أظهرت دراسات واعدة عرضت في مؤتمر السرطان الأوروبي أن عقارا للعلاج المناعي يمكن أن يُحدث "طفرة" في علاج الأورام.
وفي دراسة أجريت على سرطان الرأس والرقبة، أشارت النتائج إلى أن المزيد من المرضى الذين تناولوا عقار "نيفولوماب" عاشوا لفترة أطول من المرضى الذين تلقوا علاجا كيميائيا.
وأظهرت دراسة أخرى استخدم فيها عقار نيفولوماب وعقار آخر تقلُص الأورام في حالات إصابة متقدمة بسرطان الكلى.
ويعمل العلاج المناعي من خلال تنشيط الجهاز المناعي لتدمير الخلايا السرطانية.
وتحظى الحالات المتقدمة من الإصابة بسرطان الرأس والرقبة بنسب نجاة ضعيفة جدا.
وأظهرت تجربة أجريت على أكثر من 350 مريضا ونُشرت في دورية "نيو إنجلاند جورنال" أن الذين تلقوا عقار نيفولوماب للجهاز المناعي ويمثلون 36 في المئة من المرضى بقوا على قيد الحياة بعد مرور عام مقارنة بـ17 في المئة تلقوا علاجا كيميائيا.
وظهرت أيضا آثار جانبية أقل للمرضى الذين عولجوا بعقار العلاج المناعي.
علاج مزدوج
واتضحت فوائد هذا العلاج في المرضى الذين شُخصت إصابتهم بفيروس الورم الحليمي البشري، وبلغت نسبة النجاة لهؤلاء المرضى 9.1 أشهر في المتوسط للعلاج المناعي بعقارب نيفولوماب و4.4 أشهر لمن حصلوا على العلاج الكيميائي.
ومن المعتاد أن هذه المجموعة من المرضى يتوقع أن تعيش لأقل من ستة أشهر.
وأظهرت بيانات أولية لدراسة أجريت على 94 مريضا في مرحلة متقدمة من سرطان الكلى أن العلاج المزدوج لعقاري "نيفولوماب" و "إيبيليموماب" أدى إلى خفض كبير في حجم الأورام في 40 في المئة من المرضى.
واختفت أي بوادر للسرطان لدى واحد من كل عشرة من هؤلاء المرضى.
وفي مقابل ذلك، تقلصت الأورام لدى المرضى الذين تلقوا العلاج الكيميائي المعتاد بواقع خمسة في المئة.
ويُصاب نحو 12 ألف شخص بسرطان الكلى في بريطانيا كل عام، ويتوفى 12 شخصا في المتوسط من هذا المرض يوميا.
رحلة بيتر
يقول بيتر وايت من مقاطعة هيرتفوردشير بجنوب انجلترا: "أشعر بأن بإصابتي بسرطان مزمن هي شيء من الخدعة لأنني لم أشعر بأي ألم على الإطلاق. لم يكن هناك شيء سلبي لهذا الأمر (العلاج) بالنسبة لي، وأشعر فعلا بقدر من الحيرة."
بدأ بيتر تلقي العلاج المناعي المزدوج (من خلال عقاري نيفولوماب و إيبيليموماب) في تجربة سريرية أجريت أوائل عام 2015 بعد أن اكتشف الأطباء إصابته بنوع من سرطان الكلى بعد سنوات من تعافيه من سرطان الكلى والرئة.
وأبلغه الأطباء أن أمامه من ثلاثة إلى خمسة أعوام يعيشها.
وبدلا من تلقيه العلاج الكيميائي، قضى بيتر أربعة أشهر يتلقى عقاقير العلاج المناعي، ولم يعاني بالفعل من آثار جانبية تذكر، وهو ما سمح له بمواصلة العمل كفني سيارات خلال فترة العلاج. وتظهر فحوصات بالأشعة على الكلى والرئة أن أحد الأورام التي كان يعاني منها بيتر تقلص ولم تظهر أي بوادر لنمو اثنين آخرين.
لم يعد بيتر يتلقى العقاقير ويجري متابعة حالته كل 12 أسبوعا عبر الفحوصات.
وقال وايت: "إنني رجل متفائل جدا، وكنت محظوظا للغاية، وكنت محظوظا جدا بأن أتيحت لي فرصة الخضوع للتجربة."
وحتى الآن حصل "نيفولوماب" على الترخيص الرسمي فقط لعلاج سرطان الجلد، وأصبح في يونيو/حزيران الماضي أحد أسرع الأدوية التي يجري ترخيصها للاستخدام من جانب هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا بجانب عقار إيبيليموماب لنفس السرطان.
ويعمل نيفولوماب و إيبيليموماب من خلال اعتراض الإشارات الكيميائية التي تستخدمها الأورام السرطانية لإقناع الجهاز المناعي بأنها نسيجا صحيا.
"زيادة فترة الحياة"
وقال البروفيسور كيفين هارينغتون من معهد أبحاث السرطان ومستشار مستشفى مارسدن الملكي في لندن، والذي قاد التجربة على سرطان الرأس والرقبة، إن عقار نيفولوماب يمكن أن يكون "طفرة" بالنسبة للمرضى الذين يعانون من حالات متقدمة من الرأس والرقبة.
وأضاف إنه "بمجرد انتكاس أو انتشار سرطان الرأس والرقبة، فإنه يكون من الصعب للغاية علاجه، ولهذا فإنه نبأ سار بأن هذه النتائج تشير حاليا إلى أن لدينا علاجا جديدا يمكنه أن يزيد فترة الحياة بشكل كبير، وأنا مهتم لرؤيته (هذا العلاج) داخل العيادة في أسرع وقت ممكن."
وقال البروفيسور بول وركمان الرئيس التنفيذي لمعهد أبحاث السرطان إن نيفولوماب يمثل واحدا من موجة جديدة للعلاجات المناعية والتي بدأ يتضح تأثيرها في علاج السرطان.
وأضاف: "نأمل أن تعمل الجهات الرقابية مع الشركة المصنعة (لهذه العقاقير) لعدم تأخير توفيرها للمرضى الذين لم يعد أمامهم أي خيارات لعلاج فعال".
BBC