عاد الحريري إلى بيروت بعد جولة بلا نتائج , الاولوية لسوريا ولا أحد يضع لبنان في الجدول 

 

السفير :

بدا العماد ميشال عون أمس، مطمئناً الى نيات الرئيس سعد الحريري وقراره المرتقب، موحيا بان مسألة الاعلان الرسمي من قبل رئيس «المستقبل» عن ترشيحه، تمهيدا لانتخابه رئيسا، هي مسألة وقت قصير لا يتجاوز حدود أواخر الشهر الحالي.
حاول عون في إطلالته التلفزيونية ان يريح القلقين من احتمال انتخابه، وان يمد الجسور في مختلف الاتجاهات، متوجها الى أصحاب الهواجس بيد ممدودة، وبلغة هادئة واحتوائية صاغ بها مسودات «رسائل التطبيع».
تكلم الجنرال كرئيس للجمهورية «مع وقف التنفيذ»، في انتظار صوت الحريري المرجّح. طرح معالم برنامجه الرئاسي، طمأن الطائفة السنية، شدد على التزامه بـ «الطائف»، أكد أحقية الحريري برئاسة الحكومة، استوعب الرئيس نبيه بري مخففا من وطأة نقاط التباين ومعززا القواسم المشتركة، جدد ثقته في «حزب الله» وسمير جعجع.. و «لاطف» زغرتا.
وقال عون في مقابلة مع محطة «أو تي في»: تفاهمنا مع الحريري على المواضيع كافة وتفهمّنا هواجس «تيار المستقبل»، وهناك مرحلة محددة الوقت للتواصل مع الحريري والتصور الزمني أن يكون الاتفاق قبل الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس، لافتا الانتباه الى ان الحريري لديه التمثيل الأكبر ضمن الطائفة السنية ومن الطبيعي أن يكون موجوداً في رئاسة الحكومة.
وأوضح انه جرت محاولات عدة للتفاهم مع الحريري وهذه المحاولة هي الأقرب من التفاهم، وعندما تكتمل المواقف يمكن عقد جلسة انتخاب الرئيس قبل موعدها المحدد.
ولفت الانتباه الى انه لا يمكن لأحد أن يتخيل لبنان من دون السنّة، وأنا اميّز بين الأصوليين وبين الاسلام المعتدل الذي عشنا معه طوال حياتنا، مشيرا الى ان هناك الكثير من التضليل الاعلامي الذي طال علاقتي مع الطائفة السنية.
وشدد على انه لم يكن ضد الاصلاحات في اتفاق «الطائف»، داعيا الى تنفيذه من دون اجتزاء.
وأشار الى ان المملكة السعودية تركت للبنانيين تقدير الموضوع والاختيار في الملف الرئاسي.
وحول العلاقة مع الرئيس نبيه بري، أعتبر ان هذه العلاقة يجب أن تكون في المبدأ، جيدة، إذ لا خلاف بيننا في السياسة، لافتا الانتباه الى ان القانون الانتخابي يجب أن يكون بالتوافق مع الأفرقاء كافة ولا خلاف حوله مع برّي.
وردا على سؤال، اجاب: علمياً كل مجلس نوّاب غير منتخب هو غير شرعي والمقصود بهذا الكلام المجلس ككل وليس الأشخاص، ونحن لم نوقف عمل المجلس ومستمرون به.

وأشار الى ان «حزب الله» كرّر مراراً تأييد ترشيحي للرئاسة وأنا أثق في موقفه، كما أبدى ثقته في تأييد سمير جعجع، وأكد ان زغرتا عزيزة علينا وتبقى.
فرنجية «مرتاب»
في المقابل، قال رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لـ «السفير»: لماذا لا يتم الاعلان عما تم الاتفاق عليه بين نادر الحريري وجبران باسيل، كما اعلنا نحن عما اتفقنا عليه مع الرئيس الحريري؟، لافتا الانتباه الى أن «ذلك يعطي أجوبة على كثير من الاسئلة».
بري.. والصلاحيات
أما الرئيس نبيه بري، فقد استغرب امام زواره أمس، اتهام البعض له بالسعي من خلال سلة التفاهمات التي يقترحها الى مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، معتبرا ان من يطلق هذا الاتهام لا يعرف المحتوى الحقيقي لما سمي مجازا «سلة»، في حين ان جوهر الامر يتعلق ببنود جدول أعمال الحوار التي تتناول انتخاب الرئيس ووضع قانون الانتخاب وتفعيل عمل الحكومة في انتظار انجاز الاستحقاق الرئاسي، وهذه بنود ليست من اختصاصات رئيس الجمهورية، إضافة الى انه لا يتضرر من إيجاد تفاهم عريض مسبقا في شأن كيفية تشكل الحكومة، بل لعله المستفيد الاكبر من ذلك. وتابع: المريب ليس في مضمون السلة وإنما في المفاوضات الثنائية التي تتم في الكواليس حول تقاسم السلطة والحصص.
واضاف: لا أحتاج الى من يعلمني صلاحيات الرئيس وأنا الذي كنت الأحرص عليها حين فرّط البعض بها، لافتا الانتباه الى انه دافع عن هذه الصلاحيات عندما انبرت الحكومة المبتورة الى اقرار اتفاقية المحكمة الدولية، في ظل غياب رئيس الجمهورية الذي يعود له حق التفاوض حول الاتفاقيات والمعاهدات الخارجية، وقد وصلت في موقفي الى حد اقفال ابواب مجلس النواب امام قرابة 69 مشروع قانون لم تخضع للآلية الدستورية.
مجلس الوزراء
والى حين اتضاح الصورة الرئاسية المشوشة في الايام المقبلة، وجه رئيس الحكومة تمام سلام دعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء عند العاشرة قبل ظهر غد الخميس، لاستكمال مناقشة جدول الأعمال الموزع سابقا.
وفيما أبلغت مصادر مطلعة «السفير» انها ترجح مشاركة وزيري «حزب الله» في الجلسة، أكد وزير «المردة» روني عريجي لـ «السفير» انه سيحضر بمعزل عن مواقف الآخرين، مشيرا الى ضرورة فصل مسار عمل الحكومة عن التجاذبات السياسية التي يجب ان تُعالج في الحوار الوطني او الحوارات الثنائية او في اي اطار مناسب. وشدد على ان «المردة «يرفض تعطيل مصالح الدولة والمواطنين، منبها الى ان أولوية مجلس الوزراء يجب ان تكون الاهتمام بشؤون الناس التي لم تعد تحتمل المزيد من التسويف والتأجيل.
الحريري ـ لافروف
على خط آخر، لم تنفع الكلمة المطوّلة للرئيس سعد الحريري في مقر الضيافة التابع لوزارة الخارجية الروسيّة في إدخال وزير الخارجية سيرغي لافروف الى صلب الموضوع الذي جاء لأجله من بيروت إلى موسكو.
بقي الوزير الروسي على القضيّة التي تهمّ بلاده: سوريا، التي أفرد لها معظم كلمته، وحتى تعقيبه على كلمة الحريري. وأكثر من ذلك، دخل لافروف إلى الأزمة اللبنانيّة من «الباب الشامي»، ليشير إلى حجم الصعوبات التي يتعرّض لها لبنان من جراء وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه، بسبب الإرهابيين الموجودين في سوريا حاليا، مضيفا: نحن نعطي للبنان الدعم المالي والإنساني لكي يتغلب على أزمة اللاجئين، ونعرف أن الجيش اللبناني يواجه «داعش» و «جبهة النصرة» على الحدود مع سوريا، ونحن نؤيد لبنان في هذا المجال.
أتى لافروف بالحلّ من خواتيمه، رابطاً الوضع اللبنانيّ بالسوريّ، إذ شدّد على «مواصلة التنسيق مع الجميع وخصوصا مع أصدقائنا في لبنان، لوضع حل للأزمة في سوريا، يصب في صالح الاستقرار في لبنان».
أما في شأن الموضوع الأساسي، أي انتخاب رئيس للجمهوريّة، فلم يتناوله لافروف إلّا بجملة واحدة حينما عبّر عن «تأييد جهودكم (الحريري) من أجل التغلّب على الأزمة السياسيّة».
هكذا من دون الإشارة بالاسم إلى الأزمة، أوحى وزير الخارجيّة الروسي ببرودة لم تخالف التوقّعات بشأن عدم وجود الاستحقاق الرئاسيّ ومرشحيه على سلمّ أولويّات موسكو. وبالتالي، بدا لافروف جازماً بأنّ العيون الروسيّة مصوّبة إلى سوريا، ولا شيء غيرها، رامياً سهامه على أميركا.
أمّا الحريري فحاول العودة إلى مبادرته الرئاسيّة بتذكيره لافروف أنه قام بمبادرات عدة لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، ولكن حتى الآن هناك معطل أساسي هو «حزب الله» ومن دون شك، فإن الأزمة السورية تشكل بالنسبة الينا حملا ثقيلا، وهناك تحديات كبيرة لدينا، وخصوصا مع وجود أكثر من مليون و200 ألف لاجئ سوري في لبنان. هؤلاء أتوا إلى لبنان قبل ظهور «داعش» عندما كان النظام في سوريا لا يعامل شعبه بالشكل الذي يجب أن يعامله فيه».
على باب مقرّ الضيافة التابع للخارجيّة الروسيّة، وقف «دولة الرئيس المنتظر» ليلخّص «بروفيله» علّه يشجّع الروس، بقوله: «أنا لبناني معتدل، مسلم سني، ضد أي نوع من الإرهاب، فالذين يدّعون أن هذا هو الإسلام من داعش أو النصرة أو القاعدة أو غيرها من المنظمات الإرهابية لا يمثلون أي نوع من الإسلام».
ولم يفت رئيس «تيّار المستقبل» أن يذكّر بالمساعدات الروسيّة للجيش التي لم ترَ النّور، شاكرا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المساعدات للجيش اللبناني وأيضا المساعدات المادية التي تأتي للاجئين السوريين».
وأقام لافروف مأدبة غداء على شرف الحريري والوفد المرافق الذي ضم النائبين السابقين غطاس خوري وباسم السبع ونادر الحريري ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان.
وكان الحريري قد استقبل في مقر إقامته السفير اللبناني في موسكو شوقي بونصار، بحضور مستشاري خوري وشعبان.

 

النهار :

في انتظار موعد الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، الموعد المنتظر لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد 29 شهراً من الشغور، تتجه الانظار الى ما يمكن ان يحققه الرئيس سعد الحريري في حركته المكوكية داخلياً وخارجياً، وسط أجواء ضبابية تراوح بين المتفائل بردم الهوة بين "التيار الوطني الحر" وسائر الأفرقاء وقرب التفاهم على مجمل النقاط العالقة، والمتشائم بصعوبة التوصل الى تفاهم على العماد ميشال عون رئيساً، خصوصا ان السجال الاخير بين بكركي وعين التينة عقد الامور العالقة أصلاً. وبدا ان المواقف المتصلبة لم تتبدل، وقد أكد الرئيس نبيه بري امس انه لا يرى "انتخاب الرئيس غداً او قريباً"، وأضاف: "يقول البعض إن السلة انتهت، بالنسبة إلي هي موجودة وهم أحرار وليدلوا بما يريدون. ويبدو أن هؤلاء لا يعرفون ما تضمنته هذه السلة، اذ ليس فيها أي بند يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية أو النيل منها. أطلقت عليها اسم السلة وهي في الاساس بنود طاولة الحوار وفي مقدمها انتخاب الرئيس إضافة إلى قانون الانتخاب وهو في الأساس من مهمة مجلس النواب. واتفقنا على البدء أولا بانتخاب الرئيس".
وأفادت مصادر متابعة لـ "الحركة الرئاسية" أن الاتصالات الخارجية أيضاً لا توحي باجواء ايجابية، فزيارة الحريري لموسكو ولقاؤه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خرجت بتشجيع على استمرار المساعي لانتخاب رئيس من غير ان تحسم التأييد الروسي للعماد عون، كما لم تتعهد موسكو الضغط على طهران ودمشق أو أي جهة معطلة لاتمام الاستحقاق، بل تخوفت المصادر من الكلام عن ربط الاستحقاق بالازمة السورية، اذ تحدث لافروف عن "وضع حل للأزمة في سوريا يصب في مصلحة الاستقرار في لبنان".
وتحدثت المصادر الى "النهار" عن موقف فرنسي مماثل غير قابل للمعالجة حيال عون، بل عن اتجاه الى دعم مرشح حيادي يمكن ان يعيد بناء الثقة بين اللبنانيين. وعن الموقف السعودي اختصرت المصادر الوضع بالقول إن "لا ضوء اخضر". وخلصت الى "الاجواء غير مشجعة لاستكمال المبادرة لكن صاحبها سيمضي بها الى الاخر، وبعدها يرفع عن نفسه المسؤولية".
ومن طهران، عادت الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بعد لقاءات شملت نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية جابر الانصاري ونائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية عبَاس عراقجي تركَزت على الوضع في لبنان والتطورات الاقليمية، ولم ترشح أي معلومات عن نتائج زيارتها، باستثناء بيان رسمي أكد ضرورة التزام اجراء الاستحقاقات.

 

عون
ومساء أمس، أطل العماد عون في حديث تلفزيوني عبر "او تي في" موزعاً رسائل ايجابية في غير اتجاه، وخصوصاً حيال الرئيس الحريري والطائفة السنية، فأكد ان العلاقة مع الحريري لم تنقطع يوماً، وهو الاكثر تمثيلا للسنة في لبنان ومن الطبيعي ان يكون على رأس الحكومة. وقال: "تفاهمنا مع الرئيس الحريري على كل المواضيع وتفهمنا هواجس تيار المستقبل". وأضاف ان السعودية تركت موضوع الرئاسة للبنانيين كي يقرروا. وأكد ان وثيقة التفاهم مع "حزب الله" ليست موجهة ضد السنة، وان سلاح المقاومة ضد اسرائيل مشروع والبحث فيه مؤجل. ونفى وجود خلاف مع بري، لكنه لاحظ انتخاب الرئيس يجب ان يكون منفصلاً عن السلة، ويجب الا تكون شروط مسبقة على الرئيس.

 

مجلس النواب
على صعيد آخر، تسلم أعضاء هيئة مكتب مجلس النواب أمس جدولاً من 36 اقتراح قانون معجّل مكرّر و47 مشروع قانون واقتراح قانون أنجزتها اللجان النيابية من أجل درسه، وتالياً مناقشته في الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس بري ظهر الإثنين المقبل من أجل وضع جدول أعمال باقتراحات تحمل "صفة الضرورة".
وأوضحت مصادر نيابية أن معظم هذه الإقتراحات لا تحمل أي صفة ضروري، باستثناء اقتراحين للنائب ياسين جابر عن تعديل قانون الإجراءات الضريبية (يحمل الرقم 34) وعن تحديد الموجبات بنشاط TRUSTEE (يحمل الرقم 35) ويتعلقان بالتشريعات الدولية.
وأبلغت وكالة "اخبار اليوم" أن هناك اقتراحات معجّلة مكرّرة ما يعني أنها لم تُدرس ولم تقرّها اللجان النيابية المختصة، مشيرة الى أن هذا الجدول يحمل بذوراً خلافية. وتساءلت هل من الضرورة طرحها الآن، مضيفة أن القوى المسيحية كانت قد طالبت بإدراج قانون الإنتخابات النيابية بنداً أول على جدول أعمال أي جلسة تشريعية.
وكانت مصادر "التيار الوطني الحر" أكدت لـ"النهار" ان مشاركة نواب "تكتل التغيير والاصلاح" في الجالسة التشريعية مرهون بإدراج قانون الانتخاب بنداً أول على جدول الأعمال.

مجلس الوزراء
من جهة أخرى، وجه الرئيس تمام سلام دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء غدا الخميس، لكن الجلسة غير مضمونة الانعقاد والنتائج، ويمكن ان تصيبها عدوى عدم اكتمال النصاب، ذلك ان وزيري "حزب الله" لم يحسما أمر مشاركتهما حتى مساء أمس، شأن وزيري "التيار الوطني الحر"، وكذلك الوزير رمزي جريج لوجوده خارج البلاد، ولم يحسم الوزيران ميشال فرعون وسجعان قزي قرارهما. ورداً على سؤال لـ"النهار" تمنى قز"أن يحوّل الرئيس سلام الجلسة للبحث في موضوع النازحين السوريين، خصوصاً أنه أثار بشجاعة هذا الموضوع في الأمم المتحدة بنيويورك وقبل ذلك في القمة العربية بنواكشوط، كما أنني، كوزير للعمل وعضوٍ في اللجنة الوزارية للنازحين، طرحت مشروعاً متكاملاً مع روزنامة زمنية لإعادتهم إلى سوريا في سنتين. فلا يجوز أن نكتفي كحكومة، بما هي عليه من سلطة تنفيذية، بطرح أفكار ومشاريع فيما تثبيت النازحين السوريين في لبنان قائم على قدم وساق. إن واجب الحكومة الأول اليوم هو إقرار مشروع العودة وعرضه على المحافل العربية والدولية وبالتفاهم مع كل معني بهذا الموضوع، وإلا سلام على لبنان".

 

المستقبل :

عاد الرئيس سعد الحريري مساءً إلى بيروت بعد جملة مواقف واضحة وشفافة اتخذها من موسكو وضع فيها الاصبع على حقائق ومسبّبات الجرح الرئاسي اللبناني والنزف الدموي السوري، فحمّل خلال لقائه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف «حزب الله» مسؤولية التعطيل الأساسية للانتخابات الرئاسية ونظام بشار الأسد مسؤولية تهجير الشعب السوري من بلاده. أما على المستوى الداخلي، فسلسلة رسائل حرص رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على توجيهها في أكثر من اتجاه وعلى غير صعيد وملف في سياق وطني تسووي يهدف إلى طمأنة هواجس المكونات الوطنية حيال تطلعاته الرئاسية، مؤكداً في أبرز المضامين والعناوين التي طرحها خلال إطلالته المتلفزة مساءً على ضرورة تبديد أي «تضليل» يطال علاقته مع الطائفة السنية، ومشدداً على التزامه مسؤولية الدولة عن أمن مواطنيها وأراضيها ودستور الطائف و«الميثاق الذي كان يحترمه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الحكم»، فضلاً عن إبداء رفضه لاشتراط «سلة» التفاهمات المسبقة على الرئيس العتيد ليتضامن بذلك مع موقف بكركي باعتباره موقفاً يأتي في إطار «التنبيه» من مغبة حصول تجاوزات دستورية على موقع رئيس الجمهورية وصلاحياته. 

إذاً، استقبل وزير الخارجية الروسية ظهر أمس الرئيس الحريري في مقر الضيافة التابع لوزارة الخارجية، حيث عقد معه اجتماعاً استهله لافروف بالإعراب عن «الأسف الشديد» للأزمة السياسية التي يعيشها لبنان وعن تقدير موسكو «للدور المهم» الذي يلعبه الحريري ودعمها للجهود التي يبذلها «من أجل التغلب على هذه الأزمة»، متطرقاً في ملف الأزمة السورية إلى المسؤولية الأميركية والغربية عن إفشال الجهود لتسوية الأزمة وتنفيذ الاتفاقات والالتزامات المبرمة مع روسيا، مع تحميله مسؤولية تهجير النازحين السوريين إلى الإرهابيين. أما الحريري فأضاء على دور «حزب الله» التعطيلي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي رغم كل «المبادرات» لإنهاء الشغور، بينما لفت انتباه لافروف في مسألة النزوح السوري إلى أنّ السوريين «أتوا إلى لبنان قبل ظهور «داعش» عندما كان النظام في سوريا لا يُعامل شعبه بالشكل الذي يجب أن يعامله فيه»، مشدداً على وجوب إنهاء الأزمة السورية «بأسرع وقت ممكن بحل سياسي يكون عادلاً للشعب السوري لأن هذا الشعب مثل كل شعوب المنطقة يريد الحق في الحياة الكريمة والعادلة»، مع دعوته في هذا المجال روسيا إلى أن تستعيد دورها في الدفاع عن مصلحة الشعوب في المنطقة، مشيراً إلى أنّ «الشعوب العربية تنظر إلى روسيا وبخاصة في هذه المرحلة لكي تلاقي الحل بشكل عادل للشعب السوري وللمواطن السوري وللأطفال السوريين وخصوصاً ما يحصل في حلب«. في حين عاد لافروف ليشكر الحريري على تقديره «لدور روسيا التقليدي في ما يخص التعاون مع البلدان العربية»، مجدداً في المقابل تحميل المسؤولية حيال ما يجري في حلب إلى الولايات المتحدة والغرب. ثم أقام وزير الخارجية الروسية مأدبة غداء على شرف الحريري استكملت خلالها مواضيع البحث.

عون

في الغضون، وبينما تتجه الأنظار إلى بكركي اليوم لرصد المواقف الرئاسية التي سيُضمّنها المطارنة الموارنة بيانهم الشهري غداة زيارات متقاطعة عجّ بها الصرح البطريركي أمس وشملت رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي عبّر عن رفض تكبيل الانتخابات الرئاسية بشرط الاتفاق المسبق على «السلة» التي يطرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري، برزت مساءً الإطلالة التلفزيونية لعون عبر شاشة «otv» لما تخللته من عناوين «رئاسية» سعى من خلالها إلى طمأنة عموم اللبنانيين إلى مشروعه السياسي والوطني في حال انتخابه رئيساً للجمهورية. 

وإذ نوّه بالإيجابية التي طغت على محادثاته مع الرئيس الحريري معتبراً أنّ محاولة التقارب الأخيرة بينهما «هي الأقرب للتفاهم»، أكد عون التزامه بتنفيذ اتفاق الطائف ووقوفه إلى جانب «الإسلام المعتدل» وتأييده حسن العلاقات مع الدول العربية، رافضاً أي «تضليل إعلامي» حول علاقته مع الطائفة السنية وجازماً بأنّ التفاهم مع «حزب الله» ليس موجهاً ضد السنّة. وشدد عون على أنه من الطبيعي أن يحصل تفاهم بينه وبين الحريري بوصفه «زعيم الأكثرية السنية ولا بد من الاتفاق معه» لا سيما وانه عبر عن تأييده تبوؤ الحريري سدة رئاسة الحكومة، نافياً في الوقت عينه أن يكون الجانبان قد خاضا في أي مسائل تحاصصية على الحكم تتصل بالتعيينات أو بأسماء الأشخاص إنما «مواضيع عامة متعلقة بالطائف والأمن». ليوضح في كونه ملتزماً مسؤولية الدولة الحصرية عن الأمن على كامل أراضيها، مؤكداً عزمه في حال تبوئه رئاسة الجمهورية على الدفع باتجاه إقرار «استراتيجية دفاعية لتعزيز الوحدة الوطنية»، مع التشديد على أنّ «الوحدة هي السلاح الأمضى للدفاع عن لبنان بخلاف البندقية التي تأتي في المرتبة 20».

وعن «السلة» التي يطرحها بري، رفض عون وضع هذا الشرط المسبق على انتخاب الرئيس مؤكداً في الوقت عينه على أهمية إقرار قانون انتخابي جديد باعتباره «الأولوية الآن» بالتوازي مع أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية بينما القضايا الأخرى تحتمل التأجيل وتبقى رهن توافق اللبنانيين عليها. 

وفي معرض توجيهه رسائل ود وتوافق باتجاه مختلف الأفرقاء، قال عون إنه لم يقصد بعدم شرعية المجلس النيابي «أي جانب شخصي» تجاه بري إنما عنى أنّ المجلس أصبح «أمراً واقعاً والجميع يتمثل فيه» بما في ذلك نواب «التغيير والإصلاح» مذكراً بأنه سبق وقال لرئيس المجلس «مثلي مثلك بهالموضوع». في حين أشاد بمواقف رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط «الجدية» من الاستحقاق الرئاسي، كما شدد على حبه المستمر لزغرتا معقل رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، معتبراً في ما خصّ موقف «حزب الله» أنّ «الحزب سعى ولا يزال يسعى» لدعم ترشيحه.

وعن تراجعه عن دعوته السابقة للنزول إلى الشارع، أوضح عون أنّ الحريري تمنى عليه «تخفيف التوتر»، إلا أنه أكد أنّ «الاحتفال الشعبي في 13 تشرين لا يزال قائماً على طريق القصر الجمهوري».

أما في ما خصّ دعوة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام المجلس للانعقاد الخميس، فترك عون حرية القرار بالمشاركة من عدمها لوزيريه تبعاً للاتصالات التي يجريانها، مع تجديده الأسف لهذه الخطوة «غير الميثاقية».

الحكومة

وكان رئيس الحكومة قد وجّه أمس الدعوة إلى انعقادها بعد الغد لاستكمال مناقشة جدول الأعمال الموزع سابقاً، ونقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ سلام تبلغ من بري صباح أمس بأنّ وزيري «حزب الله» يعتزمان المشاركة في هذه الجلسة، موضحةً أنّه سيتخللها إقرار تعيينات إدارية مثل تعيين مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس الجامعة اللبنانية. 

الديار :

خاطب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون اللبنانيين كرئيس للجمهورية عارضاً برنامجه الرئاسي ووجه رسائل ايجابية وودية لجميع  القيادات السياسية، وخاطبهم بكل هدوء وديبلوماسية وراحة بال، محاولاً اشاعة اجواء من الاطمئنان لدى كل معارضيه وكل الذين عاشوا نقزة ان يصل الى رئاسة الجمهورية.
 تحدث العماد ميشال عون وكأن الرئاسة باتت مضمونه له، وحسمت لشخصه، ولذلك درس اجوبته الداخلية والخارجية بكل دقة، «مقللاً» من الخلاف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، مؤكداً الوصول الى التفاهم معه مـن دون المس بـ«الثـوابت» او تطـويق رئيـس الجمهورية بسلة من الشروط المسـبقة. 
نجح العماد ميشال عون امس في اطلالته التلفزيونية المدروسة بدقة، لجهة الاسئلة، والاجوبة لكنه في نفس الوقت حذر من الانتظار وعدم الوصول الى نتيجة ايجابية لأن من شأن ذلك خلق صدمة سلبية لدى الناس ستجبرنا على العودة الى الشارع وقيادة التحركات الشعبية في ذكرى 13 تشرين الاول على طريق القصر الجمهوري لرمزية هذه الطريق محدداً يوم 16 تشرين الاول.
العماد عون اكد التزامه بالطائف  وتطبيقه نصاً وروحاً وبرئاسة حكومة الوحدة الوطنية للرئيس سعد الحريري كونه الاقوى في طائفـته.
ووجه من خلال ذلك رسالة ايجابية للشارع  السني استتبعها ايضاً برسالة مماثلة للمملكة العربية السعودية وتأكيده انها لا تضع فيتو عليه وهي تركت امر رئاسة الجمهورية الى اللبنانيين.
العماد عون اكد ان حزب الله صريح في دعمه، وهو يقوم باتصالات لتذليل العقبات، استتبعها برسالة ايجابية للحزب عن الثلث الضامن في الحكومة، كما اعلن كامل ثقته بتفاهم معراب مع الدكتور سمير جعجع الحاسم في دعم ترشيحه.
العلاقة بين العماد ميشال عون والرئيس بري اخذت حيزاً من كلام الجنرال وحملت رسائل ودية مع التمسك بما قاله البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من رفض للشروط المسبقة على رئيس الجمهورية، لكن التفاهمات يجب ان تكون موجودة وجزءاً من العمل السياسي واحترام الدستور واي موضوع يتوافق عليه اللبنانيون، «ونحن متوافقون مع الرئيس بري على قانون الانتخابات واذا تم التوافق لا يهم اذا اقر القانون الانتخابي قبل انتخاب الرئيس او بعده، اما انتخاب الرئيس فهو عملية مستقلة وغير مشروطة بالسلة، سمعت اشياء كثيرة سلبية نقلا عن الرئيس بري تجاهي ولم اعلق عليها لان هناك من يحاول اللعب على العلاقة بيننا. وهناك مغرضون». كلام البطريرك الراعي حمل تنبيهاً وليس عرقلة، لا مشكلة اذا تم درس قانون الانتخابات في الجلسة التشريعية المقبلة لمجلس النواب، وقال «لا اؤمن بالقطيعة  والمسؤولية لا تسمح بذلك». لكن اذا اصر بري على الاستمرار برفض وصولي للرئاسة، «فكما تراني يا جميل اراك»، لكن عون تمسك بانتخاب الرئيس وانجاز قانون الانتخاب اولاً. وليس طاولة الحوار، وشدد على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية بعد اشهر.
وابدى ارتياحه لمواقف النائب جنبلاط «الساخرة والسياسة تتطلب في بعض الاحيان السخرية».
ووجه عون رسائل ايجابية للنائب سليمان فرنجيه بالقول «زغرتا عزيزة علينا» حتى انه لم ينس النائب عاصم قانصو والتحية له «رغم موقفه السلبي من ترشيحي، موحيا  بان حزب الله يعمل على تذليل العقبات.
وحرص العماد عون على توجيه الرسائل الايجابية للرئيس بري في اكثر من محطة نافيا وجود صفقة مسبقة مع الحريري «وتحدثنا فقط عن قانون الانتخاب والسياسات العامة، ولم تتحدث بالوزارة رغم اعتراضه على بعض الاشخاص وبالتفاهم يتم حل الامور، فنحن لا يمكن ان نعقد اي صفقة ثنائية ونحن مع كل المكونات اللبنانية».
وعن شرعية المجلس قال بوضوح «انا لم اقصد ان الرئيس بري غير شرعي او الاشخاص لكن المجلس لا يتمتع بالشرعية الشعبية لانه لم يأت بالانتخاب، لكننا اشتغلنا انا والرئيس بري من خلال هذا المجلس لنسيّر شؤون الناس واقرت القوانين ومستمرون فيه.
واكد ان سلاح المقاومة باق وليس مطروحاً للنقاش في ظل الصراع مع العدو الاسرائيلي، والعلاقة مع سوريا ستتبدل عندما تقر الاتفاقات ولن يبقى هناك قطيعة بين الحكومات والشعوب. واكد ان جوهر برنامجه الرئاسي اذا وصل الى بعبدا، التزام الاقلية برأي الاكثرية مع الحفاظ على مكونات الشعب اللبناني، وتطرق الى الوضع الاقتصادي وضرورة معالجته وكذلك الحفاظ على التوافق المسيحي - المسيحي وترك حرية القرار لوزيري التيار في شأن المشاركة بجلسة مجلس سالوزراء غداً معلناً اسفه لدعوة سلام، لكن عون كشف ان عدم اللجوء الى الشارع جاء بعد تمني الرئيس الحريري «لاننا نناقش الان  مسار مشترك».
العماد عون بهدوئه وديبلوماسيته نجح في تقديم نفسه بصورة ايجابية الى كل مكونات الشعب اللبناني، وبان الدستور سيكون حاسماً في عهده، وفي حل الخلافات ولن يحكم بالحديد والنار كما يحاول البعض تصويره،  رغم ان العماد عون ظهر من خلال حديثه ان الصفقة مع الحريري انجزت بالسر، وهذا الامر رد عليه الرئيس نبيه بري باستغراب الحملة على السلة، كاشفا عن اتصالات ناقشت كل التفاصيل بين طرفين حول ادق الامور، ولماذا يحلل ذلك العماد عون على  نفسه ويحرمه على غيره واكد انه متمسك بترشيح فرنجية.

ـ بري: «مش شايف» ان الرئيس سينتخب بيومين ـ

رد الرئيس نبيه بري امام زواره، على المعارضين للسلة وقال: يتكلمون عن السـلة وصــلاحيات الرئيــس واقول اولا: ما سمي اساسا بالسلة هو اسـاسـا ما تبقى من بنود الحوار الوطني، ولا يوجد اي بند فيها يتعلق بصلاحيات الرئيس «صاروا بدهم يعلموني عن صلاحيات الرئيس، والبند الاول هو انتخاب الرئيس».
2- قانون الانتخاب، ما هي علاقة قانون الانتخاب بصلاحيات الرئيس؟ هذا من صلاحيات مجلس النواب وانا من حرص على ان يكون البند الاول انتخاب الرئيس تقديراً واحتراماً لارادة الرئيس، وبعده قانون الانتخاب.
3- تفعيل الحكومة الحالية، وبعدها يتم تشكيل الحكومة في المرحلة الثانية وسأل بري «اين هذه البنود من صلاحيات الرئيس؟»
قيل للرئيس بري: هناك من يقول ان السلة انتهت، فرد بالقول، بالنسبة لمن يقول ذلك انتهت اما بالنسبة لي فهي قائمة ولم تنته.
واضاف رداً على سؤال «لقد ركزت على موضوع تفعيل الحكومة، لاننا لا نريد شل البلد الى ان ننتخب رئيسا للجمهورية».
وتابع «هناك اناس يرون ان الرئيس سينتخب خلال يومين، وانا مش شايف هيك... وكرر قوله: لست انا من يتخلى عن صلاحيات الرئيس فانا الاحرص على الرئيس والمؤسسات، ويكفي ان اذكرهم انني جمدت 68 قانونا في حكومة السنيورة... لانها اقرت في غياب الرئيس، وعندما اقرت المحكمة الدولية في غياب الرئيس جمدت القانون.
لكن العماد عون يؤكد انه قادر على تجاوز اعتراض بري، والرهان على حزب الله في هذا المجال، خصوصاً ان رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام عبدو ابو كسم زار الرئيس بري في عين التينة وجرى توضيح للمواقف. وهذا ما يؤكد الرغبة  في عدم تصعيد الامور بانتظار ما سيصدر عن المطارنة الموارنة اليوم حيث اعتبرت مصادر مسيحية ان البيان سيكون بمثابة «النداء». وعندها لكل حادث حديث.

الجمهورية :

تقاسَمت موسكو بعد السعودية وطهران، المشهدَ السياسيّ، بعدما تصدّرَ الملف الرئاسي المحادثات التي أجراها الرئيس سعد الحريري في الرياض أمس الأوّل مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قبل أن ينتقل إلى روسيا للقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وتردد أنه عاد مساء أمس إلى لبنان، في وقتٍ أنهت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ زيارةً إلى إيران دامت يومين بَحثت خلالها مع مسؤولين إيرانيين في سُبل وضعِ حدّ للشغور الرئاسي في لبنان. في الموازاة، توزَّع الاهتمام في الداخل بين بكركي التي تحوّلت خليّة نحلٍ مِن خلال التفاف مسيحيّ ماروني منسّق حولها، وتمثّلَ بلقاء ثلاثي بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وبخلوةٍ بين باسيل وجعجع، عقبَ سجالِ «السلّة» وعشية اجتماع مجلس المطارنة الموارنة، والرابية التي أطلقَ منها رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون جملة مواقف اتّسَمت باللهجة الهادئة والاعتدال.

شخصَت الأنظار أمس إلى بكركي التي شهدت لقاءً ثلاثياً بين الراعي وباسيل وجعجع، وحتماً كان الأمر منسّقاً ومتفَقاً عليه بين جعجع وباسيل دعماً لموقف البطريرك الماروني الذي رفضَ في سياق عظتِه يوم الأحد الفائت سلّةً مسبَقة لانتخاب رئيس للجمهورية.

وبدت كلمتا جعجع وباسيل متناغمتين بعدما اجتمعا جانبيّاً في إحدى الغرَف قبل أن يعلن باسيل «أنّ أيّ أمر شرطي لانتخاب الرئيس هو من دفع بكركي إلى أن ترفع صوتها باتجاهه، ونحن نفهم الأمر»، وقال «نحن لا نقبل بأيّ أمر شرطي لانتخاب الرئيس».

أمّا جعجع فرفض مبدأ السلّة «جملةً وتفصيلاً»، معتبراً أنّ عون «لا يتفاوض على سلّة ولن يتفاوض على سلّة بحسب معلوماتي». وقد ذهبَ أبعد من ذلك عندما أكّد أنّه لا يستطيع «إلّا الربط بين موقف بري وحزب الله».

وكان قد سبَقهما إلى بكركي وزير الزراعة النائب أكرم شهيّب مبشّراً الراعي بحلولٍ لأزمة تصريف التفاح، وقد أعربَ شهيّب عن تأييد «الحزب التقدمي الاشتراكي» للتوافق على وصول أيّ مِن المرشّحين الحاليين للرئاسة.

خريطة طريق لبكركي

وعلمت «الجمهورية» أنّ الاتّصالات في بكركي استمرّت حتّى ساعات متأخّرة من ليل أمس تحضيراً لاجتماع مجلس المطارنة الموارنة اليوم. وقد تلقّى الصرح البطريركي المزيدَ من الاتصالات المؤيّدة لموقف الراعي، من شخصيات سياسية وفعاليات من كلّ الطوائف.

وأوضَحت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «الاتّجاه هو لتوجيه نداءٍ بعد اجتماع المجلس، حيث سيكون بالزخم نفسِه الذي وُجّهت فيه النداءات السابقة». وأشارت إلى أنّ الراعي «لن يتراجع عن مضمون عظته، والنداء اليوم لن يكون أقلّ مِن سقفِ العظة، بل سيُعيد تصويب البوصلة، وكلّ الكلام عن أنّ البطريرك سيغيّر مواقفَه لا أساس له من الصحّة».

واعتبَرت المصادر أنّ الراعي «أعاد تصويبَ الأمور ووضَعها في نصابها، وقد خرج بهذا الموقف القوي بعدما باتت رئاسة الجمهورية تجارةً وبيعاً وشراء، ووصَل الاستخفاف بالمواقع المسيحية والوطنية إلى حدّ غيرِ مقبول». وأوضَحت أنّ اجتماع المطارنة اليوم «سيَرسم خريطة طريق المرحلة المقبلة».

ولفتَت المصادر إلى أنّ زيارة جعجع وباسيل «لا تدخل من ضمن المشاورات التي أطلقها البطريرك الراعي مع الأقطاب الموارنة، بل أتَت في سياق دعمِهما وتأييدهما لمواقف البطريرك في عظة الأحد، والتشاور في الأمور المطروحة، وقد أبدى كلّ مِن جعجع وباسيل تقديرَهما لمواقف البطريرك التي من شأنها الحفاظ على موقع الرئاسة وتمرير الاستحقاق وفق المبادئ التي قام على أساسها لبنان، والتي كانت البطريركية المارونية خلفَ فكرة إنشائه».

وأكّدت المصادر التزامَ بكركي بالثوابت والدستور. وقالت: «أمّا الذين انتقدوا فشَعروا بـ»مسلّة» تنعَرهم، وربّما يشعر بها كلّ مَن يحاول أن يُفرغ الرئاسة من مضمونها ويحمّل الرئيسَ المقبل أوزاراً ويضَع عليه شروطاً تجرّده من صلاحياته».

ورأت المصادر أنّ الكلام عن «سلّة» وشروط كان يستوجب موقفاً حاسماً من البطريرك الذي أعاد تصويبَ الأمور وشكّلَ بوصلةً للمرحلة المقبلة.

وأثنَت المصادر على المصالحة التي جرت بين الحزبين واعتبرتها «مباركة وستبقى مباركة من بكركي، وستبقى الدعوة مفتوحة لتوسيعها باتّجاه كلّ الأطراف المسيحيّة الأخرى التي لم تشملها المصالحة، وصولاً إلى المصالحة الوطنية الكبرى.

تأييد روسي

في غضون ذلك، حطّ الرئيس الحريري في موسكو حيث نال تأييداً للجهود التي يقوم بها من أجل التغلّب على الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان. وشدّد لافروف على الدور المهم الذي يؤديه الحريري شخصياً بالنسبة للوضع الداخلي في لبنان. وأكّد له تضامنَ بلاده مع اللبنانيين والشعب اللبناني مع وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، ودعمَها المالي والإنساني لكي يتغلّب لبنان على أزمة اللاجئين.

من جهته، أوضَح الحريري أنّه قام بمباردات عدة لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، لكن حتى الآن هناك معطّل أساسيّ هو «حزب الله». وشدّد على وجوب انتهاء الأزمة السورية بأسرع وقتٍ ممكن بحلّ سياسي يكون عادلاً للشعب السوري.

فرنجية

وفيما كان الحريري في موسكو، كان السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين يقوم بزيارة لافتة في توقيتها ودلالاتها لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في دارته في بنشعي، حيث جرى البحث في مجمل القضايا الراهنة محلياً وإقليمياً. كذلك التقى فرنجية السفير المصري.

فتفت

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية» إنّ الشخص الوحيد الذي يتحرّك إيجاباً هو الرئيس الحريري، لكن من الواضح أن لا نيّة في الداخل للحلّ، إذ لا أحد يتفاعل، فالكلام الذي أطلقه الرئيس بري أمس وكأنّه قد أقفل أبواب الحل».

عون

وفي إطار مقابلة عبر «أو.تي.في»، ظهرَ عون في إطلالة معتدلة تكلّمَ فيها عن محاولات تفاهمٍ جرت بينه والحريري منذ الـ 2005، وآخِر محاولة كانت الأقرب إلى التفاهم.

وكشفَ «أنّنا تَفاهمنا مع الرئيس سعد الحريري على كلّ المواضيع، وتفهَّمنا هواجسَ تيار «المستقبل» و«كِلّ شي بوَقتو»، موضحاً أنّ «الحريري لديه التمثيل الأكبر ضمن الطائفة السنّية، ومِن الطبيعي أن يكون موجوداً في رئاسة الحكومة».

وقال إنّ السعودية تترك موضوع الرئاسة ليقرّر المسؤولون مصلحة بلدهم ولا تضع خياراً لرئيس جمهورية معيّن».

وعن العلاقة مع الرئيس برّي قال: «نحن لا نختلف معه سياسياً. والعلاقة معه مبدئياً جيّدة، ودستورياً المجلس النيابي غير شرعي كونه غيرَ منتخب من الشعب. وأشار: «لا أعتقد أنّ الرئيس بري يشعر بأنّني والحريري قمنا بإنجاز اتفاق مفصّل بمعزل عنه. تحدّثنا معه عن قانون الانتخاب لكن لم نتحدّث عن صيغة معيّنة.

وأكّد أنّ التفاهمات جزء من العمل السياسي، و»لكن يجب أن نحترم الدستور والقوانين، فمِن غير الوارد فرضُ شروط مسبَقة على الرئيس العتيد». أمّا عن حزب الله فقال عون: «إنّه لا يزال يعمل لإكمال مهمته بالنسبة للرئاسة، وأنا مرتاح لموقفه تجاهي».

وأعربَ عن ثقته بموقف جعجع بترشيحه للرئاسة و»لعبة الغش تخرب الوطن». ورأى أنّ «النائب وليد جنبلاط عبّر عن تأييده لي وشكرناه على رسائله الإيجابية بهذا الشأن».

برّي

من جهته، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره: «يقولون إنّ السلة قد انتهت، بالنسبة إليّ هذه السلة ما زالت موجودة، فليقولوا ما يريدون، هذا رأيهم وليس رأيي». وأضاف: «أنا أسألهم ماذا يوجد في السلّة؟ السلّة معروفة ولا يوجد فيها أيّ بند له علاقة بصلاحيات رئيس الجمهورية».

ورأى بري أنّ «هناك من يرى أنّ انتخاب الرئيس سيتمّ «بهاليومين» وأنا «مِش شايف هيك». وأعلن: «لم استشفّ من سعد الحريري أنّه تخلّى عن ترشيح النائب سليمان فرنجية، لا بل سمعتُ منه أنّه ما زال على ترشيحه، لكنّه في الوقت نفسه يفكّر ويفتش عن خيارات أخرى».

وعن إمكان استقباله عون في عين التينة أجاب: أهلاً وسهلاً به، هذا بيته، وبيت جميع اللبنانيين، فهو لم يَقتل أبي وأنا لم أقتل أباه، وليس هناك ما يمنع من أن نلتقي، ولكن إن اجتمعنا فقد لا أزيد عمّا أقوله علناً ودائماً بأنّ التفاهم المسبَق على كلّ شيء هو طريق الوصول إلى الحلّ».

وكشفَ برّي أنّنا توافَقنا مع «التيار الوطني الحر» على قانون الانتخاب، هم يوافقون على أن يسيروا بلبنان دائرةً انتخابية واحدة على أساس النظام النسبي ويوافقون أيضاً على المحافظات الخمس أو الثمانية على أساس النظام النسبي أيضاً».

 

اللواء :

موقفان هما في الأصل متباعدان: الأوّل يطلقه مجلس المطارنة الموارنة اليوم في ما يشبه النداء، على غرار نداءاته في محطات مفصلية في تاريخ لبنان، والثاني يتمثل بإشارات تطلقها عين التينة، على ان تتمثل في لقاء نواب الأربعاء من التقاطها، إما تصريحاً أو تلميحاً بين ثنايا حركات وسكنات أو كلام الرئيس نبيه برّي.
ويتقاطع الموقفان عند مسار رغب رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ان يسير في أجواء إيجابية هادئة، تساهم في حركة الرئيس سعد الحريري، سواء في الخارج أو في الداخل، ومع جهود غير معلنة يبذلها «حزب الله» مع توأم الثنائية الشيعية الرئيس برّي وحركة «أمل».
ومن المؤكد، وفقاً لمعلومات «اللواء»، ان الرئيس الحريري الذي عاد من موسكو مساء أمس إلى بيروت سيستأنف حركة المشاورات التي بدأها، انطلاقاً من ثمة فرصة متاحة، وهناك حث إقليمي ودولي لأن يلتقط اللبنانيون هذه الفرصة لإنهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ومن غير المستبعد ان تشمل جولة الرئيس الحريري الجديدة قيادات سياسية وروحية تمهيداً لانضاج الموقف الذي يراه مناسباً في ما خص السير بخيار ترشيح النائب عون للرئاسة الأولى.
ففي توقيت بدا متعمداً، اطل النائب عون من على شاشة القناة التابعة لتياره O.T.V لينقل سلسلة تطمينات، ويبعث برسائل وفاقية في غير اتجاه:
1- فمن جهة وصف نتائج الجولة الأولى من لقائه مع الرئيس الحريري بأنها كانت إيجابية، وكشف ان البحث تطرق إلى الوضع الأمني، بما في ذلك السلاح غير الشرعي وسلاح المقاومة وإلى تطبيق اتفاق الطائف، ولا سيما الشق الدستوري منه.
وفي ما خص الطائف، أكّد عون: «نحن مع تنفيذ الطائف بكامله من دون اقتطاع أي جزء منه، وأن المشكلة كانت في سوء تنفيذ هذا الاتفاق»، نافياً ان تكون هناك مشكلة مع الشارع السني، ومؤكداً ان لا معنى للبنان إذا ما خوف أي مكون من مكوناته، ومشيراً إلى الكيمياء مع الرئيس الحريري موجودة، وأن الأمن مسؤولية الدولة، وأن حق المقاومة في مواجهة إسرائيل موجود.
2- وفي ما خص العمل داخل المؤسسات، أكّد عون التزامه «بالديمقراطية التوافقية»، في مجلس الوزاء على قاعدة التفاهم على الميثاقية، فأنا أضاف احترم الميثاقية بالحكم.
وقال ان الرئيس الحريري خلال اللقاء معه طلب التريث في بعض الأشياء.
3- استنتج عون ان التحفظ السعودي على ان يكون رئيساً للجمهورية لم يعد قائماً، فلا مشكلة سعودية، والمسؤولون في المملكة تركوا هذا الموضوع لتقدير اللبنانيين ليقرروا بأنفسهم من يختارون للرئاسة.
4- اجتهد عون خلال المقابلة في نزع الصورة المذهبية التي حاول الرئيس نبيه برّي تثبيتها في أذهان اللبنانيين، فهو لا يريده رئيساً ويدعم النائب سليمان فرنجية، وهو يعتقد أي برّي ان معظم الذين التقاهم الرئيس الحريري لم يُبدوا حماساً لانتخابه رئيساً.
قال النائب عون: «مبدئياً العلاقة مع الرئيس برّي يجب أن تكون جيدة، ونحن لسنا على خلاف في السياسة، وأن شرعية المجلس مسألة ليست شخصية، فما ينطبق على النواب المسلمين ينطبق على النواب المسيحيين، فالمجلس بعد 4 سنوات افتقد إلى الشرعية الشعبية، لكنه اليوم أمر واقع، وهو يقوم بتشريعات ساهمنا فيها».
وفي ما خص سلّة التفاهمات التي اقترحها الرئيس برّي أكّد عون ان هناك نقاطاً مثل قانون الانتخاب تحتاج إلى تفاهم، مشيراً إلى انه لا ثنائيات ولا اتفاقيات، فبناء لبنان لا يكون الا بالعمل من خلال مكوناته، وما يمكن ان تقوم به الحكومة إذا انتخب رئيساً للجمهورية لا يمكن الآن الاتفاق عليها، وكل شيء يأتي في وقته.
وقال عون: لا يجوز ان تفرض شروط مسبقة على الرئيس.
5- وفي ما خص الأسماء والتي هي بحوزة البطريرك بشارة الراعي والسجال مع الرئيس برّي، وصف رف