الغموض غير البناء سيمدد لاسبوعين بانتظار عودة الرئىس سعد الحريري من رحلته الخارجية الى الرياض وانقرة والقاهرة وباريس وستأخذ وقتا قد يمتد لـ 12 يوما على ان يعود ويلتقي القيادات الدينية وتحديدا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وتكون محطته الاخيرة في الرابية ليبلغها قراره النهائي بترشيح العماد ميشال عون او فشله في تسويقه محليا ودوليا رغم ان كل اوساط المستقبل ونواب 14 آذار والمحيطين بالحريري يؤكدون انه حسم خياره بترشيح العماد ميشال عون ويبقى اخذ البركة وهذا هو الاساس.
الرئيس سعد الحريري سيعود  الى لبنان بين 19 و21 تشرين الاول وحتى ذلك التاريخ سيبقى اللبنانيون على اعصابهم «خبرية تأخذهم باتجاه حسم خيار العماد عون وخبرية بتجيبهم بفشل هذا الخيار، حتى ساعة الحقيقة.
وما بين اليوم وموعد عودة الحريري ستبقى الاتصالات والمشاورات وسيتخللها محطة شعبية عونية بذكرى 13 تشرين الاول وحدد الاحتفال يوم 16 تشرين الاول على طريق القصر الجمهوري لرمزية هذا المكان.
«المهاتما» عون سيتحدث بالمناسبة وسيواصل رسائله الايجابية وسياسة اليد المفتوحة لكل اللبنانيين وسيرد على سلة بري بسلة زهور، سيوزعها على كل القيادات السياسية والدينية حتى ان العماد عون اوعز لنوابه التخفيف من الاطلالات الاعلامية لتجنب اي هفوة وعدم الدخول في سجالات.
اما على خط بكركي عين التينة «سبحان مين يغير الاحوال»، وانقشعت الرؤى بين الرئيس بري والبطريرك الراعي وتوجت برسالة ودية حملها وزير المال علي حسن خليل الى سيد بكركي وتضمنت عبارات الثناء والاحترام ووقوف عين التينة على خاطر البطريرك ووصلت الامور الى حد اداء الوزير علي حسن خليل التحية العسكرية للبطريرك الراعي قبل ان يتصافحا بحفاوة امام عدسات الكاميرات واعلن خليل «كل شيء يريح بكركي نحن جاهزون له»، واشار الى اننا بحثنا في الاستحقاق الرئاسي واهمية تسهيل اجرائه بأقرب فرصة، مع التأكيد على عدم وجود اي تباين وتعبير «السلة» اصبح مستخدما اعلاميا ولكن الهدف منها هو التفاهم ودعت قناة «المنار» في نشرتها المسائىة الى التمعن بالرسائل الايجابية بين عين التينة وبكركي التي وصلت الى الجميع، وذكرت المنار ان «الرياح تمشي بما تشتهي سفن الحلول».
«العونيون» مرتاحون للتطورات والمشاورات ويعتبرون ان فترة الانتظار لصالحهم والمطلوب عدم سلق الامور وهذا يستلزم وضع الطبخة على نار خفيفة كي لا تحترق من المتربصين شرا، ويجزمون ان انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية بات محسوما حتى  ان اوساطا سياسية تؤكد ان العماد عون بدأ بإعداد خطاب القسم وهو مرتاح للتطورات والمشاورات يمينا ويسارا ولجهود سعاة الخير الذين يحظون بثقة عون، كما ان «الثقة» بالحريري ثابتة في الرابية، وتبقى الثقة الاكبر بحارة حريك ومواقفها وثوابتها حيث اطمئنان العماد شامل وحاسم «ولا يدير اذنيه» لاصحاب النوايا السيئة والخبريات.
وبعيدا عن الشق الداخلي وحسب المعلومات فإن جولات الحريري الخارجية هدفها طلب الدعم لترتيب الاوضاع مع سوريا وحزب الله، وطلب من وزير الخارجيـة الروسي لافروف وبوضوح ان يسعى لدى ايران لتسهيل مهمته الحكومية وتحديدا مع سوريا وحزب الله والموقف في البيان الوزاري من سلاح المقاومة ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة.
واشارت المعلومات ان الحريري طلب هذا الامر من الدول  الكبرى ايضا وتمنى اقناع روسيا بالتدخل مع ايران ودمشق وحزب الله لتسهيل مهمته.
وفي المعلومات ان ديبلوماسيين روس نقلوا انزعاجهم من كلام الحريري حول سوريا وحزب الله بعد لقائه بلافروف وتحديدا لجهة انتقاد حليفهما في سوريا، كما ابلغوا الحريري انزعاجهم من بيانات كتلة المستقبل المسيئة لروسيا حتى ان تلفزيون المستقبل يبث تقارير مسيئة للدور الروسي، وهذا التوجه معناه ان الحريري لا يريد علاقات جيدة مع روسيا ومع حلفاء روسيا وهذا يعقد مسألة عودته الى رئاسة الحكومة.
وفي المعلومات وحسب ديبلوماسيين روس ان العلاقة في الشكل قد تكون جيدة بين عون والحريري لكن في المضمون كيف يتفق الرجلان حول الموضوع السوري وسلاح المقاومة ومعادلة الشعب والجيش والمقاومة والتعيينات وهذا الخلاف لن يكون لمصلحة لبنان مع تأكيد الديبلوماسيين الروس عدم وضعهم اي «فيتو» على اي مرشح واعجابهم بالعماد عون، حتى ان لافروف اثنى امام الحريري على دور العماد عون على الساحة اللبنانية، لكنهم ايضا دعوا الى تضامن لبناني - لبناني حول هذا الملف.
وفي المعلومات ان الحريري سيطلب من الفرنسيين ايضا التحرك على الخط الايراني للمساعدة في تليين الموقف السوري تجاهه وعدم وضع العراقيل في طريقه وعدم الضغط على العماد عون للتشدد في موضوع سوريا وسلاح المقاومة كي لا تنفجر الخلافات بينهما، وهذا التوجه يستوجب في المقابل خطابا معتدلا من الحريري تجاه سوريا وحزب الله «كما تراني يا جميل اراك» والعالم مصالح، وهذه النقطة معقدة جدا والحل بيد الحريري اولا وبعدها يتم طلب «الاستعانة بصديق».
الامور معقدة، والطريق الى السرايا ليست مفروشة بالورود والياسمين، فالحريري بحاجة لرئاسة الحكومة وعليه تقديم التنازلات وعدم التبرير بوضعه السني الذي لا يسمح الا بنصف استدارة، ولذلك المطلوب مساعدته وعدم تطويقه بالشروط.
وفي المقلب المستقبلي هناك اعتراف واضح «بثقل المهمة» وبالمزاج الشعبي السني المدعوم مستقبليا والرافض لوصول العماد ميشال عون، وهذا ما يحاول ان يرممه الحريري مع فريقه، لكن الخوف الاكبر ان يعبئ هذا الاحباط في الشارع الوزير اشرف ريفي الذي بات يشكل العقدة الاكبر للرئىس الحريري، خصوصا ان الوزير ريفي اذا نجح في مشروع ايصال الكهرباء الى كل الطرابلسيين فانه سيحقق قفزة كبيرة في المزاج الشعبي لصالحه قبل الانتخابات النيابية، وان يعطيه الامر قوة شعبية تحوله الى حالة سياسية ليس على مستوى طرابلس بل في كل لبنان اما بالنسبة لنوابه فهو يعتقد انه قادر على اللملمة، رغم الخلاف مع الرئيس فؤاد السنيورة لكن الاخير قال للحريري «لن اخرج عن موقفك رغم عدم اقتناعي بعون» ولذلك سيبقى التمرد محصورا بـ 3 او 4 نواب.
كل هذه التطورات تبقى في اطار التفاصيل حتى عودة الحريري من رحلته الخارجية، وعندها يبدأ الكلام الجاد، رغم ان تراجع الحريري عن العماد عون اذا حصل سيحدث هزة شعبية مارونية قد تتدحرج الى انتفاضة تضع البلاد امام كل الاحتمالات وستترك تأثيراتها على كل المرافق.