في انتظار موعد الحادي والثلاثين من الشهر الجاري، الموعد المنتظر لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد 29 شهراً من الشغور، تتجه الانظار الى ما يمكن ان يحققه الرئيس سعد الحريري في حركته المكوكية داخلياً وخارجياً، وسط أجواء ضبابية تراوح بين المتفائل بردم الهوة بين "التيار الوطني الحر" وسائر الأفرقاء وقرب التفاهم على مجمل النقاط العالقة، والمتشائم بصعوبة التوصل الى تفاهم على العماد ميشال عون رئيساً، خصوصا ان السجال الاخير بين بكركي وعين التينة عقد الامور العالقة أصلاً. وبدا ان المواقف المتصلبة لم تتبدل، وقد أكد الرئيس نبيه بري امس انه لا يرى "انتخاب الرئيس غداً او قريباً"، وأضاف: "يقول البعض إن السلة انتهت، بالنسبة إلي هي موجودة وهم أحرار وليدلوا بما يريدون. ويبدو أن هؤلاء لا يعرفون ما تضمنته هذه السلة، اذ ليس فيها أي بند يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية أو النيل منها. أطلقت عليها اسم السلة وهي في الاساس بنود طاولة الحوار وفي مقدمها انتخاب الرئيس إضافة إلى قانون الانتخاب وهو في الأساس من مهمة مجلس النواب. واتفقنا على البدء أولا بانتخاب الرئيس".
وأفادت مصادر متابعة لـ "الحركة الرئاسية" أن الاتصالات الخارجية أيضاً لا توحي باجواء ايجابية، فزيارة الحريري لموسكو ولقاؤه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خرجت بتشجيع على استمرار المساعي لانتخاب رئيس من غير ان تحسم التأييد الروسي للعماد عون، كما لم تتعهد موسكو الضغط على طهران ودمشق أو أي جهة معطلة لاتمام الاستحقاق، بل تخوفت المصادر من الكلام عن ربط الاستحقاق بالازمة السورية، اذ تحدث لافروف عن "وضع حل للأزمة في سوريا يصب في مصلحة الاستقرار في لبنان".
وتحدثت المصادر الى "النهار" عن موقف فرنسي مماثل غير قابل للمعالجة حيال عون، بل عن اتجاه الى دعم مرشح حيادي يمكن ان يعيد بناء الثقة بين اللبنانيين. وعن الموقف السعودي اختصرت المصادر الوضع بالقول إن "لا ضوء اخضر". وخلصت الى "الاجواء غير مشجعة لاستكمال المبادرة لكن صاحبها سيمضي بها الى الاخر، وبعدها يرفع عن نفسه المسؤولية".
ومن طهران، عادت الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بعد لقاءات شملت نائب وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية جابر الانصاري ونائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية عبَاس عراقجي تركَزت على الوضع في لبنان والتطورات الاقليمية، ولم ترشح أي معلومات عن نتائج زيارتها، باستثناء بيان رسمي أكد ضرورة التزام اجراء الاستحقاقات.
عون
ومساء أمس، أطل العماد عون في حديث تلفزيوني عبر "او تي في" موزعاً رسائل ايجابية في غير اتجاه، وخصوصاً حيال الرئيس الحريري والطائفة السنية، فأكد ان العلاقة مع الحريري لم تنقطع يوماً، وهو الاكثر تمثيلا للسنة في لبنان ومن الطبيعي ان يكون على رأس الحكومة. وقال: "تفاهمنا مع الرئيس الحريري على كل المواضيع وتفهمنا هواجس تيار المستقبل". وأضاف ان السعودية تركت موضوع الرئاسة للبنانيين كي يقرروا. وأكد ان وثيقة التفاهم مع "حزب الله" ليست موجهة ضد السنة، وان سلاح المقاومة ضد اسرائيل مشروع والبحث فيه مؤجل. ونفى وجود خلاف مع بري، لكنه لاحظ انتخاب الرئيس يجب ان يكون منفصلاً عن السلة، ويجب الا تكون شروط مسبقة على الرئيس.
مجلس النواب
على صعيد آخر، تسلم أعضاء هيئة مكتب مجلس النواب أمس جدولاً من 36 اقتراح قانون معجّل مكرّر و47 مشروع قانون واقتراح قانون أنجزتها اللجان النيابية من أجل درسه، وتالياً مناقشته في الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس بري ظهر الإثنين المقبل من أجل وضع جدول أعمال باقتراحات تحمل "صفة الضرورة".
وأوضحت مصادر نيابية أن معظم هذه الإقتراحات لا تحمل أي صفة ضروري، باستثناء اقتراحين للنائب ياسين جابر عن تعديل قانون الإجراءات الضريبية (يحمل الرقم 34) وعن تحديد الموجبات بنشاط TRUSTEE (يحمل الرقم 35) ويتعلقان بالتشريعات الدولية.
وأبلغت وكالة "اخبار اليوم" أن هناك اقتراحات معجّلة مكرّرة ما يعني أنها لم تُدرس ولم تقرّها اللجان النيابية المختصة، مشيرة الى أن هذا الجدول يحمل بذوراً خلافية. وتساءلت هل من الضرورة طرحها الآن، مضيفة أن القوى المسيحية كانت قد طالبت بإدراج قانون الإنتخابات النيابية بنداً أول على جدول أعمال أي جلسة تشريعية.
وكانت مصادر "التيار الوطني الحر" أكدت لـ"النهار" ان مشاركة نواب "تكتل التغيير والاصلاح" في الجالسة التشريعية مرهون بإدراج قانون الانتخاب بنداً أول على جدول الأعمال.
مجلس الوزراء
من جهة أخرى، وجه الرئيس تمام سلام دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء غدا الخميس، لكن الجلسة غير مضمونة الانعقاد والنتائج، ويمكن ان تصيبها عدوى عدم اكتمال النصاب، ذلك ان وزيري "حزب الله" لم يحسما أمر مشاركتهما حتى مساء أمس، شأن وزيري "التيار الوطني الحر"، وكذلك الوزير رمزي جريج لوجوده خارج البلاد، ولم يحسم الوزيران ميشال فرعون وسجعان قزي قرارهما. ورداً على سؤال لـ"النهار" تمنى قز"أن يحوّل الرئيس سلام الجلسة للبحث في موضوع النازحين السوريين، خصوصاً أنه أثار بشجاعة هذا الموضوع في الأمم المتحدة بنيويورك وقبل ذلك في القمة العربية بنواكشوط، كما أنني، كوزير للعمل وعضوٍ في اللجنة الوزارية للنازحين، طرحت مشروعاً متكاملاً مع روزنامة زمنية لإعادتهم إلى سوريا في سنتين. فلا يجوز أن نكتفي كحكومة، بما هي عليه من سلطة تنفيذية، بطرح أفكار ومشاريع فيما تثبيت النازحين السوريين في لبنان قائم على قدم وساق. إن واجب الحكومة الأول اليوم هو إقرار مشروع العودة وعرضه على المحافل العربية والدولية وبالتفاهم مع كل معني بهذا الموضوع، وإلا سلام على لبنان".