أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى انه "عندما خاطبنا المسؤولين السياسيّين، كتلًا سياسيّة ونيابيّة، في عظة الأحد الماضي، وفي نداء السّادة المطارنة الأربعاء الفائت، كنّا نتكلّم باسم الشعب اللّبناني، ونحن منه وجزء أساسي فيه. ففعلنا بحكم مقدِّمة الدستور التي تنصّ على أنّ "الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة، يمارسها عبر المؤسّسات الدستورية" (فقرة د). ما يعني أنّ الشعب هو "الموكِّل"، والسلطات والمؤسّسات الدستورية "الوكيل". فيرى الشعبُ اليوم أنّ الممارسة السياسيّة والإدارية تناقض هذا الواجب، ويا للاسف! ولذا، جاءت ردّات الفعل إيجابيّة من أكثر من مصدر، ومن مختلف مكوِّنات لبنان السياسيّة والمدنيّة، افرادًا وأحزابًا ومؤسّسات، سواء عبر الوسائل الإعلامية، أم عبر لقاءات شعبية او مع شخصيات سياسية في الكرسي البطريركي".
وفي عظة ألقاها في بكركي، لفت إلى انه "طالبنا بما يُسمَّى في إنجيل اليوم "تأمين الطعام" أي "تأمين الخير العام" المطلوب من "الوكيل". "الوكيل" هو السلطة السياسية. وعليها إحياء المؤسّسات الدستورية، وفي مقدّمتها انتخاب رئيس للجمهورية بموجب المواد 73 و74 و75 من الدستور، وروح الميثاق الوطني الذي يوجب على كلّ شريك في الوطن حماية حقّ الشريك الآخر، ليتمثّلا معًا تمثيلًا سليمًا ومتوازيًا في الحكم والإدارة، بعيدًا عن "ثنائيات" و"ثلاثيات" تقوم على حساب هذا الحقّ الوطني. وبذلك تعود الحياة الطبيعية إلى المجلس النيابي وإلى مجلس الوزراء"،مشددا على ان "سائر المواضيع التي طُرِحت على طاولة الحوار، أو في لقاءات ثنائية، فهي على أهميّتها، لا يمكن أن تكون ممرًّا إلزاميًّا لانتخاب الرئيس أو شروطًا أو قيودًا على المرشَّح أو على الرئيس المنتَخَب، لكونها تخالف الدستور نصًّا وروحًا. بل يُترك للرئيس أن يقود عمليّة طرحها ومعالجتها في المجلس النيابي ومجلس الوزراء وفقًا للدستور، شرط أن يكون هذا الرئيس حكيمًا وفطنًا وصاحب دراية، وكما جاء في نداء السادة المطارنة، "الرئيس الحكم"، لا "الرئيس الطرف"، ولا الرئيس الصوري".
ورأى ان "الطعام" المطلوب من السلطة السياسية هو النهوض بالاقتصاد اللبناني بكلّ قطاعاته التجارية والصناعية والزراعية والصحية والبيئية والسياحية والمالية، لكي يتوفّر لكلّ المواطنين العيش الرغيد والآمن. و"الطعام" على المستوى الوطني هو تحقيق لبنان الساهر على أمنه واستقراره ومصالحه ورسالته؛ لبنان الدولة العادلة والقادرة والمنتجة؛ لبنان المجتذب إليه نخبة الشباب وأرباب العمل والمثقّفين القادرين على بناء مؤسّسات عاليةِ الجودة وإدارتها؛ لبنان الضنين على بيئته ومياهه وجمال طبيعته؛ لبنان القادر على تخطّي الأزمات الكبرى، بحيث يتوصّل دائمًا إلى التسويات السلميّة، وإلى إزالة الغموض، وإيجاد الحلول المناسبة. وأضاف "اليوم، بعد سنتين وخمسة أشهر من الفراغ الهدّام في سدّة رئاسة الجمهورية، بات من واجب الكتل السياسيّة والنيابيّة أن تعلن بوضوح وتصارح، إيجابًا أو سلبًا، الأشخاص الذين صار ترشيحهم معروفًا، منعًا لرهن البلاد وشعبها ومؤسّساتها للعبة سياسيّة نجهل أهدافها ومآلها. لقد آن الأوان كي يفعلوا ذلك، ويتوجّهوا إلى المجلس النيابي، ويُجروا عمليّة الانتخاب وفقًا للدستور وللنظام البرلماني الديموقراطي، الذي يقرّه في مقدّمته (الفقرة ج).