شرف كبير لي وللمناسبة أن تقام في هذا الصرح التنويوي ذكرى لراحل عزيز كان ركنا ثقافيا وأدبيا وشاعريا ودينيا، وأكثر من ذلك كان مناضلا مع الثورة الفلسطينية ومكافحا في كل القضايا العمالية والفلاحية ، وسأذكر محطات أربع له ولنا .
المحطة الأولى :
كنت في زيارة الى منزل العلامة المرحوم السيد عبد الله الأمين في بلدتنا دير كيفا وإذا بي أمام كوكبة من العلماء الأجلاء فحاولت أن أتراجع لكن المرحوم أصرّ علي أن أدخل ليعرفني بهم ويعرفهم بي وقال لي نحن مجتمعين نحضر ليوم الأرض في فلسطين وهو يوم احتجاج على قضم الأراضي في الجليل وكان في هذا الاجتماع كل من السيد هاني فحص السيد محمد حسن الأمين الشيخ عبد اللطيف بري والشهيد السيد علي بدر الدين والشيخ حسين سرور وعذرا إن نسيت بعض الاسماء وتولدت المعرفة مع السيد هاني فحص بيوم فلسطين .
المحطة الثانية :
كان في الجنوب نقابتين لكبار مزارعي التبغ واحدة في النبطية يرأسها محمد يوسف الزين والثانية في صور يرأسها ناظم الخليل وكانت الفكرة المشتركة مع السيد هاني بما أنني مزارع تبغ أن ننشيء نقابة لصغار مزارعي التبغ الذين يزيد عددهم 22 الف مزارع وكنت أنا حزبيا أنتمي إلى حزب البعث العربي الإشتراكي استنجدت بالحزب وبالراحل السيد هاني فحص لانجاز هذا العمل الكبير واستطعنا أن نعقد مؤتمرا لصغار مزارعي التبغ في سينما ريفولي النبطية حضره حوالي 500 مزارع وتم تشكيل هيئة تأسيسية للنقابة سمي رئيسا لها مختار ميس الجبل عبد الكريم قاروط وسميت أنا أمينا للسر وكان هذا العمل في العام 72 وبدأنا في التحضير للتحرك في العام 73 وساعد على التحرك انخفاض الاسعار لهذا العام فبادرنا الى الاتصال بكل الفعاليات الدينية والوطنية ودعونا الى اضراب كبير مع الامتناع عن تسليم التبغ وتجاوب المزارعون في أغلب القرى وخاصة قرى النبطية، وفي الاضراب جاء وفد كبير من المزارعين يتقدمهم علي الخليل والفعاليات الوطنية وكنت أتابع مع الوفد عندما وصلنا الى النبطية التقينا بالشهيد موسى شعيب والراحل السيد هاني فحص والمرحوم ظافر المقدم والشيخ حسن ملك وأعداد غفيرة من المزارعين، توجهنا في البداية الى السرايا الحكومي وانطلقنا نحو مبنى الريجيه في كفر رمان واقتحمنا المبنى وبدأنا في الاعتصام، وتم تشكيل هيئة للمتابعة سمي رئيسا لها الشيخ حسن ملك وسميت انا أمينا للسر وسمي السيد هاني فحص لإجراء الاتصالات وبعضوية ظافر المقدم وداوود فحص .
وبدأت الوفود ترد على مركز الاعتصام فجاء الزعيم الوطني كمال جنبلاط وجاء نقيب الصحافة المرحوم رياض طه وجاء نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ سليمان اليحفوفي وجاء الكثير من الوفود الوطنية و أصبحت القضية على مستوى كل الوطن .
وفي اليوم الثالث للاعتصام جاء الرفيق على العبد ممثلا عن الحزب الشيوعي واتفقنا معه ان يحشد الحزب لمظاهرة تأييد الاعتصام ويسمي واحدا من الحزب ليبقى في الاعتصام .
وفي اليوم الرابع للاعتصام قامت مظاهرة كبيرة شاركت فيها كل الاحزاب فتصدت لها قوة من الجيش والامن الداخلي بالرصاص الحي فسقط شهيدان هما حسن حايك ونعمة درويش وأصيب نحو عشرين مزارعا وبعد هذه المجزرة تم فض الاعتصام بالقوة .
ونقل الاعتصام بعدها الى بلدة كفرتبنيت وكبر الموضوع كثيرا وكدنا ان نسقط الحكومة وعندها تم اضراب المعلمين واجتمعت الاحزاب الوطنية وتقرر عقد مهرجان تأبيني للشهداء في النبطية تكلم فيه الشهيد كمال جنبلاط والشهيد موسى شعيب والسيد هاني فحص .
المحطة الثالثة :
بعد هذا النضال جرى اجتماع للاحزاب الوطنية ولجنة المعتصمين حضره كل من علي العبد وعبد الله نسر وخليل بركات وموسى شعيب وخليل أحمد خليل وفؤاد المقدم ومن لجنة الاعتصام السيد هاني فحص وصبحي حمادة وظافر المقدم وحبيب ياغي وتمت تسمية هيئة تأسيسية جديدة لنقابة مزارعي التبغ رئيسها محمد نجيب الجمال ونائب الرئيس حبيب ياغي وأمين السر صبحي حمادة وتضم هذه الهيئة 27 عضوا تمثل أقضية الجنوب .
تحركت الهيئة فورا وبدأت عملها بالتحضير لموسم 74 وشاركنا في التحرك السيد موسى الصدر وحققنا زيادة في الاسعار للمرة الاولى 16 بالمئة .
المحطة الرابعة :بدأت الحرب الاهلية في العام 75 واستمرت وتكدست مواسم التبغ لدى المزارعين لعامين كاملين ذهبنا الى دمشق وعرضنا الامر على عبد الله الاحمر نائب الاسد حينها فبكى وتحجج بالمجهود الحزبي وفور عودتنا طرحت موضوع شراء التبغ من قبل على كل من الشهيد موسى شعيب والدكتور عبد المجيد الرافعي عندها طلب مني الدكتور عبد المجيد الرافعي الذهاب الى العراق وحملني رسالة الى الاستاذ ميشال عفلق وطلب مني ان أشرح له أهمية القضية .
وفعلا ذهبت الى العراق حاملا الرسالة وشرحت معاناة المزارعين فاتصل بنائب الرئيس صدام حسين وطلب اليه انجاز مهمة الشراء ووافق صدام حسين فورا على الطلب وارسل لي سيارة تقلني الى وزير الزراعة واراد الوزير أن يوقع اتفاق الشراء فورا ولكني طلبت أن يكون العمل جماعيا، وطلبت منه التريث واتصلت من بغداد بالرفيق مجيد وطلبت منه أن يرسل محمد نجيب الجمال والسيد هاني فحص وهكذا تم شراء موسمي 75 و 76 بالعمل الشعبي وحملت البواخر هذه المواسم من ميناء صور الى ميناء الاسكندرون وهذه كانت حكايتي مع السيد هاني فحص رحمه الله .
صبحي حمادة
الكلمة ألقيت في ندوة المجلس الثقافي للبنان الجنوبي حول دور العلامة هاني فحص في دعم اتفاضة مزارعي التبغ في الجنوب وتأتي في الذكرى الثانية لرحيل العلامة فحص .