لم يعد الفوز سهل المنال بالنسبة إلى «ميلان» الإيطالي. فالنادي الشمالي لم يحقق شيئا يذكر في المواسم الستة الأخيرة، وكان لقب الدوري في الموسم 2010 ـ 2011 الكأس الأخيرة في خزائنه. في ذلك الحين كان مستوى الفريق أفضل وكان الدوري أضعف بكثير مما هو عليه الآن. لكن السقوط المتواصل لـ «ميلان» من قمة الكرتين الأوروبية والإيطالية بات صعبا على المشجعين.
عبر السنين، تراجع «ميلان» أكثر فأكثر في سلم ترتيب الدوري، ليضيع في وسط اللائحة. وهنالك عوامل عدة ساهمت في انهيار الفريق الذي كان أسطورة في وقت من الأوقات. الإدارة غير المنظمة، ضم لاعبين دون المستوى المطلوب وكثرة تغيير المدربين تعد من بين العوامل الرئيسية التي سرّعت عملية انهيار هذه المؤسسة الكروية العريقة.
وتبدو صفقة بيع النادي مؤخرا أنها أنعشت الفريق والمشجعين. فمرة جديدة بدأت الأسماء الكبيرة تعود إلى الفريق، كما البسمة على وجوه المشجعين. فهنالك أمل خاصة بعد احتلاله المركز السادس حاليا. بغض النظر عن الأفراح والأحلام، هاكم بعض الأمور التي ينبغي على رجال السلطة أخذها بعين الاعتبار في حال كانت لديهم النية في إعادة «ميلان» قوة معتبرة في أوروبا.
الثقة في المدرب
بدأ «ميلان» عملية إعادة البناء هذا الصيف مع المدرب فينتشنزو مونتيلا الذي وصل مع وعد باعتماد «الكرة الجميلة»، أسلوب بات يُعرف به بعد فترته الناجحة في نادي «فيورنتينا».
غيّر «ميلان» سبعة مدربين منذ إحرازه لقب دوري أبطال أوروبا العام 2007 في أثينا. ويمكن اعتبارهم ثمانية مدربين مع الفترة الوجيزة للمدرب الموقت ماورو تاسوتي بين 13 و16 كانون الثاني من العام 2014. تسببت كل هذه التغييرات بخلل في نظام الفريق غالبا ما تُرجم إلى ارتباك على أرض الملعب.
جلب مونتيلا فلسفة كروية واضحة إلى النادي إضافة إلى تركيزه على تحقيق النتائج الجيدة. فهو قاد «فيورنتينا» إلى احتلال المركز الرابع في الدوري خلال ثلاثة مواسم متتالية. يضاف إلى ذلك نجاح «لا فيولا» في أوروبا من خلال بلوغه نصف نهائي كأس «يوروبا ليغ» في الموسم 2014 ـ 2015 وخسارته أمام «نابولي» في نهائي كأس إيطاليا العام 2014.
يستطيع مونتيلا بالتأكيد تحسين أسلوب لعب «ميلان» وقيادته إلى النجاح في وقت واحد. لكن لكي يكون فعالا، سيحتاج إلى لاعبين أفضل مما يملكه حاليا.
شراء اللاعب المناسب
يعتمد نجاح أي فريق على عموده الفقري. وهذا يعني أن على «ميلان» إنفاق أموال طائلة في شراء اللاعبين. يبدو الفريق محظوظا في امتلاكه حارس مرمى جيد في جانلويجي دوناروما. كما أن أليسيو رومانيولي جاء مقابل مبلغ ضخم، لكن ذلك طبيعي لأنه في غياب الإنتاج المحلي، يبقى لاعبو قلب الدفاع الجيدون باهظي الثمن.
ويفتقد «ميلان» إلى صانع الألعاب. وحاليا يشغل هذا المركز ريكاردو مونتوليفو الذي جعلت منه عروضه أضحوكة المشجعين ما أرغم مونتيلا على إعادة سوسو إلى هذا المركز.
حاول «ميلان» ضم رودريغو بينتانكور وميلان باديلي وبورخا فاليرو خلال فترة الانتقالات الصيفية، لكن الافتقاد إلى المال حرم النادي إبرام تلك الصفقات. كما أن هنالك ثغرات في الفريق. فالجناحان عاديان، وتعزيز الفريق يحتاج إلى وقت، مع حاجة المالكين الصينيين إلى التعامل بمسؤولية مع سوق انتقالات اللاعبين. يحتاج «ميلان» إلى أموال طائلة لتعزيز فريقه، لكن مواصلة ضمه لاعبين دون المستوى أمر قد لا يغفره المشجعون.
إنعاش الفريق
بدأت هذه العملية حتى قبل وصول الصينيين. فالإدارة الفنية السابقة قامت بعمل جيد بتغيير دماء الفريق من خلال الاستغناء عن اللاعبين ممن لم يعد لهم فائدة تذكر. كان جيريمي مينيز وفيليب ميكسيس وأليكس وكريستيان أبياتي وماريو بالوتيلي وكيفن برينس بواتينغ وأليساندرو ماتري من بين المغادرين.
ومع الغياب عن أوروبا، يبدو عدد اللاعبين كبيرا جدا. وسيساهم بيع اللاعبين في اختصار النفقات. ويمكن تحويل هذه الأموال لمكافأة بعض اللاعبين المتألقين من خلال عقود محسنة، وبالتالي تقوية العمود الفقري للفريق.
التأسيس لقيادة جديدة
استمتع الرئيس التاريخي لنادي «ميلان» سيلفية برلسكوني بنجاح لا يضاهيه فيه أحد. لكن تدهور وضعه المالي كان يعني أنه لم يعد قادرا على تمويل الفريق لتحقيق المزيد من النجاح. ما فتح الباب أمام عهد جديد تمثل بماركو فاسوني صاحب الأفكار الجديدة الذي خلف أدريانو غالياني في منصب الرئيس التنفيذي.
يضع فاسوني اللمسات الأخيرة على فريق عمله. فالمباحثات جارية مع ماسيمو ميرابيلي (إنتر)، و والتر ساباتيني (روما)، لتسلم منصب مدير الرياضة في «ميلان». كما أنه أقنع اللاعبين السابقين باولو مالديني وماسيمو أمبروزيني وديميتريو ألبرتيني للانضمام إلى النادي تحت مسمى سفراء.
تم تأسيس نظام جديد. وصلت أموال جديدة وزُرعت أفكار جديدة. صحيح أنها خطوات قد لا تشهد «ميلان» مهيمنا على الكرة الأوروبية في المستقبل القريب. لكن يبدو خطوة أولى في الطريق الصحيح.