغيين.
وشدّدت م. ب. على أنّها لم تقل الحقيقة منذ البداية مخافة أن يتمّ اتهامها بقتله، مضيفةً انّها لم تتمكّن من فعل أي شيء لمنعه من الانتحار. وذكّرت بأنّها حاولت حمايته سابقاً من خلال تركه ينام في منزلها لمنعه من تنفيذ تهديده بإطلاق النّار على نفسه أمام والدته كي يحرق قلبها لأنّها كانت ترفض سفره مع م. ب. إلى تركيا، ومؤكّدةً أنّها كانت على علاقة صداقة مع مارك لا أكثر.
فيما عدّد رئيس مكتب المختبرات الجنائيّة في إفادته أسباب ظهور مخلّفات إطلاق النّار على يدي المدعى عليها، لينطبق اثنان منهما على م. ب. وهي: في حال وجودها في مساحة قطرها خمسون متراً كدائرة مركزها فوهة المسدّس وفي حال لمست المدّعى عليها أي شيء عليه مخلّفات إطلاق النّار (كما حصل بالنسبة لباب الصالون).
وتعليقاً على هذا القرار، نقل وكيل الدّفاع عن م. ب. المحامي أشرف الموسوي ارتياح العائلة لهذا القرار ولعدالة القضاء.