بحنكته المشهودة تجاوز رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس إشكالية جدولة أعمال التشريع بإحالتها إلى مكتب المجلس الجديد بعد انتخابه وأعضاء اللجان النيابية في الجلسة العامة المقرر انعقادها الثلاثاء المقبل، فاقتصر الاجتماع الأخير لهيئة المكتب الحالية على استمزاج الآراء النيابية وتسجيل المواقف السياسية إزاء المستجدات الرئاسية. وفي خضم النقاش الذي دار خلال الاجتماع حول خارطة مواقف الأفرقاء والحلفاء من ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، برزت مجاهرة بري علناً ومن دون أي مواربة برفضه القاطع لتبوؤ عون سدة الرئاسة الأولى، قائلاً بصريح العبارة لأعضاء هيئة المكتب وفق ما نقلت مصادر متقاطعة في الهيئة لـ»المستقبل»: «لا أريد عون رئيساً».

واليوم من المرتقب أن ينطلق رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في جولة على الأطراف السياسية موفداً من عون في محاولة لفتح قنوات رئاسية متقاطعة تزيل ما أمكن من العوائق المعترضة طريقه نحو قصر بعبدا، في حين يستعد التيار على خط موازٍ للحشد الشعبي على هذا الطريق نهار الأحد وتتواصل استعداداته لتجييش جمهور «البرتقالي»، محازبين ومناصرين، للتظاهر في مناسبة ذكرى 13 تشرين الأول عند «الطريق إلى قصر 

الشعب» تحت عناوين تحاكي الحفاظ على الحقوق المسيحية والتأكيد على كون «الميثاقية تكون أو لا تكون» وفق الماكينة الإعلامية للتحرك العوني.

في الغضون، وبينما لم يبدِ حزب «القوات اللبنانية» طيلة الفترة السابقة أي حماسةً للنزول إلى الشارع مع «التيار الوطني» في أي تحرك شعبي مشترك للمطالبة بانتخاب عون رئيساً، يتعامل القواتيون راهناً مع خيار مؤازرة العونيين في الشارع باعتباره خياراً غير مستبعد في حال كان متعلقاً بالتعبير عن رفض «تشريع الضرورة» ما لم يكن مقترناً بإدراج بند قانون الانتخابات النيابية على رأس جدول أعماله. 

أما حزب «الكتائب اللبنانية» الرافض لأي تساهل في العمل التشريعي قبل إتمام المجلس النيابي مهمته الانتخابية الدستورية في انتخاب رئيس الجمهورية، فسجّل أمس عبر مكتبه السياسي موقفاً متقدماً من الاستحقاق الرئاسي طالب فيه القوى المعترضة على التعطيل المستمر في نصاب انتخاب الرئيس إلى «التكتل في وجه الاستيلاء على البلد والمؤسسات منعاً للسقوط في المحظور والانتقال من حكم القانون إلى حكم الأقوى«، معرباً عن رفض «فرض الرئيس بالقوة أو وضع شروط على العملية الديموقراطية«، مع تنديده «بالقفز فوق الأصول بقوة السلاح والتعطيل والترهيب بالشارع والترغيب بصفقات جانبية».