لم يعلن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري أمس عن أي لقاء أو نشاط علني له في "بيت الوسط" على رغم وجود الحريري في بيروت منذ ليل الاثنين والتي عاد اليها من موسكو الامر الذي زاد حال الترقب لخطواته التالية في سياق مبادرته الهادفة الى تحديد الخيار الرئاسي الذي يمكن ان يفضي اليه تحركه الذي بدأه قبل أسابيع. وترصد الاوساط السياسية ما اذا كان البيان الذي ستصدره اليوم كتلة "المستقبل" التي ستعقد اجتماعها المرجأ من الثلثاء بسبب زيارة الحريري لموسكو وسفر الرئيس فؤاد السنيورة الى الكويت، سيحمل جديداً في شأن تحرك الحريري وخصوصا في ظل المواقف التصالحية والتطمينات التي عبّر عنها رئيس "تكتل التغيير والاصلاح " العماد ميشال عون في مقابلته التلفزيونية مساء الثلثاء والتي لم تأخذ اصداؤها بعد المدى الواسع في التقويم العلني على الاقل.
في ظل هذا المناخ المشوب بكثير من الغموض، لم يكن غريباً ان يحدث بيان مجلس المطارنة الموارنة امس دويا واسعا بحيث بدا استكمالاً للصدى الذي أثارته عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الاحد والتي حمل فيها بشدة على مبدأ سلة التفاهمات السابقة لانتخاب رئيس الجمهورية كممر الزامي لانتخابه. ذلك ان بيان مجلس المطارنة اتسم بأهمية بارزة لجهة اتساعه لمواقف حازمة في قضية الازمة الرئاسية كما في قضايا مصيرية وطنياً واجتماعياً واقتصادياً وجاء في صيغة "نداء " ليستعيد مسار النداءات التي درجت عليها بكركي في الحقب المأزومة منذ اطلاق نداء أيلول 2000 الشهير. وفي تبنيه لعظة البطريرك الراعي الاخيرة جدد البيان – النداء وضع حد حاسم في شأن التقيد بالدستور في انتخاب رئيس الجمهورية "من دون ان توضع عليه أي شروط مسبقة ولكي يكون الرئيس الحكم لا الرئيس الطرف ولا الرئيس الصوري". كما قرن هذا الموقف بالتشديد على "التقيد بالميثاق الوطني وتكريس ثوابته". وفي تأييد واضح لمسعى الرئيس الحريري رحب المجلس "بالجهود والمشاورات المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية". كما تطرق الى ملف قانون الانتخاب داعياً الى قانون "يطلق مسارا لتمثيل حقيقي يفسح لقوى جديدة وروح جديدة تصل الى مجلس النواب". وختم بالدعوة الى "مصالحة وطنية شاملة تطوي صفحة الماضي وتعيد الاعتبار الى التسوية التاريخية التي جسدها اتفاق الطائف".
واذ بدا لافتاً ان يسارع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أي مرجع سياسي أو رسمي أو أي شخصية أخرى الى الترحيب ببيان المطارنة الموارنة "بكل مندرجاته الذي لا يتعارض مطلقاً مع بنود الحوار الوطني" كما قال، أعربت أوساط سياسية مطلعة عن اعتقادها ان البيان سحب من خلال تشبثه بالاصول الدستورية وباصراره على المناداة بمصالحة شاملة فتائل التوظيف السياسي لتلبد العلاقة بين بكركي وأي فئة أخرى من جهة، كما أعاد الى بكركي وهج الموقف المبدئي الحازم الذي يتجاوز الحسابات المصلحية لاي فريق أو حتى للمرشحين الرئاسيين. واشارت الى ان هذا البيان أدخل عاملاً جديداً على معادلة التحرك الداخلي في اتجاه حل الازمة الرئاسية لا يمكن تجاهلها بصرف النظر عما يمكن ان يؤول اليه هذا التحرك الذي يواجه عدا عكسياً حرجاً يصعب معه الركون الى اي توقعات متسرعة وسط العقبات الماثلة امامه.
أما في الاصداء السياسية للبيان، فابرز الامين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد اهمية النقاط الثلاث التي تضمنها لجهة المصالحة الوطنية الشاملة والتشديد على الطائف ورفض فرض شروط فئة واحدة. وصرّح سعيد لـ"النهار" بان هذا البيان "أعاد ربط الخط البياني التاريخي لبكركي في رعايتها اتفاق الطائف ومنع أي انزلاق نحو كل انتهاك له كما يؤشر لتطور بالغ الاهمية من خلال تمسكه بالتسوية التاريخية التي يجسدها الطائف، فضلاً عن انه يؤكد ان المشكلة لا تحل بانتخاب رئيس الجمهورية فقط بل تتطلب مصالحة وطنية شاملة ".
الحكومة
وسط هذه الاجواء تكتسب عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد اليوم دلالات بارزة وخصوصاً بعدما حسم "حزب الله " موقفه ايجابا من مشاركة وزيريه في الجلسة. وأفادت مصادر وزارية "النهار" مساء أمس ان الحزب أبلغ رئيس الوزراء تمام سلام ان وزيريه سيحضران الجلسة، كما ان وزير الثقافة روني عريجي سيشارك فيها فيما، أكد وزير العمل سجعان قزي بدوره انه سيحضر الجلسة. ولكن لم تفلح المساعي في اقناع وزراء "تكتل التغيير والاصلاح " بالمشاركة في الجلسة. وعلم ان جدول الاعمال المؤجل سيطرح على النقاش متضمناً تعيين رئيس جديد للجامعة اللبنانية كما وزع على الوزراء أكثر من 150 مشروع مرسوم لتوقيعها. وعشية الجلسة قال الرئيس سلام خلال رعايته اطلاق مشروع "نهوض لبنان نحو دولة الانماء" بمبادرة من رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس في السرايا ان "لبنان يمر بواحدة من أصعب المراحل في تاريخه"، مشدداً على ان "المدخل الى التحصين الوطني هو ان نذهب اليوم قبل الغد الى انتخاب رئيس الدولة"