الرئيس بري : لا أريد ميشال عون رئيسا ولن أنتخبه حتى لو بقيت وحيدا
السفير :
بعد توقيفه لمدّة أربعة أيّام على ذمّة التّحقيق، ختم مفوّض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكريّة القاضي هاني حلمي الحجّار، أمس، التّحقيقات الأوليّة مع الشيخ بسّام الطرّاس وأبقاه موقوفاً، لتكون الخطوة التالية الادّعاء عليه، اليوم، وإحالته إلى قاضي التّحقيق العسكريّ للتوسّع في التّحقيقات.
إذاً، الرّجل الذي أخلى الحجّار نفسه سبيله بعد التّحقيق معه في المديريّة العامّة للأمن العام، عشية عيد الأضحى المبارك، عاد وأوقفه بعد تحقيقات أجرتها «شعبة المعلومات» في المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي.
يعني ذلك، وفق مصدر قضائي، أنّ الشبهات حول الطرّاس «صارت تهماً مع أدلة وقرائن»، وبالتالي، لم تنفع ضغوط مراجع دينية بتصوير الموقوف بأنّه «مظلوم»ّ!
التّهم التي سيوجهها القضاء الى الطرّاس، اليوم، «تتمحور حول ثبوت تواصله واتصاله بمجموعات إرهابية»، على حد تعبير المصدر القضائي نفسه، في انتظار أن يكشف عن «كنوز أسراره»، التي ظلت عصيّة على «فرع المعلومات» نفسه، وبينها تلك المحفوظة في بطاقة ذاكرة (memory card) مشفّرة بواسطة تقنيّة عالية جدا، حيث عجز المحققون والتقنيون عن فك طلاسمها حتى الآن..
خلال أربعة أيّام متواصلة، رفض الطرّاس الكشف عن كلمة السرّ الخاصة بهذه البطاقة التي وُجدت في حقيبته، تماماً كابنه الذي اعتُقل لبعض الوقت للهدف عينه. وقد حاول «فرع المعلومات» الاستعانة بخبراء محليين لكن من دون جدوى، إلى أن تقرر الاستعانة بخبراء أجانب، جزموا مسبقا بأن العملية تحتاج الى وقت من دون أن يحددوا المدة الزمنية.
وإذا كان خوف الطرّاس من فتح هذه البطاقة يشي باحتوائها على معلومات أمنيّة حساسّة، فإنّ الاتصالات الموجودة على هاتف الطرّاس تؤكّد الشبهات: تبين أن الشيخ على تواصل مع متورّطين بأعمال إرهابيّة في لبنان ومطلوبين للعدالة، مع ميل قضائي للجزم بأن دوره كان تحريضيا ولا يتعدى حدود الفتاوى وتسهيل التواصل، من دون أن يتبين حتى الآن وجود أي دور تنفيذي، إلا إذا أظهرت بطاقة الذاكرة المشفرة العكس لاحقا.
ويشير المصدر القضائي إلى أنّ التّواصل الأبرز للطرّاس كان مع القيادي في تنظيم «داعش» المدعو «أبو الوليد»، الذي يُعَدّ من بين أبرز قيادات غرفة العمليّات المركزية في الرقّة التي تخطّط للعمليّات الإرهابيّة عادة، وبينها العمليات الخارجيّة، وهي على تماس مباشر مع أبو بكر البغدادي عبر مسؤول غرفة العمليات أبو محمّد العدناني.
وأثبتت التحقيقات في الكثير من الملفّات القضائيّة أنّ «أبو الوليد» على علاقة مباشرة بالتّخطيط وتجنيد الأشخاص، أي أن دوره أيضا يغلب عليه الطابع التخطيطي، فيما يتولى الإشراف على التنفيذ قادة آخرون في غرفة العمليات المركزية نفسها أو في الخارج.
وعليه، فإنّ التّهمة الأكبر التي سُتسجَّل على الطّراس هي تواصله مع «أبو الوليد» الذي تبين عبر المراسلات المسجلة أنّه كان يتحدّث معه بلغة الأمر، أي بصفته رئيسه الذي يعطيه الأوامر بلغةٍ قاطعة، لا تحتمل الأخذ والرد، علما أن محمد قاسم الأحمد هو من كان صلة الوصل بين الاثنين.
كل هذه المعطيات انكشفت بعد تفجير كساره. قبل ذلك، كان اسم الطرّاس يحضر في أكثر من قضية يلاحقها جهاز الأمن العام، قبل أن يختفي، وهكذا دواليك.
ما قاله الموقوف في تفجير كسارة ـ زحلة، الذي كان يراد منه استهداف موكب لحركة «أمل» في طريقه الى مهرجان ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في صور، المدعو (علي غ.) جعل الأمن العام يعيد فتح «الدّفاتر القديمة» لـ «الشيخ»، وصولاً إلى قضيّة ربط (علي غ.) بـ «أبو البراء» الذي يُعتقد أنّه محمّد قاسم الأحمد، بواسطة الطرّاس الذي قال للمدعو (علي غ.): «شو ما بيقلّك أبو البراء بتعملو»!
هل يقتصر الأمر على مجرد تعارف بين شخصين أم أنّ الطرّاس على معرفة بطبيعة المهمات التي يقوم بها «أبو البراء»، ولذلك، كانت لهجته قاطعة مع (علي غ.) بوجوب الالتزام بما يصدر من أوامر اليه من «أبو البراء».
لا إجابة من الشيخ نفسه عن هذا السؤال حتى الآن، ولكنّ الثابت أنه هو من طلب سفر (علي غ.) إلى تركيا من دون أن يكلف نفسه عناء أن يجتمع به على فنجان قهوة في لبنان.
الأفدح أن لقاءات الطرّاس مع (علي غ.) ومع أكثر من مطلوب، حصلت في شقّة في تركيا تعود ملكيّتها للمدعو محمّد الربيع الملقّب بـ «أبو العلاء» الذي ورد اسمه في القرار الاتهامي في قضية متفجرة المستشاريّة الثقافية الإيرانيّة في بئر حسن (مطلوب بموجب مذكرة توقيف غيابية)، وتواصله مع المتواري الخطير حسين الزهران الذي يُعد شريكاً للأحمد في «سيّارة النّاعمة» ومتورطاً في تفجيري بئر العبد والرويس، وهو أيضا من المتوارين عن الأنظار.
ووفق المصدر القضائي، فإن الرقم الذي كان يتواصل معه منفذو تفجيري البرج، أوصل الأجهزة الأمنية اللبنانية الى التعرف على شخصية «ابو الوليد». تبين أن الأخير كان على تواصل مع الطرّاس الذي كان قد وضع تحت المجهر الأمني منذ آب 2013 تاريخ العثور على متفجرة سيارة الناعمة. طرح المحققون سؤالا مباشرا على الطرّاس بعد توقيفه: هل كنت على علم بمتفجرة البرج قبل وقوعها (أظهر برنامج التعقب حصول اتصالات عدة بين الطرّاس و «أبو الوليد» في الفترة نفسها)؟ وكان جوابه النفي.. كالمعتاد!
حتى الآن، لم يظهر أنّ للموقوف دورا تنفيذيا في أي عمليّة أمنية داخل لبنان، بل كان دوره شرعياً ـ توجيهياً، إذ يبدو واضحاً أنّ التنظيم كان يريد الدّخول من خلال ما يمثله الطرّاس من حيثيّة دينية في البقاع الغربيّ وراشيا الى منطقة البقاع التي صارت مهمة اختراقها أكثر من ضرورية باعتبارها «الخزان» بعد انكشاف معظم خلايا التنظيم في الشمال ومناطق أخرى.
هكذا كان «داعش» يمنّي نفسه بالاستفادة من كون الطرّاس دكتوراً ومفتياً سابقاً ومثقفاً ومرجعاً دينياً وله مكانة اجتماعيّة مرموقة، كي يكون أقرب ما يكون إلى «أمير شرعيّ» في منطقة البقاع الغربيّ، من دون معرفة ما إذا كان «الشيخ» هو من ربط نفسه بالتنظيم أم العكس، وصولا الى المبايعة؟
وبرغم محاولات الطراس التملّص من أسئلة المحققين، فإنّ ثمة قناعة قضائية أولية بأنّ كلّ هذه الاتصالات واللقاءات ليست مجرّد صدفة وأنّ الرّجل مدرّب على تقنيّات التّحقيق كي لا ينهار مع ضغط الأسئلة ويعترف بكلّ شيء. والأهمّ أنّ الاتصالات المضبوطة ليست مع مطلوبين محليين، فحسب.. بل وصل الأمر إلى مطلوبين متورّطين في عمليّات إرهابيّة غير محلية.
النهار :
كادت "تغريدة " مفاجأة مساء أمس للقائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد البخاري تشعل باب الاجتهادات الرئاسية على الغارب، وسط مناخ سياسي متوثب لتلقي الاشارات "المرمزة" في أدق تفاصيلها من الداخل والخارج وتوظيفها في ما يصح ولا يصح في ما يعني الملف الرئاسي. لكن أكثر ما اكسب هذه الواقعة دلالة تمثل في مسارعة الديبلوماسي السعودي الى "تصويب" تغريدته قبل انفلات حبل التفسيرات والقراءات وربما بناء المواقف السياسية على اساسها. ذلك ان القائم بالاعمال السعودي غرد العبارة المقتضبة الآتية في حسابه بموقع "تويتر": "وزير خارجية لبنان جان عبيد حكيم وزراء الخارجية العرب " وذيل العبارة بتوقيع وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل. وبعدما تداولت مواقع تواصل اجتماعية التغريدة على نطاق واسع سارع البخاري الى تدوين عبارة الحاقية جاء فيها: "التغريدة ( السابقة ) كانت في اطار توثيق سلسلة من الاقوال المأثورة لسمو الامير سعود الفيصل، رحمه الله، لا تحتمل الكثير من الاجتهادات". ثم عاد ليلا وغرد أنه "تم حذف التغريدة بسبب سوء تفسيرها وخروجها عن مقاصدها".
والواقع انه لم يكن غريباً ان تثير هذه التغريدة "الاجتهادات " التي تنبه لها البخاري واستدركها بحذفها فيما تثار تباعاً التساؤلات لدى مختلف الاوساط السياسية عن موقف المملكة العربية السعودية من المسعى المتواصل للرئيس سعد الحريري في شأن بلورة الخيارات الرئاسية ومنها وأبرزها خيار انتخاب العماد ميشال عون. وفي الساعات الاخيرة تحديدا سعى كثيرون الى معرفة ما حمله وزير الصحة موفد الزعيم الجنبلاطي وائل ابو فاعور في زيارته الثانية للرياض أول من امس منذ ان اطلق الرئيس الحريري مبادرته. لكن الوزير ابو فاعور كاد ينفي الزيارة حين اجاب الصحافيين في عين التينة عقب لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري امس متسائلاً: "هل زرت السعودية؟". ولم يشف القليل مما تردد عن اجواء الزيارة غليل الفضوليين اذ قيل إن السعودية تترك للبنانيين تدبير امورهم بانفسهم وتترك تحديدا للرئيس الحريري ان يقوم بما يراه مناسباً. وفيما تحدثت معلومات عن اعتزام الحريري زيارة باريس قريباً، استبعدت مصادر سياسية مطلعة ان يطرأ أي جديد على المشهد السياسي اليوم سواء من خلال اجتماع كتلة "المستقبل " أو "تكتل التغيير والاصلاح " في انتظار مرور هذا الاسبوع أيضاً قبل بلورة الامور بدءا من الاسبوع المقبل. وقالت المصادر لـ"النهار" إن المشاورات السياسية التي اجريت مطلع الاسبوع عكست مزيداً من الجمود والانسداد بحيث لم يظهر أي مؤشر ايجابي لامكان اختراق قد يساعد الرئيس الحريري على بت مبادرته في أي اتجاه، بل ان خيار انتخاب العماد عون لا يزال بحسب هذه المصادر عند مربع الفرز السياسي الاول الذي استخلصه الحريري من جولته الاولى والذي جاءت نتائجه سلبية حيال هذا الخيار. وأضافت الى ان ثمة اختبارا يرصده الجميع في موقف "حزب الله " الذي لا يزال يلزم تجاهلا الصمت المطبق حيال مسعى الاخير منذ بدايته بحجة انتظار اعلان الحريري تبنيه العلني لترشيح العماد عون. وهذا الاختبار يتمثل في انتظار ما ستحمله كلمتان للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله مساء اليوم في الليلة الاخيرة من محرم وغداً في الاحتفال المركزي الكبير احياء لذكرى عاشوراء في الضاحية الجنوبية. وتعتقد المصادر ان الاسبوع الحالي سيشكل واقعيا الاسبوع الاخير قبل بدء البلورة النهائية للاتجاهات المتصلة بتحرك الحريري لانه منذ الاسبوع المقبل سيتخذ العد العكسي لجلسة 31 تشرين الاول الذي ربما بات موعداً مفصلياً لبت مصير خيار عون ومسعى الحريري سواء بسواء.
في غضون ذلك، أفضى اجتماع هيئة مكتب هيئة مجلس النواب أمس برئاسة الرئيس بري الى برمجة هادئة لروزنامة انطلاقة العقد العادي الثاني للمجلس بما عكس توجها توافقيا من الاطراف الممثلين في الهيئة الى احتواء المواقف المتناقضة من مسألة الجلسات التشريعية والشروط التي تعترضها. وتقرر ان عقد اجتماع هيئة المكتب بعد جلسة انتخاب اللجان النيابية ومقرريها والهيئة الجديدة في 18 تشرين الاول.
حمادة
وأوضح عضو هيئة المكتب النائب مروان حمادة في حديث الى برنامج "وجها لوجه " من "تلفزيون لبنان " مساء أمس ان الهيئة "توافقت على الامور بكل تعقل ومحبة لئلا يثير البعض شرط ربط كل الامور بقانون الانتخاب او البعض الثاني بطرح كل الامور في جلسات التشريع او رفض البعض الثالث كل شيء". وكشف ان المهلة التي تقررت "ستشهد محاولات لتقريب وجهات النظر في ما يتعلق بمشاريع قوانين الانتخاب المطروحة وغير المطروحة لئلا نصبح امام شوربة مشاريع" وتحدث عن امكان تحديد جلسات للبحث في قانون الانتخاب حصرا اذا استلزم الامر بعض الوقت، قائلاً "اننا نسعى الى تبريد الامور والتحدث بهدوء علماً انني لا ارى ان شيئا سيمشي غير القوانين المختلطة". واذ لفت الى ان هناك قوانين ملحة منها مشاريع اتفاقات دولية يجب بتها قبل نهاية تشرين الاول، حذر من ان عدم اقرار هذه الاتفاقات يعرض لبنان لخفض تصنيفه الدولي مجدداً ووضعه على اللائحة السوداء "ولا أتصور ان احدا ليس حريصا على تجنب هذا الخطر". اما في الملف الرئاسي، فأعلن حمادة ان الامور لم تحسم بعد في شأن تحرك الرئيس الحريري الذي سيستمر في استشاراته التي ستشمل مجددا اطرافا داخليين. وقال إن "لا شيء يوحي بان الامور ستحسم في 31 تشرين الاول" ملاحظا ان "حزب الله لا يقول لنا ماذا يريد ويلتزم الصمت المريب". وأيّد بوضوح انه لا يؤيد انتخاب العماد عون "فأنا لا اتصور ان أطرح على الشاب اللبناني رئيساً يشبه الجنرال فرنكو بالنسبة الى نزعته العسكرية أو بالنسبة الى تجربته مع المؤسسات وعلينا ان نأتي برئيس للغد".
المستقبل :
بحنكته المشهودة تجاوز رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس إشكالية جدولة أعمال التشريع بإحالتها إلى مكتب المجلس الجديد بعد انتخابه وأعضاء اللجان النيابية في الجلسة العامة المقرر انعقادها الثلاثاء المقبل، فاقتصر الاجتماع الأخير لهيئة المكتب الحالية على استمزاج الآراء النيابية وتسجيل المواقف السياسية إزاء المستجدات الرئاسية. وفي خضم النقاش الذي دار خلال الاجتماع حول خارطة مواقف الأفرقاء والحلفاء من ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، برزت مجاهرة بري علناً ومن دون أي مواربة برفضه القاطع لتبوؤ عون سدة الرئاسة الأولى، قائلاً بصريح العبارة لأعضاء هيئة المكتب وفق ما نقلت مصادر متقاطعة في الهيئة لـ»المستقبل»: «لا أريد عون رئيساً».
واليوم من المرتقب أن ينطلق رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في جولة على الأطراف السياسية موفداً من عون في محاولة لفتح قنوات رئاسية متقاطعة تزيل ما أمكن من العوائق المعترضة طريقه نحو قصر بعبدا، في حين يستعد التيار على خط موازٍ للحشد الشعبي على هذا الطريق نهار الأحد وتتواصل استعداداته لتجييش جمهور «البرتقالي»، محازبين ومناصرين، للتظاهر في مناسبة ذكرى 13 تشرين الأول عند «الطريق إلى قصر
الشعب» تحت عناوين تحاكي الحفاظ على الحقوق المسيحية والتأكيد على كون «الميثاقية تكون أو لا تكون» وفق الماكينة الإعلامية للتحرك العوني.
في الغضون، وبينما لم يبدِ حزب «القوات اللبنانية» طيلة الفترة السابقة أي حماسةً للنزول إلى الشارع مع «التيار الوطني» في أي تحرك شعبي مشترك للمطالبة بانتخاب عون رئيساً، يتعامل القواتيون راهناً مع خيار مؤازرة العونيين في الشارع باعتباره خياراً غير مستبعد في حال كان متعلقاً بالتعبير عن رفض «تشريع الضرورة» ما لم يكن مقترناً بإدراج بند قانون الانتخابات النيابية على رأس جدول أعماله.
أما حزب «الكتائب اللبنانية» الرافض لأي تساهل في العمل التشريعي قبل إتمام المجلس النيابي مهمته الانتخابية الدستورية في انتخاب رئيس الجمهورية، فسجّل أمس عبر مكتبه السياسي موقفاً متقدماً من الاستحقاق الرئاسي طالب فيه القوى المعترضة على التعطيل المستمر في نصاب انتخاب الرئيس إلى «التكتل في وجه الاستيلاء على البلد والمؤسسات منعاً للسقوط في المحظور والانتقال من حكم القانون إلى حكم الأقوى«، معرباً عن رفض «فرض الرئيس بالقوة أو وضع شروط على العملية الديموقراطية«، مع تنديده «بالقفز فوق الأصول بقوة السلاح والتعطيل والترهيب بالشارع والترغيب بصفقات جانبية».
الديار :
خرق «غموض» المقرات السياسية كلام لافت وواضح بدلالاته للقائم باعمال السفارة السعودية في لبنان وليد البخاري على مواقع التواصل الاجتماعي مستذكرا كلام سابق لسعود الفيصل وزير الخارجية السعودي عن «الوزير السابق جان عبيد وتضمن «وزير خارجية لبنان جان عبيد حكيمنا جميعا» إلا انه عاد وعدلها وزير خارجية لبنان جان عبيد... حكيم وزراء الخارجية العرب»، وما ان وصل هذا الكلام الى المقرات حتى تم تناقله وهناك من عممه بشكل عاجل، وخصوصاً المعارضين لوصول العماد ميشال عون الى بعبدا وعلقوا عليه الآمال والتأويلات لتعزيز رفضهم. في المقابل كان وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور يتنقل بين عين التينة وبيت الوسط ناقلاً للرئيسين بري والحريري نتائج زيارته الى الرياض وما سمعه من مدير المخابرات السعودي، ورغم حرص ابو فاعور على ان المجالس بالامانات مازح الاعلاميين بالقول: «الحرارة مرتفعة». فيما نقل البعض عن زيارة ابو فاعور الثانية انها تشبه الاولى، ولم يحمل اي موقف سعودي الى المسؤولين وعاد «محتاراً»، كما زيارته الاولى.
وهذا الغموض يمكن ان يتبدد اليوم مع كلام الامين العام لحزب السيد حسن نصرالله عن الوضع الرئاسي وما سيعلنه من مواقف بعد التطورات الاخيرة، وتحديداً لجهة دعم ترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية. وهذا موقف حاسم، وواضح لحزب الله وضوح الشمس، بعكس ضبابية وغموض الآخرين.
وفي ظل هذه الاجواء، يبقى الصمت سيد الموقف في الرابية، حتى ان مقدمة نشرة اخبار O.T.V لم تتطرق الى الملف الرئاسي وكذلك قناة «المنار»، وعلم ان وفداً من نواب تكتل التغيير والاصلاح سيزورون الكتل النيابية لوضعها في تطورات الموقف العوني الاخير وما يجري بين الرابية وبيت الوسط. كما سيقوم الوزير جبران باسيل بزيارات للاحزاب السياسية لوضعهم في ترشيح العماد ميشال عون، مع التأكيد للحلفاء وخصوصاً لاحزاب 8 آذار بانه «لا صفقة مع المستقبل» بل تفاهم، تستدعيه المرحلة في الملف الرئاسي.
رغم ذلك، الغموض سيستمر حتى اعلان الرئيس الحريري موقفه بعد عودته من زياراته الخارجية الى الرياض وباريس وانقرة والقاهرة، حاملاً الملف الرئاسي، وعلى ضوء النتائج سيبلغ عون التفاصيل، علماً ان مهلة الانتظار لن تتعدى العشرين من تشرين الاول، وبعدها لكل حادث حديث. فاذا كانت الاجواء ايجابية سيتم البحث بالاخراج الوفاقي، واذا كانت الامور «معاكسة» فلا احد يستطيع التنبؤ بالنتائج، وكيف سيتعامل الجنرال؟ واين سيرد؟ وماذا سيكون الموقف المسيحي؟ خصوصاً ان النائب القواتي انطوان زهرا لمح الى مشاركة التيار الوطني الحر في تحركاته الشعبية، اذا استمر الموقف من القوى المسيحية الاساسية على هذا المسار من التجاهل واللامبالاة في ما يطرحون.
اما النائب وليد جنبلاط فاكد انه لن يكون معرقلاً لاي تسوية رئاسية، اذا كان العماد ميشال عون او غيره، والمهم الخروج من الدوامة، علما ان زيارة جنبلاط لباريس طويلة، وسط محاذير امنية يعتبرها جنبلاط جدية تستدعي الحذر مع عائلته، وبالتالي سيبقى يتابع الاوضاع من باريس ويمكن ان تكون الرؤية اكثر انقشاعاً من لبنان.
«الجميع في حيرة» ولا وضوح، ولا احد يتجرأ على اعلان موقف صريح من القيادات السياسية الفاعلة، والكل بانتظار الكلمة السعودية، فيما اعلن المسؤول الايراني امير حسين عبد اللهيان، ان ايران تؤيد وصول العماد ميشال عون، فيما سفارتا واشنطن وموسكو تلتزمان الصمت وسط اشارات روسية غامضة وسلبية وعتب على الرئيس سعد الحريري ومواقفه العنيفة من روسيا في تصريحاته واعلامه، وهذا لا تقبل به موسكو، حتى ان نقزة الرئيس الحريري من الموقف الروسي وحلفائه واضحة، وهذه «النقزة» دفعته الى مطالبة العونيين بضمانة من حزب الله وروسيا ودمشق وايران، تؤيد وصوله الى رئاسة الحكومة وعدم الفيتو على شخصه وتسهيل مهمته، قبل اعلان تبني ترشيح العماد عون، خصوصاً ان العلاقة بين الحريري وحلفاء العماد عون يحكمها جدار من عدم الثقة، وخلافات كبيرة على كل شيء في الداخل وليس على الخارج فقط.
التعقيدات كبيرة والجميع بالانتظار، حتى ان الرئيس نبيه بري الذي يعرف الاجواء الرئاسية «المعقدة والدقيقة» حاول «تدوير الزوايا» في اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي، ودعا الى جلسة لانتخاب رؤساء ومقرري اللجان النيابية في 18 تشرين الاول على ان يعقب ذلك اجتماع لمكتب المجلس للبحث في الجلسة التشريعية، بعد الخلافات في اجتماع مكتب المجلس امس، واصرار النائب انطوان زهرا على «تشريع الضرورة» واساسه الاول قانون الانتخابات، فيما كان موقف الرئيس بري ونائبه فريد مكاري والنائب مروان حماده بضرورة تشريع قوانين تتعلق بالشؤون المالية، فيما ايد النائب احمد فتفت التشريعات المالية مع التمسك بوضع قانون الانتخابات.
وبعد النقاشات واتصال بين الرئيس نبيه بري ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع «لانت» مواقف النائب زهرا في الشكل مع التمسك بالمضمون لجهة النقاش في قانون الانتخابات فقط، وعدم «تشريع» قوانين اخرى في غياب رئيس الجمهورية.
«الموقف القواتي» لاقى دعماً قوياً من التيار الوطني الحر في ظل اتفاق واضح على النقاش بقانون الانتخابات قبل اي شيء آخر، فيما اعلن الرئيس بري انه ليس ضد طرح قانون الانتخابات في الهيئة العامة لكن هناك 17 مشروع اقتراح قانون امام اللجان وطرحها جميعاً يعني «خبيصة»، وهناك خلافات جذرية حول القانون قد تسمح بانسحاب بعض الكتل، وهذا الموضوع يلزمه «التوافق» الشامل
الجمهورية :
كلّ الأنظار الداخلية كانت مشدودة صوب «بيت الوسط» ترقّباً لِما قد يصدر عن الرئيس سعد الحريري حول تحديد خياره النهائي في ما خصّ انتخابات رئاسة الجمهورية، ومسألة ترشيحه النائب ميشال عون. ولكن قبل أن يقول الحريري كلمته المنتظَرة، خرقت تغريدة سعودية المشهدَ الرئاسيّ، وهزّت الوسط السياسي ورسَمت في الأجواء الداخلية سُحباً كثيفة من علامات الاستفهام.
إذا كان مضمون تغريدة القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري في سماء الإستحقاق الرئاسي، والتي جاءت تذكيراً بمواقف للأمير الراحل سعود الفيصل وعواطفه السياسية تجاه الوزير السابق جان عبيد، والقول «إنّ جان عبيد حكيمنا جميعاً وحكيم وزراء الخارجية العرب».
فإنّ التغريدة التوضيحية التي أعقبَتها، حاولت أن تخفّف من وقعِها، وأن تقطع الطريق على محاولات تأويلها وتفسيرها على غير مقصدِها، حيث أوضَح فيها أنّ التغريدة الأولى «كانت في إطار سلسلة من الأقوال المأثورة لسموّ الأمير سعود الفيصل، لا تحتمل الكثير من الاجتهادات».
وذلك قبل أن يتبعها بتغريدة ثالثة بمضمون لافِت، وفيه «إنَّ ما يجمع لبنان بالمملكة هو أكثر من علاقة عاديَّة ، إنَّها علاقة أهل ولقد كان لبنان الوطنَ الثاني للسعوديين».
# رفيق_الحريري». ومن ثمّ أتّبعها بتغريدة رابعة يعلن فيها حذفَ «التغريدة الأولى» بسبب سوء تفسيرها وخروجها عن مقاصدها».
والواضح أنّ التغريدة الأولى قد فعلت فِعلها في الوسط السياسي، وخصوصاً أنّ مضمونها «حمّال أوجُه» واختيرَت كلماته بكلّ عناية واحتراف سياسي. إلّا أنّ الطاقم السياسي بشكل عام يقاربها بوصفِها دخولاً سعودياً غيرَ مباشر على الخط الرئاسي، وأنّ كلماتها المعدودة، ما هي إلّا رسالة واضحة ومدروسة يقتضي التعمّق فيها ومحاولة فكفكة ما تنطوي عليه من ألغاز ودلالات.
وثمَّة سؤال أثيرَ على غير مستوى سياسي، حول الدافع الحقيقي خلفَ إطلاق التغريدة الأولى في هذا التوقيت بالذات، وكذلك عن الغاية من ذلك، وأيّ رسالة تريد المملكة أن توصِلها من خلالها، وإلى مَن؟ وكذلك حول سبب اختيار ما قاله الأمير الراحل بعبَيد حصراً دون غيره، من بين كلّ ما وصَفتها التغريدة الثانية بـ«الأقوال المأثورة» للأمير الفيصل.
ما أربكَ المستويات السياسية أنّ التغريدة الأولى أطلِقت في توقيت سياسيّ ورئاسي شديد الحساسية، وفي ذروة المشاورات الرئاسية التي يجريها الحريري لحسمِ خياره الرئاسي، وكذلك عشية استعداده لحزمِ حقائبه والسفر مجدّداً إلى السعودية.
وجاءت في زمن كثرَ فيه «المنتظرون» على الخط الرئاسي، إنْ من الرابية التي ينتظر فيها عون جواباً نهائياً من الحريري في الآتي من الأيام، أو مِن «بيت الوسط» حيث ينتظر الحريري كلمة الفصل السعودية في الملف الرئاسي ومسألة ترشيح عون، والتي يبدو أنّها لم تصل بعد.
قراءات في التغريدة
في هذا الوقت، كان لافتاً للانتباه ما قالته مصادر في كتلة «المستقبل» لـ»الجمهورية» أنّ السعودية عندما تريد أن تبلّغَ إلى الحريري شيئاً ما، تبلّغه إياه مباشرةً وليس عبر موفدين أو عبر تغريدات، فهكذا هي طبيعة العلاقة بين الحريري والمملكة.
ولا يخفى على أحد الموقف السعودي الواضح بعدمِ التدخّل في الشأن اللبناني، ونقطة على السطر». وأشارت المصادر إلى أنّ مشاورات الحريري يومية ودائمة، وليست مرتبطة ببرنامج زمني محدّد، بغية البحث عن إيجاد حلول لإنهاء الشغور الرئاسي.
وبدا جلياً أنّ الرابية لم تتفاعل لا سلباً ولا إيجاباً مع التغريدة السعودية، وتعكس أجواؤها أنّها خلافاً لكلّ ما يقال، لا تتوقف عند الموقف السعودي الذي هي على بيّنةٍ منه، بل إنّ أكثر ما يهمّها هو موقف الحريري دون غيره.
وقد لقيَت التغريدة السعودية تفسيرات وقراءات متناقضة، بحيث رأى البعض فيها رسالة سعودية الى الحريري برفضِ خياره الجديد ترشيحَ عون، في حين توقّف البعض الآخر عند الشكل قبل المضمون، معتبرين أنّ القائم بالأعمال السعودي لا يتمتّع بهامش كبير لإطلاق تغريدة «شخصية» أو التعليق سياسياً، بل إنه قام عبر تغريدته بإرسال «رسالة سياسية بامتياز».
وأمّا البعض الآخر، فقد قرأ في التغريدة الأولى رأياً شخصياً للبخاري مبنيّاً على كلام للفيصل عن عبَيد، لأنّه كان صديقاً له، إلّا أنّ هذا الرأي لا يعبّر عن رأي المملكة، لا يمثّل توجّهاتها بملف رئاسة الجمهورية.
وبالتالي قد تكون السعودية ترغب أو لا ترغب بوصول عون إلى الرئاسة، لكنّها ترغب بشكل أكيد أن يكون المسيحيون مكوّناً مطمئناً في البيئة العربية والإسلامية. فيما لاحَظ البعض الثالث أنّ التغريدة الأولى للبخاري جاءت غداة عودة موفد النائب وليد جنبلاط الوزير وائل ابو فاعور من الرياض، والذي عاد منها من دون جواب سعودي شافٍ، رأى فيها البعض الآخر أنّها تشكّل الجواب السعودي الثالث؛ فالأوّل عبّر عنه وزير الخارجية عادل الجبير قبل أيام أمام وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت بأنّ الحريري حرّ في خياراته، ومسؤول عن عواقبها. والثاني حينما لم تعطِ المملكة للحريري خلال زيارته الأخيرة الى الرياض جوابَها القاطع، وأمّا الجواب الثالث فتجلّى في نتائج زيارتَي أبو فاعور إلى المملكة.
وفي هذا السياق، أبلغ أبو فاعور نتائج زيارته قبل يومين إلى السعودية إلى كلّ مِن رئيس مجلس النواب نبيه والرئيس الحريري.
وذكرَت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ أبو فاعور التقى شخصية سعودية رفيعة المستوى، من دون أن تؤكّد أو تنفي ما إذا كانت هذه الشخصية هي ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وعرض معها التطوّرات في لبنان والمنطقة، خصوصاً تلك المتصلة بالاستحقاق الرئاسي.
وقالت المصادر إنّ تلك الشخصية السعودية أكّدت لأبو فاعور»أنّ المملكة بقيادتها تقف إلى جانب الشعب اللبناني، وهي حريصة على أمنه، كذلك على التوافق بين اللبنانيين، بما يَحفظ وحدةَ لبنان وسيادته واستقراره على كلّ المستويات».
كما أكّدت أنّ «القيادة السعودية التي سجّلت مواقف ثابتة من الوضع في لبنان لن تتدخّل في الشؤون اللبنانية الداخلية» وأنّ على اللبنانيين «العمل سويّاً من أجل التفاهم على الحلول التي يريدونها لسلّة القضايا المطروحة عليهم، من دون أيّ تدخّل خارجي، وهُم مسؤولون عن كافة القرارات التي يتّخذونها».
المفتاح... والقفل
إلى ذلك، وخلافاً للأجواء التي رافقت مشاورات الحريري الاخيرة، وغلّبَت الإيجابيات على السلبيات، صار الكلّ يتحدّث عن تعقيدات وصعوبات. والمفارقة العجيبة أنّ المناخ الذي سبقَ وأشيع وبدا فيه أنّ مفتاح الباب الرئاسي المفقود منذ أيار 2014 قد عُثر عليه وتمّ إدخاله في القفل. عاد مجدّداً إلى المربّع الأوّل وبدا أنّ المفتاح قد ضاع مجدّداً.
فعملياً، انتقلَ كلّ العاملين على الخط الرئاسي إلى خط الانتظار من جديد والذي قد يطول بعض الشيء، خصوصاً وأنّ الكلّ ينتظر الكلّ.
عون ينتظر أن يَحسم الحريري قراره ويعلنَ ترشيحه رسمياً، ما يعني الالتزام به مرشّحاً نهائياً للحريري، وبعدها يبني عون على هذا الترشيح مقتضاه، وبخطوات مكملة لهذا الترشيح قد تقوده إلى عقدِ لقاءات ومشاورات تمهيدية ونسجِ تفاهمات خصوصاً مع بري.
والجدير ذكرُه هنا، أنّ «التيار الوطني الحر»، وضمن سياسة الانفتاح واليد الممدودة، سيبدأ رئيسُه الوزير جبران باسيل جولة على الأحزاب والكتل النيابية، على أن يزور اليوم رئيسَ الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الطاشناق.
إلى ذلك ، نَقل زوّار الرابية لـ«الجمهورية»، أنّها ما زالت على تفاؤلها رغم كلّ شيء، وتنتظر جوابَ الحريري لكي تبني على الشيء مقتضاه ، وهي مستمرّة في نهجها الانفتاحي «لكنّ ذلك لا يعني التنازل عن الحقوق الميثاقية».
وعكسَ الزوّار رفض الرابية ما يقال عن تراجع منسوب التفاؤل في البلاد ، إذ إنّ كلّ الأجواء هي التي توحي بالإيجابية والتفاؤل، وتدلّ على أنّ الامور ستسير نحو الخواتيم السعيدة. ولكن في كلّ الأحوال لا نستطيع البناء على النيّات ولا على التحليلات، بل نتعامل مع الأمور بكلّ واقعية.
ولفتَ هؤلاء الزوّار إلى أنّ الرابية لا تساجل أحداً أو تردّ على أحد، بل هي مطمئنة إلى موقف «حزب الله» الذي وصَفته بـ«الحليف الذي لا يتزَعزع»، مكرّرين أنّ كلّ الأمور رهنُ ردّ الحريري القاطع.
وأمّا الحريري فلا يبدو أنّ جوابه لعون الذي ينتظره منذ لقائهما الأخير، وشيكٌ، إذ لكي يتبلور هذا الجواب لا بدّ من انتظار الإشارة أو الأصداء السعودية الإيجابية، والتي لم تبرز أيّ دلائل بأنّها وصَلت أو أنّها قد تصل في المدى المنظور.
فيما قد تشكّل إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله مساء اليوم، والتي سيحدّد فيها الموقفَ من الرئاسة ومستجدّاتها، إضافةً إلى الملف اليمني، مادةً جديدة قد يبني عليها الحريري المقتضى.
في هذا الوقت، ينتظر بري بدوره مآلَ الأمور، وما قد يستجدّ ويَدفعه مجدداً إلى «التدخّل» في الملف الرئاسي مع تمسّكِه بسلّة التفاهمات التي يَعتبر لا بدّ منها كمعبر إلى رئاسة الجمهوية وما بعدها. والواضح، كما تقول مصادر عاملة على الخط الرئاسي، أنه خلافاً لكلّ الجو التفاؤلي الذي ساد بعضَ المقرّات السياسة باقتراب موعد الحسم الرئاسي وتوليد الرئيس العتيد، ما زال بري يعتقد أنّ الأفق الرئاسي ليس مفتوحاً بعد.
اللواء :
بعد الكلام الصاعق لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي لم ينزل برداً وسلاماً على رؤوس هيئة مكتب المجلس، بإعلانه انه لن ينتخب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولو بقي وحده دون سائر نواب كتلته، من المتوقع ان تتحرك عجلة الاتصالات السياسية التي دخلت في سباق مع التحضيرات العونية لاحياء ذكرى 13 تشرين.
وأبرز هذه الاتصالات الجولة التي يبدأها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل اليوم على رؤساء الأحزاب اللبنانية.
وادرج مصدر عوني هذه الجولة بأنها تأتي قبل خمسة ايام من التجمع الذي دعا إليه التيار أنصاره على طريق عام قصر بعبدا للاحتفال بذكرى مرور أكثر من ربع قرن على خروج عون من القصر الرئاسي إلى منفاه في باريس.
لكن المصدر استدرك ان هذه الجولة مرتبطة أيضاً بانتظارات الاستحقاق الرئاسي، سواء قبل اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» عصر اليوم، أو قبل اجتماع كتلة «المستقبل» اليوم أو الخميس، حيث تتوقع أوساط الرابية إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح عون للرئاسة الأوّلى، وإن كان مثل هذا التوقع يفتقد إلى الدقة، في ضوء التحولات العاصفة إقليمياً ودولياً والمؤشرات الداخلية السلبية، ان لجهة ما عاد به وزير الصحة وائل أبو فاعور من زيارة ثانية للرياض في أقل من أسبوعين، وما نسبته مصادر إعلامية من كلام إلى أحد المقربين من الرئيس الحريري يعتبر فيه «انهم غير قادرين على احتمال انتخاب عون»، فضلاً عن صاعقة كلام الرئيس برّي التي ضربت الرابية، وسرعان ما غمز نواب في كتلة «الاصلاح والتغيير»، إضافة إلى اعلام الرابية من قناة رئيس المجلس، فالنائب آلان عون يجزم ان لا توجه للتواصل مع الرئيس برّي قبل ان يُعلن ترشيح عون رسمياً وبصورة نهائية للرئاسة، وقناة O.T.V تنوه بموقف النائب انطوان زهرا الذي يعبر عن «القوات اللبنانية» برفض أي طرح لا يتضمن قانون الانتخاب كبند أوّل على جدول اعمال أي جلسة تشريعية، والا «فالقوات» و«التيار العوني» في الشارع.
وإذا أراد رئيس المجلس عقد جلسة تشريعية فعليه المحاولة مرّة أخرى، على ان يفتح قنوات الاتصال مع الكتل المسيحية الرئيسية، منعاً لاضاعة الوقت، كما اضافت القناة المذكورة.
ولا تخفي مصادر نيابية عونية قلقها من تسويف إقرار قانون الانتخاب، وكشفت ان نواباً من تكتل «الاصلاح والتغيير» سيقومون بدورهم بجولات لشرح خلفية مقاطعة جلسة تشريع الضرورة التي سيدعو إليها الرئيس برّي مبدئياً بعد 18 تشرين الحالي.
مكتب المجلس
على ان البارز في اجتماع مكتب المجلس أمس، هو الكلام الذي نقل عن لسان الرئيس برّي، وفيه رفض قاطع وحاسم لتأييد ترشيح النائب عون لرئاسة الجمهورية.
وحسب ما نقله مصدر نيابي شارك في اجتماع المكتب لـ«اللواء» فإن الرئيس برّي أبلغ أعضاء المكتب، «بأنه إذا صوت كل أعضاء كتلة التحرير والتنمية لصالح عون، فأنا لن اصوت له».
اضاف: هل انا «بندوق» حتى يقول عني (عون) اني غير شرعي؟
اما بالنسبة لوقائع الاجتماع الذي استغرق ساعتين، فإنه لم يختلف عمّا نشرته «اللواء» أمس حيث جرى نقاش طويل بين أعضاء المكتب حول الموقف من ضرورة عودة المجلس إلى عقد جلسات تشريع، وجرى بحث مطوّل في بنود جدول الأعمال الذي عرضه الرئيس برّي والذي تضمن 85 مشروع واقتراح قانون، من بينها 37 مشروع واقتراح قانون معجل مكرر، لا يمكن للمجلس الا البت بها، في حين انه يمكن جوجلة نحو 47 مشروع واقتراح قانون، لاختيار من بينها مشاريع الضرورة المالية، والتي يُصرّ الرئيس برّي على تمريرها في الجلسة الاشتراعية والتي يزمع الدعوة إليها بعد عودته من مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي قبل نهاية الشهر الحالي.
وأوضح المصدر ان النقاش حول تشريع الضرورة، أظهر انقساماً واضحاً بين ممثلي الكتل النيابية، فممثل «القوات اللبنانية» انطوان زهرا أصر بأسمه وباسم تكتل الإصلاح والتغيير على ضرورة وضع قانون الانتخاب بنداً أوّل على جدول الأعمال، مضموناً وليس شكلاً، بمعنى ان يُصار في الجلسة إلى التصويت على الاقتراحات والمشاريع المتعلقة بقانون الانتخاب، وليس الاكتفاء بوصفه كبند ترغيبي لحضور الجلسة، في حين أوضح ممثّل كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت ان الكتلة ما تزال ملتزمة بتعهداتها السابقة، وهي ثابتة على مواقفها بالنسبة إلى ضرورة وضع قانون الانتخاب لكن هناك أولويات مالية، مشيراً إلى ان الضرورات التشريعية المالية والاقتصادية قد تبيح المحظورات منعاً لوضع لبنان على اللائحة السوداء الدولية لعدم التزامه بالاتفاقيات الدولية.
اما النائب مروان حمادة، فاعلن باسم كتلة «اللقاء الديمقراطي» عدم موافقة النائب وليد جنبلاط البحث في قانون الانتخاب، لكن نائب رئيس المجلس النائب فريد مكاري الذي يطالب بضرورة
عودة المجلس إلى التشريع كاملاً، ومن دون شروط، فإنه اقترح البحث في طريقة ترضي مطالب الكتل المسيحية من دون أن تغضبها، وإن كان ذلك بإدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال.
لكن الرئيس برّي بعدما استمع إلى مواقف الكتل، أكد حرصه على الميثاقية كما استمرار العمل التشريعي، إلا أنه أكد أنه لا يمكنه تجميد العمل المجلسي بانتظار التوافق على القانون، مشدداً على أهمية انعقاد الجلسة التشريعية لضرورات مالية وضريبية، مذكّراً بكل المراحل التي مر بها النقاش حول القانون من لجنة التواصل إلى لجنة قاتنون الانتخاب إلى اللجان المشتركة حيث بقي الخلاف على حاله، وقال: إذا كانت اللجان المصغرة التي تمثل جميع الكتل لم تتمكن من التوصّل إلى صيغة توافقية، فكيف سيتم هذا الأمر مع أكثر من 17 مشروعاً واقتراح، مع بقاء كل فريق على موقفه.
وأعلن برّي أنه لا يمكنه طرح أي مشروع أو اقتراح على التصويت، إذا لم يحصل على توافق على القانون، متسائلاً: كيف يمكن سنّ قانون، مثل قانون الانتخاب بأغلبية 30 أو 35 صوتاً؟ هذا غير ممكن.
وإزاء انقسام المواقف، ارتؤي تأجيل البحث في الموضوع، إلى الهيئة الجديدة لمكتب المجلس التي سيُصار إلى انتخابها في الجلسة التي دعا الرئيس برّي إلى عقدها الثلاثاء المقبل في 18 الحالي مع بداية العقد العادي للمجلس، لإعادة انتخاب اللجان وهيئة المكتب، رغم التأكيد على أن أي تعديل لن يطرأ لا على اللجان ولا على هيئة المكتب، وبالتالي فإن التباين حيال جلسة التشريع سيبقى قائماً.
السيناريو العوني
وبانتظار موقف الرئيس الحريري، إن كان سلبياً أو إيجابياً من ترشيح عون، فإن مصادر تكتل «الاصلاح والتغيير» قالت لـ«اللواء» أن التيار قام بما عليه، متخوفة من أن تنعكس أحداث اليمن على تأخير سيناريو انتخاب عون لأسبوع، فلبنان لا يمكن عزل وضعه عمّا يجري في المنطقة، نافية أن يكون في حوزتها أية معلومات عن أن الانتخابات الرئاسية ستجري في 31 تشرين أول أوقبل ذلك.
وتحدث وزير سابق من الحلقة الضيقة المحيطة بالنائب عون في مجلس خاص عن سيناريو الترشيح وما بعده والمتمثل بمراحل مترابطة على النحو التالي:
1- يعلن الرئيس الحريري في بيان صادر عن كتلة المستقبل النيابية عن دعم ترشيح عون للرئاسة الأولى.
2- يقوم بعد الإعلان النائب عون بزيارة الأقطاب الممثلين في طاولة الحوار، ويستهل جولته بزيارة عين التينة ولقاء الرئيس برّي، ثم يلتقي تباعاً رؤساء الأحزاب والكتل وصولاً إلى بنشعي وبكفيا، فضلاً عن معراب وكليمنصو، مع العلم أن النائب وليد جنبلاط موجود في الخارج لفترة زمنية ليست قصيرة.
ووفقاً للسيناريو المذكور، فإن التفاهمات حول السلة وإدارة الدولة ستكون مع الرئيس الحريري، باعتباره المرشح الأوفر حظاً للرئاسة الثالثة.
والتفاهمات ستشمل جملة من المسائل، منها ما يتعلق بتمثيل «المردة» والحزب السوري القومي الاجتماعي، وصحة التوجه لإسناد حقيبة سيادية من الحصة المسيحية «للقوات اللبنانية» كوزارة الداخلية مثلاً.
ومن النقاط المطروحة على طاولة التفاهم مع الرئيس المحتمل للحكومة البيان الوزاري والثلاثية التي تشمل المقاومة، فضلاً عن العلاقة مع سوريا وقضية النازحين.
أما بالنسبة للانتخابات النيابية، فالتفاهمات ستتناول نقطتين: إجراء الانتخابات في موعدها عام 2017، أو تأجيلها ريثما يتم التفاهم على قانون انتخاب يفترض أن تقدمه الحكومة التي سيشكلها الرئيس الحريري، وموقع النسبية في هذا القانون.
في هذا الوقت، أدرجت وسائل التواصل الاجتماعي تابعة للتيار العوني ورشة التنظيف الدورية في قصر بعبدا في إطار تحضير القصر للرئيس العتيد الذي سيكون عون، إلا أن دوائر القصر قالت لـ«اللواء» أن التنظيفات والتحسينات الدائمة في القصر تجري مرّة في كل شهر في مكتب الرئيس ومنزله والصالونات والسيارات، وهي غير مرتبطة بأي مناسبة أو أي كلام عن قرب انتخاب الرئيس.
وكانت مبادرة الحريري المتوقعة على طاولة البحث في «بيت الوسط» بينه وبين السفير الالماني في لبنان مارتن هوث الذي قال بعد اللقاء: «نعتقد أن كل شيء يجب أن يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية»، فيما رأى مصدر ديبلوماسي عربي أن تحرك الحريري جاد وجدّي لإحداث خرف في الجدار الرئاسي الذي يبدو أنه كان محصناً بالعراقيل.
واعتبر المصدر أنه من غير الجائز والمسموح أن يبقى بلد كلبنان من دون رئيس لهذه المدة من الزمن خصوصاً في ظل النار الإقليمية المحيطة به ومع وجود الكمّ الهائل من النازحين السوريين على أراضيه.
مجلس الوزراء
في موازاة انتظار نتائج الحراك الرئاسي وترقب مواقف الكتل النيابية من التشريع، تعود الحكومة إلى الاجتماع مرّة ثانية الخميس المقبل بجدول أعمال يتضمن 146 بنداً بينها 53 بنداً من جدول الجلسة السابقة، من دون أن تتضح بعد طبيعة مشاركة وزراء التيار العوني في الجلسة، إما مشاركة جزئية كما حصل في الجلسة الماضية أو مكتملة بحضور الوزير باسيل.
وخلافاً لمعلومات سابقة، فإن جدول الأعمال يتضمن تعيينات تشمل محافظ جبل لبنان ورئيس وأعضاء مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس المؤجل من الجلسة الماضية، بالإضافة إلى طلب وزارة الاتصالات الموافقة على دفتر شروط المناقصة العالمية لإدارة شبكتي الهاتف الخليوي وتكليف إدارة المناقصات بإجرائها، ومشروع مرسوم يرمي إلى سحب بيان العلم والخبر للجمعية المسماة «حركة حماة الديار»، وإبرام اتفاقية القرض والاتفاقية التنفيذية الموقعتين بتاريخ 2/9/2016 لمشروع الحد من تلوث بحيرة القرعون المموّل من البنك الدولي.
الاخبار :
تغريدة واحدة من القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد البخاري،