يقول عدد من السياسيين اللبنانيين الذين يواكبون اندفاعة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري في اتجاه رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، في سياق لجوئه إلى الخيارات المفتوحة، ومنها احتمال تأييده لرئاسة الجمهورية، إن ما يتطلع إليه هو إخراج البلد من «الإدمان» على إمكان التكيف مع استمرار الشغور في سدة الرئاسة الأولى لما يترتب على ذلك من أضرار فادحة يمكن أن تسرع في تفكيك لبنان وتعطيل جميع مؤسساته الدستورية، وصولاً إلى انحلاله وضياعه في ظل عدم التفات المجتمع الدولي إليه، لانشغاله بالحرائق المشتعلة من حوله.
ويؤكد هؤلاء أن اندفاعة الحريري في اتجاه عون لا تعني أبداً أنه حسم قراره وتخلى عن دعم ترشيح زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية. ويعزون السبب إلى حرصه على عدم التفريط بعلاقاته مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «اللقاء النيابي الديمقراطي» وليد جنبلاط، الموجود حالياً في باريس، والنواب المستقلين في «قوى 14 آذار».
ويسأل هؤلاء عن الدوافع التي تحمل البعض على «تهبيط الحيطان» على الحريري، تارة بتصويره معطلاً وحيداً لانتخاب رئيس جديد، وأخرى بأن لا مجال لعودته إلى رئاسة الحكومة إلا من خلال الممر الإجباري، استرضاء عون.
... وماذا عن «حزب الله»
كما يسألون هل أن عون وحده من يقرر من سيكون رئيس الحكومة العتيد، وبالتالي فإن إيران من خلال حليفها «حزب الله» لن تحرك ساكناً وتبصم على ما يرسمه عون في مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس؟ وإلا لماذا توجهت أمس الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ إلى طهران للقاء حسين جابري أنصاري مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية بالنيابة عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف لوجوده خارج البلاد؟
ويؤكد هؤلاء أن لزيارة كاغ طهران في هذا التوقيت علاقة مباشرة بإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية والطلب من القيادة الإيرانية المساعدة في تسهيل انتخاب الرئيس. وهي كانت زارتها في وقت سابق من دون أن تحقق أي تقدم، إذ تذرعت طهران بأن انتخابه شأن لبناني ولا تتدخل فيه وتترك للأطراف المحليين حق التقرير في هذا الاستحقاق.
ويكشف السياسيون أنفسهم أن حلفاء الحريري كانوا ناقشوا معه ضرورة الحصول على ضمانات تتعلق بالعناوين الكبرى التي ما زالت عالقة وتستعصي عليها الحلول، لأن عون ليس من يؤمنها من دون أن يكون لديه غطاء سياسي من «حزب الله» وامتداد من إيران والنظام في سورية لئلا يأتي لاحقاً ويقول إن المشكلة في الحزب «وما عليك إلا التواصل معه».
ويقول هؤلاء إن الحريري لن يندفع في أي خيار سياسي في اتجاه عون على بياض، لأنه ليس في وارد التفريط بعلاقته مع حلفائه وأصدقائه في مقابل عودته إلى رئاسة الحكومة.
ويضيفون أن الحريري، وإن كان يتهيب اللجوء إلى الخيارات المفتوحة، فإنه في المقابل لن يسمح في أي حال من الأحوال بأن توجه التهمة إلى حلفائه بأنهم كانوا وراء إعاقة وصول عون إلى الرئاسة الأولى، وتحديداً إلى بري وجنبلاط، في محاولة مدروسة من خصومه لضرب علاقته بهما وللإيحاء بأن هناك مشكلة في الشارع الإسلامي كانت السبب الوحيد الذي منع إنجاز الاستحقاق الرئاسي.