قتل 9364 شخصاً بينهم 3804 مدنيين في سورية جراء الغارات التي شنتها روسيا منذ بدء تدخلها العسكري قبل عام، حيث جرى تدمير 59 مركزاً طبياً حتى نهاية آب (أغسطس) وعشرات المراكز بقصف حلب في الشهر الماضي. وإذ أعلنت موسكو أن التدخل المباشر يرمي إلى «دعم النظام ضد داعش، فإن معظم الغارات استهدفت مناطق المعارضة»، بحسب مسؤول غربي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن بين المدنيين الذين قتلوا جراء الغارات التي تنفذها روسيا منذ 30 أيلول (سبتمبر) 2015 على مناطق عدة في سورية، 906 أطفال. كما قتل 2746 عنصراً من «داعش» و2814 مقاتلاً من الفصائل المعارضة وبينها «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة). وأضاف أن «الحصيلة هي نتيجة الغارات الروسية التي تمكنا من التأكد منها»، لافتاً إلى أن «العدد قد يكون أكبر لوجود قتلى لم نتمكن من تحديد هوية الطائرات التي استهدفتهم».
وتسببت الغارات الروسية خلال عام بإصابة «عشرين ألف مدني على الأقل بجروح»، بحسب «المرصد» الذي ندد بحصيلة القتلى المرتفعة، معتبراً أن «روسيا تمعن في قتل المدنيين وارتكاب المجازر في سورية من دون أن تعير أي اهتمام للمجتمع الدولي والقوانين الدولية».
وبدأت روسيا الحليف الأبرز لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، في 30 أيلول 2015 حملة جوية مساندة لدمشق، تقول إنها تستهدف تنظيم «داعش» ومجموعات «إرهابية» أخرى». وتتهمها دول الغرب وفصائل سورية معارضة باستهداف المجموعات المقاتلة المعتدلة أكثر من التركيز على الجهاديين.
ومنذ حوالى عشرة أيام، تنفذ الطائرات الروسية غارات مكثفة على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب شمال سورية، أوقعت مئات القتلى والجرحى، ما استدعى تنديداً من دول غربية عدة وصل إلى حد اتهامها ودمشق بارتكاب «جرائم حرب».
من جهتها، قالت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه «على رغم أن عام التدخل الروسي شهد اتفاقيتين لوقف الأعمال العدائية، برعاية روسية، الأولى في 27 شباط (فبراير) والثانية في 12 أيلول، فان القوات الروسية خرقت بنود الاتفاقيتين». ولاحظت «انخفاضاً في وتيرة الهجمات الروسية بعد الاتفاقية الأولى، استمر قرابة شهر كامل، خصوصاً بعدما أعلنت روسيا في 14 آذار (مارس) انسحاب قسم من قواتها، لكن تلك القوات عادت في نهاية آذار إلى التصعيد تدريجياً، وإلى ارتكاب المجازر وعمليات القصف العشوائي والمتعمد على الأحياء السكنية، لتعود وتيرة القصف تدريجياً إلى ما كانت عليه قبل بيان وقف الأعمال العدائية، ولينهار البيان في شكل كامل في نهاية تموز (يوليو)».
وقال فضل عبد الغني مدير «الشبكة» إن روسيا «ساندت النظام السوري منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة السورية، إعلاميا وديبلوماسياً وقدمت له أربع مرات حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن، الأول منها كان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 والأخير في عام 2014، منعت إحالة الملف السوري على المحكمة الجنائية الدولية، وأمَّنت له حصانة كاملة عن جرائمه ضد الإنسانية التي مارسها بحق الشعب السوري، وغطَّت على جميع انتهاكاته الصارخة لكافة قرارات مجلس الأمن الصادرة عن سورية بعد عام 2011، لكن جميع ما ذكر في جانب، وبعد 30 أيلول أمر مختلف تماماً، وذلك عندما هاجمت قواتها البرية والجوية والبحرية الشعب السوري وقتلت ودمرت وارتكبت جرائم حرب، وبناء على حجم الجرائم التي سجلناها، فمعظم الشعب السوري يعتبر روسيا عدواً مباشراً، لا يقبل بحال من الأحوال أن تكون في الوقت ذاته راعية لعملية السلام، كما لن تكون مصالحها واستثماراتها بعيدة الأمد في مأمن من الانتقام وردود الأفعال، ما لم تُغير روسيا نهجها في شكل كامل، وتسحب قواتها، وتعتذر عن الجرائم، وتُعوِّض الضحايا وجميع المراكز التي قصفتها».
شمل التقرير حصاد الهجمات والعمليات العسكرية التي نفذتها قوات يعتقد أنها روسية بين 30 العام الماضي ونهاية هذا الشهر، حيث «وثقت قتل 3264 مدنياً، بينهم 911 طفلاً، و619 سيدة كما سجل ما لا يقل عن 169 مجزرة ارتكبتها قوات يعتقد أنها روسية». وبحسب التقرير «بين الضحايا 32 شخصاً من الكوادر الطبية، و11 شخصاً من كوادر الدفاع المدني، و12 شخصاً من الكوادر الإعلامية»، إضافة إلى «ما لا يقل عن 147 هجمة بالذخائر العنقودية مقابل 3 هجمات حصلت في مناطق تحت سيطرة تنظيم داعش». وتابعت: «استخدمت قوات يعتقد أنها روسية أسلحة حارقة ما لا يقل عن 48 مرة في مختلف المحافظات وضرب ما لا يقل عن 417 مركزاً حيوياً مدنياً تعرضت للاعتداء، 25 منها تعرض للاعتداء أكثر من مرة»، الأمر الذي أدى رصد «تضرُّرَ 59 ألف شخص في شكل مباشر من الهجمات الروسية».
 
الخارجية البريطانية
وأصدرت الخارجية البريطانية تقريراً عن حصيلة التدخل العسكري الروسي. وقال المبعوث البريطاني إلى سورية غاريث بايلي في بيان أنه «منذ الغارة الأولى، ضربت روسيا مدنيين واستخدمت أسلحة عشوائية» وأن حملتها «زادت العنف وأطالت من معاناة مئات آلاف السوريين وقتلت أكثر من 2700 مدني وأكثر بكثير من المقاتلين وهجرت عشرات الآلاف». وأضاف: «الواقع أن سورية الآن هي في كابوس. حلب محاصرة مرة أخرى مع فقدان المواد الضرورية من مياه والوقود والدواء لمئات آلاف المدنيين، إضافة إلى ضرب المدارس والمستشفيات والبنية التحتية».
وبعدما أشار بايلي إلى أن روسيا «تدعي أنها تريد الحل السياسي في سورية، لكن نظام الأسد منذ تدخلها العسكري متمسك بالسلطة»، قال إن التدخل الروسي لم يوقف «فظائع النظام» حيث ألقت مروحيات سورية 1379 «برميلاً متفجراً» مقارنة بـ 1591 «برميلاً» في شهر آب (أغسطس) العام الماضي. وزاد أن موسكو «برهنت إما أنها غير راغبة أو غير قادرة على التأثير بالأسد ويجب أن تتحمل مسؤوليتها إزاء فظائع نظام الأسد. وكما قال وزير الخارجية (بوريس جونسون) يجب أن نرى نهاية للغارات ونبدأ ممرات إنسانية فورية للمناطق المحاصرة وأن نعمل لاستعادة المسار السياسي».
وبحسب تقرير أعدته الخارجية عن التدخل الروسي، فإن «الهجمات الروسية قتلت مدنيين أكثر مما فعل داعش في وقت أطول» واستخدمت أسلحة محرمة دولياً في قصف مناطق مدنية واستهداف للمراكز الحيوية حيث أن 59 مركزاً طبياً ضربوا بعضها مرات عدة، من الجيش الروسي حتى نهاية آب، إضافة إلى قصف مراكز حيوية في الشهر الماضي.