بعد الكلام الصاعق لرئيس المجلس النيابي نبيه برّي الذي لم ينزل برداً وسلاماً على رؤوس هيئة مكتب المجلس، بإعلانه انه لن ينتخب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، ولو بقي وحده دون سائر نواب كتلته، من المتوقع ان تتحرك عجلة الاتصالات السياسية التي دخلت في سباق مع التحضيرات العونية لاحياء ذكرى 13 تشرين.
وأبرز هذه الاتصالات الجولة التي يبدأها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل اليوم على رؤساء الأحزاب اللبنانية.
وادرج مصدر عوني هذه الجولة بأنها تأتي قبل خمسة ايام من التجمع الذي دعا إليه التيار أنصاره على طريق عام قصر بعبدا للاحتفال بذكرى مرور أكثر من ربع قرن على خروج عون من القصر الرئاسي إلى منفاه في باريس.
لكن المصدر استدرك ان هذه الجولة مرتبطة أيضاً بانتظارات الاستحقاق الرئاسي، سواء قبل اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» عصر اليوم، أو قبل اجتماع كتلة «المستقبل» اليوم أو الخميس، حيث تتوقع أوساط الرابية إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح عون للرئاسة الأوّلى، وإن كان مثل هذا التوقع يفتقد إلى الدقة، في ضوء التحولات العاصفة إقليمياً ودولياً والمؤشرات الداخلية السلبية، ان لجهة ما عاد به وزير الصحة وائل أبو فاعور من زيارة ثانية للرياض في أقل من أسبوعين، وما نسبته مصادر إعلامية من كلام إلى أحد المقربين من الرئيس الحريري يعتبر فيه «انهم غير قادرين على احتمال انتخاب عون»، فضلاً عن صاعقة كلام الرئيس برّي التي ضربت الرابية، وسرعان ما غمز نواب في كتلة «الاصلاح والتغيير»، إضافة إلى اعلام الرابية من قناة رئيس المجلس، فالنائب آلان عون يجزم ان لا توجه للتواصل مع الرئيس برّي قبل ان يُعلن ترشيح عون رسمياً وبصورة نهائية للرئاسة، وقناة O.T.V تنوه بموقف النائب انطوان زهرا الذي يعبر عن «القوات اللبنانية» برفض أي طرح لا يتضمن قانون الانتخاب كبند أوّل على جدول اعمال أي جلسة تشريعية، والا «فالقوات» و«التيار العوني» في الشارع.
وإذا أراد رئيس المجلس عقد جلسة تشريعية فعليه المحاولة مرّة أخرى، على ان يفتح قنوات الاتصال مع الكتل المسيحية الرئيسية، منعاً لاضاعة الوقت، كما اضافت القناة المذكورة.
ولا تخفي مصادر نيابية عونية قلقها من تسويف إقرار قانون الانتخاب، وكشفت ان نواباً من تكتل «الاصلاح والتغيير» سيقومون بدورهم بجولات لشرح خلفية مقاطعة جلسة تشريع الضرورة التي سيدعو إليها الرئيس برّي مبدئياً بعد 18 تشرين الحالي.
مكتب المجلس
على ان البارز في اجتماع مكتب المجلس أمس، هو الكلام الذي نقل عن لسان الرئيس برّي، وفيه رفض قاطع وحاسم لتأييد ترشيح النائب عون لرئاسة الجمهورية.
وحسب ما نقله مصدر نيابي شارك في اجتماع المكتب لـ«اللواء» فإن الرئيس برّي أبلغ أعضاء المكتب، «بأنه إذا صوت كل أعضاء كتلة التحرير والتنمية لصالح عون، فأنا لن اصوت له».
اضاف: هل انا «بندوق» حتى يقول عني (عون) اني غير شرعي؟
اما بالنسبة لوقائع الاجتماع الذي استغرق ساعتين، فإنه لم يختلف عمّا نشرته «اللواء» أمس حيث جرى نقاش طويل بين أعضاء المكتب حول الموقف من ضرورة عودة المجلس إلى عقد جلسات تشريع، وجرى بحث مطوّل في بنود جدول الأعمال الذي عرضه الرئيس برّي والذي تضمن 85 مشروع واقتراح قانون، من بينها 37 مشروع واقتراح قانون معجل مكرر، لا يمكن للمجلس الا البت بها، في حين انه يمكن جوجلة نحو 47 مشروع واقتراح قانون، لاختيار من بينها مشاريع الضرورة المالية، والتي يُصرّ الرئيس برّي على تمريرها في الجلسة الاشتراعية والتي يزمع الدعوة إليها بعد عودته من مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي قبل نهاية الشهر الحالي.
وأوضح المصدر ان النقاش حول تشريع الضرورة، أظهر انقساماً واضحاً بين ممثلي الكتل النيابية، فممثل «القوات اللبنانية» انطوان زهرا أصر بأسمه وباسم تكتل الإصلاح والتغيير على ضرورة وضع قانون الانتخاب بنداً أوّل على جدول الأعمال، مضموناً وليس شكلاً، بمعنى ان يُصار في الجلسة إلى التصويت على الاقتراحات والمشاريع المتعلقة بقانون الانتخاب، وليس الاكتفاء بوصفه كبند ترغيبي لحضور الجلسة، في حين أوضح ممثّل كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت ان الكتلة ما تزال ملتزمة بتعهداتها السابقة، وهي ثابتة على مواقفها بالنسبة إلى ضرورة وضع قانون الانتخاب لكن هناك أولويات مالية، مشيراً إلى ان الضرورات التشريعية المالية والاقتصادية قد تبيح المحظورات منعاً لوضع لبنان على اللائحة السوداء الدولية لعدم التزامه بالاتفاقيات الدولية.
اما النائب مروان حمادة، فاعلن باسم كتلة «اللقاء الديمقراطي» عدم موافقة النائب وليد جنبلاط البحث في قانون الانتخاب، لكن نائب رئيس المجلس النائب فريد مكاري الذي يطالب بضرورة 


عودة المجلس إلى التشريع كاملاً، ومن دون شروط، فإنه اقترح البحث في طريقة ترضي مطالب الكتل المسيحية من دون أن تغضبها، وإن كان ذلك بإدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال.
لكن الرئيس برّي بعدما استمع إلى مواقف الكتل، أكد حرصه على الميثاقية كما استمرار العمل التشريعي، إلا أنه أكد أنه لا يمكنه تجميد العمل المجلسي بانتظار التوافق على القانون، مشدداً على أهمية انعقاد الجلسة التشريعية لضرورات مالية وضريبية، مذكّراً بكل المراحل التي مر بها النقاش حول القانون من لجنة التواصل إلى لجنة قاتنون الانتخاب إلى اللجان المشتركة حيث بقي الخلاف على حاله، وقال: إذا كانت اللجان المصغرة التي تمثل جميع الكتل لم تتمكن من التوصّل إلى صيغة توافقية، فكيف سيتم هذا الأمر مع أكثر من 17 مشروعاً واقتراح، مع بقاء كل فريق على موقفه.
وأعلن برّي أنه لا يمكنه طرح أي مشروع أو اقتراح على التصويت، إذا لم يحصل على توافق على القانون، متسائلاً: كيف يمكن سنّ قانون، مثل قانون الانتخاب بأغلبية 30 أو 35 صوتاً؟ هذا غير ممكن.
وإزاء انقسام المواقف، ارتؤي تأجيل البحث في الموضوع، إلى الهيئة الجديدة لمكتب المجلس التي سيُصار إلى انتخابها في الجلسة التي دعا الرئيس برّي إلى عقدها الثلاثاء المقبل في 18 الحالي مع بداية العقد العادي للمجلس، لإعادة انتخاب اللجان وهيئة المكتب، رغم التأكيد على أن أي تعديل لن يطرأ لا على اللجان ولا على هيئة المكتب، وبالتالي فإن التباين حيال جلسة التشريع سيبقى قائماً.
السيناريو العوني
وبانتظار موقف الرئيس الحريري، إن كان سلبياً أو إيجابياً من ترشيح عون، فإن مصادر تكتل «الاصلاح والتغيير» قالت لـ«اللواء» أن التيار قام بما عليه، متخوفة من أن تنعكس أحداث اليمن على تأخير سيناريو انتخاب عون لأسبوع، فلبنان لا يمكن عزل وضعه عمّا يجري في المنطقة، نافية أن يكون في حوزتها أية معلومات عن أن الانتخابات الرئاسية ستجري في 31 تشرين أول أوقبل ذلك.
وتحدث وزير سابق من الحلقة الضيقة المحيطة بالنائب عون في مجلس خاص عن سيناريو الترشيح وما بعده والمتمثل بمراحل مترابطة على النحو التالي:
1- يعلن الرئيس الحريري في بيان صادر عن كتلة المستقبل النيابية عن دعم ترشيح عون للرئاسة الأولى.
2- يقوم بعد الإعلان النائب عون بزيارة الأقطاب الممثلين في طاولة الحوار، ويستهل جولته بزيارة عين التينة ولقاء الرئيس برّي، ثم يلتقي تباعاً رؤساء الأحزاب والكتل وصولاً إلى بنشعي وبكفيا، فضلاً عن معراب وكليمنصو، مع العلم أن النائب وليد جنبلاط موجود في الخارج لفترة زمنية ليست قصيرة.
ووفقاً للسيناريو المذكور، فإن التفاهمات حول السلة وإدارة الدولة ستكون مع الرئيس الحريري، باعتباره المرشح الأوفر حظاً للرئاسة الثالثة.
والتفاهمات ستشمل جملة من المسائل، منها ما يتعلق بتمثيل «المردة» والحزب السوري القومي الاجتماعي، وصحة التوجه لإسناد حقيبة سيادية من الحصة المسيحية «للقوات اللبنانية» كوزارة الداخلية مثلاً.
ومن النقاط المطروحة على طاولة التفاهم مع الرئيس المحتمل للحكومة البيان الوزاري والثلاثية التي تشمل المقاومة، فضلاً عن العلاقة مع سوريا وقضية النازحين.
أما بالنسبة للانتخابات النيابية، فالتفاهمات ستتناول نقطتين: إجراء الانتخابات في موعدها عام 2017، أو تأجيلها ريثما يتم التفاهم على قانون انتخاب يفترض أن تقدمه الحكومة التي سيشكلها الرئيس الحريري، وموقع النسبية في هذا القانون.
في هذا الوقت، أدرجت وسائل التواصل الاجتماعي تابعة للتيار العوني ورشة التنظيف الدورية في قصر بعبدا في إطار تحضير القصر للرئيس العتيد الذي سيكون عون، إلا أن دوائر القصر قالت لـ«اللواء» أن التنظيفات والتحسينات الدائمة في القصر تجري مرّة في كل شهر في مكتب الرئيس ومنزله والصالونات والسيارات، وهي غير مرتبطة بأي مناسبة أو أي كلام عن قرب انتخاب الرئيس.
وكانت مبادرة الحريري المتوقعة على طاولة البحث في «بيت الوسط» بينه وبين السفير الالماني في لبنان مارتن هوث الذي قال بعد اللقاء: «نعتقد أن كل شيء يجب أن يبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية»، فيما رأى مصدر ديبلوماسي عربي أن تحرك الحريري جاد وجدّي لإحداث خرف في الجدار الرئاسي الذي يبدو أنه كان محصناً بالعراقيل.
واعتبر المصدر أنه من غير الجائز والمسموح أن يبقى بلد كلبنان من دون رئيس لهذه المدة من الزمن خصوصاً في ظل النار الإقليمية المحيطة به ومع وجود الكمّ الهائل من النازحين السوريين على أراضيه.
مجلس الوزراء
في موازاة انتظار نتائج الحراك الرئاسي وترقب مواقف الكتل النيابية من التشريع، تعود الحكومة إلى الاجتماع مرّة ثانية الخميس المقبل بجدول أعمال يتضمن 146 بنداً بينها 53 بنداً من جدول الجلسة السابقة، من دون أن تتضح بعد طبيعة مشاركة وزراء التيار العوني في الجلسة، إما مشاركة جزئية كما حصل في الجلسة الماضية أو مكتملة بحضور الوزير باسيل.
وخلافاً لمعلومات سابقة، فإن جدول الأعمال يتضمن تعيينات تشمل محافظ جبل لبنان ورئيس وأعضاء مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس المؤجل من الجلسة الماضية، بالإضافة إلى طلب وزارة الاتصالات الموافقة على دفتر شروط المناقصة العالمية لإدارة شبكتي الهاتف الخليوي وتكليف إدارة المناقصات بإجرائها، ومشروع مرسوم يرمي إلى سحب بيان العلم والخبر للجمعية المسماة «حركة حماة الديار»، وإبرام اتفاقية القرض والاتفاقية التنفيذية الموقعتين بتاريخ 2/9/2016 لمشروع الحد من تلوث بحيرة القرعون المموّل من البنك الدولي.