السجال يحتدم بين بكركي وبين عين التينة , وعون ينتظر ...
السفير :
لا يملك العماد ميشال عون ترف الانتظار الطويل. رسالته الى الرئيس سعد الحريري كانت واضحة بعد محطة الرابية الأخيرة: الوقت ليس مفتوحا يا دولة الرئيس.
أما الوقت عند الرئيس نبيه بري، فله حسابات مختلفة، فقد توقع أن تنقشع الصورة السياسية «خلال أيام»، وكشف لـ «السفير» أن جميع الذين التقاهم الحريري خلال مشاوراته الأخيرة اعترضوا أو تحفظوا على انتخاب «الجنرال».. «وأنا أعرف ما أقول وواثق منه ومن كلمة جميعهم».
ماذا عن رئيس «تيار المستقبل» ومواعيده؟
إذا كان الحريري، قبل نحو ثلاث سنوات، يمتلك قدرة كبيرة ورغبة قليلة ولم يكمل مشروع رحلته الرئاسية الموعودة مع «الجنرال»، فكيف الحال مع القدرة الأقل بكثير والرغبة الأكبر بكثير في يومنا هذا؟
من محطته السعودية، وما تخللها من مشاورات يصعب التكهن بنتائجها، حطّت طائرة سعد الحريري، ليل امس، في العاصمة الروسية، ليجد هناك دولة عظمى لا يمتّ جدول أعمالها ولا أولوياتها بصلة إلى «أجندة» وأولويات زائرها الآتي من عاصمة خليجية منخرطة «حتى العظم» في حرب إقليمية ـ دولية تستهدف الدور الروسي في الإقليم.
فإذا كانت سعودية سعد الحريري، وفق المتداول، لا تريد أن تسمع بلبنان ورئيسه وزعيم الغالبية السياسية المحسوب عليها، فهل سيجد روسيا متلهفة لتسييل طلباته الرئاسية؟
الأكيد أنه زمن شح «المشاريع» و «الالتزامات» والوعود اللبنانية التي اختبر الروس مفاعيلها سابقا، يوم ذهب اليهم «دولة رئيس» يطلب هبة عسكرية (طائرات ودبابات وأسلحة وذخائر)، فكان أن صُدم بتجاوب «الجيش الأحمر»، وبالتالي، راح يبحث عن «تخريجة» للانسحاب والاعتذار، مخافة تنفيذ التهديد الأميركي بتجميد شحنات المساعدات العسكرية الأميركية للجيش اللبناني، اذا قبل لبنان أي مساعدة عسكرية روسية.
المعلن في هذه الزيارة أن زعيم «تيار المستقبل» سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أما غير المعلن، فهو محاولة سبر أغوار الموقف الروسي الذي واظبت موسكو عليه في السنتين الماضيتين، وبلغ مسامع الرابية وغيرها لبنانيا، بعدم حماسة الكرملين لوصول «الجنرال» الى سدة الرئاسة الأولى والتمسك بنظرية «الرئيس التوافقي»، الى حد أن هناك من ردد اسم ميشال عون في إحدى المرات أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فكان أن جاء الجواب على عكس ما يشتهي السائل!
ما بعد المحطة الروسية، يفترض أن يحزم الحريري حقائبه، نحو عواصم أخرى، وهو المدرك قبل غيره، أن قرار الحل والربط، ليس في أي من تلك العواصم، بل في عاصمة وحيدة: الرياض، وما أدراك ما الرياض في هذه الأيام الحريرية الصعبة!
هذا لا يعني التقليل من دور عواصم أخرى، بما فيها موسكو، غير أن الاستدارة من مرشح لفريق «8 آذار» صوب مرشح آخر، تحتاج الى ممر خارجي إلزامي، هو السعودية.. قبل أن تحط طائرة زعيم «المستقبل» في بيروت وتعقيداتها السياسية التي تجعل معظم أهل السياسة يتصرفون على قاعدة أن المضمر هو غير المعلن.
وللسعودية حساباتها بمعزل عمن يرددون ليل نهار أنها «استقالت» من لبنان، أو «تخلت» عنه. الثابت أنها لا تثق بالإدارة السياسية لفريقها، لا بل تحمّل الحريري مسؤولية الكثير من «اللكمات» التي تعرضت لها لبنانيا، وآخرها زج اسمها في موضوع ترشيح سليمان فرنجية، فكيف اذا كرر الحريري السيناريو مرة أخرى، ولم يتمكن من إيصال «الجنرال» الى سدة الرئاسة؟
ما يخشى منه في ضوء هذه الأسئلة كما المعطيات التي رافقت الحراك الرئاسي الأخير، أن تكون مبادرة الحريري غير محسوبة بعناية، وبالتالي أن يصل الى لحظة يجد نفسه مضطرا لـ «فرملة» اندفاعته أولا، ومن ثم إما التراجع الى الوراء نحو إعادة تثبيت خيار سليمان فرنجية أو الذهاب نحو خيار رئاسي ثالث، وعندها سيكون عاجزا عن تقديم تفسير جديد الى الرابية أو الى حلفائه وتياره وجمهوره و «مملكته».. وحتى لمن سيعتبرون أنفسهم.. «منتصرين» في حال سقوط خيار «الجنرال»!
في غضون ذلك، لا بأس من «اشتباكات سياسية لبنانية متفرقة»، شرط ألا تتخذ بعداً طائفياً مقيتاً يذكّر اللبنانيين ببعض مناخات الحرب الأهلية الغابرة. وهنا، يبدو لوم بعض القيادات المسيحية الوسطية كبيرا على بكركي وسيدها البطريرك بشارة الراعي، ذلك أنه بإطلاقه النار على سلة التفاهمات التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، انما يساهم، من حيث يدري أو لا يدري، بشحن الجو الطائفي لبنانيا، والمؤسف أكثر أن «التيار الوطني الحر» يساهم في إذكاء هذا الاصطفاف الطائفي، بدليل الأسئلة التي طرحتها مقدمة «او تي في» ليل أمس عما «سيفعل حزبُ الله حيال موقف بري»، في محاولة لتحميل الحزب أكثر من قدرته على الاحتمال.
وفي انتظار إطلالة العماد عون عبر شاشة «أو تي في»، هذه الليلة، وما سيصدر عن مجلس المطارنة الموارنة في بيانهم الشهري، غدا، توجه الرئيس بري بالسؤال الآتي الى الراعي: «أليس حصر الترشيحات الرئاسية بأشخاص مع احترامي لهم، بمثابة أكبر مخالفة للدستور، وهو الأمر الذي ساهم في إطالة أمد الشغور وإيصالنا الى المأزق الحالي»؟
واعتبر بري أن المسؤول الأول عن تعثر انتخاب عون حتى الآن هو عون نفسه، معتبرا أن سلوكه الإجمالي في العديد من الملفات والمحطات دفع الكثيرين الى الارتياب في نياته والامتناع عن دعمه.
وسأل رئيس المجلس النيابي: «لماذا هذه الحملة على سلّة التفاهمات الوطنية المقترحة والتي لا تنطوي على أي غاية شخصية أو حزبية، في حين ان التسريبات والمعلومات تشير الى مناقشات جانبية وثنائية تتم بين البعض حول أدق التفاصيل المتعلقة بتوزيع السلطة في حال وصول الجنرال الى الرئاسة، فلماذا يحلل البعض لنفسه ما يُحرّمه على الآخرين»؟
واستهجن بري اتهام «سلته» بأنها تخالف الدستور وتضرب صلاحيات رئيس الجمهورية، قائلا: تعالوا ندقق في محتوى السلة المدرج أصلا على طاولة الحوار.. قانون الانتخاب ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية بل هو يأتي نتاج توافق وطني عام، ثم أنا متفاهم مع «التيار الحر» حول مشروع مشترك، وبالتالي لا مشكلة على هذا الصعيد.. أما في ما خص رئاسة الحكومة فأنا لم أخترع البارود، وعون يتفاوض أصلا مع الحريري باعتباره سيكون رئيس الحكومة المقبل، وكذلك فرنجية، كما أن الحريري يتصرف على قاعدة هذه الفرضية، فلماذا لا يقال إن الجنرال ورئيس «المستقبل» يخالفان مبدأ الاستشارات النيابية الملزمة بينما تُكال الاتهامات لي بمخالفة الدستور لأنني أتعاطى بواقعية.. ثم هناك مسألة تشكل الحكومة التي يمكن أن تخضع لتفاهم مسبق من شأنه أن يسمح لاحقا بإنجاز التأليف سريعا، وهذه تختلف عن التشكيل الذي يجب أن يُترك لمشاورات رئيس الحكومة المكلف بالتنسيق مع رئيس الجمهورية.
وأعلن بري أنه متمسك بدعمه لترشيح فرنجية، على أن يتم تحصين انتخابه بسلة التفاهمات الوطنية، معتبرا ان فرنجية «هو الخيار الذي يمكن الاطمئنان اليه، على كل الصعد، من الطائف وتوازناته الى خيار المقاومة وثوابته». ويتابع: «هذا لا ينفي أن من حق عون أن يترشح وأن يدعمه «حزب الله» الذي أتفهم موقفه جيدا ولا أطالبه بأن يتخلى عن حليفه، لكن لا أقبل في المقابل أن يدفعنا الجنرال الى قرارات لسنا مقتنعين بها
النهار :
الى ان يعود الرئيس سعد الحريري من جولة خارجية تبدأ اليوم بروسيا ليعاود تحركه الداخلي في شأن الاستحقاق الرئاسي، تبقى الترددات الحادة لـ"حرب السلة" بين مطرقة بكركي وسندان عين التينة عنوان التطور الجديد المفاجئ الذي دخل بقوة على خط هذا التحرك كما على مجمل المناخ السياسي المحتدم. وبدا واضحا ان السؤال الكبير الذي شغل مختلف القوى السياسية غداة الموقف الحاسم الذي اطلقه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من موضوع "سلة التفاهمات" التي يطرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري "ممراً الزامياً" لانتخاب رئيس للجمهورية هو: أي تأثير لهذا التطور على مجريات تحرك الحريري وتالياً على مواقف الافرقاء من فتح باب الخيارات الرئاسية بما فيها خيار انتخاب العماد ميشال عون؟
والواقع ان الضربة الاستثنائية غير المسبوقة التي وجهها البطريرك الراعي الى مبدأ السلة وما استتبعته من رد للرئيس بري لم يخل من نبرة لاذعة ودلالات تنذر بكسر الجرة مع المرجعية الكنسية المارونية، نقلت مناخ التحرك الرئاسي للرئيس الحريري من ضفة الى أخرى أقله كما تعكسه التفاعلات السياسية الواسعة لهذا التطور المفاجئ. لكن العامل اللافت الذي سجل في هذا السياق ان الراعي تمكن من خلال موقفه استقطاب الاهتمامات السياسية ولا سيما منها لدى القوى المسيحية على نحو أعاد رسم معادلة لم يعد معها ممكنا تجاوز السقف الذي رفع عبره مسألة السلة الى حدود وضع بري والحريري وسائر القوى وكذلك المرشحين الرئاسيين أمام "محظور" القبول بتقييد اي مرشح رئاسي بسلة شروط او تفاهمات مسبقة لانتخاب رئيس للجمهورية. وهو الامر الذي وصفته مصادر كنسية وسياسية مسيحية لـ"النهار" بأنه يعكس بلوغ الراعي حدود عدم الثقة بكل المتعاملين بالملف الرئاسي وخصوصاً أولئك الذين يأخذون في الحسبان مواقف اقليمية.
وقالت هذه الاوساط انه لم يكن الراعي ليتخذ موقفا قلب فيه كل المقاييس لو لم يقطع الأمل من مواقف سياسية هي نتيجة مصالح آنية باتت معها المصلحة الوطنية في خبر كان، فضلاً عن ان القيادات التي كانت لها اليد الطولى في الحفاظ على صيغة المشاركة المسيحية – الاسلامية يصح فيها القول "لا حياة لمن تنادي ". وأضافت انه من هذا المنطلق كان الموقف الذي اطلقه البطريرك الاحد بمثابة تحذير من ان الكيل قد طفح على رغم انه حرص على تأكيد تشجيعه للجهود الساعية الى انتخاب رئيس للجمهورية راجياً لها النجاح في أسرع وقت في اشارة واضحة الى تقديره للتحرك الذي باشره الرئيس الحريري. لكن هذا الموقف استهدف مباشرة موضوع السلة بما وضعه مباشرة برسم صاحب الطرح اي الرئيس بري. وتساءل البطريرك: "هل هذه السلة تحل محل الدستور والميثاق الوطني؟". وشدد على ان التقيد بالدستور "حرفاً وروحاً وبالميثاق يغنيان عن هذه السلة". اما ذروة موقفه فكانت في قوله " كيف يقبل أي مرشح للرئاسة الاولى ذي كرامة وادراك لمسؤولياته ان يعرى من مسؤولياته الدستورية بفرض سلة شروط عليه غير دستورية وان يحكم كأداة صماء هذا اذا ما كان الامر للمماطلة في انتظار الوحي وكلمة السر من الخارج ". ويبدو ان موقف البطريرك سيتخذ بعده الكنسي الاوسع من خلال اجتماع مجلس المطارنة الموارنة غدا الذي يتجه نحو تبني هذا الموقف . وهو ما لمح اليه النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم بقوله لـ"وكالة اخبار اليوم " أمس: "توقعوا بياناً مهماً للمطارنة الموارنة يوم الاربعاء"، داعياً الى "قراءته بتمعن وتحديد الرأي منه".
بري
في أي حال، عكس الرد اللاذع للرئيس بري على موقف البطريرك مدى التدهور المفاجئ الذي اصاب العلاقة بينهما، علماً ان فتوراً كان يسود هذه العلاقة قبل اطلاق البطريرك موقفه. وللمرة الاولى تحدث بري عما وصفه بـ"المعلن والخفي " بين موقفه وموقف البطريرك وقال متوجهاً مباشرة الى البطريرك: "بين سلة للاشخاص التي اقترحتم وسلة الافكار التي قدمتها في الحوار أترك للتاريخ ان يحكم أيهما الدستوري وايهما الاجدى دون الحاجة الى المس بالكرامات وكرامتنا جميعاً من الله". وبدا واضحا من أجواء عين التينة ان بري يتشبث بضرورة السير بالسلة التي طرحها من منطلق اعتبارها "خريطة الطريق" لرئيس الجمهورية. ولدى سؤاله عن امكان حصول لقاء بينه وبين العماد عون قال بري: "أهلاً وسهلاً به الجنرال لم يقتل ابي ولم أقتل اباه واذا اجتمعنا فرسالتي واضحة له ولجميع اللبنانيين وهي اني لن أعدل ولن أزيد سطراً واحداً على ما أقوله في الاستحقاق الرئاسي والسلة وسأشدد أمامه على التفاهمات المسبقة والمفصلة لنسلك الطريق الى الحلول التي يريدها اللبنانيون".
في غضون ذلك، يبدأ الرئيس الحريري جولة خارجية بزيارة يقوم بها اليوم لموسكو حيث يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف، كما يتوقع ان يزور لاحقا تركيا. وتدرج هذه الجولة في اطار المشاورات الخارجية التي يقوم بها الحريري في موازاة تحركه الداخلي، علما ان زيارته للرياض ليست مدرجة بعد في هذه الجولة.
درباس
واعرب وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عن اعتقاده أن تحرك الرئيس الحريري "كانت له نتيجة ايجابية ملموسة من خلال تعليق تحرك الشوارع وتحرك الاروقة"، ولكنه رأى ان "البورصة (الرئاسية) لا تزال مقفلة على رغم هذا التحرك". ولفت درباس في حديث الى برنامج "وجها لوجه" من "تلفزيون لبنان" الى ان مفاوضات طويلة جرت بين "المستقبل" و"حزب الله" قبل المفاوضات بين فريقي الرئيس الحريري والعماد عون "ولم تفض الى اي شيء". ورأى ان الظرف الاقليمي "لا يتيح انتخاب رئيس للجمهورية ولكن ما فعله الرئيس الحريري حرك المياه الراكدة وقلب الارض". واذ استبعد انتخاب رئيس في الجلسة المقبلة لمجلس النواب في نهاية تشرين الاول، أكد ان تحرك الحريري أدى الى وضع العماد عون "ضمن الطاولة ". وأوضح درباس انه مع البطريرك الراعي في الموقف المبدئي، لكنه مع الرئيس بري أيضاً في الموقف البراغماتي. وخلص الى انه لو كان هناك من يطلع البطريرك على اجواء طاولة الحوار لما كان قال ما قاله.
المستقبل :
فيما شهدت مشاورات الرئيس سعد الحريري استراحة، مع توجّهه إلى موسكو مساء حيث يلتقي اليوم وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، لم تسترِحْ السجالات حول «سلّة» رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي ردّ أمس على اعتراض البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، تاركاً للتاريخ أن يحكم «أيّهما الدستوري وأيّهما الأجدى بين سلّة للأشخاص التي اقترحتم وسلّة الأفكار التي قدّمتها في الحوار».
وكان البطريرك الراعي رفض أول من أمس اقتراح أي سلّة «إلاّ بوجود رئيس للجمهورية». وسأل: «كيف يقبل أي مرشّح للرئاسة الأولى، ذي كرامة وإدراك لمسؤولياته، أن يُعرّى من مسؤولياته الدستورية، بفرض سلّة شروط عليه غير دستورية، وأن يحكم كأداة صمّاء؟».
ويُفترض أن يكون لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون موقف من هذا الملف في إطلالة له مساء اليوم على شاشة OTV، بعد أن كان ردّ على تمسّك الرئيس برّي بالسلّة مساء الجمعة، معتبراً أن المهمّ الجواب على السؤال الأساسي: «هل هناك مَن يريد تسوية ويبحث عن أفضل صيغة لمعادلتها؟ أم هناك مَن يريد إجهاض التسوية ويبحث عن أفضل الذرائع لوأدها؟».
وسبق هذه الإطلالة موقف لوزير التربية الياس بو صعب من بيصور مساء حاول فيه احتواء تداعيات هذا السجال، فقال: «إننا أصبحنا أقرب من أي وقت مضى من انتخاب رئيس للجمهورية، ويجب عدم تضييع الفرصة». أضاف: «البعض لم يعجبه مصطلح «السلّة»، لكن نحن محكومون بالتفاهم، قد تُسمّى سلّة أو تفاهمات، لكن لا مخرج في لبنان إلاّ بالتفاهم بين الأفرقاء. البعض فسّر هذه الكلمة أنها محاولة لفرض شروط على الرئيس المقبل، لكن لم نسمع مرّة من الرئيس نبيه برّي أنه يضع شروطاً على الرئيس المقبل ولا من أي قطب على طاولة الحوار. لم نسمع من أحد شروطاً ولا الجنرال عون يقبل بشروط مسبقة».
جلسة الحكومة
في الغضون بقيَ مصير جلسة مجلس الوزراء العتيدة ضبابياً بسبب ضبابية موقف «حزب الله»، الذي بقي متردّداً بين المشاركة فيها رغم مقاطعة وزراء «التيّار الوطني الحرّ» وعدم المشاركة، ما دفع رئيس الحكومة تمام سلام حتى مساء أمس، إلى عدم اتخاذ قرار بشأن دعوة مجلس الوزراء لعقد جلسة هذا الخميس.
وإذ أبلغ وزراء «المستقبل» أن حظوظ الدعوة إلى جلسة هذا الأسبوع أكبر من عدمها، أشاروا إلى أن الدعوة لهذه الجلسة ليست مُلزمة قبل 72 ساعة لأن جدول أعمالها مؤجّل من جلسات سابقة.
الديار :
وصل سعد الحريري الى لبنان بعد غياب لاشهر، وبدأ «حركة بلا بركة» في الملف الرئاسي، موحياً اثناء تنقلاته بين الاقطاب انه «صانع الرؤساء»َ ثم غادر دون الاعلان عن اي شيء، مما زاد «الغموض غير البناء» غموضاً فلم يتخل عن سليمان فرنجية ولم يتبن ترشيح العماد عون، وهذا «اللغز» الحريري مرده الى هواجس تسكنه وافكار تراوده عن مستقبل العلاقة بينه وبين عون اذا وصل الجنرال الى بعبدا. وكيف سيكون رد فعل الشارع السنّي على خيار ترشيح الجنرال المنحاز الى حزب الله؟وكيف سيواجه تمرّد فؤاد السنيورة وثورة اشرف ريفي. واثار ذلك على بيته الداخلي وهو مطوق بازمة مالية لا تسمح له بالخدمات؟ هذا بالاضافة الى «غموض» الموقف السعودي من ترشيح الجنرال، والعلاقة المتوترة مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف وهذا الامر يعترف به مسؤولو المستقبل؟ حتى ان النائب عمار حوري كشف ان الحريري لم «يبلغنا انه سيزور الرياض بل انقرة وموسكو فقط».
هذا الغموض الحريري رد عليه عون «للصبر حدود» وهناك مهلة اسبوعين للحسـم وبـعدها لكل حادث حديث.
كما ان النائب وليد جنبلاط خاطب الحريري بوضوح «لندخل مباشرة الى صلب الموضوع، هل لديك خيار لتبني العماد ميشال عون»؟وكان رد الحريري بالايحاء «بين - بين» فرد جنبلاط: «لا امشي بدون صديقي الرئيس نبيه بري»، حتى ان الحريري قال لبري: «لم اقطع مع سليمان فرنجية بعد»، فيما شدد بري على «السلة المتكاملة» قائلاً للحريري: «هذا الامر لا يحتاج الى نقاش».
حرب السلتين، فجرت مواجهة من العيار الثقيل بين رئيس المجلس نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وكانت الاعنف بين الرجلين، وحركت الارض، وتشنجت الاجواء، وحاول المقهورون من خيار الحريري اعتماد عون «صب الزيت على النار»، لحرق حركة الحريري قبل ان تولد.
الرئيس بري متمسك بالسلة الادارية، والبطريرك بالسلة الدستورية، وبري لن يتراجع ولن يشارك بانتخاب عون دونها ويعتبرها الممر الالزامي وخارطة طريق لوصول عون الى بعبدا. فيما تعتبرها بكركي انتقاصا من كرامة الرئيس المنتخب والموارنة وكل اللبنانيين، حتى ان الراعي اعتبرها اذلالاً للمسيحيين وللموارنة وللرئيس الذي لا يملك الصلاحيات اصلا ويريدون تطـويقه واهانتـه ايضـا وايضـا بشروط قاسـية.
المواجهة بين بكركي وعين التينة ربما تكون محطتها غداً عبر تأكيد المطران سمير مظلوم «انتظروا بيان المطارنة غداً». ورد عين التينة «لنرى ماذا سيحمل» وعلى ضوء ذلك جاهزون.
لا شك بان كلام البطريرك الراعي حرك الشارع المسيحي برمته وتحديداً الماروني خلف عباءة بكركي، وجعل الوضع الماروني على حافة الانتفاضة، وعدم القبول باي انتقاص لدوره «المغبون» والمدفون منذ الطائف، الذي قلص صلاحيات الرئيس وهناك حنين ماروني لاستعادتها والتمسك بالدستور ويعتبرون السلة «بدعة غير دستورية»، ولن يوافقوا عليها.
وهذا الشعور المسيحي وتحديداً الماروني بالغبن، ربما دفعهم الاحد للزحف نحو بكركي لدعم البطريرك الراعي في كل مواقفه وربما بات الراعي «اسير» الشارع الماروني والمسيحي ولن يقبل الا بمواقف عالية السقف.
المواجهة الى تصاعد، وبات كلام البطريرك الماروني سقفاً لاي مرشح رئاسي ولا بد من الانتظار، حتى صدور بيان المطارنة الموارنة وما بينهما من محطة كلام العماد ميشال عون على O.T.V اليوم عند الساعة التاسعة والنصف.
سنتان ونصف والفراغ الرئاسي جمد البلد، وعندما تحرك الملف الرئاسي بدأت الشروط، وفرض السلة على المرشح قبل ان ينتخب، وهذا غير موجود في الدستور الذي ينص على انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس الحكومة بعد استشارات الكتل النيابية، ثم يقوم الرئيس المكلف باستشاراته لتشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب اما طرح الشروط إلا بمثابة الزام الرئيس «بخارطة طريق» من قبل الرئيس نبيه بري، وهذا ما يعتبره الراعي اهانة للرئيس وتقييده بالشروط والاملاءات.
حزب الله المؤيد لوصول العماد عون للرئاسة لكنه ايضا لن يسمح باي هجوم على الرئيس بري... وحزب الله يدعم ويتفهم طرح الرئيس بري بالسلة الكاملة، في ظل النقزة من سعد الحريري وعدم الثقة به، وحزب الله يدعو عون الى المبادرة والانفتاح على الرئيس بري ومحاورته كما حاور عون القوات اللبنانية والاشتراكي والكتائب والجميع فلماذا الحرب على الرئيس بري وعدم الحوار معه كما حصل مع الاخرين فالرئيس بري خط احمر عند حزب الله الذي وقف الى جانب المقاومة في كل الظروف، ومواقفه انهت كل الاحداث الاليمة بين حزب الله وحركة امل من مار مخايل في الشياح الى الحقبة السوداء بين الطرفين في الثمانينات، وبالتالي فان وحدة الصف الشيعي امر «مقدس» ايضا عند الحزب ولا يقبل اللعب فيه. الحزب سيكون الى جانب بري، لكنه ربما عمل على جمع الحليفين، دون ان يعني ذلك التخلي عن «سلة بري» اما بالنسبة لجنبلاط الذي غادر الى باريس فهو لن يسوق مبادرة الحريري لكنه لن يعرقل مع التأكيد بانه سيذهب مع بري «سويا الى الرئاسة وسوياً الى المقاطعة»، ولن يترك «صديق العمر»، حتى ان الرئيس سعد الحريري لا يمشي باي مرشح اذا شعر ان «فيتو» الرئيس بري لا تراجع عنه.
من هنا، الجميع في انتظار عودة الحريري ومغادرة «غموضه غير البناء» حتى تنقشع الصورة، وبالتالي سيعبئ هذا الفراغ المواجهة بين الرئيس بري والبطريرك الراعي علما ان سعاة الخير فشلوا في تقريب وجهات النظر.
ـ المواقف ـ
وكان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي انتقد في عظة الاحد سلة الرئيس بري، دون ان يسميه وقال: «مع تقديرنا الكامل وتشجيعنا للجهود الساعية الى انتخاب رئيس للجمهورية، والتي نرجو لها النجاح في اسرع وقـت ممكن، يتكلمون عن سلة تفاهم كشرط وممر لانتخاب رئيس الجمهورية. هل هذه السلة تحل محل الدستور والميثاق الوطني؟ ان التقيد بالدستور، حرفا وروحا، وبالميثاق يغـنيان عن هذه السـلة. فان كان لا بـد منها فينبغي ان يوضع فيها امر واحد هو: التزام جميع الكتل السياسية والنيابية بتأمين المصلحة الوطنـية المشتركة العليا. اما المواضيع الاخرى التي يريدون وضـعها في «السـلة»، ومن دون جـدوى، لا يمـكن ان تطرح وتحل وتنتظم الا بوجود رئيس الجمهورية.
ثم كيف يقبل اي مرشح للرئاسة الاولى، ذي كرامة وادراك لمسؤولياته، ان يعرى من مسؤولياته الدستورية، بفرض سلة شروط عليه غير دستورية، وان يحكم كاداة صماء؟ هذا اذا ما كان الامر للمماطلة بانتظار الوحي وكلمة السر من الخارج».
ـ بري: التاريخ يحكم بين السلتين ـ
وبعدها رد الرئيس بري على كلام الراعي وقال: جواباً على ما صدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي ادلى الرئيس نبيه بري بما يلي:
اما انك اخفيت مما اعلنت فاني اعلن ما اخفي: بين سلة للاشخاص التي اقترحتم وسلة الافكار التي قدمتها في الحوار، اترك للتاريخ ان يحكم ايهما الدستوري وايهما الاجدى دون الحاجة للمس بالكرامات، وكرامتنا جميعا من الله.
ـ القوات ورفض سلة بري ايضاً ـ
الى ذلك، قالت اوساط قريبة من حزب القوات اللبنانية «للديار» حول «الحرم الكنسي» الذي انزله البطريرك الراعي على سلة بري، ان الراعي يشدد على اولوية انتخاب رئيس للجمهورية لان ذلك اضحى حاجة وطنية لا يجب ربطها بامور اخرى ولا يجب عرقلة مساعي الانتخاب .
وتابعت هذه الاوساط ان البطريرك يصف مبادرة سعد الحريري بالامل الاخير المتبقي لملء الشغور الرئاسي ولذلك رفض سلة بري معتبرا انها مجموعة شروط مسبقة وضعت لرئيس الجمهورية وهذا يمثل اهانة لموقع الرئيس. هذا وقالت الاوساط القريبة من القوات اللبنانية ان المرسوم الوحيد الذي يتولاه رئيس الجمهورية هو تشكيل الحكومة فاذ بالبعض يشترط منذ الان اسم رئيس الحكومة وحصة الوزراء والى ما هنالك.
واضافت هذه الاوساط الى ان الاعتراض على سلة بري بدأت منذ اربعة ايام وقد التزم البطريرك الراعي الصمت في بادئ الامر الا انه عندما رأى ان الرئيس سعد الحريري وافق على انتخاب المرشح العماد عون بدات حملة لنسف ذلك , عندها خرج الراعي عن صمته وانتقد المعرقلين لانه حريص على مصلحة لبنان وعلى المسيحيين.
ولفتت هذه الاوساط الى ان تصعيد الوزير سليمان فرنجية حول ترشيح الحريري لعون بان تجربة 1988 ستتكرر، اتى بعد تحريض من الرئيس نبيه بري فيما الموقف الذي اعلنه هنري حلو والمؤيد لانتخاب رئيـس لـه دلالة مهمة وهي ان الوزير وليد جنبلاط يتمـايز هــذه المرة عن توجهات بري ولا يريد عرقلة مهمة الحريري.
اما العماد عون فكانت مواقفه ضبابية و«غامضة» فهو لا يريد ان يفجر الامور مع بري. وهذا ما اكد عليه الوزير الياس بوصعب بان سلة بري ليست شروطاً على العماد عون في المقابل لا يريد الوقوف ضد كلام البطريرك الراعي الذي بات سقفاً لاي مرشح رئاسي ولا يمكن النزول تحت هذا السقف.
الجمهورية :
الملف الرئاسي مجدداً على رف الانتظار ولا مدى زمنياً يوضِح كم سيمكث في هذه الدائرة قبل ان تستأنف عجلاته الدوران نحو الخواتيم الايجابية. في هذا الانتظار الذي اصبح سيّد المرحلة بامتياز، الكل ينتظر الكل. رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون ينتظر جواب الرئيس سعد الحريري الذي قطع مشاوراته الرئاسية الصامتة ليبدأ مشاوراته الخارجية استهلالاً في موسكو اليوم مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فيما كتلته النيابية تنتظر بدورها عودته للاطلاع على نتائج جولته وتحديد اتجاهات الرياح الرئاسية، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ينتظر توافق الاطراف على السلة المتكاملة، ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ينتظر ويراقب ليبني على الشيء مقتضاه، ورئيس الحكومة تمام سلام ينتظر ما يدفعه لعقد جلسة لمجلس الوزراء.
في غمرة هذا الانتظار الطويل، ومخاض ولادة الرئيس العتيد، وبعد الموقف الناري والسقف العالي في نبرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأحد الفائت التي فاجأت الاوساط السياسية برفض تكبيل رئيس الجمهورية بسلّة شروط، معتبراً انّ من يقبل بها يكون بلا كرامة، تنتقل الاضواء الى بكركي مجدداً غداً، لترقّب الموقف الذي سيصدر عن الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة، خصوصاً بعد ردّ بري على الراعي واستنفار الاحزاب والشخصيات المسيحية دفاعاً عن موقفه. وتوقعت اوساط مراقبة ان يكون البيان مكمّلاً لموقف البطريرك من الإستحقاق والسلة المطروحة بشأنه.
وكان الراعي سأل خلال عظة الاحد: كيف يقبل أيّ مرشح للرئاسة ذو كرامة بسلّة مسبقة؟ واعتبر أنّ «السلة تعرّي الرئيس من مسؤولياته الدستورية واذا كان لا بد من سلة فهي يجب ان تكون ببند وحيد التزام الكتل النيابية بتأمين المصلحة الوطنية». وشكّك بأهداف طرح السلة، معتبراً أنها نوع من المماطلة انتظاراً لكلمة السر من الخارج.
أوساط البطريركية
وكانت اوساط البطريركية المارونية اوضحت لـ«الجمهورية» أنّ «الراعي لم يقصد أن يهاجم أحداً أو يردّ على أي مكوّن سياسي، بل إنّ الطريقة التي طرحت بها الأمور استفزّت البطريركية، وأظهرت كأنّ رئيس الجمهورية شخص غير ناضج ولا يستطيع ان يحكم إذا لم نرسم له خريطة طريق».
وشدّدت الأوساط على انّ «رئيس الجمهورية يجب أن ينتخب ويحكم وفق الدستور وضميره، والموقف الذي أطلقه الراعي لا يهدف الى دعم مرشّح على حساب آخر، بلّ إنّ الراعي متخوّف من تكريس عرف يطرحه ايّ كان عند حلول موعد انتخاب الرئيس، فالرئيس هو الحاكم والحكم ولا يأتي الى قصر بعبدا ليطبّق رغبات بقية الأفرقاء». (التفاصيل 6)
بري
ورد بري على الراعي بالآتي: «أمّا انك أخفيت ممّا أعلنت فإني أعلن ما أخفي: «بين سلّة للأشخاص التي اقترحتم وسلّة الافكار التي قَدّمتها في الحوار، أترك للتاريخ ان يحكم أيّهما الدستوري وأيّهما الأجدى من دون الحاجة للمسّ بالكرامات، وكرامتنا جميعاً من الله».
وربطاً بذلك، جدّد بري أمام زواره التأكيد على انّ التفاهمات هي المعبر الوحيد الى الرئاسة، وقال: قلت وأكرّر انّ اللقاءات الشخصية والثنائية او الثلاثية، على أهميتها، لن تؤدي الى ايّ نتيجة بل اللقاء الجامع هو الذي يوصِل الى الحل المنشود، وأساسه اولاً الاتفاق على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والحكومة وشكلها وكيفية تمثيل القوى السياسية فيها وحجم تمثيل كل طرف سيشارك فيها بالإضافة الى سياستها وأدائها وتوجهاتها الداخلية والخارجية.
اضاف: واقول لمن يقول بأن يُكتفى بانتخاب الرئيس ومن ثم نعود لاحقاً الى مقاربة الامور الاخرى إنّ هذا لن يؤدي الى اي نتيجة بل سيبقينا في الدوّامة ذاتها.
وتابع بري: وقبل أن نُسأل هل انت مع هذا المرشح او ذاك او مع عون او ضده؟ فأنا لست ضد الشخص ايّ شخص. موقفي واضح هو التفاهم ثم التفاهم ثم التفاهم بمعزل عمّا اذا كان الشخص هو عون او غيره من المرشحين.
إتصالات
وكانت بكركي قد استقطبت أمس حركة سياسية وقيادية مسيحية وتلقّى الراعي سلسلة اتصالات من عدد من الشخصيات السياسية والحكومية والنيابية والحزبية نَوّهت بموقفه، واعتبر اصحابها «انها أعادت الأمور الى نصابها لجهة تأكيده الحرص على موقع الرئاسة وكرامة شخص الرئيس، وانه لا يمكن فرض البرامج المسبقة قبل وصوله الى الحكم لأنّ هذا الأمر يعيق حكمه ويعود بنا الى منطق المقاطعة من جديد» كما تسرّب من الدوائر البطريركية.
وتلقّى الراعي إتصالاً من الرئيس امين الجميّل الذي شكر له إيفاد المطران بولس مطر في زفاف نجله النائب سامي الجميّل، وتشاور معه في التطورات السياسية والمواقف الأخيرة من الإستحقاق الرئاسي وحراك الحريري والنتائج المترتبة عليه.
والتقى الراعي وزير الإتصالات بطرس حرب الذي زار بري واعتبر انّ كلام البطريرك يُعيد البوصلة الى مكانها رافضاً تكبيل رئيس الجمهورية قبل انتخابه.
باسيل وشهيّب
وفي المعلومات انّ الراعي سيلتقي قبل ظهر اليوم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي يزوره موفداً من عون للتداول معه في آخر التطورات خصوصاً المتصلة بالحراك الرئاسي.
كذلك يزور بكركي اليوم الوزير أكرم شهيّب للغاية عينها ولإطلاع البطريرك على الخطوات المتخذة في ملف النفايات وتسويق موسم التفاح وما تقوم به وزارة الزراعة في هذا الخصوص.
نقولا
وعشيّة المواقف التي سيدلي بها عون مساء اليوم في مقابلته المتلفزة مع الزميل جان عزيز في برنامج «بلا حصانة»، اكّد عضو «التكتل» النائب نبيل نقولا لـ«الجمهورية» انّ مواقف الراعي وضعت الامور في نصابها. واكد انه لا يجب ان تعرقل المشاورات الرئاسية الجارية، وشدد على عدم جواز تكبيل رئيس الجمهورية بسلّة او بشروط، واعتبر انّ اي تفاهم اليوم لا يلزمه لأنه في النهاية يطبّق الدستور.
وقال نقولا: سلّة الافكار عرفنا ما هي، ويمكن ان يوافق عليها البعض والبعض الآخر يرفضها، إنما سلّة الاشخاص لم ندرك ما هي، وعلى الرئيس بري هنا توضيح ما يقصد بها لكي نستطيع ان نبني على الشيء مقتضاه.
الهبر لـ«الجمهورية»
وقال النائب فادي الهبر لـ«الجمهورية»: سيّدنا البطريرك حريص على سيادة المؤسسات إبتداء من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والمجلس النيابي وكل مؤسسات الدولة، وتطبيق الدستور بالنسبة له هو الحفاظ عليها. وهو حريص على ان لا يُثقل كرسي الرئاسة او الرئيس بسلّة او شروط تُضعف مكانتها وتثقل عمل الرئيس بعدما أضعفه الطائف.
نفهم الرئيس بري، نعم هناك انقسام سياسي في البلد لهذا السبب هناك طاولة حوار، هناك الواقعية السياسية وحماية «حزب الله» والمقاومة وقانون الانتخاب وموضوع النفط ومجلس الوزراء الجديد.
كل ذلك هو حوار على صوت عال لم يصل الى مستوى الضجيج إنما نحن مع سيدنا البطريرك بحرصه على ان لا يُثقل كرسي الرئاسة بمتطلبات تُضعف رئيس الجمهورية ومكانة الرئاسة.
اللواء :
بعد غد الخميس يكون قد مر ما لا يقل عن شهر عن آخر جلسة لمجلس الوزراء عقدت في 8 أيلول الماضي، وتحولت إلى جلسة تشاورية لاحتواء التصعيد العوني المتمثل بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء، بعد التمديد للأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء محمّد خير، ولم يعرف بعد ما إذا كان الرئيس تمام سلام سيدعو المجلس إلى جلسة حافلة بجدول أعمال متراكم بـ111 بنداً، في مقدمها استحقاقات مالية وإدارية ووظيفية.
وحتى الاتصالات التي تمت لم يكن بإمكانها ان تبني على حركة الرئيس سعد الحريري التي ستكون له محطة محادثات في موسكو اليوم والتي وصلها مساء أمس، بما يقضي انفراجاً على الجبهة الحكومية وفقاً لمصدر وزاري كان ناشطاً خلال الـ48 ساعة الماضية على خط الاتصالات.
ويصف هذا المصدر لـ«اللواء» الوضع بأنه ما يزال صعباً ومعقداً، مستبعداً الوصول إلى حل قريب على صعيد رئاسة الجمهورية.
وتحفظ المصدر عمّا سيؤول إليه الوضع في حال لم تتوصل حركة الرئيس الحريري إلى وضع يسمح بالخروج من المأزق الرئاسي الراهن، كاشفاً ان اللقاء الذي تمّ السبت الماضي بين الرئيسين سلام والحريري في السراي الكبير تطرق إلى الجهود المبذولة والعقد التي تواجهها أو كشفت عنها جولة المشاورات التي كانت محطتها الأخيرة في الرابية.
ما هي العقد التي تواجه انتخابات الرئاسة والتي ربما مع نفاذ الأسبوعين اللذين حددهما العماد ميشال عون، ان تدخل البلاد في مرحلة من التأزم الإضافي، إذا ما ركب «التيار الوطني الحر» رأسه، في حال لاحت امام ناظريه بوادر انسداد أفق الوصول إلى بعبدا؟
وتنظر مصادر سياسية رفيعة إلى إطلالة النائب عون عبر محطة O.T.V مساء اليوم، بعد اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير»، باعتبارها محطة بالغة الأهمية لمعرفة المسار الذي ستسلكه الأزمة السياسية الراهنة، وعما إذا كان بالإمكان تذليل العقد، أم ان هذه العقد ستصبح مستعصية على المعالجة، وسط تأزمات إقليمية ودولية تُبقي لبنان متروكاً لقدره.
عين التينة - بكركي
1- أختلفت تقديرات المراقبين حول ما إذا كانت أزمة السجال التي اندلعت وشغلت الساحة السياسية بين بكركي وعين التينة، على خلفية «العظة الصاعقة» للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي التي رفض فيها بنبرة عالية، وبلا مقدمات فكرة السلة يراها الرئيس نبيه برّي ممراً الزامياً للرئاسة الأولى.
واخطر ما في رفض البطريرك الماروني سؤاله: «كيف يقبل اي مرشح للرئاسة الاولى، ذي كرامة وادراك لمسؤولياته، ان يعرّى من مسؤولياته الدستورية، بفرض سلة شروط عليه غير دستورية، وأن يحكم كأداة صماء؟ هذا اذا ما كان الامر للمماطلة بانتظار الوحي وكلمة السر من الخارج».
وفقاً لمصادر عين التينة، فقد تريث الرئيس برّي في الرد، ولم يكن رده أقل دوياً من موقف البطريرك، إذ خاطبه قائلاً برد من سطرين: «بأن سلته سلّة أشخاص مرشحين للرئاسة اخفاهم وربما ليس من ضمنهم النائب عون، وبين سلّة يعلنها الرئيس برّي وفيها أفكار قدمت لطاولة الحوارس.
وإذ امتنع الرئيس برّي عن الذهاب بعيداً في تجنّب مس الكرامات التي هي من الله، حكم التاريخ ما بين سلّة الأسماء وسلة الأفكار، قائلاً: «اترك للتاريخ ان يحكم أيهما الدستوري وأيهما الأجدى؟».
ومع هذه النبرة العالية، تساءلت مصادر سياسية مسيحية قبل ان تتحرك الوساطات لاحتواء الاشتباك وعدم تحوله إلى حاجز طائفي، أو كرة ثلج طائفية: «هل كان البطريرك يقصد برّي أم يقصد عون؟».
ومن أبرز من دخل على خط الوساطة وزير الاتصالات بطرس حرب والنائب السابق فريد هيكل الخازن المقرب من بكركي والصديق المرشح المناوئ للرابية سليمان فرنجية والمعروف بعلاقاته الجيدة منذ كان عضواً في المجلس النيابي مع الرئيس برّي، فضلاً عن شخصيات أخرى روحية وأمنية.
وتضمنت مهمة الموفدين، حسب معلومات «اللواء»، نقل رسائل ايضاحية، ونقل رغبة بعدم تصعيد الموقف، مدرجة ما حصل بين عين التينة وبكركي، بأنه سوء تفاهم نتيجة نقل معلومات على حدّ تعبير وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي قال لـ«اللواء» تعليقاً ما حصل بأنه لو كان البطريرك الراعي في أجواء ما بحث في طاولة الحوار لما أصدر مثل هذا الموقف.
وفي السياق عينه نقل عن النائب السابق الخازن قوله أن همّ البطريرك الراعي أن يحصل ملء الشغور في أقرب وقت ممكن، وأن لا يكون رئيس الجمهورية العتيد مكبّل بشروط مسبقة تحدّ من صلاحياته ودوره الإنقاذي، وهو لمس من الرئيس برّي الذي التقاه أمس أن همّه من السلة هو تسهيل مهمة رئيس الجمهورية الذي سينتخب وليس تكبيله، وبالتالي لا يوجد أي تناقض بين الرئيس برّي والبطريرك الراعي.
وأوضح مصدر مقرّب من الخازن لـ«اللواء» أن يقوم الأخير بزيارة بكركي وينقل الجو الإيجابي الذي حمله من لقائه مع برّي وهو لا يعتقد أن هناك تداعيات للتصريحات التي صدرت وتنتهي عند هذه الحدود.
الرابية وحارة حريك
2- ملامح أزمة ثقة بين الرابية وحارة حريك، على خلفية سكوت «حزب الله» على ما بات واضحاً من أن عين التينة تجاهر برفض وصول عون إلى بعبدا.
وفي هذا الإطار يطالب التيار العوني الحزب بالوفاء بالتزاماته، مذكّراً إياه بأن قيادته سبق وأعلنت أنه في حال كان عون مرشحاً للرئاسة ومدعوماً من تيّار «المستقبل»، وأن رئيس هذا التيار سيكون على رأس حكومة العهد الأولى، فإنه لا حاجة بعد ذلك لأي سلّة، أياً يكن صانعها أو مشتغل بحياكتها.
في المقابل يتريّث «حزب الله» في اتخاذ أي موقف، إلا أنه أبلغ التيار العوني أنه في حال أعلن الرئيس الحريري ترشيحه للعماد عون، فإن اللعبة ستأخذ مساراً آخر، وأن الحزب يُدرك ما عليه أن يفعل.
أما لجهة ما سيكون عليه موقف الحزب من الرئيس برّي، فإن حزب الله الذي جاهر أقلّه على مدى السنة الماضية بتبنّيه ترشيح عون للرئاسة الأولى، ودعوته تيّار «المستقبل» لحسم خياره، ليس في وارد التدخل لفرض أي خيار على رئيس المجلس، بصرف النظر «المون على رئيس المجلس أم لا»، فالحزب يؤيّد ترشيح عون ولا يزال لكن لن يدفع مطلقاً إلى إلزام حلفائه وفي مقدمهم الرئيس برّي في أي خيار.
ووفقاً لمصدر قيادي في «حزب الله» فإن قيادة الحزب أبلغت عبر الوسطاء بين الموفدين بين حارة حريك والرابية أنها تشجّع النائب عون على عدم الاكتفاء بإرسال موفدين أو إشارات لرئيس المجلس، وأنه يتعيّن عليه (أي على عون) التواصل مباشرة مع عين التينة لحلحلة ما يمكن حلحلته في هذا الملف.
الرابية: تجهّم وانتظار
3- ومن العُقد أو العقبات أيضاً تحوّل معالم الفرحة في الرابية إلى معالم تجهّم وانتظار إلى درجة أن الأوساط العونية لا تُخفي قلقها من أن الوقت لا يعمل لصالح العونيين، وأنه يتعيّن بالتالي إعطاء الجواب الكافي والشافي قبل الموعد المضروب في 15 تشرين الأوّل، أي السبت الذي يلي السبت المقبل، حيث سيلقي النائب عون لمناسبة ذكرى 13 تشرين أول 1989 كلمة فاصلة على صعد عدّة أبرزها موقف من الشراكة والميثاق، وإظهار أن هناك «هيمنة إسلامية» على مقدرات القرار المسيحي آن الأوان لرفعها في خطاب تهييجي شعبوي لاستعادة ما خسره من الشعبية على الصعيد المسيحي.
4- بالإضافة إلى العقبات الكأداء، لا يبدو المناخ الإقليمي، لا سيما بالنسبة للاعبين الإقليميين مؤاتياً لرعاية مشروع اتفاق لبناني حول الرئاسة الأولى، نظراً للتدخلات والمشابكات المحيطة بملفات المنطقة ومشاكلها المستعصية على الحلول أيضاً.
الحريري في موسكو
وسط هذه الوقائع والأجواء، وصل الرئيس الحريري مساء أمس إلى موسكو، حيث سيلتقي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ويبحث معه التطورات والعلاقات الثنائية، بحسب ما أفاد مكتبه الإعلامي والذي أوضح انه يرافق الحريري النائبان السابقان غطاس خوري وباسم السبع والسيّد نادر الحريري.
وأوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري ان الرئيس الحريري قد يتوجه بعد زيارة موسكو إلى تركيا، لافتاً إلى انه عندما ينتهي من جولاته الخارجية والداخلية التي سيستكملها بزيارات لقيادات روحية كالبطريرك الماروني ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، سيطلع الكتلة على نتائج المشاورات الرئاسية التي أجراها ليتخذ في ضوئها القرار الرسمي والنهائي للكتلة من الاستحقاق الرئاسي، مشيراً إلى ان هذا ما تفاهمنا عليه في الاجتماع الأخير للكتلة الثلاثاء الماضي.
وترددت معلومات مساء أمس، عن إمكان تأجيل الاجتماع ا<