حدثان سياسيان يخطفان الأنظار اليوم. الأول صباحاً وهو عودة الحياة إلى جلسات مجلس الوزراء بعد أن فشل سعد الحريري في إقناع تمام سلام تأجيل الجلسة. والثاني هو البيان الذي سيصدر عقب جلسة كتلة نواب المستقبل وما يُحكى عن إمكانية أن يفعلها الحريري ويُعلن رسمياً تأييده لترشيح ميشال عون، اليوم، او في غضون أسبوعين
التوقيت الصائب هو ما ينتظره رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لإعلان تبني ترشيح العماد ميشال عون رسمياً إلى رئاسة الجمهورية. عاد من زيارته للسعودية وروسيا، ولا يزال على موقفه: فتح باب وصول عون إلى قصر بعبدا، على قاعدة أن هذا الخيار هو الوحيد الممكن حالياً.
وبعدما استقبله وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، لم يعد بمقدور معارضي مبادرة الحريري الجديدة التذرع بموقف غير معلن للرياض للقول إن السعودية تعارض وصول عون إلى بعبدا. ففريق الحريري يجزم بأن «حكام المملكة» لن يعلنوا أي موقف من الملف الرئاسي اللبناني، بعدما أدوا قسطهم للعلى عندما أيدوا ترشيح النائب سليمان فرنجية، من دون أن يلاقيهم حزب الله في منتصف الطريق. وبالتالي، هم «ليسوا مستعدين للتنازل مجدداً» عبر إعلان ترشيح عون. وتجزم المصادر القريبة من الرياض بأن لقاء الحريري ــــ بن سلمان فتح باب تسوية مشكلات رئيس تيار المستقبل المالية والسياسية، لكن «من دون أن يصدر قرار فوري بمعالجة أزمة «سعودي أوجيه». فُتِح مسار لتسوية الأوضاع». وتؤكد المصادر عينها أن السعودية ستساعد الحريري سياسياً من خلال عدم إعلان موقف سلبي من مبادرته.
في هذا الوقت، يسيطر حبس الأنفاس على كل المتحمسين لخيار عون، وأبرزهم، بطبيعة الحال، التيار الوطني الحر الذي ينتظر بشرى سارّة بعد العودة الثانية للحريري من زيارته لروسيا والسعودية. الجديد في الملف الرئاسي، هو وجود أجواء تؤكد أنّ الحريري سيُعلن بعد اجتماع كتلته النيابية اليوم تبنيه ترشيح عون للرئاسة. مصادر مقربة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأخرى «مقربة جداً» من الحريري، نفت هذه المعلومة. فيما لم ينفها ولم يؤكدها نواب في كتلة المستقبل. وقالت مصادر قريبة من الحريري إنه «أبلغ أكثر من طرف التقاه أنه حسم قراره بدعم ترشيح عون إن ساعدته الظروف، لكنه لن يعلن ذلك على الملأ إلا إذا تأكد من ضمان عون للرئاسة، لأنه لا يريد تكرار تجربة ترشيح فرنجية التي رتبت عليه تداعيات كثيرة داخل تياره وبيئته».
وفي وقت اعتبرت فيه مصادر مطلعة على تفاصيل مبادرة الحريري أن «التصويب عليها سببه جديتها»، أكدت مصادر وزارية مطلعة على زيارة الحريري لروسيا أن «موقف موسكو السلبي من عون، كما سرب سابقاً، قد تبدل. والحريري الذي لم يناقش الأسماء المرشحة، سمع كلاماً روسياً أكد دعم أي خيار سيعتمده، بعد أن كانت موسكو تشدد على تفضيلها خيار الرئيس التوافقي». وفي وقت أكدت فيه المصادر أن «الرئيس بري ليس وحده من يقف حجر عثرة في طريق عون إلى بعبدا، وأن ما يحكى عن موقف السعودية السلبي ليس صحيحاً»، أشارت إلى أن «الرياض لن تدخل في الأسماء بشكل واضح، وهذا الأمر لن يمنع الحريري من إعلان موقفه النهائي إن قرر دعم عون الذي ترتفع حظوظه». ولفتت المصادر إلى أن الحريري سيُعلن ما بين «١٥ و٢٠ من الشهر الجاري كل ما تتضمنه المبادرة، وسيكون هناك موقف مهم».
مصادر بارزة في التيار الوطني الحر قالت لـ «الأخبار» إنه «لا جديد على خط عين التينة»، متوقعة أن «تبقى الأمور على ما هي عليه حتى يعلن الرئيس الحريري ترشيح العماد عون رسمياً. وعندها يمكن أن يكون هناك جديد يجري الكلام حوله». وأكّدت أن «الكرة في ملعب الرئيس بري بعدما عملنا كل اللازم من جهتنا، سواء عبر كلام العماد عون أول من أمس، أو لجهة عدم استغلالنا موقف بكركي لنقوِّص عليه، وتأكيد الوزير جبران باسيل من على منبر بكركي أن من حقه وواجبنا أن نتفاهم معه، وأبدينا استعدادنا لإجراء تفاهمات وإعطاء طمأنات، ولكن من دون شروط».
وعما إذا كان التيار الوطني الحر قد تبلّغ من الحريري أجواء ما دار في لقائه ابن سلمان، قالت المصادر: «إننا في جو ما دار بينهما»، رافضة إعطاء تفاصيل. لكنها لفتت إلى أنه «منذ بداية الكلام معنا في شأن هذا الملف أُبلغنا بأن ليست هناك مشكلة سعودية». وأشارت إلى أن مساعي وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي زار الرياض أخيراً، موفداً من النائب وليد جنبلاط وبرّي، «فاتت بالحيط».
استياء مستقبليّ من سلام: ينفّذ طلبات بري!
على صعيد مجلس الوزراء، وبعد مرور أسبوعين على انعقاد آخر جلساته، فشلت هذا الأسبوع محاولات تأجيل الجلسة، خاصة تلك التي حاول القيام بها الحريري، «لأن الرئيس تمام سلام لا يجد مبرراً لتأجيلها، وهو تهمه صورة الحكومة أمام الرأي العام»، استناداً إلى مصادر وزارية «وسطية» كانت تتساءل عما إذا كان سيجري تأمين النصاب بغياب الوزراء أليس شبطيني وعبد المطلب حناوي (بداعي السفر) ورمزي جريج (بداعي المرض)، إضافة إلى الوزيرين المستقيلين آلان حكيم وأشرف ريفي، وبغياب وزيري التيار الوطني الحر، وإمكان تغيّب الوزير ميشال فرعون الذي ينتهج أخيراً نهج المهادنة مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
الجلسة التي تُعقد قبل ظهر اليوم ستُخصص لاستكمال مناقشة جدول الأعمال الموزع سابقاً، ومن أبرز بنوده تعيين رئيس جديد للجامعة اللبنانية ومدير عام لوزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس مصلحة الأبحاث العلمية. وقد أضيف بندان، الأول يتعلق بالدعوى التحكيمية مع شركة J&p - avax المشغلة لمعمل دير عمار 2 لجهة عدم تنفيذ العقد الموقع بينها وبين الدولة اللبنانية. لذلك يتضمن البند طلب تعيين مُحكّم دولي من قبل الدولة اللبنانية وتعيين مكتب محاماة. أما البند الثاني، فهو مشروع قانون إطلاق سندات الخزينة.
على الرغم من انتشار أخبار تفيد بأن أي قرار لن يُتخذ في الجلسة، رغبةً من سلام في عدم استفزاز الحريري الذي كان قد طلب تأجيلها، إلا أن كل المعطيات التي توافرت لـ«الأخبار» من مصادر وزارية تفيد بأن لا شيء يمنع اتخاذ هذه القرارات إذا توافر النصاب. وتستند المصادر إلى إضافة بندين إلى جدول الأعمال لتأكيد وجود «نية لتكون الجلسة مثمرة». السؤال المركزي بشأن الجلسة كان متصلاً بحضور وزراء حزب الله أو عدمه. الحزب لم يعلن موقفه. لكن علمت «الأخبار» أنّ من المرجح أن يشارك الوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن في جلسة اليوم، «لأن أسباب المقاطعة قد انتفت، وهي الأزمة التي نتجت من التعيينات العسكرية». وفيما تأكدت مشاركة وزير تيار المردة روني عريجي، رفضت مصادر التيار الوطني الحر كشف ما إذا كان وزيرا التيار سيشاركان في الجلسة، لافتة إلى أن «القرار متخذ، والخيارات ثلاثة: الغياب، والمشاركة، ونصف مشاركة». غير أن مصادر في 8 آذار رجحت لـ»الأخبار» أن تشهد الجلسة «نصف مشاركة» عونية عبر حضور وزير التربية الياس بو صعب، خصوصاً أن على جدول الأعمال بنوداً خاصة بوزارة التربية.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن هناك جواً من الاستياء في تيار المستقبل من أداء رئيس الحكومة تمام سلام بعد دعوته إلى جلسة الحكومة غداً. ولفتت مصادر مطلعة إلى أن سلام دعا إلى الجلسة «نزولاً عند طلب الرئيس بري، رغم أن الرئيس الحريري لم يكن مهتماً بانعقادها». ولفتت إلى أن هذا الاستياء عبّر عنه التيار بتغيّب وزير الداخلية نهاد المشنوق عن الجلسة الماضية التي غاب عنها باسيل وبو صعب، والتي كان بري أيضاً أبرز المتحمسين لعقدها.