قال مركز الدبلوماسية الإيرانية التابع لوزارة الخارجية إن التدخل العسكري التركي في الموصل وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الدفاع عن السنة العرب في العراق يكشف جانبا من الصراع الحقيقي بين إيران المناصرة المؤيدة للشيعة وبين تركيا الداعمة للسنة".
وأوضح المركز الذي يعد أحد المراكز النافذة في إيران في أحد أبحاثه إن تركيا "ليس لديها مطامع استعمارية في العراق لكنها تسعى لتوسيع نفوذها في العراق حتى تستطيع منافسة إيران بقوة" مشيرا إلى أن أنقرة انتبهت لمسألة نفوذ إيران وتأثيرها على الشيعة وكيف اجتذبت طهران الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد لمحورها في المنطقة".
ورأى المركز أن تركيا تسعى لوقف التمدد الإيراني في العراق من خلال دعمها للعرب السنة والأكراد في شمال العراق وقال: "إن الرد على السيطرة على شيعة قابله تحرك تركي لدعم العرب السنة والأكراد ووجود فرصة ضيئلة أمام إيران في جر السنة العرب إلى مشروعها في العراق يجعل من تركيا البديل القادر على إدارتهم ودعمهم".
وشدد المركز على أهمية الملف السوري في الصراع الجغرافي والسياسي القائم بين تركيا وإيران في المنطقة مرجعا الأمر إلى الأسباب التاريخية لهذا الصراع تتعلق بحساسية ما يزيد حدة المنافسة على الساحة السورية.
وقال إن حكومة أردوغان تريد استخدام كافة الأوراق التي تمتلكها في كسب هذا الصراع حتى لا تتأخر عن إيران في المنطقة ولذلك "يلاحظ حجم الجهود السياسية والدبلوماسية التي تبذلها أنقرة على هذا الصعيد".
وشرح مركز دراسات الدبلوماسية الإيرانية نقطة قوة إيران في العراق بالقول: "إن وجود حكومة موالية وقريبة لطهران في بغداد تعد من أهم الإمكانيات والمؤهلات التي تمتلكها طهران في صراعها مع أنقرة في المنطقة حيث تتشكل هذه الحكومة من أغلب الأحزاب الشيعية المدعومة إيرانيا والتي تؤيد وترحب بالتواجد الايراني في العراق عكس تركيا التي لاقت رفضا شديدا على تواجد قواتها في الموصل ."
وأضاف: "أما بالنسبة لنفوذ تركيا في العراق فإن أنقرة استخدمت نفوذها السياسي عن طريق الإقتصاد والتبادل التجاري في العراق حيث أصبحت السلع التركية الأكثر انتشارا في الأسواق العراقية ولاقت إقبالا كبيرا وفتح العراق أسواقه لدخول الشركات التركية".
واعتبر أن دعم وتسليح العرب السنة يعتبر "أحد أهم المقومات للنفوذ التركي في العراق ووقوف الحكومة العراقية بجانب إيران لا ينهي الصراع الإيراني بسهولة مع تركيا."
وقال المركز الإيراني إن نجاح عمليات درع الفرات في جرابلس رفع من معنويات الحكومة التركية وشكل هذا النجاح العسكري والسياسي دافعا مهما وأساسيا للحكومة التركية من أجل توسيع مناطق نفوذها في سوريا وأصبحت تركيا صاحبة اليد الطولى في سوريا متقدمة على إيران في هذا الملف.
ولفت إلى أن تركيا تريد تطبيق تجربة جرابلس في الموصل لكن على أرض الواقع فإن الشروط اللازمة للتدخل بملف الموصل ليست متوفرة كما في جرابلس.
وفي سياق متصل قال صباح زنغنة سفير إيران الأسبق في منظمة التعاون الإسلامي إن الأتراك خلال زيارة ولي عهد السعودية محمد بن نايف الأخيرة إلى تركيا طرحوا ملف التدخل العسكري التركي بسوريا والعراق من أجل التعاون المشترك وتمويل هذا التدخل من قبل السعودية على حد قوله.
ويرى زنغنه بحسب موقع بسيج نيوز الإيراني بأن التدخل التركي في سوريا والعراق يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي الإيراني ومصالح إيران بالمنطقة خاصة أن هذا التدخل التركي لم يكن بالتنسيق مع حكومتي بغداد ودمشق ."
ورصدت صحيفة "عربي21" ردود فعل وسائل إعلام إيرانية وخبراء من الموقف التركي الداعم للعرب السنة في العراق حيث كانت جميع ردود الأفعال الصادرة تتهم تركيا والرئيس التركي بالتدخل بالشؤون الداخلية العراقية وأن هذا التدخل يضر بمصالح إيران في العراق.
ويرى مراقبون للشأن الإيراني بأن تصريح أردوغان على قناة روتانا خليجية حول الموصل أثار غضب قادة الحرس الثوري والمحافظين حيث يرى "الحرس" بأن أردوغان يتحرك ويتدخل في أهم مناطق نفوذ إيران في المنطقة.
وتشير مصادر مطلعة لـ"عربي"21 من طهران بأن هناك ضغوطا واسعة من قبل الحرس الثوري على الحكومة الإيرانية لممارسة مزيد من التصعيد ضد تركيا بسبب موقف أردوغان الحالي من الموصل مشيرة إلى أن أزمة الموصل ستشعل الخلافات بين المحافظين والحكومة الإيرانية في طهران.
عربي21