أمس، أصدر وزير الصحة العامة، وائل أبو فاعور، قراراً يقضي بتوقيف "الأطباء نجم نجم وجواد نجم ومحمد اسماعيل لارتكابهم ممارسات طبية خاطئة أدت إلى وفاة سوزان منصور في مستشفى صور الحكومي". يأتي هذا القرار بعد انتظار أكثر من شهر، تقدّمت خلالها العائلة بشكوى أمام القضاء بعدما "يئسوا". مع ذلك، كان صدوره، ولو متأخّراً، "أوّل دعسة" للعائلة تخطوها في معركتها ضد الفساد الطبي.
مطلع الأسبوع الجاري، مرّ أربعون يوماً على وفاة سوزان منصور التي قضت أثناء إجرائها عملية تجميلية في بطنها في مستشفى صور الحكومي.
في ذلك اليوم، لم تجد عائلة "المقتولة" بخطأ طبّي وسيلة لتهدئة "القلب"، على ما يقول شقيقها وسام منصور، سوى التقدّم بشكوى لدى النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، مدعية فيها على "منتحل صفة الطبيب نجم نجم الذي أجرى العملية التجميلية وابن عمه جواد نجم وطبيب التخدير محمد اسماعيل بتهمة التسبب بوفاة شقيقتي". يعوّل الرجل على القضاء لأخذ "حق أختي خصوصاً من منتحل الصفة، الذي لا يزال هارباً الى مصر"، بحسب "خبريات" أهالي القرية.
"برّدت" الشكوى قلب الوالدة، على عكس ما فعله "الخطّ الساخن" في وزارة الصحّة العامة الذي تأخّر في الردّ على "خطأٍ طبي كان واضحاً منذ اللحظة الأولى"، بحسب الشقيق المفجوع، مستنداً في ذلك الى "المعطيات التي زوّدنا بها الوزارة بعد دفن شقيقتي والتي تفيد بأنّ من أجرى العملية ليس طبيباً مسجّلاً في نقابة الأطباء ولا يحمل شهادة كولوكيوم لممارسة المهنة". مع ذلك، جاء الردّ أمس، ولو متأخّراً، من مكتب الوزير، حيث قرّر الأخير "توقيف كل من الأطباء نجم نجم، جواد نجم ومحمد اسماعيل عن العمل نتيجة ارتكابهم ممارسات طبية خاطئة مخالفة للقانون أدّت إلى وفاة المريضة منصور"، محيلاً إيّاهم على "النيابة العامة الاستئنافية ونقابة الأطباء"، ومودعاً "نسخة عن كامل الملف المتعلّق بالمريضة لاتّخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم". وألحق هذا القرار بآخر يقضي بـ"توقيف مدير المستشفى مصطفى جرادي مؤقتاً عن العمل لحين انتهاء التحقيق الإداري في وزارة الصحة".
في المبدأ، كانت مجرّد قراءة القرار "الإداري" تعزية لعائلة الضحية. فهي لم تكن "تريد لا تعويضاً مادياً ولا ديّة". كل ما في الأمر "أننا نريد فعلياً إيقاف مسلسل القتل المستمر، والذي كان آخره وفاة الطفلة تيا رنو بسبب الفساد الطبي". وعلى هذا الأساس، لا فارق بين "إنسان عادي وطبيب، اللي لازم ينحبس لازم ينحبس ليكون عبرة لغيره"، يتابع وسام منصور.
هذا "أقصى" ما تمنته العائلة من الدولة التي يموت مواطنوها "بالخطأ" في مستشفياتها أو بسبب الفساد عند أبوابها. فما فعله أبو فاعور "خطوة جيدة جداً، ولو أننا نعتبر أن الشكوى التي تقدمنا بها هي التي عجلت القرار". هذا القرار الذي يمكن أن يفتح الباب أمام قرارات أخرى تعنى بموت مجاني يحدث في كل حين في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية... وحتى الصيدليات التي باتت شريكاً في معالجة المرضى وبديلاً من الأطباء، في كثير من الأحيان. مع ذلك، لا يزال إلى الآن هذا القرار إدارياً يستوجب "ردّاً من نقابة الأطباء"، بحسب حسن بزي محامي عائلة الضحية. ويوضح بزي الذي تقدّم بشكوى أمام محكمة الاستئناف في النبطية أن "دور نقابة الأطباء الذي باتت نسخة من الملف بحوزتها هو إعطاء الإذن بملاحقة الطبيبين جواد نجم ومحمد اسماعيل". أما "الثالث، وهو نجم نجم، فقد أثبتت تحقيقاتنا أنه ليس مسجلاً في النقابة وهو بالتالي منتحل صفة لذا يمكن ملاحقته". وهو ما لم نستطع التثبت منه من جانب نقيب الأطباء في بيروت، الدكتور ريمون الصايغ، الذي لا يزال ينتظر استكمال التحقيقات في الملف. وهنا، تشير مصادر النقابة إلى أنّه "حتى هذه اللحظات لم نتبلغ أي شيء من لجنة التحقيق المشتركة المكلفة دراسة ملف المريضة سوزان منصور".
إذاً، ينتظر إذن الملاحقة انتهاء التحقيقات داخل "لجنة النقابة". وفي انتظار ذلك، من المفترض أن "تضم شكوى الوزير أبو فاعور إلى ملف الشكوى التي كنا قد تقدمنا بها إلى محكمة الاستئناف، والأكيد أن هؤلاء سيتم استدعاؤهم إلى التحقيق، ولكن لا يمكن توقيفهم قبل الإذن كونهم أطباء"، يقول بزي. يعوّل المحامي على النقابة التي "ستختصر الكثير من الجهد والوقت في حال أعطت الإذن". أما، في حال لم تعطِه، فلا يجد سبيلاً آخر "سوى التحضير لطلب استئناف لدى محكمة الاستئناف في بيروت"، آملاً "ألا نصل إلى هنا بعدما دعسنا الدعسة الأولى في المعركة".
( الأخبار)