كادت الحركة السياسية تنحصر في نقطة واحدة، وعلى محور واحد وبقطب واحد، فيما تراجع إلى درجة بعيدة الاهتمام ما إذا كانت جلسة مجلس الوزراء ستعقد الخميس أم لا، مع ترجيح الاحتمال الثاني، أو ان المجلس النيابي سيلتئم بعد 22 تشرين الأوّل المقبل للتشريع الانتخابي، أو تشريع الضرورة، أو لتشريع دفع رواتب موظفي القطاع العام، أو تشريعات مالية لها علاقة باصدارات أو بمتطلبات دولية، لتجنب وضع لبنان على اللائحة السوداء في ما خص التهرب الضريبي، مع العلم ان المجلس سبق ان أقرّ في العام الماضي بعض القوانين على هذا الصعيد.
ولا مراء في ان جلسة مجلس الوزراء الخميس باتت مرتبطة بالجلسة 45 لانتخاب رئيس للجمهورية غداً الأربعاء، حيث اختفت تماماً الاستعدادات العونية بالنزول إلى الشارع، وتهيبت الحركات المطلبية حراجة الوضع والآمال المعقودة على إنتاج انفراج رئاسي، وسط اعصاب مشدودة، أو امنيات مبنية على مفاجآت وما يمكن ان تحمله الأيام الآتية من متغيرات أو انقلابات.
وعلى خلفية هذه الحركة الجارية والتوقعات بشأن الخيارات الممكن سلوكها، يحوم شبح أزمة آخذة بالظهور على خلفية المخاطر التي يمكن ان تنجم عن مواقف انقلابية أو تحولات لم تكن في حسبان قواعد تيّار «المستقبل» وكوادره، أو حتى أعضاء كتلة «المستقبل» التي تعد الكتلة الأكبر بين كتل المجلس النيابي الذي يتعين عليه انتخاب الرئيس العتيد.
والثابت، وفقاً لمعلومات «اللواء» ان الرئيس سعد الحريري الذي تتجه الأنظار إلى جولة المشاورات التي بدأها من بنشعي مساء أمس، يأخذ بعين الاعتبار واقع ما يمكن ان يترتب عن الذهاب إلى خيار لا يتفق كثيراً مع التعبئة أو الثقافة السياسية لدى بيئته السياسية والشعبية.
ووفقاً لهذه المعلومات، فإن الرئيس الحريري يُدرك أكثر من غيره, أن مثل هذه الخطوة ستشكل صدمة لقواعده الشعبية، وقد تثير من ردود الفعل والتداعيات في البيئة الحريرية، ما يزيد من حالة الوهن والإحباط التي تعاني منها هذه البيئة، منذ اضطر زعيمها لمغادرة البلد في ظروف أمنية ضاغطة.
ولاحظت صحيفة «عكاظ» السعودية ان ما نشرته عن «نية الرئيس الحريري الموافقة على ترشيح الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية أثارت ارتباكاً لدى نواب «المستقبل» وحلفائهم، كما انها أثارت حفيظة اللواء اشرف ريفي، وقوبلت بصمت من «حزب الله».
وقال ريفي لـ«عكاظ»: «نحن على وعي بالمشروع الإيراني في المنطقة، ولن يسمح لمرشحي حزب الله وإيران، أي سليمان فرنجية وميشال عون الوصول إلى سدة الرئاسة في لبنان»، مضيفاً: «سنقاتل حتى الرمق الأخير ولن نتساهل ابداً في هذه القضية»، مشدداً على انه لن يسمح بأن يحدث في بيروت ما حدث في العراق وصنعاء ودمشق، خاتماً: «سنكون مقاتلين شرسين للحفاظ على هويتنا اللبنانية والعربية».
ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا للصحيفة نفسها ان لا أحد من قوى 8 آذار يؤيد عون، كاشفاً بأن هناك معلومات تفيد بأن تيّار «المستقبل» حاول أن يؤيد عون للرئاسة، لكنه لم يسمع كلاماً مشجعاً من «حزب الله».
ولم يستبعد عضو كتلة الكتائب النائب فادي الهبر ان تؤدي «موافقة الحريري على انتخاب عون إلى اضعاف تيّار «المستقبل»، معتبراً ان المسألة ليست بيد الأطراف الداخلية، وأن الأمور بيد اللاعبين الاقليميين والدوليين».
جولة الحريري
على مسافة أقل من 48 ساعة، وفي توقيت ملفت، زار الرئيس الحريري بنشعي ليل أمس، وعقد لقاء وخلوة ثم عشاء مع رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي سبق ورشحه الرئيس الحريري لرئاسة الجمهورية، وشارك في هذا اللقاء مع الرئيس الحريري مدير مكتبه السيد نادر الحريري ومستشاره السياسي النائب السابق غطاس خوري. كما شارك إلى جانب النائب فرنجية نجله طوني ووزير الثقافة روني عريجي والوزير السابق يوسف سعادة والمحامي يوسف فنيانوس.
وجرى اللقاء في أجواء وصفت «بالودية» و«الصريحة»، وتناول وفقاً لبعض المصادر الحاجة الماسة لإنهاء الشغور الرئاسي، والثقة القائمة بين الطرفين، والعقبات التي واجهت ترشيح النائب فرنجية حتى من اقرب حلفائه في 8 آذار، لا سيما «حزب الله» الذي تمسك بترشيح النائب عون.
وأوضحت المصادر أن الرئيس الحريري حرص على أن يستهل جولته السياسية على أركان طاولة الحوار الوطني بزيارة فرنجية بهدف التشاور حول أنجع السبل لكسر حلقة «الستاتيكو» والخروج من دوّامة الانتظار والاهتراء، وذلك قبل التوجه الى مجلس النواب غداً الأربعاء.
ولم تشأ المصادر الكشف عن وجهة المحادثات بين الطرفين، لكنها استدركت قائلة أن النائب فرنجية أبدى تفهمه للاعتبارات التي سمعها من الرئيس الحريري والتي تركزت على كيفية الخروج من المأزق، خاصة وان الرئيس الحريري وكتلة «المستقبل» بذلت أقصى ما يمكن من جهود من أجل إنهاء الشغور الرئاسي، وعليه ان يبحث مع حلفائه في كيفية الخروج من هذا الوضع الذي لا يخدم مصلحة أحد.
وأكدت المصادر ان الرجلين اتفقا على توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات في سبيل انتخاب رئيس وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية.
ونفى عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«اللواء» أن يكون قد قضى أمر تأييد الرئيس الحريري للعماد عون. مشيراً إلى أن زيارة فرنجية في بنشعي كانت منتظرة، من ضمن الاستشارات التي يعتزم رئيس المستقبل اجراءها في كل الاتجاهات ولكل القيادات بما في ذلك الرئيس نبيه بري والرئيس أمين الجميل والنائب وليد جنبلاط وحتى للعماد عون شخصياً، في خصوص إنهاء الفراغ الرئاسي.
ولفت إلى أن «حزب الله» يشن حملة إعلامية مركزة بقصد إحراج الرئيس الحريري، من خلال الحاج وفيق صفا الذي تولى شخصيا، بحسب فتفت، الاتصال بوسائل إعلامية، وبينها محطة تلفزيون M.T.V التي روّجت مساء معلومات بأن الحريري أبلغ «حزب الله» تأييده ترشيح عون للرئاسة، ثم عمدت الى نفي الخبر بعد اتضاح الصورة للمحطة المذكورة، مؤكدة أن تيّار المردة مستمر بترشيح فرنجية.
وجزم فتفت بأن جلسة انتخاب الرئيس في 28 الجاري ستكون مثل سابقاتها، مرجحاً أن يترأس الرئيس الحريري اجتماع كتلة «المستقبل» اليوم، حيث يفترض أن يُبنى على الشيء مقتضاه، في ضوء مناقشات الكتلة والبيان الذي سيصدر عنها.
وبانتظار عودة وزير الصحة وائل أبو فاعور من الرياض، حيث من المفترض أن يكون التقى رئيس جهاز الاستخبارات السعودية اللواء خالد حميدان، فان اللقاءات ستشمل أركان الكتل بدءاً من الرئيس برّي الذي سيعيد على مسامع الرئيس الحريري رؤيته للتسوية المرتجاة للتفاهم على رئيس الجمهورية والحكومة وقانون الانتخاب والمرحلة المقبلة، قبل اجراء العملية الانتخابية.
وقال مصدر نيابي لـ«اللواء» أن مشاورات الحريري تهدف إلى استمزاج آراء القيادات التي سيلتقيها انطلاقاً من حرصه على الخروج من حالة الشغور الرئاسي.
وكان الرئيس الحريري التقى عشية ترؤسه اجتماع كتلة «المستقبل» اليوم رئيس الكتلة الرئيس فؤاد السنيورة وعدداً من نواب الكتلة للتباحث بالخطوات التي يزمع الإقدام عليها.
واستبعد المصدر أن يحسم ملف الانتخابات الرئاسية في جلسة الغد، لكنه قال لـ«اللواء» أن المفاجآت تبقى قائمة.
وكان لافتاً للانتباه تغريدة مُنسّق أمانة 14 آذار الدكتور فارس سعيد عندما توجه عبر «تويتر» إلى جميع الآذاريين قائلاً: «اذهبوا إلى النوم العميق، العماد عون لن ينتخب رئيساً، وتابعوا احداث حلب ومناظرة كلينتون - ترامب، ولا تضيّعوا اوقاتكم».
ومن جهتها، رجحت مصادر تكتل «الاصلاح والتغيير» أن يكون لقاء الحريري وعون من أجل اعطائه الجواب النهائي حول موضوعي الرئاسة وقانون الانتخاب، من دون الجزم بموعد اللقاء ومكان حصوله، أو المعطيات المتصلة بجواب الحريري لجهة ما إذا كان سلبياً أو ايجابياً.
لكن مصادر سياسية مطلعة، تخوفت من فشل الوصول إلى اتفاق لبناني - لبناني حول الاستحقاق الرئاسي بفعل العوامل الإقليمية والدولية المؤثرة والتي وصفتها «بالصعبة»، مشيرة إلى انها لا تعرف ما اذا كان المجال ما زال متاحاً للاتفاق بفعل الوضع السوري والخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا.
مجلس الوزراء
في هذا الوقت تكثّفت الاتصالات والمشاورات في السراي الحكومي لاستكمال المعطيات من أجل اتخاذ القرار المناسب لتحديد مصير عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس المقبل في ضوء المواقف المعلنة من قبل الوزراء الذين يؤيد بعضهم عقدها بينما يفضل البعض الاخر الانتظار لبعض الوقت لتنفيس الاحتقان العوني المتوقع زيادته خلال الايام المقبلة، ودعت مصادر السراي الى انتظار الساعات المقبلة لتحديد مسار الامور، معتبرة أن الجلسة في حال تقرر عقدها ليست في حاجة الى دعوة قبل 72 ساعة باعتبار أن جدول أعمالها مؤجل من جلسة الثامن من أيلول.
مصادر وزارية توقعت لـ«اللواء» أن تذهب الامور نحو المزيد من التصعيد، معتبرة أن القضية طويلة لايجاد الحل لها، مبدية تشاؤما حيال مسار المرحلة التي لا تبشر بالخير كما قالت، خصوصا إذا لم تحمل جلسة انتخاب الرئيس غدا الاربعاء أي منحى إيجابي باتجاه عون، معتبرة أن الأمور واضحة، كذلك في حال مارس وزير الدفاع سمير مقبل صلاحياته بالنسبة لتأجيل تسريح قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر عسكرية معنية بالملف أن تأجيل التسريح أصبح تحصيل حاصل واعتبرته بأنه أمر قانوني مئة في المئة، وهو من الصلاحيات العادية والطبيعية لوزير الدفاع التي ينص عليها قانون الدفاع.
وعن مصير رئيس الاركان اللواء وليد سلمان الذي تنتهي خدمته العسكرية نهاية الشهر الحالي اشارت المصادر الى أنه في حال لم يتم عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية الشهر ولم يتم تعيين بديل عنه، عندها يمكن أن يستدعي وزير الدفاع العميد سلمان من الاحتياط ويتم التمديد له ستة أشهر يمكن تجديدها كما حصل مع مدير المخابرات العميد أدمون فاضل في وقت سابق.
أزمة تصريف التفاح
نقابياً، وفيما تراجعت الهيئات الاقتصادية عن تحركها الاحتجاجي الخميس، ظهرت أزمة تصريف التفاح، حيث لم يعد المزارع اللبناني يأبه لوفرة انتاجه الزراعي أو للأوبئة التي قد تصيبه، بل بات تصريف ما انتجه الموسم من محاصيل همه الوحيد، والخوف مما قد يترتب عليه كساد المزروعات، من أعباء اقتصادية على العائلات التي تعتمد منتجات أراضيها باباً لرزقها، في حال بقيت معلقة على الأشجار او طريحة الأرض، بسبب غياب الدور الفاعل للدولة لإيجاد حلول جذرية لأزمات كالتي يعانيها مزارعو التفاح اليوم، الذين تعالت صرخاتهم منذ بداية الموسم، فلا عين رأتهم ولا أذن سمعتهم، اللهم الا بعض القرارات والاقتراحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ليبقى التفاح في الاراضي من دون سبل تصريفه، ولم يجد هؤلاء وسيلة سوى اللجوء الى قطع الطرقات، مثلما حصل امس على طريق جبيل - بيروت لبعض الوقت، مهددين بتصعيد آت بعد غد الخميس.
اللواء : الأعين على الحريري.. وأسئلة مقلِقة في بيئة المستقبل
اللواء : الأعين على الحريري.. وأسئلة مقلِقة في بيئة...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
301
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro