البلد غارق بالتكهنات ربطاً بعودة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الى بيروت، ويبدو أنّ سقفها الزمني مفتوح في ظل «تحصّن» الحريري خلف جدران الكتمان الشديد، وعدم كشف خريطة الطريق التي سيتحرّك على أساسها في اتجاه الاستحقاق الرئاسي. إلّا أنّ أحداً لا يملك الاجابة على سيل الاسئلة التي تتدحرج من مختلف المقرات والاوساط السياسية عمّا يحمله الحريري، وأيّ اتجاه رئاسي سيسلكه في الآتي من الايام، وأيهما سيختار في نهاية الطريق ميشال عون او سليمان فرنجية؟ والأهم السؤال عن موقف السعودية من الاستحقاق الرئاسي وما اذا كان قد شابَهُ تعديل او تغيير لناحية مباركة ترشيح هذا المرشح او ذاك؟
وعلى رغم الكلام الذي يقال هنا وهناك عن تباينات داخل تيار «المستقبل» ربطاً بالاستحقاق الرئاسي، وبإمكان التحوّل من فرنجية الى عون، إلّا انه وحتى الآن، وتبعاً للأجواء المحيطة بـ«بيت الوسط»، لم يبدر عن الحريري ما يؤشّر الى نزوله عن جواد مبادرته بترشيح فرنجية.
وفي وقت ما زالت بعض الاوساط في تيار «المستقبل» تؤكد انّ خيار الحريري قد حسم لصالح ترشيح عون، إنشَدّ البلد كله الى الصورة التي ظهرت في بنشعي أمس، والتي جمعت الحريري بالنائب فرنجية، والى جانبهما فريقي عملهما المؤلفين من الوزير روني عريجي، طوني فرنجية، الوزير السابق يوسف سعادة ويوسف فنيانوس، وفي المقابل نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري.
وقد جاءت هذه الصورة، من حيث مكانها وتوقيتها، لتحمل اكثر من مغزى ودلالة، خصوصاً انها الزيارة الاولى العلنية التي يقوم بها الحريري بعد عودته، وانها تجيب عن كل الاستفسارات والاسئلة التي اثيرت في الاجواء الداخلية، الا ان المحيطين بالرجلين حرصوا على مقاربة اللقاء بـ»ايجابية شكلية او كلامية» لا توحي بـ»إيجابية جدية او عميقة»، الامر الذي يفتح الباب على اسئلة كثيرة، خصوصاً حول مصير مبادرة الحريري بترشيح فرنجية.
وتبعاً لذلك، كان اللافت للانتباه عدم صدور تصريحات من الجانبين لا قبل اللقاء ولا بعده، بل اكتفيَا ببيان مشترك جاء بصياغة عامة لا تنطوي على أية اشارة الى مبادرة الحريري بترشيح فرنجية، بل ورد فيه «لبّى الرئيس سعد الحريري دعوة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الى منزله في بنشعي، وقد تركز البحث على الاستحقاق الرئاسي وكل السبل الآيلة الى ضرورة احقاقه، حيث كان هناك تطابق في وجهات النظر، واتفق الجانبان على ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع القوى السياسية كافة في سبيل انتخاب رئيس جمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية».
وفيما اكدت مصادر مطلعة على تفاصيل الاجتماع أن الاشارة الى تطابق في وجهات النظر تعكس ايجابية النقاش بين الطرفين، قرأت في عدم الاشارة الى تمسّك الحريري بترشيح فرنجية اشارة سلبية، تصب في المنحى الجديد الذي بدأ الحريري في انتهاجه بعد حواره الرئاسي مع عون.
واكتفت مصادر موثوقة في تيار «المردة» بالقول لـ«الجمهورية»: ما يمكن قوله هو أنّ سليمان بك مستمرّ في ترشيحه لرئاسة الجمهورية... وحلّلوا كما تريدون».
يشار إلى أنّ اللقاء استمرّ لأكثر من ثلاث ساعات ونصف تخلله عشاء تبودل خلاله نقاش هادئ وكلام ودّ ومجاملات واستعراض للواقع السياسي بكل تعقيداته بكل صراحة وودية وانفتاح. في الإجمال كانت الأجواء إيجابية على حدّ ما قال أحد المشاركين في اللقاء.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري دخل منذ عودته، في حركة اتصالات في اتجاهات داخلية مختلفة، تردد انها شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان يعقد لقاء لاحق بينهما في وقت لاحق، ورئيس الحكومة تمام سلام والنائب وليد جنبلاط وشخصيات قيادية في 14 آذار.
وفيما تؤشّر المناخات السائدة محلياً الى زخم كبير في الحركة السياسية في المرحلة المقبلة، علمت «الجمهورية» انّ جهات سياسية «صديقة» تعمل على خط إتمام لقاء بين عون وبري، وقد يتجلى ذلك بزيارة يقوم بها عون الى عين التينة في فترة غير بعيدة.
فيما تترقّب الرابية المآل الذي سترسو عليه مشاورات الحريري مع القوى السياسية، ولم تنفِ مصادرها وكذلك مصادر تيار المستقبل إمكان عقد لقاء بين الحريري والنائب ميشال عون في وقت قريب.
واكدت مصادر كتلة المستقبل لـ«الجمهورية» انّ الحريري سيجري مشاورات واسعة، وستشمل كل الاطراف، وسألت:
«نحن نتحاور مع «حزب الله»، وانطلاقاً من هذا الحوار لماذا سنرفض ان نتحاور مع الآخر وتحديداً مع النائب عون؟».
على انّ اللافت في كلام المصادر تأكيدها «انّ الحريري آت الى بلده، وهذا امر اكثر من عادي. وبالتالي، لا رابط بين توقيت عودة الحريري وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في 28 ايلول». وقالت: «هناك من يحاول تصوير عودة الحريري على غير مقصدها ويضعها في غير موقعها ويقاربها بطريقة لا علاقة لها بالواقع ابداً.
وهناك بعض آخر يقاربها وكأنّ الحريري كان منعزلاً في «صومعة» لفترة، ويفكر، ويدرس، الى ان توصّل الى قرار واتخذه. أبداً، المسألة ليست كذلك، فالرئيس الحريري لم يكن معزولاً، لا عن البلد، ولا عن الناس، ولا عن تيار المستقبل، ولا عن القوى السياسية الاخرى. وبالتالي ما يقوم به هو انه يستكمل الحوارات نفسها...».
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت عودة الحريري ستضع حداً لكل التكهنات التي حصلت طيلة هذه الفترة، او انها ستعطي زخماً للاستحقاق الرئاسي وما اذا كان هذا الاستحقاق لبنانياً، قالت المصادر: لا، لا علاقة لعودة الحريري بذلك، ثم انّ الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني، والرئيس الحريري في الخارج كان يتحدث بالملف الرئاسي مع الجميع.
لم توافق المصادر القائلين بأنّ امراً ما يطبخ جدياً في الكواليس حول رئاسة الجمهورية، وقالت: ما يطبخ هو ما كان يطبخ دائماً. فدائماً عند الحريري وتيار المستقبل وكتلة نواب المستقبل، سؤال أساسي ومركزي: كيف سنخرج من حالة الفراغ التي تدمّر البلد؟ وحتى اللحظة لا جواب.
ورداً على سؤال آخر، لفتت المصادر الانتباه الى «انّ كتلة المستقبل ملتزمة بقرار رئيسها، هي ورئيسها واحد، وهو لا يأخذ قراره بمعزل عنها، وعندما يُتخذ القرار في النهاية، فإنّ أعضاء الكتلة يلتزمون به».
وعندما سئلت المصادر عن ماهية هذا القرار، قالت: كما صدر في البيان الأخير لكتلة المستقبل، حتى هذه اللحظة، ما يزال موقفنا، وموقف الكتلة، هو تأييد ترشيح النائب فرنجية، والكتلة ستنزل الى مجلس النواب غداً، على أساس هذا الموقف.
وعمّا ينتظره عون من الحريري؟ قالت المصادر: مع عون او غيره، هناك نقاش حقيقي يجري في البلد، وضمن المستقبل، ومع القوى السياسية، حول كيفية الخروج من هذه الحالة، نحن حالياً نستكمل المشاورات والحوارات لنرى الي ايّ موقف سنصل.
وهل هناك تبدّل في موقف الحريري رئاسياً لناحية ترشيح عون؟ قالت المصادر: حتى الآن ليس هناك اي تغيير، ولا يعرف المكان الذي ستصل اليه المشاورات الجارية سواء في النقاش الداخلي او النقاش مع الاطراف السياسية الاخرى. الأمور ستأخذ وقتها ولا نعرف الى اين ستصل بكل صراحة.
وهل ستصل جلسة 28 ايلول الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ قالت مصادر كتلة المستقبل: يحصل ذلك اذا حصلت مفاجأة ونزل «حزب الله» الى الجلسة، لكننا لا نعتقد ابداً انّ النصاب سيؤمّن كالعادة.
الى ذلك، يطيح النصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة غداً ويُلحِقها بسابقاتها، ويُرحَّل الانتخاب الى موعد آخر، ويمر التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي خلال اليومين المقبلين بشكل إنسيابي بقرار من وزير الدفاع ومن خارج مجلس الوزراء الذي بات محسوماً انه لن يعقد جلسة بعد غد. بعدما قرر الرئيس تمام سلام عدم توجيه الدعوة لعقد الجلسة وأبلغ القوى المكونة للحكومة بذلك على ان تستأنف جلسات مجلس الوزراء الخميس ما بعد المقبل، لدرس ما يسمّى «بنود الضرورة».
واكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ الجلسة المقبلة ستعقد بشكل طبيعي، خصوصاً انّ مكوّناتها - ما خلا وزراء التيار الوطني الحر- قد التزمت بحضورها. وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» انه تبلّغ من وزير الثقافة ممثل تيار المردة في الحكومة روني عريجي بأنه سيلبّي اية دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء متى وجّهت اليه.
وعبّرت مصادر سلام عن استيائها من وضع الحكومة، وقالت: الحكومة تعيش أسوأ ايامها وليس هناك من داع للوصول الى ما هو أسوأ. فكل التعهدات السابقة بتوفير الحد الأدنى من التضامن الحكومي تبخّرت ولم تعد متوافرة. وهناك مَن نكث بالعهود التي قطعت وتمّ تجاوزها لأسباب شخصية لا تمتّ الى المصلحة الوطنية بصِلة.
امّا الرئيس سلام فلن يتراجع عمّا تعهّد به ايّاً كانت الكلفة الشخصية لأنها ليست مهمة قياساً على الكلفة الوطنية الشاملة التي تطال لبنان واللبنانيين ومؤسسات البلد المهددة بالسقوط او الشلل في اي وقت، وانّ على الجميع التنبّه الى مخاطر هذه السياسات وانعكاساتها على الوضع الداخلي وعلاقات لبنان بالخارج. وقالت مصادر سلام إنّ رئيس الحكومة ماض في تحمّل مسؤولياته الى النهاية، وهذه المسؤوليات لن يضع حداً لها او يحددها سوى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية في أقرب وقت ممكن...
على صعيد آخر، وفي ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء بعد غد، بات محسوماً انّ قرار التمديد سنة اضافية لقائد الجيش سيصدر عن وزير الدفاع سمير مقبل في الساعات المقبلة، وهذا الامر كان مدار بحث خلال زيارة مقبل لرئيس الحكومة أمس، امّا بالنسبة الى رئيس الأركان فليس هناك أيّ إشكال حول موضوعه اذ انّ هناك مخرجاً قد تمّ التوصّل اليه وسيعلن في حينه ويصبّ في مصلحة بقاء رئيس الاركان في موقعه.
من جهة ثانية، بات محسوماً انّ الرئيس بري سيدعو الى جلسة تشريعية لأمور شديدة الضرورة والالحاح كما قال، بعد افتتاح العقد العادي الثاني لمجلس النواب في 18 تشرين الاول المقبل. الا انه استبعد ان يكون القانون الانتخابي على جدول اعمالها.
واستبعدت مصادر وزارية تَوصّل الافرقاء السياسيين الى اتفاق على قانون انتخاب جديد، متوقعة ان تجرى الانتخابات في الربيع المقبل على أساس قانون الستين النافذ، أللهم الّا اذا حصل اتفاق على قانون انتخابي ضمن صفقة يتمّ بموجبها انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتقول هذه المصادر انّ موضوع السلة ينبغي ان يستبدل بتفاهمات وطنية لأنّ الموضوع مختلف تماماً الآن عمّا كان عليه وأدى الى انعقاد مؤتمر الدوحة الذي أقرّت فيه سلة حلول.
ورأت انّ الخوف من تعثّر اختيار رئيس الحكومة المقبلة وتشكيلها قد لا يكون في محله، خصوصاً اذا انتخب عون رئيساً وكلّف الحريري تأليف الحكومة، لأنهما بثقلهما كلّ في الفريق الذي ينتمي اليه يستطيعان تجاوز ايّ عقبات من شأنها ان تعوق تأليف الحكومة.
وفي اعتقاد المصادر الوزارية نفسها انّ تأليف حكومة خالية من المرشحين للانتخابات ربما يكون الخيار الاسلم لإمرار الانتخابات على ان تتألف الحكومة السياسية الفعلية بعد انتخاب المجلس النيابي الجديد.
أزمة التفاح
على مستوى التحركات المطلبية، شهدت أزمة التفاح امس تطوراً تصعيدياً تمثّل بقطع المزارعين المتضررين الطريق الساحلية في جبيل باتجاه بيروت احتجاجاً على عدم تصريف إنتاجهم، حيث أوحت اجواء التحرّك بمزيد من التصعيد في الايام المقبلة، بعدما هدد المعتصمون بالانتقال الى بيروت. وقد وضع المزارعون صناديق التفاح في وسط الأوتوستراد ووزعوا التفاح على المارة.
وفي وقت ما زالت بعض الاوساط في تيار «المستقبل» تؤكد انّ خيار الحريري قد حسم لصالح ترشيح عون، إنشَدّ البلد كله الى الصورة التي ظهرت في بنشعي أمس، والتي جمعت الحريري بالنائب فرنجية، والى جانبهما فريقي عملهما المؤلفين من الوزير روني عريجي، طوني فرنجية، الوزير السابق يوسف سعادة ويوسف فنيانوس، وفي المقابل نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري.
وقد جاءت هذه الصورة، من حيث مكانها وتوقيتها، لتحمل اكثر من مغزى ودلالة، خصوصاً انها الزيارة الاولى العلنية التي يقوم بها الحريري بعد عودته، وانها تجيب عن كل الاستفسارات والاسئلة التي اثيرت في الاجواء الداخلية، الا ان المحيطين بالرجلين حرصوا على مقاربة اللقاء بـ»ايجابية شكلية او كلامية» لا توحي بـ»إيجابية جدية او عميقة»، الامر الذي يفتح الباب على اسئلة كثيرة، خصوصاً حول مصير مبادرة الحريري بترشيح فرنجية.
وتبعاً لذلك، كان اللافت للانتباه عدم صدور تصريحات من الجانبين لا قبل اللقاء ولا بعده، بل اكتفيَا ببيان مشترك جاء بصياغة عامة لا تنطوي على أية اشارة الى مبادرة الحريري بترشيح فرنجية، بل ورد فيه «لبّى الرئيس سعد الحريري دعوة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الى منزله في بنشعي، وقد تركز البحث على الاستحقاق الرئاسي وكل السبل الآيلة الى ضرورة احقاقه، حيث كان هناك تطابق في وجهات النظر، واتفق الجانبان على ضرورة توسيع مروحة الاتصالات والمشاورات مع القوى السياسية كافة في سبيل انتخاب رئيس جمهورية وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية».
وفيما اكدت مصادر مطلعة على تفاصيل الاجتماع أن الاشارة الى تطابق في وجهات النظر تعكس ايجابية النقاش بين الطرفين، قرأت في عدم الاشارة الى تمسّك الحريري بترشيح فرنجية اشارة سلبية، تصب في المنحى الجديد الذي بدأ الحريري في انتهاجه بعد حواره الرئاسي مع عون.
واكتفت مصادر موثوقة في تيار «المردة» بالقول لـ«الجمهورية»: ما يمكن قوله هو أنّ سليمان بك مستمرّ في ترشيحه لرئاسة الجمهورية... وحلّلوا كما تريدون».
يشار إلى أنّ اللقاء استمرّ لأكثر من ثلاث ساعات ونصف تخلله عشاء تبودل خلاله نقاش هادئ وكلام ودّ ومجاملات واستعراض للواقع السياسي بكل تعقيداته بكل صراحة وودية وانفتاح. في الإجمال كانت الأجواء إيجابية على حدّ ما قال أحد المشاركين في اللقاء.
وعلمت «الجمهورية» أنّ الحريري دخل منذ عودته، في حركة اتصالات في اتجاهات داخلية مختلفة، تردد انها شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان يعقد لقاء لاحق بينهما في وقت لاحق، ورئيس الحكومة تمام سلام والنائب وليد جنبلاط وشخصيات قيادية في 14 آذار.
وفيما تؤشّر المناخات السائدة محلياً الى زخم كبير في الحركة السياسية في المرحلة المقبلة، علمت «الجمهورية» انّ جهات سياسية «صديقة» تعمل على خط إتمام لقاء بين عون وبري، وقد يتجلى ذلك بزيارة يقوم بها عون الى عين التينة في فترة غير بعيدة.
فيما تترقّب الرابية المآل الذي سترسو عليه مشاورات الحريري مع القوى السياسية، ولم تنفِ مصادرها وكذلك مصادر تيار المستقبل إمكان عقد لقاء بين الحريري والنائب ميشال عون في وقت قريب.
واكدت مصادر كتلة المستقبل لـ«الجمهورية» انّ الحريري سيجري مشاورات واسعة، وستشمل كل الاطراف، وسألت:
«نحن نتحاور مع «حزب الله»، وانطلاقاً من هذا الحوار لماذا سنرفض ان نتحاور مع الآخر وتحديداً مع النائب عون؟».
على انّ اللافت في كلام المصادر تأكيدها «انّ الحريري آت الى بلده، وهذا امر اكثر من عادي. وبالتالي، لا رابط بين توقيت عودة الحريري وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في 28 ايلول». وقالت: «هناك من يحاول تصوير عودة الحريري على غير مقصدها ويضعها في غير موقعها ويقاربها بطريقة لا علاقة لها بالواقع ابداً.
وهناك بعض آخر يقاربها وكأنّ الحريري كان منعزلاً في «صومعة» لفترة، ويفكر، ويدرس، الى ان توصّل الى قرار واتخذه. أبداً، المسألة ليست كذلك، فالرئيس الحريري لم يكن معزولاً، لا عن البلد، ولا عن الناس، ولا عن تيار المستقبل، ولا عن القوى السياسية الاخرى. وبالتالي ما يقوم به هو انه يستكمل الحوارات نفسها...».
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت عودة الحريري ستضع حداً لكل التكهنات التي حصلت طيلة هذه الفترة، او انها ستعطي زخماً للاستحقاق الرئاسي وما اذا كان هذا الاستحقاق لبنانياً، قالت المصادر: لا، لا علاقة لعودة الحريري بذلك، ثم انّ الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني، والرئيس الحريري في الخارج كان يتحدث بالملف الرئاسي مع الجميع.
لم توافق المصادر القائلين بأنّ امراً ما يطبخ جدياً في الكواليس حول رئاسة الجمهورية، وقالت: ما يطبخ هو ما كان يطبخ دائماً. فدائماً عند الحريري وتيار المستقبل وكتلة نواب المستقبل، سؤال أساسي ومركزي: كيف سنخرج من حالة الفراغ التي تدمّر البلد؟ وحتى اللحظة لا جواب.
ورداً على سؤال آخر، لفتت المصادر الانتباه الى «انّ كتلة المستقبل ملتزمة بقرار رئيسها، هي ورئيسها واحد، وهو لا يأخذ قراره بمعزل عنها، وعندما يُتخذ القرار في النهاية، فإنّ أعضاء الكتلة يلتزمون به».
وعندما سئلت المصادر عن ماهية هذا القرار، قالت: كما صدر في البيان الأخير لكتلة المستقبل، حتى هذه اللحظة، ما يزال موقفنا، وموقف الكتلة، هو تأييد ترشيح النائب فرنجية، والكتلة ستنزل الى مجلس النواب غداً، على أساس هذا الموقف.
وعمّا ينتظره عون من الحريري؟ قالت المصادر: مع عون او غيره، هناك نقاش حقيقي يجري في البلد، وضمن المستقبل، ومع القوى السياسية، حول كيفية الخروج من هذه الحالة، نحن حالياً نستكمل المشاورات والحوارات لنرى الي ايّ موقف سنصل.
وهل هناك تبدّل في موقف الحريري رئاسياً لناحية ترشيح عون؟ قالت المصادر: حتى الآن ليس هناك اي تغيير، ولا يعرف المكان الذي ستصل اليه المشاورات الجارية سواء في النقاش الداخلي او النقاش مع الاطراف السياسية الاخرى. الأمور ستأخذ وقتها ولا نعرف الى اين ستصل بكل صراحة.
وهل ستصل جلسة 28 ايلول الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ قالت مصادر كتلة المستقبل: يحصل ذلك اذا حصلت مفاجأة ونزل «حزب الله» الى الجلسة، لكننا لا نعتقد ابداً انّ النصاب سيؤمّن كالعادة.
الى ذلك، يطيح النصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة غداً ويُلحِقها بسابقاتها، ويُرحَّل الانتخاب الى موعد آخر، ويمر التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي خلال اليومين المقبلين بشكل إنسيابي بقرار من وزير الدفاع ومن خارج مجلس الوزراء الذي بات محسوماً انه لن يعقد جلسة بعد غد. بعدما قرر الرئيس تمام سلام عدم توجيه الدعوة لعقد الجلسة وأبلغ القوى المكونة للحكومة بذلك على ان تستأنف جلسات مجلس الوزراء الخميس ما بعد المقبل، لدرس ما يسمّى «بنود الضرورة».
واكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ الجلسة المقبلة ستعقد بشكل طبيعي، خصوصاً انّ مكوّناتها - ما خلا وزراء التيار الوطني الحر- قد التزمت بحضورها. وقالت مصادر سلام لـ«الجمهورية» انه تبلّغ من وزير الثقافة ممثل تيار المردة في الحكومة روني عريجي بأنه سيلبّي اية دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء متى وجّهت اليه.
وعبّرت مصادر سلام عن استيائها من وضع الحكومة، وقالت: الحكومة تعيش أسوأ ايامها وليس هناك من داع للوصول الى ما هو أسوأ. فكل التعهدات السابقة بتوفير الحد الأدنى من التضامن الحكومي تبخّرت ولم تعد متوافرة. وهناك مَن نكث بالعهود التي قطعت وتمّ تجاوزها لأسباب شخصية لا تمتّ الى المصلحة الوطنية بصِلة.
امّا الرئيس سلام فلن يتراجع عمّا تعهّد به ايّاً كانت الكلفة الشخصية لأنها ليست مهمة قياساً على الكلفة الوطنية الشاملة التي تطال لبنان واللبنانيين ومؤسسات البلد المهددة بالسقوط او الشلل في اي وقت، وانّ على الجميع التنبّه الى مخاطر هذه السياسات وانعكاساتها على الوضع الداخلي وعلاقات لبنان بالخارج. وقالت مصادر سلام إنّ رئيس الحكومة ماض في تحمّل مسؤولياته الى النهاية، وهذه المسؤوليات لن يضع حداً لها او يحددها سوى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية في أقرب وقت ممكن...
على صعيد آخر، وفي ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء بعد غد، بات محسوماً انّ قرار التمديد سنة اضافية لقائد الجيش سيصدر عن وزير الدفاع سمير مقبل في الساعات المقبلة، وهذا الامر كان مدار بحث خلال زيارة مقبل لرئيس الحكومة أمس، امّا بالنسبة الى رئيس الأركان فليس هناك أيّ إشكال حول موضوعه اذ انّ هناك مخرجاً قد تمّ التوصّل اليه وسيعلن في حينه ويصبّ في مصلحة بقاء رئيس الاركان في موقعه.
من جهة ثانية، بات محسوماً انّ الرئيس بري سيدعو الى جلسة تشريعية لأمور شديدة الضرورة والالحاح كما قال، بعد افتتاح العقد العادي الثاني لمجلس النواب في 18 تشرين الاول المقبل. الا انه استبعد ان يكون القانون الانتخابي على جدول اعمالها.
واستبعدت مصادر وزارية تَوصّل الافرقاء السياسيين الى اتفاق على قانون انتخاب جديد، متوقعة ان تجرى الانتخابات في الربيع المقبل على أساس قانون الستين النافذ، أللهم الّا اذا حصل اتفاق على قانون انتخابي ضمن صفقة يتمّ بموجبها انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتقول هذه المصادر انّ موضوع السلة ينبغي ان يستبدل بتفاهمات وطنية لأنّ الموضوع مختلف تماماً الآن عمّا كان عليه وأدى الى انعقاد مؤتمر الدوحة الذي أقرّت فيه سلة حلول.
ورأت انّ الخوف من تعثّر اختيار رئيس الحكومة المقبلة وتشكيلها قد لا يكون في محله، خصوصاً اذا انتخب عون رئيساً وكلّف الحريري تأليف الحكومة، لأنهما بثقلهما كلّ في الفريق الذي ينتمي اليه يستطيعان تجاوز ايّ عقبات من شأنها ان تعوق تأليف الحكومة.
وفي اعتقاد المصادر الوزارية نفسها انّ تأليف حكومة خالية من المرشحين للانتخابات ربما يكون الخيار الاسلم لإمرار الانتخابات على ان تتألف الحكومة السياسية الفعلية بعد انتخاب المجلس النيابي الجديد.
أزمة التفاح
على مستوى التحركات المطلبية، شهدت أزمة التفاح امس تطوراً تصعيدياً تمثّل بقطع المزارعين المتضررين الطريق الساحلية في جبيل باتجاه بيروت احتجاجاً على عدم تصريف إنتاجهم، حيث أوحت اجواء التحرّك بمزيد من التصعيد في الايام المقبلة، بعدما هدد المعتصمون بالانتقال الى بيروت. وقد وضع المزارعون صناديق التفاح في وسط الأوتوستراد ووزعوا التفاح على المارة.