انضم تشارلز كراوثامر أحد أبرز المحللين السياسيين في واشنطن، الى البيئة العسكرية الممتعضة في "البنتاغون" من سياسة أوباما في سوريا، وقال إن الروس والنظام السوري وحلفاءه ينفذون إستراتيجية واحدة الآن هي القضاء على كل شيء في حلب، المستشفيات ومحطات المياه، وهم يعلمون جيداً ان أوباما لن يحرك حتى إصبعه.
ليس في هذا أي مبالغة، يكفي ان يتأمل المراقب في شريط المواقف الأميركية المتناقضة كي يدرك ان لا شيء يتحرك في سياسة أوباما حيال الأزمة السورية غير الترّهات، والدليل التناقض المضحك في تصريحات جون كيري قبل الظهر وتصريحاته بعد الظهر لكأنه ليس وزير خارجية أميركا بل أحدى جمهوريات المسخرة.
قبل الظهر قال جون كيربي الناطق بإسم وزارة الخارجية ان واشنطن قررت تعليق إتصالاتها مع موسكو في شأن التوصل الى إتفاق لوقف النار، بسبب تصعيد النظام والروس الهجمات على المناطق المدنية في حلب. ثم جاء تصريح جوش ايرنست الناطق بإسم البيت الأبيض ليعلن "ان الوضع في حلب بات مأسوياً، وأن صبر الجميع على سوريا قد نفد... ولم يعد هناك ما يمكن ان نتحادث به مع روسيا".
ولكن بعد ساعات من هذا الكلام، تراجع كيري 180 درجة عندما أعلن في بروكسيل ان أميركا ستعمل مع روسيا على إحياء وقف النار في سوريا، التي تتعرض لأسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، مذكراً بأن النظام لا يتردد في إستخدام السلاح الكيميائي ضد مواطنيه.
عندما يقول كيري إنه متيقّن من ان الروس والنظام تخلّوا عن العملية السلمية وأنهم يسعون الى الحسم العسكري، معتبراً ان الدول الراغبة في السلام لا تتصرف كما تتصرف روسيا في سوريا حالياً، فأنه لا يكتشف شيئاً جديداً لأن الحل العسكري كان دوماً على طاولة النظام وحلفائه، لكن الإكتشاف العجيب فعلاً هو كيف سيتمكن كيري من إحياء وقف النار في حلب. والسؤال الاساسي الآن هو:
ماذا ستقرر أميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا وايطاليا في إجتماع اليوم في المانيا في شأن وقف التدهور في سوريا، وكيف سيترجم أوباما ما كشفته عنه "الواشنطن بوست" من انه يدرس توجيه ضربات عسكرية الى الأسد، وخصوصاً بعد إعلان موسكو ان هذا سيزلزل الشرق الأوسط؟ وماذا علينا ان نصدّق، هل ان صبر أميركا قد نفد وانها علّقت إتصالاتها مع روسيا، أم أن كيري يلهث فعلاً في الكواليس الديبلوماسية وراء لافروف لإحياء الهدنة المسخرة، وهو ما لن يحصل في النهاية وخصوصاً لأن لافروف يواصل زركه في زاوية مستحيلة، عندما يقول إن واشنطن فشلت في الوفاء بإلتزامها الرئيسي المتعلق بفصل المعارضة المعتدلة عن جبهة "النصرة"!
فصل المعارضة المعتدلة عن "النصرة"، أو فصل الدبس عن الطحينة!