ربما لا تستطيع كلماتي إيقاف النيران على الأرض السورية، ولا تستطيع تضميد جرح أم فقدت فلذة كبدها، ولا رجل فقد عائلة بأكملها، ولا طفل أصبح يتيم الأب والأم، ولا زوجة فقدت رب منزلها. في حضرة الأزمة السورية، أخجل من كتابة كلمات لا حول لها ولا قوة، فهي تكتب في مكان آمن، لا تملؤه رائحة البارود إلى من هم تحت رحمة من لا رحمة له. عاجزة أنا في حضرة الأزمة السورية.
عندما سمعت أن جائزة نوبل للسلام قد تكون من نصيب الدفاع المدني السوري، أو أصحاب القبعات البيضاء، شعرت بفخر يضاهي ذلك الفخر الذي شعرت به عندما ارتديت ثوب التخرج. صحيح أن نوبل لم تكن من نصيبكم، لكنكم بنظر الكثير من أبناء هذا العالم المعنى الحقيقي للسلام. لم تخسروا نوبل، بل نوبل هي من خسرت جائزة القبعات البيضاء.
في هذا القرن، ما زال هناك أشخاص يهبون لنجدة أرواح تحت الأنقاض، غير آبهين للخطر المحدق بهم. هم لا ينتظرون شيئاً مقابل خدماتهم. لا يميزون بين مؤيد ومعارض. يهرعون إلى أماكن النار، تحت النار، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
في هذا القرن، حيث يملك الأقوى الكلمة الفصل في كل القضايا، قرر أصحاب القلوب البيضاء أن يكون للإنسانية كلمة فصل أصلب من كلمة الأقوياء.
أنتم يا من نذرتم أرواحكم، وقلوبكم، وأموالكم، ودموعكم لإنقاذ أهلكم، أنتم يا أصحاب القلوب البيضاء، ويا فخر سوريا، ويا أجمل ما في الثورة السورية، أنتم يا من أفتخر عندما أتحدث عنكم، وأشعر أن الدنيا ما زالت بألف خير، أناديكم، وأشد على أياديكم، وأبوس الأرض تحت نعالكم يا أشرف الناس.