مع ان دخان تحركه يبقى رمادياً ومثيراً عاصفة من الغموض في ميزان تتساوى معه الاحتمالات الايجابية والسلبية حيال النهايات المتوقعة لمبادرته الرئاسية، مضى الرئيس سعد الحريري بسرعة قياسية الى حيث "لا يتوقع الآخرون" في تتويج تحركه بزيارتين متعاقبتين لمعراب فالرابية مختتماً تقريباً جولته السياسية الدائرية "الاولى". واكتسب ظهور الحريري في الرابية والعناق الدافئ بينه وبين رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون أكثر دلالاته تعبيراً عن مدى المرونة التي اعتمدها الحريري في دفع تحركه لفتح كل الخيارات الممكنة في الأزمة الرئاسية ولو ان ذلك لا يعني دقة التقديرات المتسرعة التي تناولت احتمال اقتراب الحريري من تبني خيار عون. واذا كان طبيعيا ان تخطف الزيارة الحريرية للرابية الأضواء وتطلق العنان للاجتهادات فان بريق الزيارة شكلا ومضمونا لم يقلل جدية الموقف الواقعي الذي بلغه تحرك الحريري والذي تجمله مصادر معنية لـ"النهار" بمعطيات لا يزال يغلب عليها الحذر والتأني في اطلاق الخلاصات قبل أوانها. وتقول هذه المصادر إن مجمل محطات تحرك الرئيس الحريري لا تزال تركز على طرح كل الخيارات من أجل التخلص من الفراغ الرئاسي. وزيارته امس للرابية كانت من هذا المنطلق باعتبار ان هناك حواراً جارياً منذ زمن مع العماد عون ولكن لا معلومات تفصيلية عما يمكن ان يكون دار في لقاء امس الذي تستبعد المصادر ان يحدث خرقاً سريعاً. ولفتت الى انه لا يمكن حسم الحديث حول الاتجاه الذي يمكن ان تنتهي اليه جولة الحريري قبل معرفة ما ستقدم عليه القوى السياسية الاخرى وليس فقط ما تعلنه من مواقف، ذلك ان هذه الجولة إما ان تفضي الى تحرك القوى المؤيدة للنائب سليمان فرنجية واما تفضي الى بلورة ما يمكن ان يحصل من تفاهمات مع العماد عون. أما اذا لم تفض الى اي من هذين الاحتمالين، فان ذلك قد يدفع الحريري الى قلب الطاولة هذه المرة بالانسحاب من كل مسعى وترك الآخرين يتحملون تبعة المضي في الفراغ وتداعياته التي تشتد خطورة يوماً بعد يوم.
لكن الاوساط الوثيقة الصلة بالرابية نقلت الى "النهار" أجواء مرحبة باللقاء الذي استمر ساعتين ونصف ساعة وقالت إن "الاجواء كانت ايجابية ومريحة وهناك اتفاق بين الزعيمين على كل شيء لكن موضوع التسمية هو عند الرئيس الحريري ورهن استكمال تحركه ومشاوراته".

 

جعجع
في أي حال، برزت الايحاءات الدقيقة التي تغلف تحرك الحريري من خلال المواقف التي اعلنها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عقب لقائه زعيم "تيار المستقبل " في معراب اذ اوضح ان " الخلاف مع الرئيس الحريري حول موضوع الرئاسة بدأ يضيق... ولم تعد خياراته مقتصرة على شخص واحد وهو منفتح على كل الاحتمالات ". واذ ان الانتخابات الرئاسية "دخلت في مرحلة جديدة " توقع ظهور النتائج قبل الجلسة المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الاول. وفيما شدد على استمرار دعمه لترشيح العماد عون رافضا وضع شروط على المرشح الرئاسي، عاود رمي الكرة في مرمى "حزب الله " فاستبعد اولا ان يتخذ رئيس مجلس النواب نبيه بري "موقفاً متصلباً لو لم يكن منسقاً مع حزب الله" وقال: "في آخر الطريق على الحزب ان يتخذ موقفاً واضحاً وخياراً صريحاً، خصوصاً ان الامور تتجه نح

بري والسلة
في المقابل وصف الرئيس بري أجواء لقائه قبل يومين والرئيس الحريري بأنها كانت جيدة وودية واتسمت بصراحة متبادلة"."
وعرض بري خلال اللقاء عملية تأليف الحكومات الأخيرة وكم أخذت من أشهر لنيلها الثقة.
لكن رئيس المجلس استدرك أمام زواره بأن "اللقاءات الشخصية لا توصل إلى شيء وان الحل الأمثل يكون في لقاء وطني أي حول طاولة الحوار ولن أدعو اليها إلا وفق منحى جديد علماً أن اللقاءات الشخصية كانت مستمرة وما زالت. وكلامي هذا ينطبق على المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية أو أي مرشح آخر. ولذلك لا أرى سبيلاً للخروج من أزمتنا إلا باعتماد السلة اي بنود الحوار المطروحة على الطاولة. واذا لمس أي شخص انني أعمل من أجل مصلحة شخصية في أي محل ما عليه الا أن يعمل على كشفها وإزالتها ".
وأضاف: "انا ما زلت مع ضرورة حصول تفاهمات ومنها الاتفاق على الرئيس وهو احد بنودها وهو أول بند للتنفيذ والمكان الطبيعي للتنفيذ هو طاولة الحوار. وما طرحته مفهوم ويعرفه الجميع. ويتذرع البعض كما لو أنني العقبة في عملية انتخاب(عون)".
وأفادت معلومات ان الحريري لم يعلن أمام بري انه تخلى عن ترشيح فرنجية بل قال ان الاحتمالات مفتوحة وإنه لم يصل بعد الى قرار حاسم في شأن ترشيح عون. ولكن يتردّد في اكثر من صالون سياسي ان الحريري قد يصل مع عون الى ورقة تفاهم وان اتصالاتهما وصلت الى الدخول في توزيع الحقائب الوزارية المقبلة ورسم معالم "العهد الجديد".

رئيس الاركان
في سياق آخر حسم موضوع تعيين رئيس الاركان في الجيش وكلف وزير الدفاع سمير مقبل أمس اللواء حاتم ملاك تسيير مهمات رئاسة الاركان بعدما اقترن مرسوم ترفيعه وتعيينه رئيساً للاركان بالتكليف بتواقيع الوزراء بمن فيهم وزراء "تكتل التغيير والاصلاح ". كما عين مقبل العميد حسين عبدالله رئيسا للمحكمة العسكرية الدائمة.