تتهيأ السلطات التركية لوضع ما بعد توقف الحرب في سوريا من خلال بناء جدار عازل على الحدود بين البلدين يهدف في ظاهره إلى وقف تدفق المهاجرين، لكنه يحقق لأنقرة ما عجزت عن فرضه بقوة السلاح، أي فصل أكراد سوريا عن أكرادها.

وقال وزير الدفاع التركي فكري إيشق الخميس إن بلاده ستغلق تماما حدودها مع سوريا الممتدة على طول 911 كيلومترا بحلول الربيع المقبل بعدما تنتهي من تشييد جدار لهذا الغرض.

وقال إيشق للصحافيين في مدينة قرقميش الحدودية في تصريحات نقلها التلفزيون التركي على الهواء “نريد إغلاق الحدود مع سوريا التي يبلغ طولها 911 كيلومترا.. ستغلق تماما بحلول ربيع عام 2017”.

وقال مسؤولون إن الجدار يهدف إلى وقف الهجرة غير الشرعية من سوريا إلى تركيا التي تستضيف حاليا 3 ملايين لاجئ سوري.

لكن متابعين للشأن التركي يشيرون إلى أن تركيا بدأت بخطوات للنأي بنفسها عن الأزمة السورية، وهو ما بدا أكثر وضوحا من خلال ما يجري في حلب من قصف عنيف على أحياء تسيطر عليها مجموعات محسوبة على أنقرة.

ولم يستبعد هؤلاء المتابعون أن يكون “الحياد” وبناء الجدار العازل جزءا من التزام تركي بحزمة إجراءات تم التوافق عليها خلال لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي في موسكو في التاسع من أغسطس الماضي.

وبعد أن نجح في استعادة ثقة الرئيس الروسي والحصول منه على تعهد برفع العقوبات على تركيا، غير أردوغان من خطته في سوريا باتجاه مواجهة الأكراد وترك المعارضة السورية وتنظيمي داعش وجفش (النصرة سابقا) يواجهان مصيرهما لوحدهما في الحرب.

ورغم أن موسكو تحث على حل سياسي لقضية الأكراد في تركيا، فإن صمتها فُهم على أنه قبول روسي باستهداف مجموعات كردية سورية متحالفة مع الولايات المتحدة.

وتخطت تركيا خلافها مع إيران بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وبدأتا التنسيق لتطويق أنشطة الأكراد في البلدين، مقابل سكوت طهران عن الحملة التركية شمال سوريا.

وتشعر أنقرة بالقلق من مكاسب الأكراد في شمال سوريا، بينما تسيطر قواتهم، المدعومة بضربات جوية أميركية، على مناطق كانت بحوزة تنظيم داعش.

وتشاطر طهران أنقرة قلقها في الشأن الكردي بعد أن بدأت الجماعات الكردية بممارسة نشاطها العسكري في كردستان إيران.

صحيفة العرب