"خطأ طبي ارتُكب، وتيا الضحية، حقنة قتلتها وهم يتحججون بجرثومة، اي جرثومة هذه؟ لو اصيبت بالسرطان لما كانت توفيت بظرف يومين!". لسان حال الجميع من اقرباء واهل الطفلة تيا محمود رنو، ابنة بلدة الفوار- صيدا البالغة من العمر ثماني سنوات ونصف والتي توفيت يوم الجمعة الفائت في قسم الطوارئ في مستشفى غسان حمود جراء خطأ طبي وفقاً لرواية العائلة التي قابلتها رواية اخرى مغايرة تماماً وتشير الى ان سبب الوفاة جرثومة وتخمج دموي. وازاء هذا الوضع أوعز وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور بفتح تحقيق فوري بالحادثة، واستدعى اهل الطفلة والطبيب خليل زكريا الاوسطه (اختصاصي اطفال وحديثي الولادة) الى الوزارة غداً قرابة الساعة التاسعة والنصف للاستماع الى رواية كل طرف.
هو موقف يُفسر حجم الانزعاج وربما غضب العائلة التي لم تستوعب حتى الساعة حجم الكارثة التي اصابتها بين ليلة وضحاها وسقطت على رأس اب وام مفجوعان على خسارة من يرون النور والحياة في ابتسامتها المشرقة. فالاب، مفجوع تخونه الكلمات والدموع والآهات النابعة من حرقة قلب ابٍ يعد الدقائق والثواني للقاء "غنوجته" واحتضانها ولكن في الحياة الاخرى حيث البداية لا النهاية، اما انجلا امٌ ثكلى لن تبصر عيناها مجدداً فراشتها الحبيبة ولن يدوي في اذنها بعد اليوم صدى ضحكات طفتلها الذي كان يُلعلع في ارجاء المنزل. تيا الطفلة المُدللة باتت الآن جثة ترقد تحت التراب وتبحث ببرائتها عن متنفس لها في الحياة الاخرى.
الانفعال الشديد سيد الموقف، ولعل موتها السريع والظروف الغامضة التي رافقته بحسب والدها يُفسر ردود الفعل تلك من جهة والاعتصام السلمي الذي نفذته العائلة لمدة قصيرة امام المستشفى كاشفين عن خطوات تصعيدية ستلي الاعتصام بدءاً من يوم غد من جهة اخرى. في حين تناقلت بعض وسائل الاعلام خبراً مفاده ان عائلة الطفلة حطمت زجاج المستشفى بعد ساعات من انتهاء الاعتصام لكن الادارة سرعان ما نفت صحة هذه الاخبار.
محمود، الوالد الثاكل يروي تفاصيل مصرع طفلته ورحلة الموت التي عاشتها بفترة اقل من 48 ساعة، شارحاً ما جرى معها في حديث لموقع لـ"ليبانون ديبايت" بالتفصيل، ويقول: "منذ 6 ايام وتحديداً يوم الثلاثاء الفائت ارتفعت حرارة تيا بشكل مفاجئ، ما دفعنا الى الاتصال بطبيبها الاوسطه واضطلاعه على حالتها فطلب منا احضارها في اليوم الثاني اي الاربعاء الى عيادته لفحصها".
ووفقاً لرواية الوالد، وصف الاوسطة لتيا 3 حقن لمدة ثلاثة ايام، كل يوم حقنة الا ان حالتها الصحية سرعان ما تدهورت ومن الحقنة الاولى. ويضيف:" بعد كشف الطبيب عليها، توجهنا الى الصيدلية حيث تم وخزها بالابرة لنعود ادراجنا الى المنزل آملين ان تتحسن حالتها لكن الورم بدأ يظهر في كل جسدها والحساسية تمتد من خلف اذنها الى كافة انحاء جسمها حتى وصل الامر بها الى عدم القدرة على السير، الحركة والتنفس".
ويكمل حديثه بغصة :"صراخ تيا ملأ المنزل، فسارعت بالاتصال بالاوسطة الذي طلب مني نقلها فوراً الى مستشفى حمود. أدخلتها لكنه لم يحضر الا في صباح اليوم الثاني في حين كان في انتظارها فريق من الاطباء قيل انه استدعاهم"، وبحسب اقوال محمود نقل الاوسطة الطفلة الى غرفة اخرى لاجراء بعض الفحوصات اللازمة واعطائها حقنة في ظهرها ضد "السحايا" بعد حقنة البنج واذ بحالتها تسوء كلياً ليبلغني الطبيب بضرورة نقلها فوراً الى غرفة العناية الفائقة فوضعها ليس بخير، ويعتبر محمود ان العائلة وقعت ضحية عملية كذب ممنهجة حيكت ضدهم وبدأت الروايات تتعدد والنتيجة واحدة شمعة آل رنو انطفت باكراً دون ان يفارق لسانها اسم والدها ووالدتها حتى وهي تلفظ انفاسها الاخيرة على فراش الموت.
ويكشف الوالد المفجوع برحيل فراشته الجميلة كما يصفها، انها اصيبت بفشل في الكلى والرئتين، التهابات في معدتها وعجز عن البول حتى بكمية لا تُذكر ما استدعى الى شق معدتها وادخال انابيب، حتى ان الورم ضرب رقبتها وبدأ يكبر ويكبر لتصبح بمستوى ذقنها وبدأت تعاني من قصور كامل في جميع وظائف جسمها وانخفض معدل ضغط الدم الى درجتين مع ارتفاع في الحرارة حتى ان لونها ازرق، كل هذه العوارض بيومين. اما السبب فهو جرثومة انتشرت في رأس ودم تيا وفتكت بها بعد ان تسببت بكل هذه الاشتراكات وفقاً لاقوال الطبيب وادارة المستشفى التي تؤكد انه لم يرتكب اي خطأ طبي كما اشيع.
وتعليقاً على السبب الذي عزت به المستشفى اسباب وفاة ابنته، قال:" جرثومة بدنا نحاربها، ثلاث كلمات رددها الطبيب على مسامعي لكنني استغرب طبيعة هذه الجرثومة التي تفتك بانسان فقط بيومين، لو معها سرطان ما بتموت بـ30 ساعة!"، ويضيف:" قيل ان الفحوصات التي اجريت لتحديد نوع الجرثومة وسبب الوفاة الحقيقي لم تصدر نتيجتها آنذاك وهي تحتاج 48 ساعة كما انها سترسل الى فرنسا، واليوم بعد مرور 6 ايام، حددت نوع الجرثومة ام ماذا؟". ويذكر انه طلب من طبيبها قبل الوفاة بيوم ان ينقلها الى مستشفى اخر وتحديداً اوتيل ديو لكنه رفض ذلك مؤكداً ان ستموت في حال نقلت".
الى ذلك لمح محمود في سياق حديثه الى حادثة جرت معه داخل المستشفى تتعلق بالمستحقات المالية المتوجبة عليهم، ويقول:" بعد الوفاة طلبت من ادارة المستشفى فاتورة بالحساب لدفعه والمغادرة، فكان الجواب:" خدها وروح هلق"، ويتابع: "استغربت في بادئ الامر فمن المعروف ان مستشفى حمود او اي مستشفى اخرى لا تخرج مريض او حتى ميت دون تسديد الفواتير، قمت بمراسم الدفن وعدت لاحقاً الى المستشفى طالباً التقرير الطبي والحساب وبما انني فلسطيني الجنسية تكفلت الاونروا بجزء كبير من المبلغ لادفع بدوري ما تبقى من الحساب وقدره 5 ملايين".
وعليه، تعتبر العائلة المفجوعة ان خطأ طبياً اودى بحياة طفلتهم التي شُرِحت وهي حية كما ردد والدها مراراً، اذ قال :" تيا شرحوها هي وعايشة، عملو فحوصات كتر خيرن واجبن بس هلكوها ما خلوها ترتاح، شرحوها. ويكرر جملته:" لو معها سرطان ما بتموت هيك".
ليبانون ديبايت