لم يهمل داعش الأطفال منذ اليوم الأول لإحتلاله الأرض الرغم من أنه اعتمد في بداية وجوده في سورية على المهاجرين العرب والأجانب، الذين كان لهم الكلمة الفصل. 

وفرض داعش شروطاً على انتساب السوريين، ولا سيما بعد جريان المال بين يديه إثر احتلال حقول النفط والغاز، يقول الناشط أبو عمر من مدينة منبج: "لم يكن التنظيم يقبل انتساب أحد دون الحصول على تزكية من مقاتل في داعش".

فعمل التنظيم على إعداد الأطفال عقائدياً إذ عمل جاهداً على زرع فكره في عقول الناشئة، يقول أبو عمر:"لم يغلق التنظيم المدارس عبثاً فهي عائق أمام نشر فكره بين الأطفال الذين استقطبهم في المساجد ومراكزه التعليمية". 

وتطور الأمر لاحقاً فأنشأ التنظيم مدارس أشبال الخلافة التي ازدادت أهميتها بعد نضوب المهاجرين، ومقتل عدد كبير من الأنصار وهربهم فكان لا بدّ من تعويض النقص العددي، يقول الناشط الإعلامي محمود الحسن: "فضّل التنظيم بداية الغناصر المدربة الجاهزة، ولم يكترث بداية بالأطفال لأنهم يحتاجون لتدريب، لكن الأمر تغير سريعاً".

ويظهر أن الأطفال ولا سيما المراهقين باتوا العنصر الطاغي، وربما الخزان البشري الوحيد، ورأى داعش فيهم ضالته، يقول مدير مركز العدالة من أجل الحياة في دير الزور جلال الحمد : "الأطفال لا يحتاجون لجهد كبير لغسل أدمغتهم، وتحويلهم لقنابل متفجرة" وما شجع على ذلك أيضاً كما يقول السيد جلال:"الأزمة المالية للتنظيم، فالأطفال يرضون بالقليل، ويسهل ضبطهم" أما النقطة الأهم فتتمثل في حماستهم، واستعدادهم للتضحية كما يقول جلال الحمد. 

ولم يستخدم التنظيم الأطفال بداية في المعارك، يقول السيد جلال: "أعمال الطفل تدرجت من العمل كمخبر ثم السخرة ثم القتال".

وأسند تنظيم داعش أعمال قذرة للأطفال تسلبهم طفولتهم، يقول السيد محمود الحسن:" ظهرت إصدارات فاخر فيها التنظيم بإقدام طفل على ذبح أحد معارضيه بالسكين، وفي مشهد آخر ظهر إعدام الثوار بطلقات في الرأس من قبل أطفال".

ونجد ذلك في الأطفال المنضمين لداعش إذ ينجحون في تجنيد رفاقهم من خلال الإغراء المادي، وقصص المغامرات. 

ولم يعانِ التنظيم في جذب الأطفال لصفوفه، فقد أنشأ عدداً من المدارس "أشبال الخلافة"، يقول محمود الحسن: "أنشأ التنظيم مدارسه بعد أن أغلق كافة المدارس العامة والخاصة ليجبر الأهالي على إرسال أبنائهم". 

وأجاد التنظيم العزف على العوامل النفسية، فجذب المراهقين بإصداراته الإعلامية يقول جلال:"استقطبت النقاط الإعلامية عدداً من الأطفال المراهقين الباحثين عن المغامرة". 

ويضاف لما سبق الحفلات والمهرجانات، يقول جلال:"كسر توزيع الهدايا للأطفال في المهرجانات والمسابقات الحاجز النفسي، مما سهل توجه الأطفال للمقرات".

وتسبب انخراط الأطفال بمآسي كثيرة إذ زج بهم في معارك شرسة ضد الثوار، يقول نديم من لواء الحمزة:"وجدنا من بين قتلى التنظيم في كفرغان والراعي ومارع وغيرها جثثاً لأطفال لم يتجاوزوا 15 من عمرهم زج بهم في معارك الريف الشمالي". وتشير بعض الأرقام لسقوط مئات الأطفال قتلى بغارات التحالف لكونهم يقاتلون مع داعش. وكان معظم القتلى من الأطفال في تحرير الراعي في المرة الأخيرة كما ذكر أحد القادة الميدانيين. وأوكلت للأطفال عمليات قنص الهاربين من مدينة منبج  باتجاه مناطق قوات سورية الديمقراطية قبيل دحر داعش منها كما أكد ناشطون.

ويترتب على تنسيب الأطفال نتائج خطيرة تهدد بنية المجتمع، وتطيل عمر الإرهاب، يقول أبو عمر:"الأطفال أكثر قناعة بالتنظيم لأنهم لم يشهدوا تجربة سابقة يقيسون عليها، ولا سيما أن التنظيم منع التلفاز وكل صوت إلا صوته".

وبتنا نلاحظ ارتفاع عدد المفخخات التي يفجرها الأطفال، كما أصبح الأطفال بالفترة الأخيرة جزءا من "جيش الخلافة" الذي كان حكرا على المهاجرين، وأنشأ لهم التنظيم معسكرات خاصة وتدريبات نوعية في ريف الطبقة وريف دير الزور ومدينة الباب وسابقا قرب الخفسة جنوب منبج الذي تعرض للقصف كما أكد ناشطون.

ويرى الأستاذ عمران أبو أحمد من ريف حلب: "لا بدّ من إخضاع هؤلاء الأطفال لدورات تأهيل طويلة لغسل أدمغتهم من الفكر الإرهابي، وذلك صعب جداً لأن داعش حصّن عقولهم بطرق كثيرة.

ونحتاج قبل عمليات التأهيل دحر داعش، وتوعية الأهالي بتأثيرها على أبنائهم، يقول محمود الحسن:"لا يدرك كثير من الأهالي أن الطفل صفحة بيضاء تقبل الكتابة بكل الألوان وليس لها حصانة" فداعش لم يبالِ بسرقة طفولتهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة والتعليم والعيش الحر الكزيم.