ألبست أفخم الملابس وبشرشف أنيق لفت ورميت على طريق الشويفات - خلدة، تركت وحيدة لقدرها، بعد أن تخلى عنها أقرب الناس.
تخلصت منها وهي تصرخ وكأنها تشعر أن ما ستواجهه في الحياة قاسٍ، كيف لا وهي وليدة غريزة عاشتها أمها للحظات لتدفع ثمنها العمر كله، كتب لها القدر أن تكون ضحية جديدة تضم إلى لائحة "اللقطاء".
عناصر من الصليب الأحمر نقلوا الرضيعة إلى مستشفى بشامون التخصصي، حيث أخضعت لفحص الحمض النووي.
القوى الأمنية سجلت إفادة بالواقعة وأصدرت النيابة العامة قرارًا بتسليمها إلى دار الأيتام الإسلامية في بيروت، فوصلت إلى الدار لتبدأ رحلتها في الحياة، "وتعامل كأيّ طفلة لديها مشكلة طلاق أو هجر أو مشكلة إقتصادية، وتُتابع من قبل أخصائيين نفسيين".
فبدلًا من أن تترعرع في منزلها ووسط عائلتها وأشقائها سيكون دار الأيتام بيتها الكبير، الموظفون أهلها والأولاد أشقاؤها.
ستعطى هوية بإسم مستعار وستتبع نظام الدار، تستيقظ وتنام في أوقات محددة، تأكل الطعام اليومي، تقصد المدرسة ومن بعدها الجامعة، إلى أن تقف على رجليها وتؤمن وظيفة لها وتقرّر الإرتباط.
لا يوجد في لبنان مؤسسات إجتماعية تستقبل "اللقطاء" سوى "دار الايتام الاسلامية واللعازرية"، يتم نقلهم إلى أي منهما بعد أن يتأكد مخفر الدرك أن لا مجال للعثور على أهلهم، يربى الولد في الدار على الدين الإسلامي وفي اللعازرية على الدين المسيحي".
ستكبر الطفلة وتسأل عن والديها حينها ستتلقى صدمة حياتها، بعد أن تكتشف أرحم انسانة بها على الأرض تخلت عنها وهي في عزّ ضعفها ووهنها.
ليس "اللقطاء" هم العار كما ينظر إليهم البعض، بل من هانت عليه أن يرمي ثمرة شهوته للحظات ليعذب إنسانًا مدى الحياة.