توشك إيران أن تكمل خطة عملت عليها منذ ثلاثة عقود لرسم ممر يصلها بشواطئ البحر المتوسط مرورا بالعراق وسوريا، ليمنح طهران أكبر نفوذ في المنطقة.

وجرى التنسيق بين مسؤولين أمنيين وحكوميين بارزين في طهران وبغداد ودمشق حول الممر، وجميعهم يرجع إلى قائد فيلق القدس التابع للحرس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني الذي يدير حربي إيران في سوريا والعراق.

وبدأ الطريق البري يتخذ تدريجيا شكلا واضحا منذ عام 2014، إثر سيطرة ميليشيات مسلحة تابعة لطهران على مناطق في العراق وسوريا.

وذكر مارتين تشولوف مراسل صحيفة الأوبزرفر في بيروت، أن مقابلات أجريت على مدار الأشهر الأربعة الماضية مع مسؤولين وعراقيين نافذين ومواطنين في شمال سوريا، أكدت أن معالم الطريق الإيراني نحو المتوسط بدت معروفة، ما يجعل من مهام ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية غرب الموصل جزءا من ورشة إيرانية تشارك في إنجازها قوى مختلفة، تعمل لتحقيق طموحات طهران.

ويبدأ الممر من بعقوبة في محافظة ديالى، وهي أقرب مدينة عراقية للحدود الإيرانية، باتجاه الشرقاط في محافظة صلاح الدين التي سيطرت عليها الميليشيات في سبتمبر الماضي، ويمتد باتجاه تلعفر وسنجار التي تسيطر عليها منذ نوفمبر الماضي قوات “بي كا كا” القادمة من سوريا بدعم ورعاية من مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض.

ويستمر امتداد الممر من معبر ربيعة بين العراق وسوريا مرورا بالقامشلي وعين العرب (كوباني) وصولا إلى عفرين، وهي مناطق تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.

ويعتبر خبراء في شؤون الشرق الأوسط أن الممر الذي تسعى إليه إيران للوصول إلى شواطئ المتوسط، يعزز الهلال الشيعي الذي تعمل على رسمه منذ عقود، لكنه سيغير أيضا من شكل حضور إيران في العالم العربي برمته.

وتنقل الأوبزرفر عن مصدر أوروبي متخصص قوله إن “إيران تعمل بقوة لتحقيق الهدف”، بحيث يصبح بإمكانها نقل السلع والأفراد داخل ذلك الممر الذي تتولى حراسته من خلال قواها الذاتية أو قوى أخرى تابعة لها.

ويرى خبراء غربيون أن إيران ربما لم تتوقع رد فعل تركيا التي لم تتقبل خطة سليماني التي تعني، من ضمن ما تعني، توطيد علاقات إيران بالـ”بي كا كا” “قوات حزب العمال الكردستاني” وامتداداته السورية.

ويحتاج المشروع الإيراني إلى تغييرات ديموغرافية بدأ تنفيذها في وسط العراق وهي جارية حاليا في شمال سوريا. وتعمل على إنجاح الخطة وتأمين مراحلها ميليشيات وأحزاب عراقية تابعة لإيران، كل وفق حساباته.

ويبدأ الممر من النقاط التي استخدمتها إيران لإرسال الأسلحة والمقاتلين إلى العراق خلال الـ12 عاما الماضية. وهي نفس الطرق التي استخدمها الحرس الإيراني لإرسال المقاتلين ضد القوات الأميركية التي كانت تحتل العراق والتي سببت 25 بالمئة من خسائر الأميركيين خلال تلك المرحلة.

وتعمل الميليشيات التابعة لإيران والتي سببت هذه الخسائر ضد الأميركيين قبل مغادرتهم العراق، هذه الأيام ضد داعش بتغطية كاملة من قبل سلاح الجو الأميركي في مفارقة سياسية.

وبالنسبة إلى إيران الأمر براغماتي في مصادمة الأميركيين أو التعاون معهم من أجل إقامة هذا الممر.

وتعتبر حلب أكبر مفترق لإنجاز هذا الممر، حيث استثمرت طهران كثيرا من جهودها، وهي تحشد حاليا 6 آلاف من الميليشيات الشيعية العراقية لاستعادة شرق المدينة من قوات المعارضة هناك.

صحيفة العرب