رغم الحروب والمصائب التي حلّت بالشعب اللبناني على مرّ السنين، الّا انّ اصرار الشباب على الابداع وتحقيق الانجازات في مختلف المجالات، لم يتبدّد يوماً.

يعاني لبنان من ازمة البطالة في صفوف مواطنيه، ما دفع بغالبيتهم الى الهجرة، بهدف العمل والدراسة. الّا انّ الهجرة لم تحدّ من طموحات الشباب اللبناني، الذي كان ولا يزال يثابر ويثبت نفسه وقدرته، بهدف رفع اسم بلده الأم عالياً. في هذا السياق، حقّق طبيب الأسنان اللبناني أسامة شربجي، ما لم يستطع تحقيقه عدد كبير من الأطبّاء في هنغاريا، من الناحيتين الإنسانية والطبية.

وفي حديثٍ خاص لموقع "لها"، كشف شربجي عن انجازٍ انساني قبل ان يكون طبياً، حقّقه مع سيّدة كانت على وشك الموت. وفي التفاصيل، فقد اصيبت إحدى السيّدات في صغرها، بداء اللايم Lyme، اثر عضّة حشرة "القراد"، التي تأخذ جسم الكلب او القطّة، ملجأً لها.

وأشار الطبيب الى انّ "عوارض المرض لم تظهر على المريضة الّا بعد فترة طويلة، وأصبح من المستحيل معالجتها أذ انّ المرض أصبح في مراحله المتقدّمة. أمّا الأطبّاء في المجر فأكّدوا لها أنّها لن تعيش طويلاً، وتصرّفوا مع حالتها بطريقة غير إنسانية"، لافتاً إلى أنّه "بعد حوالي 30 عاماً، زارتني المريضة وكان الجهاز العصبي متضرّراً، إضافةً إلى أنّها لم تكن قادرة على التكلّم خصوصاً أنّها فقدت كلّ اسنانها، وكانت تعاني من الرجفة القويّة التي يتعذّر عليها ضبطها".

وأوضح أنّ "المريضة كانت ترغب بأن تعيش ما تبقّى من حياتها كأي انسان طبيعي، وكانت بحاجة إلى زراعة أسنان، فباشرنا بالعلاج، وقمنا بالعملية الجراحية، التي تكلّلت بالنجاح، خصوصاً أنّها كانت صعبة للغاية، فالمريضة تعاني من الرجفة تحت يديّ، ولم نستطع أن نخضعها لبنجٍ عمومي، إذ أنّه من الممكن الّا تصحو منه. ما أثار ضجّة في المجر، بعد أن قطع لها الأطبّاء كلّ املٍ ضئيلٍ بالعيش كأي انسان طبيعي".

وعن الصعوبات، قال شربجي إنّ "هذا النوع من العمليات دقيق للغاية، فعلينا التركيز على مناطق الحفر، وعرض وطول العضم. فلن تصدّقي الصعوبة في هذه الحالة وهي ترتجف، ولم نستطع القيام بصورة اشعّة، لا قبل ولا اثناء، ولا حتّى بعد الجراحة، نظراً لحالتها الصحية".

امّا عن كونه طبيباً عربياً يقوم بهذا الانجاز، اكّد انّ "المجر احتضتني منذ ان كنت طالباً، ويعتبرونني مواطناً مثلهم، خصوصاً انني اتحدّث لغة هذا البلد منذ فترة طويلة، رغم انّ اسمي عربيٌ، ولهجتي "طرابلسية". بالطبع هناك بعض الحزازيات، خصوصاً مع تفاقم ازمة اللاجئين، لكن الحمد لله، من يثابر وينجح في عمله، يبرهن نفسه بسرعة. فالطابع العنصري لا ينطبق على الشعب المجري، فهم منفتحون للغاية، وكوني طبيب عربي لم يشكّل لي اي مشكلة".

وعن مزاولة مهنته في وطنه الأم لبنان، ذكر اسامة انّني "امارس المهنة عندما ازور لبنان، فأساعد ابي في عيادته لطبّ الأسنان في طرابلس"، مشدّداً على انّني "ملتزم بقسم الطب الذي قطعته بعد تخرّجي، فلا أميّز بين دين او عرق او مريض وآخر، لذلك حاولت ان اهب مريضتي فرصة العيش كما ترغب".

وفي سياقٍ مختلف، نصح شربجي بـ"عدم اللجوء الى المستحضرات التي تهتمّ بتييض الأسنان، والتي تباع عبر الانترنت، فقد تحتوي على مواد قد تكون مضرّة، خصوصاً باللثة الحسّاسة"، مشدّداً على انّه "من الأفضل تبييض الأسنان تحت يدين طبيب او متخصّص في حال الضرورة وبشكلٍ معتدل. وافضّل عدم التبييض في حال كان الشخص لا يدخّن، اذ انّ لون الأسنان الطبيعي هو الأجمل، فالتبييض يزيد من حساسية الأسنان بشكلٍ عام".

وختم: "اتمنّى ان يسود السلم والهدوء في العالم العربي بشكلٍ عام، وفي وطني الأم لبنان بشكلٍ خاص، فيرتاح اللبنانيون، ونعود نحن المغتربون الى بلادنا ونساهم في تحسين صحة أولاد بلدنا، كما نساعد ابناء بلدانٍ اخرى".

(لها)