لا تظلموا نبيه بري ففي النهاية ليس هو من يعرقل إنتخاب رئيس لهذه الجمهورية التاعسة، سواء في ما يتصل بميشال عون أو بسليمان فرنجية، ولا هو من يعطل الدستور و يخالف الميثاق، ولا هو من يضع ممرات إشتراطية، وليست دعوته الى الإتفاق على "سلة التفاهمات" سوى محاولة عاقلة وصادقة لوقف الدوران في الحلقة المفرغة والعودة الى الدستور والميثاق.
أواخر أيار من عام ٢٠١٤ قال بري لماذا لا يتفق المسيحيون على مرشح وننزل فوراً الى البرلمان لننتخبه، وعلى إمتداد الجلسات الـ ٤٥ الفاشلة لإنتخاب الرئيس، والتي كما قال نجيب ميقاتي" لا يجوز التمترس عند إما ان تنتخبوني او أنني لن أنزل الى الجلسة"، حرص بري دائماً على رعاية الحوار الوطني والثنائي بهدف إيجاد الأجواء التي تساعد على إطلاق عملية الإستحقاق عبر فك أسر الدستور والميثاق من التعطيل المتكرر الذي يغرق لبنان في الفراغ.
السلة ليست شرطاً ولا ممراً لإنتخاب الرئيس ولا هي بديل من الدستور والميثاق، وإنما هي محاولة ضرورية لفتح الباب الموصد على عملية الإنتخاب، وذلك لسببين على الأقل:
اولاً - إنها جاءت بعد مرور عامين من الفراغ بهدف إنهاء الفراغ في الرئاسة، وبكركي التي رعت الإتفاق بين الموارنة الأربعة تعرف جيداً ان بين الموارنة الاربعة الذين إتفقوا في حضرتها على تسهيل الإستحقاق، من لم يتقيّد وهو يعطي الميثاق تفسيراً يناسبه.
ثانياً - قياساً بالعقد والعراقيل التي واجهتنا سابقاً في إنتخاب ميشال سليمان وفي تشكيل حكومات سعد الحريري ونجيب ميقاتي، وفي الإتفاق على كلمة في البيان الوزاري، وبازاء الخلاف على قانون الإنتخاب، إن البوابة الوحيدة التي يمكن ان تطلق العملية الإنتخابية، هي التفاهم بين القوى السياسية على الخروج من دوامة التعطيل، سواء سمّينا ذلك سلة أو غير ذلك، وعندما نتذكر بالضرورة ان السلة جاءت بعد عامين من الفشل، يجب ان يكون واضحاً انها لم تكن إلا محاولة للإلتفاف على تعطيل الدستور المعلق على خشبة النِصاب المشروط.
الظلامة الثانية التي تلحق ببري هي ان يقال إن الخطوة الأخيرة لكي يصل عون الى بعبدا هي ان يذهب الى عين التينة ويحل مشكلته معه، ما إستدعى توضيح بري إن ما من مشكلة شخصية له مع أحد، وان مسألة سلة التفاهمات ليست موجهة ضد عون او غيره، بل انها بوابة لوقف تعطيل الإستحقاق ومن ثم تسهيل مهمة الرئيس لئلا يأتي العهد مصلوباً على خشبة الخلافات.
الدستور والميثاق ليسا وجهة نظر أو إجتهاداً يقرر إختصار المرشحين الموارنة بأربعة، وليسا تعطيلاً للنصاب مدة سنتين وأربعة أشهر، والسلة ليست بديلاً منهما بل هي تسهيل للعودة اليهما.