ما إن يمر عام على حلب، إلا وكانت فصوله شاهدة على واقع مأساوي يعيشه السوريون تحت وطأة القصف والدمار والقتال، ما جعل المدينة تسطر في التاريخ الحديث واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية.
حتى صيف 2011 كانت حلب تشهد بعض المظاهرات السريعة والخاطفة، التي تخرج في الأحياء لعدة دقائق قبل أن تنفض، ما زاد من القبضة الأمنية والقمع،وذلك مع تزايد أعداد الميليشيات الموالية للقوات الحكومية، الذين بدأوا يبطشون بكل من يشتبه في خروجه بهذه المظاهرات.
ومع بدايات فبراير 2012 بدأ الحراك الحلبي في التسلح، ومن ريف حلب دخلت كتائب الجيش الحر المقاتلة إلى بعض أحياء المدينة، ورغم ذلك استمرت سيطرة القوات الحكومية على حلب.
وفي 20 يوليو 2012، اندلعت معركة حلب بقيادة لواء التوحيد وقائده عبدالقادر الصالح ، وتمكنوا بعد سلسلة من العمليات العسكرية من دفع القوات الحكومية إلى الجهة الجنوبية والغربية من المدينة، أي إلى أحياء الحمدانية وحلب الجديدة وأجزاء من حي صلاح الدين.
وتمكن المعارضون من فرض سيطرتهم على القسم الشرقي من المدينة، والذي يشمل مستشفى العيون ومساكن هنانو وأنصار الشرقي والشعّار والقاطرجي وقاضي عسكر ودوار جسر الحج والفردوس والسكري.
ومنذ ذلك الحين، بدأت معاناة أهالي حلب حتى الآن، حيث باتت حلب الشرقية تحت رحمة البراميل المتفجرة والصواريخ "أرض-أرض"، التي تنهال على رؤوس السكان يوميا من جهة القوات الحكومية، بالإضافة إلى هيمنة الأحكام الصادرة عن الهيئات الشرعية التابعة للكتائب المسلحة.
حتى عمليات النهب باتت "شرعية"، أما خط الجبهة، فلا يتاح انتقال المدنيين عبره إلا من خلال معبر بستان القصر والواقع بين حلب الشرقية والغربية، ويزخر بقصص مأساوية تتكرر يوميا.
وفي يناير 2014، حاصر تنظيم داعش مقاتلي المعارضة المسلحة في شرق حلب عند المدينة الصناعية، كما حاولت القوات الحكومية أيضا الدخول من شرق حلب، أثناء انعقاد ما كان يعرف بمحادثات "جينف 2".
وفي أبريل 2014، هددت فصائل المعارضة، المتحدة تحت مسمى "غرفة عمليات أهل الشام" بحصار القسم الغربي من مدينة حلب، الذي تسيطر عليه الحكومة السورية وهددت بقطع المياه والكهرباء وقطع خطوط الإمداد.
وفي مايو 2014، قام الجيش السوري مدعوما بقوات ميلشيا "الدفاع الوطني" بكسر الحصار عن سجن حلب المركزي، بعد 13 شهرا من الحصار.
وقد فشل أي طرف من الاطراف في السيطرة على كامل حلب، التي باتت مقسمه شرقا وغربا طوال السنوات الأربع الماضية، حتى تمكن الجيش السوري من إحكام الحصار على حلب من خلال السيطرة على طريق الكاستيلو قبل شهرين.
وكسرت المعارضة الحصار في الجنوب بالراموسة لمدة شهر تقريبا، ثم عاد الجيش للسيطرة على الراموسة محكما الحصار عليها، ليبدأ الآن عملية قصف وتمشيط في أحياء حلب الشرقية تمهيدا للسيطرة عليها من جديد لأول مرة منذ 4 سنوات.
المصدر : سكاي نيوز عربي