طموحات سعد الحريري تصطدم بمعارضة كتلة المستقبل , فلا رئيس اليوم ...
السفير :
لم تعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الـ45 اليوم هي المحكّ والمفصل، بعدما تجاوزتها التطورات وسحبت عصبها.
وعليه، فإن الأنظار تتجه منذ الآن الى الجلسة المقبلة التي يفترض أن تحمل العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، إذا استكمل الرئيس سعد الحريري اندفاعته، علماً أن الجنرال «بشّر» المقرّبين منه بأن الرئاسة اقتربت جداً. ولعلّ الموعد الذي سيحدده الرئيس نبيه بري لتلك الجلسة سيشكل بحد ذاته مؤشراً الى اتجاه الريح في المدى المنظور.
ما هو مؤكد تقريباً، حتى الآن، أن الحريري حسم في قرارة نفسه خيار انتخاب عون وقرّر أن يتجرّع الكأس المرّة تجنباً لما هو أمرّ منها. وقد أتى بيان «كتلة المستقبل» النيابية أمس، معبّراً عن هذا المنحى بتجاهله الإشارة التقليدية الى التمسك بترشيح النائب سليمان فرنجية، غداة زيارة الحريري الى بنشعي، حيث التقط رئيس «تيار المردة» ذبذبات المراجعة التي باشرها رئيس «تيار المستقبل» توطئة للخيار الرئاسي الجديد.
أما المعارضة المتوقعة من داخل «المستقبل» لاستدارة الحريري المرجّحة اتجاه الرابية، فأغلب الظن أنها لن تمنعه من استكمال مغامرته، لأن الحريري ـ برغم ضعفه المستجد ـ لا يزال قادراً على احتوائها، إضافة الى أن وجوده في رئاسة الحكومة سيمنحه القدرة على إعادة الاستقطاب وتعويض الخسائر المحتملة، ربطاً بالمزايا التي تمنحها السلطة في لبنان لمن يمسك بها.
ويبقى «المزاج السعودي» ملتبساً وحمّالا لتفسيرات عدة، في ظل بقاء لبنان خارج لائحة الأولويات الملكية، حتى إشعار آخر. ويبدو أن الوزير وائل ابو فاعور عاد من الرياض بأجواء ضبابية، زادت من حيرة المترقّبين لموقف ملكي حاسم.
هذا الإهمال السعودي للملف اللبناني قد يصوّر للحريري أن بإمكانه فتح «باب الاجتهاد» وصولاً الى الاستنتاج بأن الرياض تترك له حرية اتخاذ الموقف المناسب من عون، وتحمّل مسؤولياته.
وفي المقابل، يعتبر المتخصصون في فك «الرموز» السعودية أن قراراً بحجم انتخاب عون يحتاج الى تغطية ملكية صريحة، غير قابلة للتأويل، وإلا فإن أي خطأ في التقديرات سيكون مكلفاً وربما يدفع رئيس «المستقبل» ثمنه غالياً، وهو الذي أصبح رصيده لا يحتمل المجازفة.
داخلياً، وبرغم أن هناك من يعتبر أن التجارب السابقة مع الحريري لم تكن مشجعة وأنه قد تعوزه في اللحظة الأخيرة شجاعة استكمال الانعطافة نحو عون، إلا أن الفارق الأساسي هذه المرة هو أن الحريري المحاصر بالأزمات لم يعد يحتمل المزيد من المناورة السياسية وإضاعة الوقت، بل لعله مستعجل أكثر من الجميع لحسم الاستحقاق الرئاسي والدخول في مرحلة جديدة، على كل الصعد.
لكن تقبّل الحريري لخيار عون ليس سوى بداية الطريق، لأن ترجمة القرار تحتاج الى تمهيد وتفاوض وإخراج وتسويق، وهذه مراحل تتطلب جهداً مكثّفاً ومهلة إضافية، علماً أن الحريري يستعد خلال الساعات والأيام المقبلة للقاء بري والنائب وليد جنبلاط والرئيس أمين الجميل ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، على أن يتوّج مشاوراته بزيارة الرابية.
بهذا المعنى، فإن الحريري بات ملزماً بأن يتصرف كمرشّح الى رئاسة الحكومة وليس فقط كناخب للجنرال، وبالتالي فهو أصبح معنياً بالتفاوض مع الآخرين على ترتيبات سياسية مسبقة تطمئنهم، تماماً كما أنه شخصياً بحاجة الى أن يبحث معهم في ضمانات له، وذلك لتسهيل عبوره الى السرايا ومن ثم تحصين إقامته فيها.
لا أحد بوارد أن يوزّع «الهدايا» على الحريري، وكل طرف يريد أن يضمن مسبقاً حصة وازنة له في التسوية التي لن تكون أقل من «سلّة»، حتى تتسع لمطالب الجميع وأولوياتهم المتفاوتة.
وانطلاقا من هذه «الشراكة الإلزامية»، لا يكفي أن يوافق الحريري على انتخاب عون، برغم أهمية هذه الموافقة، حتى يحصل على «الجائزة الكبرى». عليه أن يتفاهم مع «حزب الله» حول كيفية مقاربة الإشكاليات الداخلية والإقليمية، وأن يحاور الرئيس نبيه بري في شأن «أجندته»، وأن يناقش وليد جنبلاط في هواجسه، وقبل كل ذلك عليه أن يؤسس لأرضية مشتركة مع «شريكه» في الحكم ميشال عون وأن يتفاهم معه على كيفية تشكّل الحكومة ومقاربة الملفات الأساسية، مع العلم أن كلاماً تردد حول ورقة «إعلان نيات» جرى التداول بها خلال التواصل بين الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، في الأسابيع الماضية.
وهناك من يعتقد أن قانون الانتخاب يجب أن يكون جزءاً أساسياً من «الصفقة» المفترضة التي ستظل ناقصة من دونه، خصوصاً أن البعض يعتبر أن هذا القانون يكاد يكون أهم من رئاستي الجمهورية والحكومة، لأن تركيبة السلطة المقبلة وطبيعة توازناتها تتوقفان عليه.
الحيطة والحذر
في مقابل المناخ الإيجابي الذي ساد مع انطلاق مشاورات الحريري، يدعو «المتحفظون» الى عدم الإفراط بالتفاؤل والمبالغة في التوقعات، لأن الأمتار الأخيرة هي الأهم في أي سباق، وربما تخون «اللياقة البدنية» المستعجلين.
ويشير هؤلاء الى أن الإيجابيات التي يجري الترويج لها لا تزال «هلامية»، وبالتالي لا يوجد بعد شيء ملموس وحسّي يمكن البناء عليه، ثم انه من المعروف أن الساحة اللبنانية متحركة بطبيعتها، ما يستدعي الحذر والتصرف على قاعدة كل «يوم بيومه».
ويرى «المتحفظون» أن الرئيس المقبل سيكون في نهاية المطاف جزءاً من السلة الشاملة، ومن العبث محاولة فصله عنها أو إخراجه منها.
العد العكسي
في هذه الأثناء، أكد مصدر بارز في 8 آذار لـ «السفير» أن الحريري حزم أمره لجهة دعم ترشيح عون، وأن العد العكسي لانتخاب الجنرال بدأ عملياً، لكن لا يجوز في الوقت ذاته التقليل من شأن شياطين التفاصيل التي قد تعطّل او تؤخر التسوية، لافتاً الانتباه الى أن طرد هذه الشياطين يتطلب مساحة زمنية إضافية، لكنها يُفترض ألا تتجاوز حدود موعد الجلسة الانتخابية المقبلة.
أما أوساط «التيار الحر» فابلغت «السفير» أن الرابية تتعامل بـ «نية حسنة» مع الإشارات الإيجابية المنبعثة من بيت الوسط، مشيرة الى أن التحضيرات مستمرة على خط آخر للتحرك الشعبي تحسباً لكل الاحتمالات.
ولفتت الأوساط الانتباه الى أن انتخاب عون ينبغي أن يتم خلال مدة قصيرة، إذا صدقت النيات، ملاحظة أن حركة الحريري تكتسب للمرة الأولة جدّية لم تكن مألوفة في السابق، وهي قد تؤدي الى نتائج ملموسة، مع التأكيد ان الأمور تبقى في خواتميها.
وشدّدت الأوساط على أن الحريري المرشّح لتولي السلطة الإجرائية هو الذي يجب أن يناقش بري في تفاصيل مرحلة ما بعد انتخاب عون، وليس الجنرال، موضحة أن اللقاء المرتقب بين بري والحريري سيكون مفصلياً.
ويُنقل عن عون قوله في هذا الاطار: الرئيس بري يعنيني وهو حرّيف في السياسة وأحد أرقامها الصعبة ولكن لست أنا من ينبغي أن يفاوضه..
النهار :
في الرابية موجة من التفاؤل المفرط لا تعكس واقع الحال. وعلى افتراض ان الرئيس سعد الحريري حسم موقفه في اتجاه العماد ميشال عون رئيساً، فان الرئاسة ليست شاناً حريرياً محضاً وإن كان لزعيم السنة في لبنان رأيه المرجح. الرئيس نبيه بري لا يزال مصراً على موقفه من "السلة المتكاملة"، والنائب وليد جنبلاط يرفض "ترئيس" العماد ميشال عون، ومثله مكونات أخرى سنية ومسيحية في طليعتها النائب سليمان فرنجية وحزب الكتائب وعدد من النواب المستقلين. وقد ابلغ جنبلاط الحريري هاتفياً انه لن يمضي معه في خياره الرئاسي. وأوفد الوزير وائل ابوفاعور الى الرياض لتلمس الموقف السعودي من امكان ذهاب الحريري في خيار عون. وغرد مساء عبر "تويتر" قائلاً: "يا لطيف تجعل البلاء خفيف".
وقالت مراجع مواكبة إن أبو فاعور لم يحمل جديداً من زيارته للسعودية. ووصفت حاله بأنه "ذهب مختاراً وعاد محتاراً. ولم يقدم السعوديون جواباً شافياً عن الاستحقاق واسم الرئيس".
أما الرئيس نجيب ميقاتي، فاعتبر "إن كل الكلام الحالي في شأن ملف رئاسة الجمهورية لم يصل الى المستوى الجدي ودونه عقبات". وأضاف: "أن الاهم من انتخاب الرئيس هو التفاهم على رزمة أمور أولها قانون الانتخابات النيابية".
وأفادت المراجع المواكبة أن لا شيء ملموساً في الاستحقاق الرئاسي ولا انتخاب للرئيس خارج السلة أي بنود طاولة الحوار. وإذا كانت ثمة اتصالات فهي لن تخرج عن إطار السلة.
الرابية وبنشعي
في الرابية، لم يأت اجتماع "تكتل التغيير والاصلاح" على ذكر التحركات في الشارع التي كان التيار حدد لها موعداً ابتداء من اليوم، أي بعد الجلسة الـ 45 للانتخاب التي لن تختلف عن سابقاتها، ويبدو ان قرار التحرك ارجئ في ضوء المعطيات التي يروج لها العونيون بان الجلسة الـ46 قبيل موعد 13 تشرين الأول ستكون الجلسة الحاسمة لانتخاب عون.
في المقابل، لم تكن أجواء بنشعي منزعجة من زيارة الرئيس الحريري، بل اعتبرتها تحريضاً على القيام بمبادرة أو دفعاً لمبادرة الحريري.
وقالت مصادر متابعة إن النائب فرنجية سيبدأ حركة اتصالات واسعة تشمل الرئيس بري والنائب جنبلاط وحزب الكتائب لتشكيل جبهة داعمة لترشيحه. واذا نجحت المساعي في هذا الاتجاه، فان الامور ستسلك طريقاً آخر يثبت ثنائية الترشيح ويحول دون الحسم لمصلحة أحد المرشحين.
وتخوفت مصادر نيابية عبر "النهار" من ان تشكل المرحلة المقبلة فخاً لدفع التيار البرتقالي الى الشارع واغراقه فيه.
"حزب الله"
أما "حزب الله"، فأوضح مصدر فيه انه تلقف ايجاباً الاشارات الأخيرة وما وصله من معطيات جدية عن خيارات جديدة للحريري برزت دلالاتها في بيان كتلة "المستقبل" الذي لم يذكر دعم ترشيح النائب فرنجية وابقاء الكتلة اجتماعاتها مفتوحة لمزيد من المشاورات.
وقال لـ"النهار": ننتظر لنرى ما يحمله الحريري من طروحات وما اذا كانت جدية هذه المرة لانه سبق لنا أن سمعنا طروحات أكثر من مرة ولم تترجم". ولم يخف ان حركة زعيم "المستقبل" ولقاءاته التي بدأها مساء الاثنين لافتة، لكن "الامور بخواتيمها".
كتلة "المستقبل"
وكان الرئيس الحريري رأس اجتماع كتلة "المستقبل" ظهر أمس. وتحدث في بداية الجلسة عن الملف الرئاسي العالق والذي يكلف البلد غالياً. وقال إنه التقى النائب فرنجية واخبره انه لا يزال مرشحه "ولكن عندك حلفاء غيري، خلّيهن يحطو إيدن يمكن نقدر نفتح كوة في جدار الازمة". واذ تخوّف من اطالة أمد الأزمة السورية، شدد على ان لبنان لم يعد يحتمل في غياب الرئيس، وانه قام بمبادرات، ولا يزال مستعدا للقيام بالمزيد، وانه سيقوم بجولة على السياسيين تشمل الرئيس بري والنائب جنبلاط والدكتور (سمير) جعجع والرئيس (امين) الجميل والبطريرك الماروني، وربما العماد عون. وفي ضوء الجولات نعقد جلسات نتداول فيها كل الامور والافكار، لاننا في السياسة "مطرح ما نحنا، بس بدي حاول شيل البلد من ازمته. حزب الله لن يتبدل، وثمة خطورة في ما يتم خلقه تحت شعار تحالف الاقليات".
ثم جرى نقاش سأله فيه اعضاء في الكتلة عن "غوغائية ميشال عون ومواجهتها، والخيارات البديلة، وعن جمهور المستقبل و14 آذار، وكيفية المواجهة اذا ما تراجعت حماسة الجماهير، وعن الموقف السعودي"، لكن معظم هذه الاسئلة بقيت من دون أجوبة الى حين تبلور نتائج اللقاءات والجولات
المستقبل :
مع عودة الرئيس سعد الحريري وانطلاقه في جولة مشاورات استهلها من بنشعي لتشمل تباعاً كل الأفرقاء، عادت الحياة لتدبّ في مفاصل الاستحقاق الرئاسي على وقع ترقب كل المكونات الوطنية ما ستؤول إليه حركته المتجددة بهدف إيجاد خرق وطني جامع يفضي إلى إنهاء الشغور وإنقاذ الجمهورية. وعلى ذلك التأمت كتلة «المستقبل» النيابية برئاسة الحريري أمس في بيت الوسط حيث أطلعها على تصوّره في المرحلة الراهنة لمقاربة الملفات الوطنية، وأبلغها أنه «بدأ مشاورات مع كل الأفرقاء السياسيين بهدف تسريع الانتخابات الرئاسية»، مستعرضاً التطورات المتعلقة بهذا الموضوع وعارضاً الجهود الحثيثة التي يبذلها في هذا الاتجاه، وتقرر بناءً على ذلك أن تبقى الكتلة في «اجتماعات مفتوحة» لمتابعة المستجدات مع الحريري.
وعشية انعقاد جلسة الانتخابات الرئاسية الـ45 اليوم، شدد بيان «المستقبل» على أهمية ممارسة النواب واجبهم الدستوري في انتخاب رئيس البلاد وإنهاء الشغور الذي ما زال يتسبب به «حزب الله» ويضع البلاد في أحوال وظروف بالغة الخطورة على مختلف المستويات الوطنية والأمنية والاقتصادية والمالية والمعيشية. وإذ جددت تمسكها بالثوابت الوطنية القائمة على احترام اتفاق الطائف والدستور بجميع قواعده الميثاقية، لفتت الكتلة إلى أنّ استمرار المقاطعة لجلسات انتخاب الرئيس من قِبل «حزب الله« وحلفائه أضرّ بلبنان وبصورة مؤسساته وصدقية قياداته، آملة في المقابل أن تعيد تلك القيادات النظر بهذه السياسات والمواقف السلبية والإقبال على انتخاب الرئيس لكي يسهم اللبنانيون جميعاً في صنع أمل جديد.
أما على جبهة الرابية، فبرز أمس إقدام التكتل العوني على محاولة طمأنة السعاة إلى التوافق الرئاسي بالاستعداد للوقوف إلى جانبهم والدفاع المستميت عنهم في مقابل توعّد مخربي هذا التوافق بالتصدي لهم «حتى الشهادة»، حسبما ختم تكتل «التغيير والإصلاح» البيان الذي أصدره أمس إثر اجتماعه الأسبوعي برئاسة النائب ميشال عون قائلاً: «نطمئن كل من يريد هذا الوطن موطناً للشراكة الوطنية والميثاقية أننا كنا وسنكون مدافعين عنه كدفاعنا عن أنفسنا، وننبه كل من يسعى إلى تخريب الوفاق الذي نشهد محاولات لإحقاقه، إلى أننا سنتصدى له بكل ما أوتينا من قوة حتى الشهادة«.
الحكومة
وفي الغضون، طرف أيلول سيكون هذا العام بتعطيل «حزب الله» مبلولاً مع المد التعطيلي المتمدد من جلسة 28 الرئاسية إلى جلسة 29 الحكومية. فالحزب الذي يفرض حظراً نيابياً على نصاب انتخاب الرئيس وسيحرز بذلك اليوم إرجاءً جديداً لجلسات الانتخاب للمرة الـ45 على التوالي، نجح كذلك خلال الساعات الأخيرة في فرض حظر حكومي متعمد أنتج تقويضاً لعمل مجلس الوزراء وهو ما سيتجلى بعدم انعقاد المجلس غداً كما كانت قد توقعت «المستقبل» في عددها الصادر أمس.
وعلمت «المستقبل» أنّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام آثر عدم الدعوة إلى انعقاد المجلس غداً بانتظار تبلور صورة مشاوراته بشأن وضع الحكومة عموماً تحت وطأة استمرار مقاطعة وغياب بعض مكوناتها، وبحسب المعلومات الموثوقة المتوافرة في هذا المجال فإنه وبعد استيضاح السرايا قيادة «حزب الله» حول موقفها من المشاركة في جلسات مجلس الوزراء أتى جواب الحزب على صيغة «تمني تأجيل جلسة هذا الأسبوع حتى الأسبوع المقبل» في إشارة غير مباشرة إلى عدم الاستعداد لحضور الجلسة في حال انعقادها غداً.
وعليه، تتجه الأنظار غداً إلى ترقب صدور قرار من وزير الدفاع سمير مقبل يقضي بتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي عشية انتهاء ولايته بعد غد الجمعة، في حين من المتوقع أن تتبلور فتوى قانونية أخرى خاصة بمسألة ملء الشغور في موقع رئاسة الأركان مع انتهاء ولاية اللواء وليد سلمان في اليوم نفسه وسط ترجيح أن يُصار إلى تكليف نائبه بتولي مهام رئاسة الأركان بالوكالة ريثما يتمكن مجلس الوزراء من الانعقاد وتعيين بديل أصيل لسلمان.
الديار :
التطور الابرز في الملف الرئاسي كان الاجتماع السري الذي عقد في السفارة الأميركية في عوكر، وبعيداً عن الاضواء، بين سفراء واشنطن وبريطانيا وفرنسا، وجرى البحث في الملف الرئاسي وتفاصيله ونتائج الاتصالات الداخلية وذكر ان السفير الروسي الكسندر زاسبكين قد ينضم الى الاجتماع المقبل لبحث التطورات الرئاسية.
وهذه الحركة الديبلوماسية هي الابرز في الاتصالات على الصعيد الرئاسي. واذا كان الوزير وائل أبو فاعور عاد من الرياض من دون اي موقف وابلغ ان السعودية لن تتدخل في الملف الرئاسي، فان اجتماع السفراء الاميركي والبريطاني والفرنسي والذي قد ينضم اليه السفير الروسي هو الذي سيحسم الملف الرئاسي واسم الرئيس وليس سلة الرئيس نبيه بري او زيارة ابو فاعور.
وفي ظل تعقيدات الملف الرئاسي، تكونت في ذهن الرئيس سعد الحريري فكرة القبول بتأييد العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وهذا القبول لم يصل بعد الى حد القرار، لكن التداول الجدي بوصوله بدأ على الساحة اللبنانية، وبالتالي من ينفِ ويستخف بالمعلومات حول وصول عون يقع في الخطأ، ومن يؤكد حسم وصول عون لبعبدا يقع في الخطأ ايضاً، لكن طبخة انتخاب رئيس الجمهورية بدأت والبحث يطال دور لبنان اذا ما تم انتخاب عون، وماذا سيفعل؟ وكيف سيتصرف ازاء سوريا؟ وهل يزور الرئيس بشار الأسد بعد انتخابه كما فعل معظم رؤساء الجمهورية السابقين؟ وماذا سيكون موقف الحكومة ورئيسها سعد الحريري؟ وهل سيبقى على عدائه للنظام ووصفه بالمجرم؟ وكيف سيرد العماد عون على هذه المواقف في ظل علاقته الجيدة مع سوريا وحلفه مع حزب الله الذي يقاتل في سوريا الى جانب الرئيس الأسد؟
هذا في الجانب السوري، وماذا عن العلاقة مع السعودية وكيف سيتصرف عون حيالها في ظل الموقف السعودي السلبي تجاهه؟ وكيف سيوازن موقف لبنان بين الرياض وطهران في ظل العداء بينهما، علماً ان ايران تريد انتخابات رئاسية للتفاوض مع أميركا لأنها تستنزف في سوريا، وعلى هذا الاساس تريد رئيساً كمادة دسمة للتشاور مع الاميركيين حول الملف الرئاسي؟ وبالتالي كيف سيتصرف عون اذا وصل «ترامب» وعاد التوتر الى العلاقات الايرانية - الاميركية؟
هذا في الجانبين العربي والدولي وماذا عن الاطراف اللبنانية الداخلية؟ وكيف سيتصرف معها عون الذي ما برح يجاهر بعدائه للطبقة السياسية وفضائحها «الابراء المستحيل» و«مروحة عداواته» الواسعة مع كل السياسيين الذين لا تفارقهم «النقزة» من الجنرال عون الذي لا يثق الا بحزب الله وامينه العام السيد حسن نصرالله، رغم انه تمكن منذ سنة تقريباً من صياغة تفاهمات مع جعجع وجنبلاط بقيت دون سقف تفاهم «مار مخايل». اما مع الرئيس نبيه بري فـ«دبي واعصري» وكل يوم «مشروع مشكل» رغم النظرة الاستراتيجية الواحدة لتطورات المنطقة، بالاضافة الى أسئلة عديدة تطرح عن موقف عون من نواب 14 اذار، والمستقلين والوزير بطرس حرب، وآل سكاف، والمردة بعد ان «انفخت الدف» مع الوزير فرنجية.
واذا كان حزب الله قادراً على «ترميم» علاقة عون بحلفائه، من قوى 8 اذار، فان تصحيح العلاقة مع الرئيس بري يحتاج الى جهد مضاعف في ظل شروط بري و«سلته المتكاملة» ليس على رئاستي المجلس والحكومة فقط، بل على الوزراء وتوزيع الحقائب السيادية، والنفط وغيرها من المشاريع العديدة بالاضافة الى دور المجلس النيابي واحترام مبدأ فصل السلطات والالتزام بالطائف. كلها عناوين بحاجة الى اجوبة يطلبها الرئيس بري من العماد ميشال عون، وكل موضوع مادة خلافية بين الرجلين رغم التفاهم النفطي الاخير بين الرئيس بري والوزير جبران باسيل. هذا عن الرئيس بري اما العلاقة مع حزب الله فستكون ثابتة واستراتيجية ولا تشوبها شائبة.
وبالنسبة للعلاقة مع الرئيس سعد الحريري وحسب المعلومات، فان اللقاءات بين الوزير باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري قطعت شوطاً كبيراً وتضمنت تفاهمات على كل القضايا والتركيبة الحكومية والوزراء والحقائب السيادية والنفط، حتى ان البحث طال أدق التفاصيل وهذا ما أدى الى «نقزة» لدى حلفاء ومعارضي العماد عون والحريري عن «صفقة» بينهما وصفها البعض بالثنائية وتحديدا «مسيحية - سنية».
واذا كانت العلاقة «حسمت» بين عون والحريري، فماذا عن موقف جنبلاط وهواجسه من الرئيس الماروني القوي القادم من جبل لبنان والآتي من «العسكر» وماذا عن موقف عون من «مجلس الشيوخ» برئاسة درزي بالاضافة الى اوضاع الجبل ودور التيار الوطني في المنطقة، وهل ستتم «زكزكة» جنبلاط مع كل خلاف سياسي كما حصل مع الرئيس السابق اميل لحود؟ هذه اسئلة بحاجة الى أجوبة ايضا وضمانات من عون لجنبلاط.
وايضا وايضا ماذا عن العلاقة مع الدكتور سمير جعجع وتفاهم معراب، وهل سيلتزم به العماد عون لجهة اقرار قانون الانتخابات ومراعاة جعجع انتخابياً، وكيف سيتم التعامل مع القوات وحصتها الوزارية وحضورها في جبل لبنان؟ كذلك ماذا عن موقف العماد عون من نواب 14 اذار وكيف سيتعاطى الوزير باسيل مع الوزير بطرس حرب وجمهوره ودوره؟ وما ينطبق على الوزير حرب قد ينطبق على آل سكاف في زحلة وكيف ستكون العلاقة مع النائب ميشال المر القوي وصاحب الحضور الواسع في المتن بلدياً وشعبياً؟
كل هذه العناوين والاسئلة تحتاج الى اجوبة من العماد ميشال عون، وعليه تقديم الضمانات للقوى السياسية كي تشعر بالاطمئنان، لأن «الصفقة الثنائية» مع الحريري لا تنتج رئيساً لوحدها. ومن هنا فان على عون الجواب على هذه «السلة» من الاسئلة، التي توافق سلة الرئيس بري قبل الاقدام على اي خطوة.
هذه الصعوبات يدركها العماد عون، وهو بدأ ايضاً مروحة من الاتصالات قد تتوج بزيارة عين التينة والمختارة ومعراب وبيت الوسط وغيرها من «البيوتات السياسية» التي تعرف موقف عون منها، وبالتالي فان «الحراك» ستتبعه حركة «تفاوضية» لأن اي شخص في السياسة لا يمكن ان يؤىد الآخر «لوجه الله»، وكل شيء له ثمن.
ـ الاتصالات واللقاءات ـ
ورغم عجقة الاتصالات والاجواء الاخيرة التي «حركت» الملف الرئاسي مع عودة الحريري، لكن الجلسة الرئاسية اليوم ستكون كسابقاتها وترفع الى موعد اخر بسبب عدم اكتمال النصاب.
ووفقا للمعلومات فان الرئيس الحريري سيواصل اتصالاته للتفتيش عن حل رئاسي لان الحسم يعيده الى السراي في ظل ازمة مالية خانقة تعصف به وأدت الى ابلاغ العشرات من الزملاء في صحيفة المستقبل وتلفزيون المستقبل واذاعة الشرق بالفصل من العمل على ان يتقاضوا تعويضاتهم فور تأمين الاموال، رغم ان هؤلاء الزملاء لا يتقاضون رواتبهم منذ 10 أشهر. كما تم ابلاغ العشرات من الموظفين في مؤسسات الحريري بالفصل من العمل، وبالتالي فان عودة الحريري الى السراي تعالج كل مشاكله وتؤمن له «مروحة» من الخدمات والتوظيفات، خصوصاً ان المعلومات تؤشر الى التحضير لسلسلة تحركات وتظاهرات على الارض في الشمال وبيروت والبقاع في حال اعلن الحريري تأييده لعون، كما ان العديد من نواب المستقبل لن يمشوا بخيار عون. وذكر ان اللقاء بين الرئيس الحريري والرئيس فؤاد السنيورة لم يكن ودياً وان الاخير ابلغ الحريري رفضه السير بخيار عون. وبالتالي فان وجود الحريري بالسراي وموقعه كرئيس للحكومة يخففان الكثير من هذه «الاوجاع» بالمسكنات الحكومية.
علماً ان الرئيس الحريري ابلغ النائب فرنجية انه بعد لقاءاته في بيروت سيطلع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان على تفاصيلها وانه طلب موعداً للقائه.
ـ أبو فاعور وزيارة السعودية ـ
مصدر موثوق كشف لـ«الديار» ان النائب وليد جنبلاط أوفد الوزير وائل أبو فاعور الى «الرياض» لاستطلاع موقف السعودية من الشأن اللبناني وتحديداً الرئاسي. وحسب المصدر الموثوق فان أبو فاعور أبلغ جنبلاط وبري وسلام انه ليس هناك من رأي سعودي حول الملف اللبناني، وعندها سأل أبو فاعور عن تحرك الرئيس الحريري الأخير وما اذا كان هناك من تغطية سعودية لتحرك الحريري ودوره وكان الجواب السعودي بـ«النفي» مع القول «الحريري في لبنان مواطن لبناني ويتصرف كأي قيادي لبناني».
وابلغ أبو فاعور حسب المصدر الموثوق «انه ليس هناك اي موقف رسمي سعودي من الملف الرئاسي، وان السعودية لا تريد تكرار تجربة دعم النائب سليمان فرنجية، وانهم اتعظوا من هذه التجربة، ولن يكرروا الخطأ نفسه ولن يتعاطوا بعد الآن.
ـ بري: موقفي معروف ـ
اما الرئيس نبيه بري الذي هنأ الحريري بعودته واتفقا على لقاء اكتفى بالقول «انه تابع ويتابع ما يسمعه ويقرأه في وسائل الاعلام ويفضل عدم التعليق حول ما قيل ويقال عن موقفه المعروف والواضح و«لا حاجة لتكراره».
ـ جولة اللواء ابراهيم في باب التبانة ـ
وفي موازاة عجقة الاتصالات السياسية، شكلت الزيارة النوعية لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الى الشمال وتحديداً الى باب التبانة، حدثاً بارزاً في ظل «الخواء السياسي» في البلد، وتركت ارتياحاً ليس في الشمال فحسب بل في كل لبنان، وشكلت «دفرسواراً» في التعامل مع الاحياء الفقيرة والشعبية التي لم تلق من الدولة سوى التجاهل والحرمان. وجاءت زيارة اللواء ابراهيم لتشكل انقلاباً على هذا الواقع، حيث جال في شوارع التبانة الشعبية بين جموع الاهالي الذين نثروا الارز واطلقوا الزغاريد وشرحوا معاناتهم الكبيرة.
باب التبانة التي تعامل معها الاعلام بأنها بؤرة تطرف وارهاب وقادة محاور خارجون عن طاعة الدولة مع تعداد جولات العنف التي تجاوزت العشرين، نزعت امس كل هذه الصور عبر زيارة اللواء ابراهيم والاستقبال الحاشد وكشفت عن عمق اصالة هؤلاء الناس ووقوفهم ضد التطرف والفكر الارهابي، حتى ان قادة المحاور الذين تصدرت اسماؤهم وسائل الاعلام كانوا في مقدمة المستقبلين مرحبين بالدولة بشخص اللواء ابراهيم، معلنين الولاء لطرابلس ولبنان، طالبين فقط من الدولة الرعاية والنظر الى اهل التبانة والشمال بعين العطف والرعاية.
كما شكلت زيارة اللواء ابراهيم الى الشمال وباب التبانة اكبر صفعة للارهابيين والمتضررين والمتطرفين واعطت «جرعة أمل» لكل أهل طرابلس والشمال بأن الدولة الى جانبهم وبأن مسؤولاً أمنياً بمستوى اللواء ابراهيم جال في شوارعهم، وقدم صورة جديدة عن أهل التبانة بأنهم اهل محبة وسلام وليسوا دعاة تطرف وحقد.
اللواء ابراهيم تجاوز كل المحاذير الأمنية ونزل بين الفقراء الذين ليس على صدورهم قميص، شارباً القهوة العربية معهم، متفقداً احوالهم، مسجلاً كل الشكاوى وملتقطاً معهم الصور التذكارية.
الدولة قدمت أمس عبر اللواء ابراهيم صورة مغايرة نقية صادقة مع شعبها، بعكس الصورة المرسومة في اذهان اللبنانيين عن دولتهم ومساوئها.
الجمهورية :
جملة من التفاصيل إذا جُمِعَت مع بعضها، تكاد تعطي صورة شبه مكتملة بعد عودة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ولقائه الليلي مع رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية: التسوية الرئاسية غير ناضجة بعد، والمؤشرات التي صدرت من خلال البيان المقتضب بعد لقاء فرنجية ثم من خلال بيان كتلة «المستقبل» أمس عن ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع القوى السياسية كافة في سبيل انتخاب رئيس للجمهورية من دون ذكر ترشيح فرنجية، تعكس بداية تحوّل في موقف الحريري، بل فتح كوّة في جدار الاستحقاق الرئاسي المغلق منذ عامين ونصف العام. ومن المتوقع أن تتبلور الصورة أكثر مع استكمال الحريري لقاءاته مع الأقطاب، والأنظار تتوجّه الآن إلى لقائه المنتظر مع الرئيس نبيه بري. لكنّ هذه الصورة غير المكتملة تؤشّر إلى انّ جلسة انتخاب الرئيس الخامسة والأربعين، التي قيل عنها الكثير، لن تكون مختلفة اليوم عن سابقاتها بانتظار ما ستؤول إليه «طبخة» الحريري، وخصوصاً انّ بري عاد أمس ليذكّر بتمسّكه بالسلة. بينما تأكد ان لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع لتمرير التمديد لقائد الجيش اللبناني جان قهوجي.
بعد كل ما قيل ويُقال عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اليوم، من المتوقع أن تمرّ كسابقاتها أي من دون أن يكتمل النصاب نظراً إلى انّ التسوية الرئاسية لم تنضج بعد محلياً واقليمياً ودولياً، لكن لا أحد من المكوّنات السياسية ينفي انّ ثمّة حراكاً حيوياً تشهده الساحة السياسية حول إسم رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» ميشال عون، ويبدو انّ «مكوك» هذه الحركة هو الحريري الذي بدأها بزيارة فرنجية في بنشعي أمس الأول حيث بَحثا كل الخيارات، علماً انّ أوساط «المستقبل» تحدثت لـ«الجمهورية» عن انّ المشاورات لم تتوقف يوماً بين الحريري وفرنجية بل يقوم الأول منذ أشهر بإطلاع الأخير على تفاصيل حركته السياسية إنطلاقاً من الثقة التي تربط بين الرجلين، فجاءت زيارة الحريري له أوّلاً لتأكيد الاحترام والتقدير وثانياً لإبلاغه بأنّ الأمور وصلت إلى حائط مسدود وتمّ طرح كل الاحتمالات الأخرى.
ولفتت أوساط «المستقبل» إلى «انّ الحريري سيواجه ثلاثة مستويات من الصعوبات ما إذا حسم خياره بترشيح عون: الصعوبة الأولى سيلاقيها من بعض حلفائه، والصعوبة الثانية ستكون على المستوى الداخلي في تياره أي على مستوى محازبيه الذين يعتبرون وصول عون إلى بعبدا هو استسلام لـ«حزب الله» إضافة إلى إقناع المحازبين بضرورة نسيان إهانات عون المتكررة للطائفة السنيّة وتيار «المستقبل» وللرئيس الشهيد رفيق الحريري وسعد الحريري نفسه، أمّا الصعوبة الثالثة فتتعلق بالطريقة التي سيسوّق فيها الحريري إسم عون إقليمياً ودولياً. وليس مستبعداً أن يكون الحريري قد سبق ان بدأ مشاوراته الإقليمية والدولية في هذا المجال.
وفي وقت يستعد الحريري لإجراء مروحة اتصالات تشمل عين التينة والرابية ومعراب وكليمنصو، ظلّت الرابية في وضعية ترقّب مسار التسوية السياسية ومصيرها، ولهذه الغاية عَدل رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون عن إلقاء مداخلته التلفزيونية مساء امس، الّا انه أبقى قواعد «التيار الوطني الحر» على استنفارها.
وكان رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل قد أكد بعد اجتماع «التكتل» الاسبوعي أنه في الميثاقية يطالب بالتساوي، وتحدّث عن وجود «محاولات لإحقاق الوفاق»، ونَبّه كل من يسعى الى تخريب البلد وتعطيل الشراكة قائلاً: «سنتصدى له بكلّ ما نملك من قوة حتى الشهادة».
بو صعب
واكد الوزير الياس بو صعب لـ«الجمهورية» انه في موازاة الاتصالات السياسية الجارية، فإنّ التحضيرات التي نقوم بها والاجراءات السياسية والادارية والحركة الشعبية قائمة وفق ما تتطلب الحاجة، فحسب المواقف سنتصرّف. وشدد على ان لا مخرج آخر للأزمة الحالية الّا بتحقيق المطالب المحقة.
واعتبر بو صعب انّ عودة الحريري «فتحت الحوار باتجاه جديد لم يكن موجوداً في السابق»، ورأى انّ عودته تتحدث في اتجاه مفاده انه بعد الوصول الى مكان لم نستطع فيه إيصال من دعمنا ترشيحه، اي فرنجية، الى الرئاسة.
وبالتالي، يجب ان نرى ما يمكن فعله لحل الأزمة، واذا كان في الإمكان الاتفاق مع الافرقاء الآخرين على مرشح جديد. صحيح انّ الرئيس الحريري لم يصل الى حدّ تسمية المرشح الجديد، لكنّ الواضح اليوم انّ من يملك حظوظاً اكثر لكي ينتخب رئيساً في حال كانت النيّات صادقة وسليمة هو العماد عون الذي يحظى بدعم «القوات» و«حزب الله»، كما انّ النائب وليد جنبلاط لا يمانع وصوله، ويبقى ان نرى الشريك السني الذي لم يقل كلمته بعد».
أضاف: «عودة الحريري تتحدث بهذا الاتجاه. والى اين نصل فيه؟ لا احد يعرف إنما نحن لا نعتبر انّ الامور انتهت و»مش نايمين ع حرير». ندرك جيداً انه لو لم تكن هناك مشكلات جوهرية واساسية لَما كان انتخاب الرئيس تعرقلَ لغاية اليوم. وبالتالي، الامور بدأت تتكشّف ورقة ورقة ووصلنا الى خواتيمها، فإمّا سنكون شركاء مع كل الافرقاء وامّا لن نكون شريكاً حقوقه منتقصة».
«المستقبل»
وكان الحريري أطلع كتلة «المستقبل» على تصوّره لمقاربة الملفات الوطنية، وأبلغها أنه بدأ بمشاورات مع كل الافرقاء لتفعيل العمل بهدف تسريع انتخاب رئيس للجمهورية، مستعرضاً التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، وعارضاً للجهود الحثيثة التي يقوم بها.
وشددت الكتلة على أهمية مشاركة جميع النواب في جلسة الانتخاب اليوم، وجدّدت اتهامها «حزب الله» بالتسبّب بالشغور الرئاسي.
فتفت
وفيما أبقت كتلة «المستقبل» اجتماعاتها مفتوحة، ولفتت الى انّ بيانها لم يأت هذه المرة على ذكر عبارة «إنّ مبادرة دعم ترشيح فرنجية لا تزال قائمة»، عَزا عضو الكتلة النائب احمد فتفت لـ«الجمهورية» هذا الغياب لسبب بسيط وهو عدم وجود قرار جديد، ففي المرة السابقة جَدّدنا دعم هذا الترشيح في ظلّ الضغط الحاصل والشائعات التي رَوّج لها، فشئنا توضيح الموقف. واليوم لو حصل شيء جديد لكنّا أعلنّاه، وإنّ عدم حدوث أي جديد يؤكد بياننا السابق.
واكد فتفت أن «لا وعود أطلقت لعون بدعم ترشيحه»، وأشار الى انّ «الحريري شَرح لفرنجية واقع الامور»، مؤكداً له انّ همّنا التعاون للوصول الى حل للمعضلة الرئاسية، نافياً ان يكون طلبَ من فرنجية الانسحاب من السباق الرئاسي.
سعادة لـ«الجمهورية»
وقال الوزير السابق يوسف سعادة لـ«الجمهورية»: لم نتبلّغ من الحريري سحب مبادرته ودعمه للنائب سليمان فرنجية لكنه نقل لنا عزمه على القيام بحركة لتحريك الملف الرئاسي. وانّ الخيارات مفتوحة من دون ان يكون الحريري قد توصّلَ الى أخذ قرار معيّن منها.
كما أبلغنا انه سيقوم بجولة اتصالات ومشاورات في الساعات المقبلة، والأجواء كانت إيجابية وودية. ونحن أبلغناه انّ النائب فرنجية مستمر في ترشيحه واننا منفتحون على كل النقاشات».
اللواء :
لم تحمل الـ45، وهو رقم جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اليوم النائب ميشال عون إلى قصر بعبدا، ومع ذلك، لم يقطع الرجل الامل، من انه بات قاب قوسين أو أدنى من الرئاسة الأولى.
على هذا الأساس، خلا بيان تكتل «الاصلاح والتغيير»، بعد اجتماعه الأسبوعي، أمس، من الإشارة إلى موضوع الرئاسة، أو حتى الضغط في الشارع، وتضمنت الفقرة الأخيرة من البيان تقديم طمأنة «الى كل من يريد هذا الوطن موطناً للشراكة الوطنية والميثاقية وبناء الدولة».
هذه الطمأنة جاءت على لسان رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي اضاف: «كنا وسنكون مدافعين عنه كدفاعنا عن انفسنا»، لكنه استدرك «الوفاق الذي نشهد محاولات لاحقاقه قد يتعرّض للتخريب»، مؤكداً «اننا سنتصدى له (أي لتعطيل الشراكة) بكل ما أوتينا من قوة حتى الشهادة».
وإذا كان هذا الموقف واضحاً لجهة توزيع انشغال الرابية بالمشهد الوفاقي الذي اشارت إليه، بين تفاؤل يقترب من الارتياح وخشية تقترب من القلق، فإن ما يربك الرابية، وفقاً لأحد زوارها، الموقف الذي لا يزال الرئيس نبيه برّي يتمترس وراءه بعنوان «السلة أولاً».
ولا تنظر الرابية بارتياح إلى متراس رئيس المجلس هذا، الذي يجمع بدوره معطيات ليبنى على الشيء مقتضاه عندما يُحدّد موعد جلسة انتخاب الرئيس المقبلة.
وتتصرف عين التينة على أساس ان ترشيح النائب سليمان فرنجية لم يسقط بعد، ولا مؤشر ملموس عن عدم استمرار رئيس تيّار «المردة» مرشحاً، فضلاً عن ان النقاشات لم تحسم بعد داخل تيّار «المستقبل» وكوادره وكتلته النيابية.
وتتجنب مصادر عين التينة الخوض في ما يدور مع قيادة «حزب الله» الذي لن يُشارك نوابه في جلسة الانتخاب اليوم، لكن كبار مسؤوليه لا يتورعون عن الدعوة لانتخاب النائب ميشال عون، الذي ألغى اطلالته التلفزيونية مساء أمس منعاً للتشويش على أجواء التفاؤل، وبناء على نصيحة من الوزير باسيل نفسه.
مشاورات الحريري
اما في «بيت الوسط»، حيث اطلع الرئيس سعد الحريري على مدى ساعة ونصف أعضاء كتلته على تصوره للمرحلة الراهنة لمقاربة الملفات الوطنية، والتي تضمنت أيضاً بدء مشاورات مع كل الفرقاء السياسيين لتفعيل العمل بهدف تسريع انتخاب رئيس الجمهورية، على ان تبقى اجتماعات الكتلة مفتوحة، فقد علمت «اللواء» ان مشاورات الرئيس الحريري لن تقتصر على مشاورات محلية، بل ستشمل عواصم إقليمية ودولية، فهو سيزور تركيا وروسيا، الأمر الذي يعني ان لا خطوات سريعة على صعيد هذا الملف، مع ان الهدف الحقيقي من وراء هذه المشاورات إنهاء الشغور الرئاسي الذي بات يحمل مخاطر جدية على البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويهدد بانهيار البلد، وبالتالي، فإن مبادرته الحالية تهدف إلى تدارك هذا الوضع الخطير المحدق بالبلاد.
وعلى هذا الصعيد، توقفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع عند الأجواء المحيطة بتحرك الرئيس الحريري ورغبة الأطراف على اختلافها، لا سيما «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بتحميله مآل الأمور الرئاسية واتهامه «بالعناد».
وحذرت هذه المصادر من هذا المنحى في التعاطي معفية نفسها من تقطيع الوقت وتمرير الأشهر والسنتين الماضيتين من دون إنهاء الشغور الرئاسي.
وأعادت هذه المصادر إلى الذاكرة، كيف ان مبادرات الحريري اسقطها حلف حزب الله - عون تباعاً من دون أي تفسير أو تعليل أو حتى حرج، فعندما تقدّم الرئيس الحريري بمبادرة جريئة قضت بترشيح النائب فرنجية وسحب ترشيح الدكتور سمير جعجع، لاقت الخطوة ردود فعل سلبية في القواعد الحريرية، ومع ذلك لم تحدث هذه الخطوة إنهاء الشغور الرئاسي، بل أخذت من رصيد الرجل وعرضت زعامته لبعض التصدع (انتخابات طرابلس مثلاً).
وبناءً على هذه السابقة وغيرها من السوابق السياسية لم تخف هذه المصادر خوفاً جدياً من ان يكون مصير انعطافة الرئيس الحريري نحو تأييد انتخاب النائب عون شبيهاً بمصائر المبادرات الماضية، وأن تؤدي إلى اضطراب داخل جمهوره وجسمه السياسي وبيئته، من دون التوصّل إلى الخاتمة السعيدة لانتخاب رئيس.
ولا تسقط هذه المصادر من حسابها التداعيات السلبية لمثل هذا التحوّل، ان على صعيد زعامة الحريري أو قيادته الوطنية على مدى عقد ونيف منذ اغتيال والده الشهيد رفيق الحريري، أو على صعيد الاعتدال الذي تمثله زعامته على المستويين الوطني والقومي.
وفي هذا الإطار، تساءل نائب في 14 آذار، رداً على سؤال لـ«اللواء»: «هل ثمة إمكانية للتوصل إلى تسوية رئاسية في لبنان على أساس تسوية أو تمهد للتسوية، في ظل الاشتعال العسكري في المنطقة، والعلاقات بين الدول الإقليمية الفاعلة البالغة التعقيد والمستعصية على المعالجة، قبل حسم الوضع في كل من سوريا والعراق واليمن والبحرين، حيث يتوزع نفوذ كل من المملكة العربية السعودية وإيران».
وأضاف هذا النائب: «هل أفرجت إيران عن الورقة اللبنانية وسمحت لحزب الله بتسهيل انتخاب الرئيس؟ أم أن «حزب الله» ومحوره يناوران في الوقت المستقطع، حيث أن لا قرار إقليمياً ولا دولياً على هذا الصعيد، وإن كان الاستقرار السياسي والأمني يعتبر بمثابة الخط الأحمر لحسابات ذات صلة بالحرب السورية».
زيارة أبو فاعور
في هذا الوقت، وفي موازاة المشاورات اللبنانية الداخلية، انصبّ الاهتمام على ما سمعه وزير الصحة وائل أبو فاعور من القيادة السعودية والذي نقله إلى كل من الرئيسين برّي وتمام سلام وفحواه: إن المملكة العربية السعودية التي تقف إلى جانب لبنان، وهي على مسافة واحدة من جميع طوائفه وتياراته السياسية لن تتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية.
ولمست شخصية لبنانية أن الموقف السعودي ثابت لهذه الجهة لكنه يتسم بالبرودة، الأمر الذي فسّر بأنه دلالة على أن المملكة لا تغطي أي خيار، وبالتالي غير معنية بما يترتب عليه من نتائج، في إشارة إلى احتمال تبنّي ترشيح النائب عون.
كتلة «المستقبل»
وبحسب معلومات «اللواء» فإن اجتماع كتلة «المستقبل» الذي لم يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، انتهى إلى شبه إجماع على رفض خيار تأييد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، ولكن من دون أن يكرّس ذلك بقرار، على اعتبار أن قرار الكتلة التي أبقت اجتماعاتها مفتوحة، سيكون بعد انتهاء المشاورات التي سيجريها الرئيس سعد الحريري مع كل الفرقاء السياسيين.
ومع أن الرئيس الحريري الذي ترأس إجتماع الكتلة، وفق ما أشارت «اللواء» أمس، لم يسحب دعمه لترشيح النائب فرنجية، إلا أنه لفت نظر نواب الكتلة إلى المأزق الذي تواجهه البلاد، وهو استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، مما يرتب على ذلك من أحوال وظروف بالغة الخطورة على مختلف المستويات الوطنية والأمنية والاقتصادية والمعيشية، فضلاً عن شلّ عمل المؤسسات الدستورية، موضحاً بأنه يعتزم إجراء مشاورات مع كل الأفرقاء السياسيين لتفعيل العمل بهدف تسريع انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ الرئاسي، قبل أن تصل البلاد إلى حالة الفراغ الشامل.
وأعاد الرئيس الحريري تذكير النواب بالفرضيات الثلاث التي سبق أن عرضها في آخر إجتماع للكتلة برئاسته في 8 حزيران الماضي، وهي:
- البقاء على الوضع الحالي، بما في ذلك الاستمرار في ترشيح النائب فرنجية.
- أو قلب الطاولة والخروج من الحكومة ومن الحوار الثنائي مع «حزب الله».
- أو البحث عن مخارج جديدة، بما يشمل تأييد ترشيح عون، مشيراً إلى أنه شخصياً لا يحبّذ تصوراً مسبقاً أو خياراً، باستثناء خيار إنقاذ البلد والبحث عن مخرج للمأزق الرئاسي، لافتاً إلى أن كل الخيارات مطروحة، وهذا الأمر مرتبط بالمشاورات التي سيجريها مع كل الأطراف.
وكشف مصدر نيابي شارك في الاجتماع، بأن كل الأمور مطروحة على الطاولة، وأن النقاش الذي شارك فيه كل النواب الحاضرين والذين لم يغب منهم أحد، باستثناء النائبين باسم الشاب ومحمّد قباني المسافرين في لندن، لامس كل الأوضاع التي يعانيها التيار،<