ما إن دق الرئىس سعد الحريري جرس الانذار الرئاسي، عبر قبوله خيار العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، حتى ارتفع منسوب الحساسية الموجود اصلا بين الرئىس نبيه بري وميشال عون على الصلاحيات والنفوذ والدستور. وهذا ما يؤشر الى ان الوصول الى خواتيم سعيدة دونه صعوبات جدية تستدعي ازالة الكثير من الالغام بين الرجلين المحكومة علاقتهما بجدار من عدم الثقة. وهذا ما يستدعي قيام سعاة الخير باتصالات لحلحلة الامور وترتيب مواعيد لزيارات يبدو ان العماد ميشال عون لن يقوم بها قريباً، وتحديداً للرئيس نبيه بري، رغم ان فتح «دفرسوار» ايجابي في العلاقة بين بري وعون يستدعي موقفاً من الاخير بالعودة الى طاولة الحوار.
لكن العماد عون يرفض ان يصل الى بعبدا مكبلاً بشروط بري، التي تبدأ بالاتفاق على «سلة كاملة متكاملة» وعلى الاساسيات والتفاصيل، وتبدأ بأسماء الوزراء وقائد الجيش وحاكم مصرف لبنان ومدعي عام التمييز والتمسك بوزارة المالية. وهذا ما يعتبره العماد عون تقييداً للصلاحيات والنفوذ والدستور ليس لرئيس الجمهورية فقط بل لرئيس الحكومة المكلف. وهذا ما يرفضه عون بالمطلق رغم تأكيده أن النقاش في هواجس الرئيس نبيه بري ليس مطلوباً منه بل من الآخرين، وربما يغمز من قناة حزب الله.
لكن حزب الله، وحسب المعلومات، كلف الرئيس نبيه بري أن يكون المفتاح السياسي للنقاش مع عون والحريري حول الثوابت السياسية والبيان الوزاري وسلاح المقاومة والمحكمة الدولية وغيرها. واذا شعر الرئيس بري ان في اتفاق عون ـ الحريري اي شائبة او اي امر لا ينطبق مع الثوابت الوطنية سيتدخل لوقفها على الفور.
حزب الله حذر ايضاً، ومن حقه رغم تأييده المطلق للعماد عون والثقة به، لكن هذه الثقة لا تنطبق على الرئيس سعد الحريري. وبالتالي فان الرئيس بري وحزب الله يريدان كشف ما اتفق عليه جبران باسيل ونادر الحريري وما اذا كان هناك «ستر مخبى» عبر صفقة ما. وعلى اساس كشف كل هذه الامور عبر معادلة 1+1=2، وفي ضوء كل هذه التفاصيل يتحدد الموقف النهائي. وبالتالي نحن ذاهبون الى معادلة بان يصبح الرئيس نبيه بري المفتاح السياسي لحل ازمة رئاسة الجمهورية. وهذا الامر يفرض على العماد عون الحلحلة ودق ابواب عين التينة. واذا كان حزب الله دعا سابقاً كل القوى السياسية الى الاخذ بهواجس عون وعدم القفز فوق مطالبه، في المقابل، المطلوب من العماد عون حالياً الاخذ بهواجس بري وفتح حوار يعيد الثقة، والا دخلنا في مرحلة الحساسية والشكوك و«الفحوصات» ونبش الماضي. وهذا لا يفتح الطريق لحل قضية رئاسة الجمهورية التي يبدو ان العماد ميشال عون هو المرشح الوحيد حالياً. ومن هنا جاء تأكيد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم «الحل يحتاج الى تنازلات متبادلة». وحسب المعلومات فان الامور لا تستقيم باجتماع بين الرئيس بري وجبران باسيل في حضور علي حسن خليل، بل باجتماع مباشر بين بري وعون لمعالجة كل التفاصيل. والامور تحتاج الى تفاهم مع بري، وكذلك بين عون وجنبلاط وبين عون والجميل وجعجع وفرنجية وكل القيادات الفاعلة في البلد القائم اصلاً على التسويات. وبالتالي التفاوض لا يكون مع جبران باسيل والمحيطين بعون بل بين عون وبري الذي يمثل الواجهة السياسية للطائفة الشيعية التي لا تختصر حقوقها بلقاءات بين الحريري وعون او بين جبران باسيل ونادر الحريري، وربما ذلك يشكل المفتاح للحل والنقاش في كل الامور من الحقائب الوزارية الى البيان الوزاري. وهذا ما يعتبره عون ضرباً للدستور ووضع شروط على الرئيس المنتخب وتحويل البلاد الى «حكم مجلسي» يتحكم برئيس الجمهورية وبالرئيس المكلف. والعماد عون في مجالسه يؤكد انه بادر وزار الرئيس بري في عين التينة، وآخرها تقديم التهاني بعيد الفطر بينما بري لم يبادر يوماً الى زيارته في الرابية، واذا كان الرئيس بري ينذره بالهواجس الامنية فللعماد عون ايضاً مخاوفه الامنية.

ـ بري استقبل الحريري ـ

وفي اطار الجهود الذي يقوم بها الرئىس الحريري في الملف الرئاسي، زار الرئيس نبيه بري مساء امس في عين التينة وعقد لقاء في حضور مدير مكتبه نادر الحريري والوزير علي حسن خليل، ودار الحديث خلال اللقاء الذي تخللته مائدة عشاء حول المستجدات الراهنة والاستحقاق الرئاسي.
وقال الوزير علي حسن خليل لـ«الديار»: ما زالت مرحلة مشاورات حتى موعد الجلسة في 31 تشرين الاول.
واشارت المعلومات الى ان الرئيس بري متمسك بالتفاهمات المعلنة بالحوار والامور تحتاج الى بعض الوقت. علماً أن الرئيس الحريري كشف لبري انه سيقوم بزيارات الاسبوع المقبل الى كل من الرياض وانقرة وروسيا لبحث الملف الرئاسي.
الانظار ايضاً تبقى متجهة الى الرئيس الحريري واعلانه الواضح بتبني ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية كي يبدأ التحرك الجدي لحلحلة العقد، لان الوقت في بلد كلبنان لا يبقى مفتوحاً.

ـ جنبلاط والسفيرة الاميركية ـ

واشارت معلومات مؤكدة الى أن الموضوع الرئاسي كان مدار بحث بين النائب وليد جنبلاط والسفيرة الاميركية. وحذر جنبلاط من خيار السير بالعماد عون لرئاسة الجمهورية وانه غير قادر على نسج علاقات متوازنة مع كل الاطراف السياسية للوصول الى توافق ينقذ البلد، وغمز من اطار مواقفه السياسية.