نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحافية كيم دين، تقول فيه إن مجموعة من التلال خارج كركوك تشكل الجبهة مع تنظيم الدولة الاسلامية، منذ أن هرب التنظيم من المدينة العام الماضي.
ويشير التقرير إلى أن القاعدة العسكرية على رأس تلك التلال ترفع العلم الكردي، مستدركا بأن القاعدة لا تحتوي على البيشمركة الكردية العراقية، لكن يسيطر على هذه التلال مجموعة كردية إيرانية يسارية، هي حزب الحرية الكردستاني.
وتقول دين إن "قائد تلك المجموعة حسين يزدانباجا هو شخص وسيم، يشبهه البعض بالديكتاتور الروسي ستالين؛ بسبب شكله وثخانة شاربيه، وبزته العسكرية تحمل علم كردستان العراق، والشعار البرتقالي والأبيض لمجموعته، ويحمل جهاز لاسلكي وحزاما على صدره مليئا بالذخيرة".
ويبين الموقع أن قوات يزدانباجا، المؤلفة من مئات المقاتلين، أدت دورا في تغيير اتجاه المعركة ضد تنظيم الدولة في شمال العراق، وكسبت في العملية خبرة عسكرية إضافية، لافتا إلى أنها تفتخر بتلقي تدريب عسكري من قوات التحالف الذي تقوده أمريكا.
ويلفت التقرير إلى أن يزدانباجا يخطط بعد هزيمة تنظيم الدولة، بالتركيز على عدوه الآخر، وهو طهران، ويرى أنها المعركة ذاتها ضد الإسلام المتطرف، ويرى أنه صراع شخصي، ويقول: "الطريقة التي قتل فيها تنظيم الدولة اليزيديين، هي ذاتها التي قتل فيها الإيرانيون الأكراد بعد الثورة الإيرانية.. كنت صغيرا عندما حصل هذا، لقد كانت قوات النظام تبيد قرى كاملة بالسكاكين والسواطير".
ويضيف يزدانباجا: "في إيران سنقوم بواجبنا، إنها إيران التي كانت دائما تحاربنا، وتقتل، وتعدم، لكن العالم لا ينقل هذه الأخبار، ولدينا الآن قوات نشيطة وقوية يستطيع العالم أن يعتمد عليها لمواجهة القوى البربرية في العالم".
وتذكر الكاتبة أن العديد من المجموعات الكردية تراجعت عبر الحدود بعد الثورة في إيران، وبقي أثر حزب الحرية الكردستاني حتى عامين أو ثلااثة مقصورا على مجموعة صغيرة من القرى الجبلية، بالقرب من الحدود مع إيران، وكان مقاتلوه يفتقرون إلى التدريب والتسليح الجيدين، لكن هذا الأمر تغير مع قيام تنظيم الدولة.
ويجد الموقع أن إحياء فرقة يزدانباجا يبرز التحالفات المعقدة التي تميز الحرب ضد تنظيم الدولة، حيث تحارب أمريكا وإيران وتركيا وغيرها من القوى الإقليمية العدو المشترك، لكن كلا منها تستخدم التكتيكات المرحلية والوكلاء، بحسب ما يخدم أجندة كل منها، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي خف فيه التوتر المزمن بين أمريكا وإيران، بعد التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، إلا أن تدريب أمريكا لمجموعة يزدانباجا يفتح الباب على احتمال حصول ردود فعل على هذه السياسة على المدى البعيد.
ويقول يزدانباجا: "انتهزنا كل فرصة للحصول على التدريب من الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين، لكننا دائما بحاجة إلى المزيد من التدريب".
ويفيد التقرير بأن حزب الحرية الكردستاني حارب بجانب القوات الكردية العراقية والجيش العراقي، منذ الهجمات المضادة ضد تنظيم الدولة في آب/ أغسطس 2014، لافتا إلى أن قتال المجموعة على الخطوط الأمامية قوّى إمكانياتها، وقضاء أشهر من العمليات العسكرية شحذ مهاراتها، وأعطاها خبرة مهمة في القتال المباشر، وحرب المدن، واستخدام أنظمة السلاح المعقدة.
وتنقل دين عن المقاتلة الكردية زهرة رمشتي، قولها إن الهدف النهائي يبقى واحدا، وتقول ببساطة: "عندما ننتهي هنا سنكمل قتالنا لأجل روجهيلات (الشرق)"، وهو التعبير الذي يستخدمه الأكراد ليشيروا إلى الوطن الكردي في إيران.
وذكر "ميدل إيست آي" أن مقاتلي حزب الحرية الكردستاني اشتبك ست مرات مع الحرس الثوري الإيراني، وقوات إيرانية أخرى، منذ الربيع العربي، وقد تؤدي عودة القتال على تلك الجبهة مع إيران إلى حالة غليان.
"أحيانا لا نستطيع السيطرة"
وينوه التقرير إلى أن وزير خارجية كردستان فلاح مصطفى بكر مدح مقاتلي الأكراد الإيرانيين في منطقته، وقال للموقع: "البيشمركة الكردية الإيرانية مخلصون جدا لنا، ويشكلون قوة محاربة جيدة"، وأضاف بكر أن حكومته ضغطت على عناصر حزب الحرية الكردستاني؛ لتجنب الهجمات عبر الحدود، لكنه اعترف أيضا بأنهم لا يسيطرون تماما عليهم، وتساءل قائلا: "هل نحاورهم لمنع وقوع أنشطة عبر الحدود؟"، وأجاب: "حسنا، إنه قرارهم".
وتورد الكاتبة نقلا عن المحلل كمال شوماني من مؤسسة السياسة الكردية، قوله إن أكراد العراق يستخدمون المليشيات الكردية الإيرانية ورقة ضغط لحل خلافاتهم مع الحكومة المركزية المتحالفة مع طهران في بغداد، ويضيف شوماني: "إقليم كردستان العراق على خلاف مع بغداد، التي تحتاج إلى خطاب ضد الهيمنة الإيرانية في المنطقة، ويوفر حزب الحرية الكردستاني ذلك الخطاب".
ويتابع شوماني قائلا للموقع: "قائد مقاتلي حزب الحرية الكردستاني يزدانباجا، على صلة وثيقة بالحزب الحاكم، الحزب الكردي الديمقراطي، قبل تنظيم الدولة لم يكن أحد يعرفه، لكنه الآن معروف لدى وسائل الإعلام كلها، وأثبت أنه يشكل استراتيجية إعلامية ممتازة للحزب الكردي الديمقراطي، حيث يتحدث ضد تنظيم الدولة وإيران والعراق في الوقت ذاته".
وبحسب الموقع، فإن يزدانباجا يكرر في قاعدته وبين البيشمركة خطاب الحزب الكردي الديمقراطي، حول مستقبل المناطق التي يطال بها الأكراد والعرب في العراق، ويناقش مستقبل كركوك والموصل، ويقول إنه يخشى أن تتعامل الحكومة العراقية مع الموضوع من "منطلقات طائفية"، ويقول: "لا نستطيع نحن البيشمركة تحرير تلك المناطق ثم خسارتها، فالأقليات تريد حماية من البيشمركة، ولا تريد المليشيات الشيعية، ولا الجيش العراقي".
ويشير التقرير إلى أن الإعلام في إيران يشجب السلطات الكردية العراقية والمستشارين الأمريكيين والأوروبيين؛ لتدريبهم مقاتلي حزب الحرية الكردستاني، لافتا إلى أن وكالة أنباء "أسوشييتد برس" نقلت عن الكابتن جوليو ماكاري من الجيش الإيطالي، والمتحدث باسم التحالف الذي تقوده أمريكا في أربيل، قوله إن حزب الحرية الكردستاني استفاد من التدريب؛ "لأن المستشارين الغربيين قدموا المساعدة لكل المليشيات الكردية تحت إدارة الوزارة"، وأضاف ماكاري أن التحالف "لم يختر المجموعات التي يدربها".
وتقول دين: "أما ماذا يحصل بعد أن يطرد تنظيم الدولة من شمال العراق، فهو ما علينا أن ننتظر لنراه".
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن الرئيس السابق لبرلمان كردستان عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المعارض عدنان مفتي، علق على الاختراقات الأخيرة لقوات حزب الحرية الكردستاني للحدود الإيرانية، فقال: "احترموا طلباتنا بشكل جيد على مدى العقود الماضية، لكنهم أحيانا يخرجون عن سيطرتنا".
("ميدل إيست آي" ـ عربي 21)