ما تحاول أن تقوم به بعض الفعاليات السياسية ووسائل الإعلام من محاولات لخلق وعي جماعي لبناني مفاده أن الرئيس نبيه بري هو العقبة الأساسية لوصول الجنرال ميشال عون للرئاسة هو صحيح بل يفتخر به بري.
ربط التعطيل ببري:
لكن هذه الفعاليات تحاول تقديم الصورة على أن الرئيس بري هو من يعطل إنتخاب الرئيس في محاولة إبتزاز واضحة موجهة ضد عين التينة للقبول بالأمر الواقع والمشي بالتسوية الجارية.
وهذا بالطبع ظلم كبير كون الرئيس بري وكتلته النيابية شاركت في جميع جلسات إنتخاب رئيس للجمهورية ولم يوفر أي جهد في سبيل تسهيل إنتخاب رئيس جديد.
ومع أخذ حسن النية في الإعتبار لتصرفات هذه الجهات يمكن القول أنها دائما وأبدا تخلط بين إنتخاب رئيس للجمهورية وإنتخاب عون حصرا.
فالربط بين الموضوعين غير قائم أساسا لأن إنتخابات الرئاسة شيء وإنتخاب عون حصرا رئيس شيء آخر.
يتصدر هذه الجهات الفاعلة حاليا التيار الوطني الحر ويبدو أن سعد الحريري دخل على خط اللعبة وبدأ يصرح بأن مشكلة إنتخاب عون هي في حلفائه ورمى الكرة في ملعب الرئيس بري.
يفهم التصرف العوني في لوم بري فالعداء بين الطرفين ليس جديد ولكن الجديد هو محاولات الحريري ومشاركته في هذه اللعبة.
لقاء بنشعي:
طرف آخر دخل على الخط وهو النائب سليمان فرنجية فبعد اللقاء الذي حصل بالأمس مع سعد الحريري في بنشعي صرح الطرفان بضرورة تفعيل المحادثات وتوسيع مروحة اللقاءات وخصوصا مع الرئيس بري.
ولكن الأهم في ذلك كله هو ما سرب من اللقاء فعندما طرح الحريري على فرنجية إنتخاب عون رمى فرنجية أيضا الكرة في ملعب عين التينة وأعلن أن ما يقبل به الرئيس بري أقبل به.
اللقاء أحدث ضجة بالأمس وأثيرت حوله تخمينات كثيرة لكن الثابت في كل ما قيل أن الحريري أصبح في وارد ترشيح عون للرئاسة.
أما الملفت في كل ذلك فهو رمي الجميع الكرة في ساحة بري .
أسئلة تطرح هنا وهي عديدة.
هل هو أمر متفق عليه بين الحريري وفرنجية وبري أو محاولات ضغط من الحريري وعون ومن خلفهم حزب الله للسير بالتسوية؟
التسوية على نار حامية:
لا شك أن الحريري يوجه رسالة لحزب الله للضغط على بري في هذا المجال فهو قام بما عليه من تقديم تنازلات أما فرنجية فهو كما قال سابقا لا يريد أن يلغي نفسه ويريد من الرئيس بري أن يدير الملف الرئاسي ليحقق أقل الخسائر أو أقل المكاسب لكلاهما فيما لو تمت التسوية.
يبقى عائق وحيد هنا يتمثل بكيفية تعاطي حزب الله مع الرئيس بري فهل سيشكل الملف الرئاسي منطلق لخلاف كبير وإصطدام فيما لو إتجه الحزب فعليا لإنتخاب الرئيس؟
يشكك مراقبون بهذا الرأي ويلحظون أن حزب الله والرئيس بري يتبادلان توزيع الأدوار في هذا المجال فلماذا لا نقلب الصورة ونقول أن الرئيس بري يؤمن مخرج لحزب الله للتفلت من إلتزاماته إتجاه عون فبنظرهم حزب الله لا يريد عون حتى هذه اللحظة رئيسا.
رأي آخر يقول أن الحزب يريد من عون التواصل مباشرة مع بري لحلحلة الموضوع وإذا ما تم ذلك فسينتخب عون.
أما البعض فيتوقع حملة إعلامية ضخمة تشن ضد الرئيس بري في الأيام القادمة لتحميله مسؤولية تعطيل إنتخاب عون رئيسا للجمهورية في محاولة للضغط عليه من أجل القبول بالتسوية والرضوخ للأمر الواقع.
قد لا تشهد جلسة 28 أيلول إنتخاب رئيس بإنتظار إكتمال تفاصيل التسوية وثمنها فوصول عون للرئاسة سيكون له ثمن كبير ضمن لعبة المحاصصة اللبنانية من تشكيل الحكومة وقانون الإنتخابات والوزارات السيادية إلخ.
وعون مطالب بتقديم أجوبة على هذه المواضيع خصوصا للرئيس بري والنائب فرنجية.
ثنائي فرنجية- بري ظاهريا يحبكون القصة بتفاصيلها وبأدق ملاحظاتها حتى لا تكون قفزة بالمجهول في حال قبلوا بخيار عون.
الإنطلاقة من عين التينة:
على الرغم من مختلف السيناريوهات الموضوعة والمتناقضة يبقى هناك ثابتتان مهمتان في الموضوع الرئاسي أولهما أن موضوع إنتخاب ميشال عون رئيسا أصبح على نار حامية والثاني أن الوصول لقصر بعبدا ضمن أي تسوية وسيناريو يجب أن يتم عبر موافقة وتسهيل عين التينة.