جولة مكوكية للحريري على الزعامات اللبنانية بدون قرار نهائي حول الرئاسة
السفير :
خرج الرئيس سعد الحريري، ليل أمس، من الرابية، وهو أكثر اقتناعاً من أي يوم مضى بأنه إذا وضع نفسه بين مقارنة لا بد منها، حتما سينحاز إلى «حبيبه الأول» سليمان فرنجية، لكن «الواقعية» تجعله، اليوم وغداً، أكثر اقتراباً إلى «الحبيب الثاني» ميشال عون.
يقود ذلك إلى استنتاج بسيط، أن الرجل أصبح الآن على مسافة واحدة بين مرشحين اثنين. هذه المعادلة تصب لمصلحة العماد عون، لأنه تمكن من فرض نفسه على جدول أعمال سعد الحريري السياسي ـ الشخصي.
قبل سنة، لم يكن المشهد كذلك. عاد فرنجية من باريس ونام رئيساً ليس بمجرد تبنيه فقط من قبل زعيم «المستقبل»، بل من عواصم دولية وإقليمية، حتى أن رئيس فرنسا خابره لمدة ربع ساعة مهنئاً ومستفسراً..
في مطلع خريف العام 2016، تبدلت حسابات سعد الحريري. خلال لقاءاته التي شملت فرنجية ووليد جنبلاط ونبيه بري وسمير جعجع وميشال عون، كرر الرواية السياسية ـ الشخصية ذاتها التي يبدو أنه صار يحفظها عن ظهر قلب، وتجعله موضع إعجاب عند من كانوا يستمعون إلى مفرداته السياسية. الوقائع التي عرضها تدلل على أنه مأزوم، وهو لا يبحث عن حل لأزمة سياسية مفتوحة على مصراعيها منذ ثلاثين شهرا، بل عن مخرج لأزمة شخصية يمكن أن تجعل أموره أكثر صعوبة في المرحلة المقبلة.
سعد الحريري بلا وجوده في قلب قرارات «السرايا الكبيرة» لن يكون قادراً إلا على إنتاج كتلة نيابية لا تتجاوز خمسة عشر نائباً في أحسن الأحوال. «العودة» إلى لبنان و «العودة» من بعدها إلى «السرايا» من بوابة الرابية، قد تجعله يدفع خسائر إضافية في كتلته وتياره وشارعه، لكنه يملك خطة كفيلة بإعادة استنهاض شارعه وصولا إلى الحد من الخسائر والتعويض مستقبلاً.
يستفيد الحريري من حقيقة لا يختلف عليها اثنان لبنانياً وخارجياً، هي أن حماية الاعتدال السني تتطلب إعادة تثبيت زعامته في شارعه، غير أن المعوقات أو الألغام التي تعترض دربه إلى رئاسة الحكومة متعددة وهي:
أولا: لا يملك أي طرف لبناني تفسيراً موحداً لحقيقة الموقف السعودي وتتراوح الأجوبة ومصدرها اثنان لا ثالث لهما (وزير الخارجية عادل الجبير ورئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان)، بين عدم وجود ممانعة سعودية لتبني ترشيح عون وبين ترك القرار للبنانيين وبين الانسحاب الكامل وصولا إلى القول قرروا وتحملوا مسؤولية خياراتكم، وهذه الأخيرة، قد تكون حمالة أوجه وتحتمل أكثر من تفسير واحد.
وإذا كانت المحطة السعودية للحريري في جولته التي بدأت ليل أمس (غادر بيروت ليلاً)، تبدو إلزامية أكثر من أي وقت مضى، فإن الأهم من تزكية هذا الترشيح أو ذاك، أن تتبنى «المملكة» بشكل واضح عودة سعد الحريري إلى «السرايا»، فأمر كهذا لا يحتمل مغامرة ولا خطوة من نوع رمي الكرة في ملعب السعوديين، وهم الذين لا ينسون من يهينهم ويشتمهم، وهي حالة يدفع زعيم «المستقبل» ثمنها بسبب عبارة «السفاح» التي قالها يوما ما عن ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، فهل يحتمل مغامرة جديدة في ظل علاقته المأزومة مع السعوديين الذين لم يعد لهم تأثير في لبنان سوى في شارع واحد محسوب عليهم وفي بعض التقاطعات المؤدية إليه!
ثانيا: وبمعزل عن قدرة الرياض كما قدرة غيرها من العواصم الإقليمية أو الدولية على التأثير في الواقع اللبناني، هل يملك أحد تفسيراً لحقيقة الموقف الأميركي ولماذا لم تطلب السفيرة الأميركية في بيروت، على مدى أسبوع، موعداً من «بيت الوسط» للقاء سعد الحريري، بينما بادر عدد من السفراء الى طلب مواعيد على وجه السرعة، وآخرهم ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ؟
ثالثا: كل المناخات في «المستقبل» (كتلة وتياراً وشارعاً) تجعل الحريري متيقنا من أن الصعوبة التي واجهها في موضوع هضم ترشيح فرنجية، ستكون هذه المرة مضاعفة، فهل يستطيع تحمل الأكلاف ومن يضمن له أن يعوّض في المدى القريب، وتحديدا في الانتخابات النيابية التي باتت على الأبواب؟
رابعا: برغم كل المناخات التي أشيعت في الساعات الأخيرة، تلقت قيادة «حزب الله» رسالة واضحة من الرئيس بري مفادها أن السلة المتكاملة هي المعبر الإلزامي لأية تسوية. السلة هي جدول أعمال الحوار: تفعيل المجلس النيابي والحكومة والتفاهم على المرحلة المقبلة. يطرح ذلك اسئلة على كل المرشحين وليس على مرشح بذاته، لكن مع «الجنرال»، ثمة مقدمات ضرورية لا يمكن التنازل عنها، وفي طليعتها الاقرار بأن المجلس النيابي شرعي 100 % ورئيسه ليس «.....»، فهل يمكن أن يقبل «التيار الحر» بالعودة الى الحوار والحكومة وفتح أبواب المجلس النيابي؟
خامسا: صحيح أن وليد جنبلاط «براغماتي» وواقعي، وهو كان مباشرا مع الحريري عندما قال له: لندخل في صلب الموضوع، أنت تريد تبني ترشيح ميشال عون، لكن ماذا عن موقف حليفي نبيه بري؟ قد يفسر هذا الموقف بأنه نوع من الاختباء وراء موقف رئيس المجلس وصولا لطرح السؤال ـ المفتاح: ألا يوجد خيار رئاسي ثالث؟
بكل الأحوال، ثمة عقدة اسمها «السلة»، وبرغم كل ما ساقه الحريري من أسباب موجبة، لم يتزحزح رئيس المجلس قيد أنملة عن مقاربته، مؤكداً أنها لا تتصل باسم هذا المرشح أو ذاك وأن ما ينطبق على عون ينطبق على فرنجية. ساق بري أمثلة كثيرة ومنها كم استغرق تشكيل أول حكومة للحريري وكم استغرق حتى تشكيل حكومة اللون الواحد برئاسة نجيب ميقاتي.. وصولا لطرح السؤال نفسه: إذا تم انتخاب عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري صار رئيساً للحكومة، من دون اتفاق مسبق على المرحلة اللاحقة، ماذا سيحصل عندما يحين أوان الانتخابات النيابية ووفق أي قانون ستتم وهل سنعود إلى قانون الستين الذي من شأنه ان يستنزف وهج العهد في بدايته؟
وبعكس الانطباعات التي سادت في الساعات الأخيرة، أبلغ الحريري كلا من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس المجلس النيابي بأنه لم يتخذ قراره النهائي بعد، أي أنه لم يفك ارتباطه العضوي مع فرنجية، والكرة في ملعب زعيم «المردة»، فإذا استطاع أن يكسر الجمود الذي يحيط بترشيحه، سأكون معه، لكن لم يعد مقبولا استمرار الفراغ والجمود. في الوقت نفسه أنا في مرحلة تفاوض مع العماد ميشال عون «وقد أصل معه إلى نتيجة وقد لا أصل.. الأكيد أنني اذا أخفقت، أكون قد قمت بواجباتي. لقد تبنيت مرشحين لفريق 8 آذار، ولم نتمكن من اجراء الانتخابات الرئاسية. لا أحد يلومني اذا قررت أن أنفض يدي بعدما بذلت اقصى جهدي، وبالتالي سأكون مضطرا للذهاب مجددا نحو خيار رئاسي ثالث».
من الواضح أن كل طرف من الأطراف التي تملك حضورا في الملف الرئاسي، لا يملك تقديرا دقيقا لا لقدرته ولا لقدرة أي طرف آخر ولا للخيارات المتاحة، لذلك، تبدو الايجابيات طاغية هنا مقابل سلبيات تطغى في جانب آخر، فيما يبدو التقدير الأدق عند من يردد أن الطريق الرئاسي ما زال طويلا، ولا بد من خريطة طريق، خصوصا أن زلات اللسان أحيانا تكون كافية والا لماذا قال أحد المقربين من «الجنرال» أن الاتفاق مع الحريري.. «شامل»، ولم يعد ينقص سوى أن نضعه «على الورق»!
سعد الحريري قرر الاستدارة نحو ميشال عون، وهو لا يشعر كل من التقاه بأنه قلق من الموقف السعودي. هذه الاستدارة لها مقومات كثيرة، لا يبدو أنها ناضجة حتى الآن.
النهار :
مع ان دخان تحركه يبقى رمادياً ومثيراً عاصفة من الغموض في ميزان تتساوى معه الاحتمالات الايجابية والسلبية حيال النهايات المتوقعة لمبادرته الرئاسية، مضى الرئيس سعد الحريري بسرعة قياسية الى حيث "لا يتوقع الآخرون" في تتويج تحركه بزيارتين متعاقبتين لمعراب فالرابية مختتماً تقريباً جولته السياسية الدائرية "الاولى". واكتسب ظهور الحريري في الرابية والعناق الدافئ بينه وبين رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون أكثر دلالاته تعبيراً عن مدى المرونة التي اعتمدها الحريري في دفع تحركه لفتح كل الخيارات الممكنة في الأزمة الرئاسية ولو ان ذلك لا يعني دقة التقديرات المتسرعة التي تناولت احتمال اقتراب الحريري من تبني خيار عون. واذا كان طبيعيا ان تخطف الزيارة الحريرية للرابية الأضواء وتطلق العنان للاجتهادات فان بريق الزيارة شكلا ومضمونا لم يقلل جدية الموقف الواقعي الذي بلغه تحرك الحريري والذي تجمله مصادر معنية لـ"النهار" بمعطيات لا يزال يغلب عليها الحذر والتأني في اطلاق الخلاصات قبل أوانها. وتقول هذه المصادر إن مجمل محطات تحرك الرئيس الحريري لا تزال تركز على طرح كل الخيارات من أجل التخلص من الفراغ الرئاسي. وزيارته امس للرابية كانت من هذا المنطلق باعتبار ان هناك حواراً جارياً منذ زمن مع العماد عون ولكن لا معلومات تفصيلية عما يمكن ان يكون دار في لقاء امس الذي تستبعد المصادر ان يحدث خرقاً سريعاً. ولفتت الى انه لا يمكن حسم الحديث حول الاتجاه الذي يمكن ان تنتهي اليه جولة الحريري قبل معرفة ما ستقدم عليه القوى السياسية الاخرى وليس فقط ما تعلنه من مواقف، ذلك ان هذه الجولة إما ان تفضي الى تحرك القوى المؤيدة للنائب سليمان فرنجية واما تفضي الى بلورة ما يمكن ان يحصل من تفاهمات مع العماد عون. أما اذا لم تفض الى اي من هذين الاحتمالين، فان ذلك قد يدفع الحريري الى قلب الطاولة هذه المرة بالانسحاب من كل مسعى وترك الآخرين يتحملون تبعة المضي في الفراغ وتداعياته التي تشتد خطورة يوماً بعد يوم.
لكن الاوساط الوثيقة الصلة بالرابية نقلت الى "النهار" أجواء مرحبة باللقاء الذي استمر ساعتين ونصف ساعة وقالت إن "الاجواء كانت ايجابية ومريحة وهناك اتفاق بين الزعيمين على كل شيء لكن موضوع التسمية هو عند الرئيس الحريري ورهن استكمال تحركه ومشاوراته".
جعجع
في أي حال، برزت الايحاءات الدقيقة التي تغلف تحرك الحريري من خلال المواقف التي اعلنها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عقب لقائه زعيم "تيار المستقبل " في معراب اذ اوضح ان " الخلاف مع الرئيس الحريري حول موضوع الرئاسة بدأ يضيق... ولم تعد خياراته مقتصرة على شخص واحد وهو منفتح على كل الاحتمالات ". واذ ان الانتخابات الرئاسية "دخلت في مرحلة جديدة " توقع ظهور النتائج قبل الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول. وفيما شدد على استمرار دعمه لترشيح العماد عون رافضا وضع شروط على المرشح الرئاسي، عاود رمي الكرة في مرمى "حزب الله " فاستبعد اولا ان يتخذ رئيس مجلس النواب نبيه بري "موقفاً متصلباً لو لم يكن منسقاً مع حزب الله" وقال: "في آخر الطريق على الحزب ان يتخذ موقفاً واضحاً وخياراً صريحاً، خصوصاً ان الامور تتجه نح
بري والسلة
في المقابل وصف الرئيس بري أجواء لقائه قبل يومين والرئيس الحريري بأنها كانت جيدة وودية واتسمت بصراحة متبادلة"."
وعرض بري خلال اللقاء عملية تأليف الحكومات الأخيرة وكم أخذت من أشهر لنيلها الثقة.
لكن رئيس المجلس استدرك أمام زواره بأن "اللقاءات الشخصية لا توصل إلى شيء وان الحل الأمثل يكون في لقاء وطني أي حول طاولة الحوار ولن أدعو اليها إلا وفق منحى جديد علماً أن اللقاءات الشخصية كانت مستمرة وما زالت. وكلامي هذا ينطبق على المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية أو أي مرشح آخر. ولذلك لا أرى سبيلاً للخروج من أزمتنا إلا باعتماد السلة اي بنود الحوار المطروحة على الطاولة. واذا لمس أي شخص انني أعمل من أجل مصلحة شخصية في أي محل ما عليه الا أن يعمل على كشفها وإزالتها ".
وأضاف: "انا ما زلت مع ضرورة حصول تفاهمات ومنها الاتفاق على الرئيس وهو احد بنودها وهو أول بند للتنفيذ والمكان الطبيعي للتنفيذ هو طاولة الحوار. وما طرحته مفهوم ويعرفه الجميع. ويتذرع البعض كما لو أنني العقبة في عملية انتخاب(عون)".
وأفادت معلومات ان الحريري لم يعلن أمام بري انه تخلى عن ترشيح فرنجية بل قال ان الاحتمالات مفتوحة وإنه لم يصل بعد الى قرار حاسم في شأن ترشيح عون. ولكن يتردّد في اكثر من صالون سياسي ان الحريري قد يصل مع عون الى ورقة تفاهم وان اتصالاتهما وصلت الى الدخول في توزيع الحقائب الوزارية المقبلة ورسم معالم "العهد الجديد".
رئيس الاركان
في سياق آخر حسم موضوع تعيين رئيس الاركان في الجيش وكلف وزير الدفاع سمير مقبل أمس اللواء حاتم ملاك تسيير مهمات رئاسة الاركان بعدما اقترن مرسوم ترفيعه وتعيينه رئيساً للاركان بالتكليف بتواقيع الوزراء بمن فيهم وزراء "تكتل التغيير والاصلاح ". كما عين مقبل العميد حسين عبدالله رئيسا للمحكمة العسكرية الدائمة.
المستقبل :
وقبل أن يُنجز الرئيس سعد الحريري حراكه الرئاسي، الذي شمل أمس معراب والرابية، احتدمت شكوك وأسئلة «عمَّن يريد تسوية» على خط الرابية – عين التينة، بعد تمسّك رئيس مجلس النواب نبيه برّي صباحاً بسلّته، مُطلِقاً عليها اسم «جدول أعمال الحوار»، ليردّ عليه رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مساءً بسؤال: «هل هناك مَن يريد تسوية.. أم هناك مَن يريد إجهاض التسوية؟».
هذه الأجواء أعقبت تسريبات إعلامية عكست إصرار الرئيس برّي على «السلّة» التي كان اقترحها على طاولة الحوار قبل موافقته على دعم ترشيح النائب عون لرئاسة الجمهورية، ما اضطر رئيس المجلس إلى إصدار توضيح عن مكتبه الإعلامي نفى فيه أن يكون يستهدف «أيّاً من المرشّحين بعينه»، من جهة، وأكد من جهة مقابِلة تمسّكه «بجدول أعمال الحوار الوطني» (أي السلّة)، واصفاً إياه بأنه «الممرّ الإلزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية».
ورغم أن نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي حاول التخفيف من حدّة الموقف بعد لقائه عون ظهراً، مُعلناً من الرابية أن العلاقة الشخصية بين الأخير وبرّي «لم تكن خلال أي ظرف إلا علاقة جيّدة مع كيمياء شخصية في أعلى درجات الانسجام والتوازن»، ردّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» على موقف برّي مساءً عبر محطة OTV، مؤكداً أنه هو أيضاً يلتزم «ما يُجمع عليه اللبنانيون عبر مؤسساتهم الشرعية كما على طاولة الحوار، أمّا الباقي فيتكفّل به افتراض حسن النيّات وسلامة المقتضيات الوطنية».
وسأل عون: «ماذا تعني كل تلك المواقف؟ كأنها رسائل مشفّرة».. لافتاً إلى أن المهم هو الجواب على السؤال الأساسي: «هل هناك مَن يريد تسوية ويبحث عن أفضل صيغة لمعادلتها؟ أم هناك مَن يريد إجهاض التسوية ويبحث عن أفضل الذرائع لوأدها؟».
وكان الرئيس الحريري الذي التقى عون مساءً زار معراب حيث التقى رئيس حزب «القوّات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي قال بعد اللقاء إن الخلاف مع الحريري حول موضوع الرئاسة «بدأ يضيق». وإذ رفض «وضع شروط على المرشح الرئاسي وبالتالي مبدأ السلّة بالنسبة إلينا أمر غير مطروح»، اعتبر أن الرئيس برّي «لم يكن ليتخذ موقفاً متصلّباً لو لم يكن منسّقاً مع حزب الله»، وأضاف أنه لا يمكن للحزب «أن يبقى مختبئاً وراء شعارات بأن العماد عون مرشّحه ولا يذهب إلى المجلس النيابي للتصويت له، مع أنني أرى أن الحزب لا يريد رئيساً للجمهورية ولا حتى العماد عون رئيساً، وأتمنى أن أكون مخطئاً بذلك».
الحكومة
على صعيد آخر، برزت مؤشّرات أمس أظهرت إمكانية عودة الحكومة إلى الالتئام الأسبوع المقبل، حيث كشفت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أن اتصالات رئيس مجلس الوزراء تمام سلام نجحت في تذليل العقبات أمام عودة الحكومة إلى عجلتــــها الطبيعية، وأوضحت أن «حزب الله» سيُشارك في الجلسة المقبلة وكذلك ممثل تيّار «المردة» وإن بقيَ «التيار الوطني الحر» مقاطعاً لهذه الجلسات
الديار :
غريبة الامور، رئىس كتلة نيابية هام يقوم بتنصيب نفسه كمندوب سامٍ، تماما كما كان يحصل مع المرحومين اللواء غازي كنعان واللواء رستم غزالي وكما كان يحصل مع المندوب السامي الفرنسي بتعيين رئىس للجمهورية. وهذا الدور قرر القيام به الرئيس سعد الحريري، فهو يزور كل الشخصيات ثم يسافر الى الخارج، الى روسيا وانقرة والارجح الرياض، ليعود الينا والجميع ينتظر من سيعلنه الرئىس سعد الحريري الرئيس المقبل... والاخطر هنا ان يعلن الحريري قرار تعيين الرئيس القادم، وان ميشال عون عيّنه سعد الحريري رئىساً للجمهورية وان الاشبينين هما جبران باسيل ونادر الحريري.
لا كانت الرئاسة ولا كانت الرئاسات، ولا كانت السيوف على اكتافك عندما تنتظر من يأتي بالحل، ليقول الحريري : انت ستكون رئىساً للجمهورية برضاي.
الخلاصة ان الكرسي اصبح اهم من كل شيء والشخصيات لا قيمة لها. المهم ان مركز رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وتقاسم السلطات لا قيمة له حتى انه تم اختصار الحكومة والغاء المجلس النيابي وعدم مراعاة الدستور، والمهم الوصول الى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة بأي طريقة كانت.
جولة الحريري انتهت بزيارة عون في الرابية وقد يكون للحريري بعض الزيارات الأخرى وسيسافر الى تركيا وموسكو وعلى الارجح السعودية وبعدها يأتي الى بيروت ونأمل ان يحافظ على احترام الشكليات، فيبلّغ طاولة الحوار النتيجة ليصدر ترشيح عون عن طاولة الحوار وليس بلسان الحريري الذي لم يكلفه احد بهذه المهمة.
ميشال عون الذي خرج من قصر بعبدا بالحديد والنار لم يتراجع عن كلمته، لكنه اليوم ينتظر بركة سعد الحريري ليصل الى رئاسة الجمهورية والشخصيات كلها غابت ادوارها ولم تعد تتكلم بل تنتظر جولة الحريري وما سيعلنه بالنتيجة. وعلى اي اساس يتحرك الحريري؟ هل هو رئىس حكومة؟ هل هو رئيس مكلف ؟ هل كلفته طاولة الحوار؟ من كلفه باجراء هذه الاتصالات؟
رب قائل، مشكور سعد الحريري على تحريكه ملف رئاسة الجمهورية، لكن على الاقل احترموا الشكل. سعد الحريري رشح الدكتور سمير جعجع والحريري رشح النائب سليمان فرنجية ثم ضاع الترشيح ولم يعد موجوداً حصراً. والآن يتجه لترشيح العماد عون واعلانه بالتعيين رئىساً للجمهورية.
اهكذا يا ميشال عون اصبحت تأتي انت رئىساً للجمهورية؟ ويأتي بك الحريري لانه زمن الفضائح والضعفاء وغياب الرجال والمسترئسون الذين يركضون وراء كرسي الرئاسة وغير ذلك.
مندوبون
استكمل الرئيس سعد الحريري جولاته على المسؤولين لبحث الملف الرئاسي ومحطته الاخيرة كانت في معراب والرابية. ووصف رئىس «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع اللقاء بالجيد، مبدياً تفاؤله المشوب بالحذر، مشيراً الى ان الخلاف بدأ يضيق والانتخابات دخلت مرحلة جديدة، مع تأكيده ان الامور بخواتيمها مصوّباً سهامه باتجاه حزب الله والرئىس نبيه بري وسلته غير المقبولة التي قد تعرقل الامور.
بعدها انتقل الحريري ومدير مكتبه الى الرابية والاستقبال كان مغايراً بالمطلق. ابتسامات وعناق و«حب وغرام» «سبحان مين بغير الاحوال»، علما ان اللقاء هو الاول منذ شباط 2015 بعد ان احتفل الحريري بعيد ميلاد الجنرال في بيت الوسط. ورغم عدم الادلاء بالتصاريح كان الفريقان عمما اجواء ايجابية ولقاءات اخرى.
ورغم هذا الود فان النائب السابق مصطفى علوش اشار الى ان الرئيس سعد الحريري هو اكبر ضحايا السياسة في لبنان واعطى من دون ان يتقدم وجزم بأن نحو 80% من الآراء داخل «المستقبل» ضد خيار عون وان هذا الخيار هو كارثة على الحريري وتيار المستقبل.
واشارت المعلومات ان الرئيس فؤاد السـنيورة لن يمشــي بخيار عون ولن يحضر الجلسة الرئاسية، لكن بعض نواب المستقبل سيحضرون الجلسة ولن يصوتوا لعون وبالتالي سيؤمنون النصاب القانوني اذا حصلت الجلسة.
ـ غزل بري ـ عون ـ
واللافت امس كان الغزل بين الرئيسين نبيه بري والعماد عون وتأكيد العلاقة الشخصية بينهما والصداقة، ورسائل الود تجاه عون جاءت في بيان المكتب الاعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري وما تضمن لجهة عدم وجود خلاف مع اي مرشح وتلفقته الرابية بايجابية وردت التحية بأحسن منها عبر الوزير السابق ايلي الفرزلي الذي نقل عن العماد عون كلاما ايجابيا عن الرئيس بري ودوره الوطني والعلاقة بين الرابية وعين التينة.
وفي المعلومات ان المخرج الذي يتم التداول به يتضمن قيام الرئيس نبيه بري بدعوة طاولة الحوار بعد عودة سعدالحريري من الخارج ويحضر الطاولة العماد ميشال عون وكل القيادات السياسية ويتم بحث جدول الاعمال الذي يتضمن بنده الاول انتخابات رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات والجنسية وغيرها من المواضيع ويصدر الدخان الابيض عن طاولة الحوار.
وفي المعلومات أيضاً ان المصالحة بين بري وعون قد تتوج بعشاء في حارة حريك وفتح صفحة جديدة بين الرجلين وهذا الحل ليس فيه غالب ومغلوب، لكن المطلوب اولا من سعد الحريري تبنيه ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
ـ بري: المهم طاولة الحوار ـ
الرئيس نبيه بري اكد امام زواره ان اللقاءات بالمفرق لا تؤدي لشيء الحل على طاولة الحوار ولن ادعو الى استئنافه الا اذا وجدت نتيجة ومنحى جديدا.
واضاف: السلة مطروحة على طاولة الحوار ولا حل الا بالاتفاق عليها. وهذا الموقف ينطبق على فرنجيه وعون وأي مرشح آخر وجدد بري امام زواره التمسك بالتفاهمات التي تحصل على طاولة الحوار.
الرئيـس الحريري سـيغـادر الاحـد الـى الخــارج، لكــن الاتصالات ستتواصل لانضاج الطبخة عبر المستشارين وتبقى الامور بخواتيمها.
ـ حاتم ملاك للاركان وحسين عبدالله للعسكرية ـ
أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل قرارا كلف بموجبه اللواء الركن حاتم ملاك تسيير مهام رئاسة الاركان في الجيش بعد صدور مرسوم ترقيته الى رتبة لواء ركن، بناء على قرار وزير الدفاع بقيده على جدول الترقية لهذه الرتبة.
وعلم ان النائب وليد جنبلاط تراجع ليل الاربعاء الخميس عن التمديد لرئيس الاركان اللواء وليد سلمان، وارسل وائل ابو فاعور الذي ابلغ الوزير مقبل قرار جنبلاط ورغبته بتعيين رئيس اركان جديد مقترحا العميد حاتم ملاك، وقد وقع على المرسوم 20 وزيرا بينهم وزيري التيار الوطني الحر.
كما أصدر مقبل قرارا قضى بتعيين العميد الركن حسين عبدالله رئيسا للمحكمة العسكرية الدائمة، مع الابقاء على باقي الاعضاء فيها، لإحالة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم الذي يتولى حاليا رئاسة هذه المحكمة على التقاعد اعتبارا من 10/10/2016.
الجمهورية :
أعطى الرئيس سعد الحريري «إجازة موَقّتة» لمشاوراته الرئاسية مع القوى السياسية، واعتصَم بالصمت، الذي هو أبلغ من الكلام. وأعدّ نفسَه لسفرة خارجية في الساعات المقبلة تقوده إلى أنقرة والرياض وموسكو. ومع هذه السفرة يدخل البلد مجدّداً في رحلة انتظار ما قد يحمله الحريري في الآتي من الأيام.
في المشاورات، قال الحريري ما لديه، عبّر عن هواجسه وقراءته للوضع اللبناني ومنزلقاته، استعرض الأسباب التي أوجبَت عليه الوقوف على حافة اتّخاذ قرار بالذهاب إلى خيار رئاسي جديد، وتحديداً في اتجاه النائب ميشال عون، لعلّه يُحدث خرقاً نوعياً في الجدار الرئاسي المقفل.
سمعَ الحريري في عين التينة وبنشعي والرابية وبكفيا ومعراب ومن النائب وليد جنبلاط المواقفَ والثوابت والهواجس كما «النصائح». ومن الطبيعي أن ينتقل الحريري بعد انتهاء المرحلة الأولى من هذه المشاورات، إلى مرحلة جوجلة الآراء التي سمعها.
إلّا أنّ تلك الآراء، على ما يَعتريها من تباين حاد في المواقف والرؤية، تؤشر إلى أنّ مهمّة الحريري بإمكان بلوَرة موقف نهائي، ليست بالمهمّة السهلة، وبالتالي فإنّ التباينات التي سمعها قد لا تشكّل عاملاً مسهِّلاً له في اتّخاذ قراره بتبنّي ترشيح عون، بل ربّما تصعّب عليه هذه المهمة أكثر، خاصة وأن لا قاسم مشتركاً رئاسياً في ما بينها، فلكلّ منهم مرشّحه ونظرته ورؤيته وخريطة طريق لبلوغ الحلّ، وكذلك قراءته لما يطرحه الحريري أو يفكّر فيه.
معنى ذلك أنّ «كرة القرار» تبقى في يد الحريري، وإلى أن يحين الموعد الملائم لكي يلقيَها على المسرح السياسي، علناً وبشكل رسمي، يبقى الغبار السياسي هو الطاغي على الأجواء الداخلية ولأمدٍ زمني غير محدود.
طرح الحريري بإمكان تبنّيه ترشيح عون، أسعَد الرابية، وهو ما عكسَته أجواء اللقاء المسائي أمس، بين الحريري والنائب عون في الرابية، حيث قالت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» إنّ الأجواء إيجابية جداً، وليس هناك خلاف على أيّ موضوع، وقد تمّ الاتفاق على استكمال التواصل بين الطرفين». ولم تعطِ المصادر أيّ إشارة حول موعد إعلان الحريري تبنّي ترشيح عون، وقالت: هذا الأمر يعود إلى الرئيس الحريري وليس إلى العماد عون أو «التيار الوطني الحر».
كما أنّ طرح الحريري أراحَ معراب، وفق ما عبّر عنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد لقاء الحريري، حيث أعربَ عن تفاؤله وقال: «الانتخابات الرئاسية دخلت في مرحلة جديدة، الخلاف مع الحريري بدأ يضيق» مشيراً إلى «أنّ الخيار على العماد عون ليس نهائياً بعد».
وقالت مصادر قيادية في القوات اللبنانية لـ»الجمهورية»: إنّ الاجتماع كان أكثرَ مِن ممتاز، وكأنّ «الروح القدس» كان حاضراً، ونستطيع القول: المستقبل استردّ القوات والقوات استردّت المستقبل، وعادت العلاقة على ما كانت عليه من قبل وأصبَحا في ذات المكان، على أمل أن تتطوّر الأمور إيجاباً إلى ما يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ الحريري وخلال مشاوراته مع القوى السياسية الأخرى أوحى بأنّ باب الخيارات مفتوح أمامه، إذ إنّه في المبدأ متمسّك بترشيحه النائبَ سليمان فرنجية، وهذا الخيار يبقى هو الخيار الاوّل، ولكنّه وفق الظروف والمشاورات والضرورات، والأولويات، قد يذهب الى خيار عون، أو إلى خيار ثالث، وربّما يصل الى قرار نهائي بألّا يتّخذ أيّ قرار، وبالتالي ينفض يده من كلّ هذه المسألة، على حد تعبير أحد الذين شملتهم مشاورات الحريري.
وفي هذا السياق، يندرج لقاؤه بالرئيس نبيه برّي ليل الخميس الجمعة في عين التينة، حيث علمت الجمهورية أنّ اللقاء كان ودّياً، واتّسَم بصراحة متبادلة، وتمّ استعراض الفراغ الرئاسي، وكلّ ما يحيط به، بالإضافة الى المسار الحكومي منذ سنوات وكيفية تشكيل الحكومات التي مرّت على البلد وكم مِن الوقت قد أهدِر في مراحل تشكيلها.
بالإضافة إلى القانون الانتخابيي، وقد أكّد الرئيس بري على موقفه بضرورة الذهاب الى التفاهمات المسبَقة التي تعبّد المسار الرئاسي، وتبني الأرضية الصلبة لانتخاب رئيس الجمهورية.
على أنّ السؤال الأساس في هذه الأجواء: متى سيُبلور الحريري قراره جدّياً؟ وإن اتّخذه فكيف سيُسوّقه؟
الجواب قد يقدّمه الحريري ربّما خلال الأسبوع المقبل بعد عودته من «سفرته الثلاثية». وقال مواكبون عن كثب لمشاورات الحريري لـ«الجمهورية» إنّه مستمر في مشاوراته في كلّ الاتجاهات، وإنّه يطرح أسئلة حول ما يمكن القيام به لإنهاء الأزمة الرئاسية، ويَسمع استعداداً للتحرّك لمساعدته في هذا الاتّجاه عبر القيام بخطوات، ومن هؤلاء النائب سليمان فرنجية الذي أرسَل نوّاب كتلته الى المجلس النيابي يوم جلسة الانتخاب. وبرّي الذي أكّد للحريري أنّه سيتحرّك من جهته.
أضاف هؤلاء: كلّ هذه المشاورات تستمر بالتزامن مع الحوار بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر. وفي ضوء نتائج هذه المشاورات، سيكون
الحريري أمام مجموعة خيارات، فإذا تبيّن أنّ النتيجة لمصلحة عون فسيَدفع في هذا الاتّجاه، وإذا مالت الدفّة لفرنجية يدفع أيضاً في هذا الاتّجاه. وإذا لم يكن لا هذا ولا ذاك يمكن ان يطرَح خيارات جديدة ويمكن أن يذهب الى القول إنّه عملَ ما عليه وليتحمّل الآخرون المسؤولية وليَعملوا على انتخاب الرئيس.
وأكّد المواكبون لحركة الحريري أنه سيستمرّ في المشاورات والاجتماعات وأنّه لا يقفل الباب أمام أحد، وستكون له لقاءات جديدة مع كلّ القيادات التي شاوَرها وسيشاورها، والتي قد تشمل أيضاً المرجعيات الدينية.
إلى ذلك يبقى تسويق قرار تبنّي ترشيح عون المرجّح أكثر من أيّ خيار آخر، أو أيّ قرار آخر، هو المهمّة الأكثر صعوبة ، إذ إنه يصطدم بحاجز
التفاهمات المسبَقة على «آليّة تحصين العهد المقبل حكومياً وعلى مستوى القانون الانتخابي».
واللافت للانتباه هنا، أنّ الحديث عن هذه التفاهمات فرض نفسَه بنداً «سجالياً على الخفيف»، على «سوء التفاهم» على ضفاف الاستحقاق الرئاسي، وبرَز هنا ما صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ردّاً على ما وصَفها «حملةٍ، أغلبها بنيّة حسنة، تُظهر الأمور كأنّها خلاف شخصي بين الرئيس بري ومرشح معيّن، والمقصود هنا النائب ميشال عون».
ولفتَ بيان مكتب بري الانتباه، إلى «أنّ حقيقة الأمر هي أنّ الطروحات التي قدّمها ويضَعها بتصرّف الجميع تعكس تمسّكه بجدول أعمال الحوار الوطني، وهي لا تستهدف أيّاً من المرشّحين بعينه، ولكنّها بنظرنا الممر الإلزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية وللحلّ المتكامل بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية ... لذا اقتضى التوضيح».
وفي المقابل ردّ النائب عون على ردّ بري وقال : «ونحن أيضاً، حين نعلن إيماننا وحرصَنا على الميثاق والدستور، لا نكون نهدف إلى انتقاد أي مسؤول. بل إنقاذ النظام وحفظ حقوق الجميع. وفي كل الأحوال، كنّا ولا نزال، نلتزم ما يُجمع عليه اللبنانيون، عبر مؤسساتهم الشرعية، كما على طاولة الحوار. أمّا الباقي، فيتكفّل به افتراض حسنِ النيات وسلامة المقتضيات الوطنية».
وربطاً بذلك سأل مقرّبون من عون: هل هناك من يريد تسوية، ويبحث عن أفضل صيغة لمعادلتها؟ أم هناك من يريد إجهاض التسوية، ويبحث عن أفضل الذرائع لوأدها؟
ومساءً، كرّر التأكيد أمام زوّاره غداة لقائه الحريري «أنّ سلّة التفاهمات هي الوحيدة التي أراها سبيلاً للخروج من الأزمة، إذ لا بدّ من التفاهم على الحكومة، وكذلك على القانون الانتخابي الذي يبقى الأساس».
واستغربَ بري إدراج البعض طرحَه سلّة التفاهمات المسبقة في خانة تعطيل الاستحقاق الرئاسي وقال: بالعكس، هي تصبّ في خانة التسهيل، في هذه التفاهمات مصلحة للجميع وللبلد بالدرجة الاولى، ويجب أن يعلم الجميع أن لا مصلحة شخصية لي في هذه المسألة على الإطلاق ، وكلّ من يجد مصلحة خاصة لي فليدلّ عليها وليحذفها فوراً؟
وردّاً على سؤال، قال بري: اللقاءات الشخصية كانت وما تزال مستمرة، ولكنّها على أهميتها لا توصل الى شيء، بل ما يوصلنا إلى بر الأمان هو اللقاء الوطني الشامل، ومن خلاله ابتداع الحلول والمخارج والاتفاق عليها. ومن هنا الحوار الوطني مهم جداً، لكنّني قلت وأكرر إنني لن أدعو إليه إلّا بمنحى جديد يوصل الى النتائج المرجوّة.
المشنوق
وفي سياق الحديث عن التفاهمات المسبَقة، برز موقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، حيث قال أمس: «الدستور يقول إنه بعد انتخاب رئيس الجمهورية يكلّف رئيس مجلس الوزراء بأغلبية مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء المكلّف يقوم بتشكيل الحكومة بالتشاور مع كلّ القوى السياسية. فما هي الحكمة إذاً من المناداة والبحث بتشكيل الحكومة قبل انتخاب رئيس جمهورية؟
اضاف: لا أفهم ما دخلُ قانون الانتخابات بتشكيل الحكومة؟ قانون الانتخابات حق لكلّ القوى السياسية أن تبحثه طوال أيام السنة.
وعلّق المشنوق على القول «بأنّنا نجتاز اليوم مرحلة كالمرحلة التي سبقَت اتّفاق الدوحة ويجب ان نبحث بتشكيل الحكومة وبقانون انتخابات وبعناوين أخرى قبل انتخاب رئيس للجمهورية في الحوار الوطني»، وقال: نقول لا، لن نقدِم على أيّ خطوة غير دستورية قبل انتخاب رئيس للجمهورية. وهذا حقّ دستوري. وأخيراً لماذا لا يكون الحوار الوطني مفتوحاً بدل أن يكون مشروطاً «؟.
اللواء ابراهيم بقاعاً
وفيما الحراك السياسي يطغى على الاهتمام الداخلي، برَزت أمس زيارة مهمّة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى البقاع، هدفُها الاساس كان لقاء أهالي العسكريين المحرّرين من جبهة «النصرة» وأهالي العسكريين الذين لا يزالون مخطوفين لدى «داعش»، لكن ما رافق الزيارة تميّزَ بدلالة خاصة، فأوّل محطة كانت له عند مثلث الكسارة ـ زحلة، مكان الانفجار الأخير الذي أوقف على خلفيته الأمن العام، مفتي راشيا السابق بسام الطراس لارتباطه بالتفجير.
وأعدّت سعدنايل للواء ابراهيم، استقبالاً مميّزاً، كما حصل في باب التبّانة، ورَفعت اللافتات المرحّبة به على طول الطرقات باسم مخاتير سعدنايل والبلدية، علماً أنّ أهالي سعدنايل، وعند توقيف الطراس كانوا قد هدّدوا بقطع الطرقات استنكاراً، فإذ بهم ينحرون له الخراف، في مشهدٍ عكسَ ارتياحهم للأداء الأمني لمديرية الأمن العام.
وسألت «الجمهورية» اللواء ابراهيم انطباعَه فقال: «هذا دليل على أنّ سعدنايل مع الدولة والشرعية ولا تغطّي أحداً، والأصواتُ الطائفية التي تحدّثت باسمها لا تمثّلها. وثمّنتُ الترحيب الواسع من المخاتير والبلدية المنتخَبة من الأهالي».
وفي رياق، اجتمع ابراهيم مع أهالي العسكريين على مائدة الفطور وأكّد أنّه مستمر في سعيه ومتابعته لملفّ العسكريين لدى«داعش»، وقال لـ«الجمهورية» إنّ الأهالي كانوا متفهّمين لما صارحتهم به وجدّدوا ثقتهم بالمفاوض وأبلغوني انّهم لا يريدون ايّ جهة اخرى غير الأمن العام للتفاوض في ملف أبنائهم، وأكدت لهم أنّنا لا نوفّر جهداً في السعي إلى معرفة مصير المخطوفين، وفي كلّ اللقاءات مع المسؤولين السياسيين والأمنيين في الداخل والخارج نطلب المساعدة، وأنا أبحث عن مفاوض جدّي لأستأنف معه المفاوضات حتى لا نقع مجدّداً في دائرة الابتزاز والمزايدة، كما أنّني صارحتُهم بأن ليس لديّ أدلّة تؤكّد أنّ أبناءهم على قيد الحياة، وهم تفهّموا هذا الأمر».
ولفتَت محطة أخرى لإبراهيم في البقاع في بلدة بدنايل، حيث شارَكه في الاستقبال الشعبي الكبير الذي نحِرت خلاله الخراف والجِمال مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في «حزب الله» الحاج وفيق صفا إلى جانب المسؤول الأمني لبري أحمد بعلبكي.
اللواء :
انتهت الجولة الأولى من مشاورات الرئيس سعد الحريري، وكما كانت اشارت «اللواء»، في الرابية، مسبوقة بمعراب، حيث عقد لقاء دام ساعة ونصف الساعة مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أعلن على اثره الأخير ان شقة الخلاف بدأت تضيق مع رئيس تيّار «المستقبل» حول الرئاسة الأولى.
ومع انتهاء هذه الجولة التي احيت البحث في الرئاسة الأولى، وكشفت عن «عورات التحالفات» والخيارات والمصالح والحسابات، وأن انتخابات رئاسة الجمهورية ليست كما تروج دوائر الرابية في 6 تشرين أوّل الجاري، وإنما قد تذهب إلى وقت اطول على وقع الاشتباك الأميركي - الروسي حول حلب والمخاضات الجارية في المنطقة، في المرحلة الأميركية الانتخابية، يمم الرئيس الحريري وجهه شطر الآفاق الإقليمية والدولية.
وعلى هذا الصعيد، علمت «اللواء» ان لقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدد الثلاثاء المقبل في الكرملين، في انتظار زيارة أنقرة، وربما قبل ذلك التوجه إلى المملكة العربية السعودية.
ماذا جرى في الرابية؟
لا يختلف المراقبون على ان محطة الرابية هي الأبرز خلال مشاورات الرئيس الحريري، هناك انفراجات اسارير النائب عون ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، وانتعشت أسهم التفاؤل، من دون إسقاط «موجبات الحذر»، انطلاقاً من إعادة خلط الأوراق وصولاً إلى التحالفات.
معلومات ما قبل اللقاء اشارت إلى ان الرئيس الحريري ركز على وضع النائب عون في أجواء ما لمسه خلال المرحلة الأولى من مشاوراته التي شملت الرئيس نبيه برّي والنواب: وليد جنبلاط وسامي الجميل وسليمان فرنجية والدكتور جعجع.
وتضمنت هذه المعلومات أيضاً ان رئيس «المستقبل» شدّد على ضرورة نزول النواب إلى المجلس النيابي والمشاركة في الانتخابات، فإذا كان «حزب الله» ونواب 8 آذار يؤيدون ترشيح عون للرئاسة، فعليهم ان يذهبوا إلى المجلس لهذا الغرض.
وأضافت هذه المعلومات ان السجال الإعلامي بين عين التينة والرابية وتوضيحات المكتب الإعلامي للرئيس برّي، وما تولى نائب رئيس المجلس السابق ايلي الفرزلي من تقريبه بين الرجلين (برّي وعون) بحيث حول الكيمياء المفقودة إلى مياه عذبة بينهما، فضلاً عمّا نقلته محطة O.T.V في نشرتها المسائية عن لسان عون رداً على بيان برّي، لم يغب عن المداولات، وإن بدا النائب عون منقشفاً في تناول هذا الموضوع.
ونقلت عنه محطة O.T.V قوله «نحن أيضاً حين نعلن ايماننا وحرصنا على الميثاق والدستور لا نكون نهدف إلى انتقاد أي مسؤول، بل إنقاذ النظام وحفظ حقوق الجميع».
ورداً على سؤال لـ«اللواء»، اكتفى مصدر عوني بالقول عن نتائج الاجتماع بين الحريري وعون «بأن الأجواء كانت إيجابية وصريحة، وكل شيء يسير على ما يرام».
ورأت مصادر قيادية أخرى في «التيار الوطني الحر» ان الرئيس الحريري توصل إلى قناعة بضرورة إنتاج حل وانتخاب رئيس للبلاد، وهو يقوم بدوره ويمارس ما لديه من نفوذ وعلاقات من أجل ذلك.
وذكرت هذه المصادر بأن النائب عون لا يقبل بأي شروط تفرض عليه قبل انتخابه.
وقال الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء» هناك جدية في الملف الرئاسي، متوقعاً ان تكون الأيام المقبلة فاصلة على هذا الصعيد.
معراب
وفي رأي مصدر قواتي ان لقاء معراب هو الذي مهد «لمحادثات ايجابية» في الرابية.
وإذ رحب جعجع بالانعطافة الكبيرة للرئيس الحريري والتي تعبر عن حرص على إنهاء الشغور الرئاسي، ركز سواء خلال اللقاء أو بعده على ما يمكن ان يكون عليه موقف حزب الله من جدية ترشيح عون، والاقرب من ساعة الحقيقة.
ولاحظ جعجع ان لا موقف نهائياً قريباً للرئيس الحريري، لكننا «بتنا في بداية الطريق».
ولم يخف رئيس القوات اعتقاده بأن حزب الله لا يريد رئيساً ولا يريد عون رئيساً، رافضاً موقف حزب الله من رفض استلام القوات وزارتي الداخلية أو الدفاع بالقول: «هذا منطق غير مقبول جملة وتفصيلاً، ولا أحد يستطيع ان يرفض أي شيء لأحد، ونحن محرومون منذ 30 سنة، واليوم علينا ان نعوض عن كل شيء».
عين التينة
استفاقت عين التينة على تدخل من جهة سياسية حليفة للحد من تدهور التوتر بين الرئيس برّي والعماد عون، وكان أوّل الغيث البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس المجلس وفيه ان «لا خلاف شخصياً بين الرئيس برّي واي مرشّح للرئاسة، وأن تمسكه بجدول أعمال الحوار لا يستهدف مرشحاً بعينه، لكنه الممر الإلزامي لاستقرار الوضع السياسي والحفاظ على المؤسسات الدستورية، وللحل المتكامل بدءاً من انتخاب الرئيس، وهذا هو مفهوم السلة».
لكن المصادر العونية عادت وذكّرت بأن العماد عون لا يقبل بأي شروط مسبقة تفرض عليه، لا في ما خصّ توزيع الوزارات ولا المواقع القيادية في الدولة، قائلاً أن ما هو موجود في السلة لا يعنينا وهو تدبير غير دستوري.
فماذا يوجد في السلة؟
تتحدث المعلومات القريبة من الثنائي الشيعي أن سلّة الرئيس برّي تتضمن تصوّراً شاملاً لكيفية إدارة الدولة بدءاً من قانون الانتخاب إلى الانتخابات النيابية وصولاً إلى الحكومة وتوزيع الحقائب، في ما خصّ الوزارات السيادية، في ظل إصرار هذا الثنائي على أن تكون وزارتا المالية والطاقة (النفط) من حصته، ليكون هذا الثنائي شريكاً في التوقيع على المراسيم.
المستقبل
وفي ما خصّ السلة التي يطالب الرئيس برّي بالتوصل إليها، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق رفض هذه السلة، وتساءل، خلال رعايته الحفل التكريمي لحجاج بيت الله الحرام: «ما الحكمة من المناداة والبحث في تشكيل الحكومة قبل انتخاب رئيس الجمهورية؟ لا أفهم ما دخل قانون الانتخابات بتشكيل الحكومة؟
وأكد: «نقول لا لن نقدم على أية خطوة دستورية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا حق دستوري»، متسائلاً: لماذا لا يكون الحوار مفتوحاً بدل أن يكون مشروطاً؟
في هذا الوقت، جدّدت مصادر قريبة من تيّار «المستقبل» بأن حركة الحريري منذ عودته إلى بيروت لم تهدأ، وهي دخلت في سباق لنزع ألغام التعطيل التي يزرعها «حزب الله»، فهو ماضٍ في سياسة التعطيل والفراغ وخلفه إيران.
في تقدير مصدر نيابي في التيار أن حركة الرئيس الحريري كشفت الجهات الحقيقية التي تعطّل انتخاب رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن التيار العوني يعرف هذه الجهات من دون أن يعترف بها، مع أنها باتت معروفة للملأ.
حزب الله
وتصف مصادر وزارية في حزب الله المرحلة بأنها مرحلة عضّ أصابع، وهي تتخوف من أن يكون وراء تأييد الرئيس الحريري ترشيح عون محاولة لعزل الحزب الذي يشعر أن دوره الإقليمي ما يزال يتقدّم على الهموم الداخلية، مشددة على أهمية تنسيق التحرّك مع الرئيس برّي. في حين تولى إعلام الحزب الإضاءة على الأجوا<