لا يبدو أن الدخان الأبيض سيتصاعد من مدخنة المجلس النيابي خلال الجلسة القادمة في الثامن والعشرين من شهر أيلول الجاري والمخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وقد لا تختلف عن سابقاتها الأربعة والأربعين في عدم اكتمال النصاب مع عدم توافق محلي بين كافة الأطراف الداخلية على اسم رئيس وتفاقم الواقع الإقليمي وخصوصًا ما يتعلق بالوضع السوري وتوسيع مساحة الخلاف بين الدولتين المعنيتين بازمات المنطقة إيران والسعودية والهزة التي ضربت التفاهم الروسي الأميركي حول الهدنة في سوريا بعد الضربة الجوية الأميركية على مواقع عسكرية لجيش النظام السوري في منطقة ديرالزور وأودت بحياة ما يقارب المئة جندي سوري واضعافهم من الجرحى، وإصرار القيادة العسكرية الأميركية على أن هذه الضربة جاءت بالخطأ، لعدم توافر معلومات أمنية ومخابراتية دقيقه تسهل مهمة الطائرات الحربية الأميركية المغيرة تمكنها من التمييز بين مواقع داعش ومواقع جيش النظام السوري، فضلت طريقها واخطأت الهدف.
وبالتزامن فإن كل السياسيين اللبنانيين لا يتوقعون اكتمالا لنصاب الجلسة القادمة فإنهم يختلفون حول تحديد الجهة المسؤولة عن تعطيل العملية الديمقراطية لانتخاب رئيس للبلاد ينهي الشغور الرئاسي ولوضع حد للأنهيارات التي يتعرض لها البلد جراء الأزمات التي تعصف فيه وتتزايد يوما بعد يوم وتصيب مختلف القطاعات الأمنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والمعيشة.
التيار الوطني الحر فقط يمتلك منسوبا كبيرا من التفاؤل إذ أن المعلومات التي تصدر عن الرابية تشير إلى أن التيار لا يزال يحافظ على تفاؤله، وربما يعود ذلك لأعطاء نفسه هامشا كبيرا للتصعيد إذا لم يتم فرض زعيم التيار العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في الجلسة المقبلة.
أما حليف العماد عون حزب الله فإنه ورغم موقفه المعلن المؤيد له والمصر على ترشيحه دون غيره. لكنه في حساباته الخاصة ليس متحمسا لإجراء انتخابات رئاسية، بل أنه يضع العراقيل للحؤول دون إجرائها في المواقيت التي تحدد لهذه الغاية.
لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن حزب الله يمتلك هامشا كبيرا من الحرية في قراره السياسي، فهو يخضع لتوجهات السياسة الإيرانية في المنطقة. ويعمل على تنفيذ أجندتها الإقليمية في الأزمات المنخرطة فيها ابتداءًا من لبنان وصولا إلى اليمن مرورا بسوريا والعراق. وبالتالي فإن إيران لا ترى اي مصلحة لها في الظروف التي يمر فيها الشرق الأوسط وخصوصا في صراعها مع السعودية أي مبرر لتقديم ورقة مجانية هي ورقة إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان بغض النظر عما إذا كان الرئيس الجديد متوافقًا مع سياساتها او معارضا لها.
وحزب ألله بات على قناعة بضرورة ارجاء الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد الأنتخابات الرئاسية الأميركية، ونضوج التسوية في سوريا باعتبار أن لبنان سيتأثر حكما بأي متغيرات ستحصل في جواره السوري، ذلك أن حزب الله لو أراد انتخاب عون فعلا ويرى مصلحة له في ذلك لكان طلب من سليمان فرنجية الإنسحاب، ومن الرئيس نبيه بري تليين موقفه. علما أن إكتمال النصاب مؤمن لانتخاب عون بدون موافقة تيار المستقبل، إلا أن الحزب والتزاما منه بالقرار الإيراني فإنه يعارض وصول رئيس الى بعيدا على الأقل في المدى المنظور.
وأما الحديث عن ملازمة انتخاب العماد ميشال عون مع وصول الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة فإن حزب الله يرفقها بشروط يقيد فيها الحريري، فيما تيار المستقبل لا يرى مبررا للاستغناء عن مرشحه سليمان فرنجية الذي يقدم للحريري تسهيلات أكثر من تلك التي يقدمها عون، علمًا بأن فرنجية بات يرفض التنازل لعون إذ أنه يجد نفسه الأوفر حظا للوصول إلى الرئاسة مع إدراكه بأن أكثرية المكونات السياسية غير متحمسة لانتخاب عون، والتسوية الإقليمية قد تأتي لمصلحته.
في ظل هذا المناخ المحلي والخارجي فإن العماد ميشال عون مستمر في التصعيد وفي استنهاض جمهوره للنزول إلى الشارع، والصراخ في وجه كافة المكونات السياسية في البلد مهددا بإسقاط الهيكل على رؤوس الجميع على قاعدة /أما هو الرئيس او فليخرب البلد / انطلاقا من واقع أنه يخوض معركته الأخيرة للوصول إلى قصر بعبدا لأن الوقت لا يسمح له بالانتظار أكثر، نظرًا لتقدمه في السن، إلا أنه في ذات الوقت يدرك أو عليه أن يدرك أن مساحة التصعيد او هامش المناورة أمامه ليست بالمقدار الذي يستطيع من خلالها أن يفرض خياراته، فهناك خط أحمر دولي لحماية البلد أمنيا وماليا ليس لأحد أن يقاربه بمن فيهم عون وحتى حليفه الأقوى عسكريا حزب الله.
لهذه الأسباب .. لا رئيس للبنان في الجلسة المقبلة
لهذه الأسباب .. لا رئيس للبنان في الجلسة...طانيوس علي وهبي
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
خاص موقع لبنان الجديد
|
عدد القراء:
12167
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro