مع استمرار القصف الروسي - الأسدي لمدينة حلب وأحيائها الشرقية المحاصرة المكتظة بالسكان المدنيين، وصفت الولايات المتحدة ما تفعله روسيا في سوريا بأنه ليس محاربة للإرهاب بل «هو بربرية«، في حين رأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن ذلك القصف جريمة حرب مطالباً بوضع حد لذلك الكابوس.
ففي خطاب لها أمام مجلس الامن قالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامنثا باور إن «ما ترعاه روسيا وتقوم به ليس محاربة للإرهاب بل هو بربرية.. وبدلاً من السعي للسلام تقوم روسيا والأسد بصناعة الحرب. بدلاً من المساعدة في إيصال المساعدات التي تنقذ الأرواح إلى المدنيين تقوم روسيا والأسد بقصف قوافل الإغاثة الإنسانية والمستشفيات وأول من يهبون في محاولة يائسة لنجدة الناس وإنقاذ أرواحهم».
ودعا الامين العام للامم المتحدة الدول الكبرى الى «بذل جهد اكبر لوضع حد للكابوس» في سوريا.
وتساءل بان امام الصحافيين فيما كان مجلس الامن الدولي يعقد اجتماعاً طارئاً لمناقشة التصعيد في حلب، «الى متى سيسمح جميع من لهم تأثير (في النزاع السوري) باستمرار هذه الوحشية؟». ودعا الدول الـ15 الاعضاء في المجلس الى «التحرّك بعزم».
وندّد بان باستخدام قنابل قوية جدا تستطيع تدمير ملاجئ او مستشفيات اقيمت تحت مبان في حلب، مذكرا بأن «القوانين الدولية واضحة والاستخدام المنهجي ومن دون تمييز لأسلحة في مناطق مكتظة هو جريمة حرب».
واعتبر انه باستخدام هذه القنابل البالغة القوة «فإن العنف بلغ درجات جديدة من الهمجية» في حلب.
واعلن السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة فرنسوا دولاتر ان «جرائم حرب» ترتكب في حلب، ويجب «الا تبقى من دون عقاب»، وذلك قبيل بدء اجتماع طارئ لمجلس الامن الدولي في نيويورك.
واتهم السفير الفرنسي النظام السوري وحليفه الروسي بالمضي في الحل العسكري في سوريا واستخدام المفاوضات «للتمويه».
وانعقد مجلس الامن في نيويورك بدعوة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وتسعى هذه الدول للضغط على روسيا وبشكل غير مباشر على النظام السوري عبر موسكو، لتفعيل وقف اطلاق النار الوارد في اتفاق اميركي - روسي.
وقال دولاتر ان «فرنسا تطالب بالتطبيق الفوري» لهذا الاتفاق «ابتداء من حلب».
وشبّه السفير الفرنسي حلب بساراييفو خلال الحرب في البوسنة قبل نحو عشرين عاماً، وبغيرنيكا في اسبانيا خلال الحرب الاهلية في هذا البلد في ثلاثينات القرن الماضي.
وشدد على ان «جرائم حرب ترتكب في حلب»، مشيراً الى «استخدام قنابل حارقة وذخائر متطورة».
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن روسيا تسببت في إطالة أمد الحرب في سوريا وربما ارتكبت جرائم حرب باستهداف قافلة للمساعدات.
وقال جونسون لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) «عندما يتعلق الأمر بأحداث مثل قصف أهداف الإغاثة في حلب فعلينا أن ننظر فيما إذا كان استهدافها قد تم مع العلم بأن تلك أهداف مدنية بريئة بالكامل وأن هذه جريمة حرب.»
وندّد السفير البريطاني ماتيو رايكروفت بـ»الخروق الفاضحة للقوانين الدولية» في حلب وتطرق الى احتمال اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت المحاولة الاخيرة لمجلس الامن للجوء الى هذه المحكمة تعرقلت بسبب فيتو روسي.
واعتبر السفير البريطاني ان المفاوضات الاميركية - الروسية «تكاد تتوقف» داعياً مجلس الامن الى الإمساك بزمام الامور «والتوحد على موقف حاسم».
وحمّلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية دول أوروبية عدة حليفة لواشنطن في بيان مشترك صدر في ساعة متأخرة مساء، بوضوح روسيا مسؤولية تجدّد القتال.
وجاء في البيان ان «للصبر على عجز روسيا المتواصل أو عدم رغبتها في الوفاء بالتزاماتها حدوداً«.
ونبهت المجموعة على ان «المسؤولية تقع على عاتق روسيا كي تثبت أنها مستعدة وقادرة على اتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الجهود الديبلوماسية» من اجل ارساء الهدنة.
وقدم ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة لسوريا تقريراً لمجلس الأمن. وناشد المجلس توفير وسيلة لفرض وقف الاقتتال في سوريا.
وقال «ما زلت مقتنعاً أن بمقدورنا تحويل مسار الأحداث. لقد أثبتنا ذلك أكثر من مرة من قبل«، مشيراً إلى أنه لن يكف عن محاولة إحلال السلام في سوريا.
وأضاف ان «أي مؤشر على استقالتي ستكون إشارة إلى أن المجتمع الدولي يتخلى عن السوريين. ونحن لن نتخلى عن السوريين. ولن تفعلوا أنتم ذلك أيضا.«
واتهم دي ميستورا روسيا والأسد بارتكاب جرائم ترقى إلى جرائم حرب في الأحياء الشرقية من حلب.
ودان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بشدة عمليات القتل التي يتعرض لها المدنيون السوريون من جراء القصف الجوي الوحشي وما تبعه من عمليات عسكرية في مدينة حلب على مدى الأيام الأخيرة.
وأوضح أبو الغيط في بيان له، أن هذا التصعيد الخطير يعكس للأسف استمرار الاقتناع المغلوط لدى بعض الأطراف بإمكانية فرض حل عسكري على الأرض يتجاوز الحاجة إلى اتفاق سياسي.
وفي هذا السياق، قالت فصائل المعارضة السورية الرئيسية في بيان لها إن القصف المكثف لمدينة حلب المحاصرة بدعم من روسيا يجعل عملية السلام «غير مجدية ولا معنى لها» ما لم يتوقف القتال على الفور ويتم السماح بوصول المساعدات برعاية الأمم المتحدة.
ووقع البيان ما يزيد على 35 من فصائل المعارضة المسلحة ومن بينها الجيش السوري الحر أكبر فصائل المعارضة المدعوم من تركيا ودول الخليج ودول غربية.
وقال البيان إن القصف الذي قتل العشرات خلال الأيام القليلة الماضية «غير مسبوق» ويعرقل عملية السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة والتي تسعى واشنطن وموسكو إلى استئنافها.
وأكد البيان «عدم قبول الطرف الروسي كطرف راع للعملية التفاوضية لكونه شريكاً للنظام في جرائمه ضد شعبنا.» وأضاف أن القوات السورية المدعومة من روسيا تستخدم أسلحة محرمة دولياً «بما في ذلك النابالم والأسلحة الكيميائية وسط غياب أي توجه دولي واضح وفعال لوضع حد لجرائم الحرب الموثقة التي ترتكب بحق الشعب السوري.»
وفي المقابل، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إنه «يوجد في سوريا المئات من الجماعات المسلحة التي يجري تسليحها، وأراضي البلاد يجري قصفها بصورة عشوائية وإحلال السلام أصبح مهمة شبه مستحيلة».
وفي حلب المنكوبة بالصواريخ الفراغية والارتجاجية والقانابل العنقودية والبراميل المتفجرة على أنواعها، واصلت حصيلة المجازر الارتفاع بشكل متواتر وغير منضبط، ووصل عدد القتلى حتى السادسة والنصف مساء إلى شهيداً وعشرات الجرحى، نتيجة القصف الجوي للطيران المروحي والحربي الأسدي الروسي منذ ساعات الصباح، وسط مؤشرات عن إمكانية ارتفاع الحصيلة أكثر بسبب استمرار القصف ووجود عشرات الحالات الخطرة في المشافي الطبية التي أعلنت عن وصولها للطاقة الاستيعابية القصوى مما ينذر بتوقفها عن العمل.
وقال ناشطون إن الطيران المروحي لقوات الأسد استهدف عدة أحياء في المدينة بينها حي الهلك، موقعاً خمسة شهداء وعدداً من الجرحى، كما استشهد 4 آخرون في حي قاضي عسكري واثنان في حي القاطرجي بقصف جوي مماثل، قامت فرق الدفاع المدني بمتابعة مواقع القصف ونقل الجرحى للمشافي الطبية.
كما استهدف الطيران المروحي بالبراميل حي بستان الباشا موقعاَ سبعة شهداء وعدداً من الجرحى، في حين شن الطيران الحربي غارات بالصواريخ المحملة بالقنابل العنقودية على أحياء الشعار والأنصاري خلفت أكثر من 20 شهيداً وعشرات الجرحى، وحرائق في المباني السكنية وسيارات المدنيين.
أيضاَ لم تسلم أحياء الميسر والزبدية والشعار من قصف جوي مماثل من الطيران الحربي والمروحي، خلفت العديد من الشهداء والجرحى، وسط أنباء عن ارتفاع عدد الشهداء لتصل لأكثر من 10 شهداء في الشعار وستة في الميسر.
وتعرض مركز الدفاع المدني في مركز هنانو لقصف بالبراميل المتفجرة، استهدفت ساحة المركز، متسببة بأضرار كبيرة في المركز، وذلك بعد يوم من استهداف مراكز عدة للدفاع المدني في حلب وإخراجها عن الخدمة.
وفي أول تقدم بري رئيسي يتحقق في الهجوم الأخير استطاعت قوات الأسد والفصائل المتحالفة معها انتزاع السيطرة على مخيم حندرات الفلسطيني الواقع على مسافة بضعة كيلومترات إلى الشمال من حلب غير أن قوات المعارضة استردت المخيم في هجوم مضاد بعد بضع ساعات.
وقالت المعارضة إنها استعادت السيطرة على المخيم قبل أن يبدأ القصف. وقال قائد يدعى أبو الحسنين في غرفة عمليات المعارضة التي تضم الكتائب الرئيسية التي تقاتل لصد هجوم الجيش «استعدنا المخيم لكن النظام أحرقه بالقنابل الفوسفورية.. تمكنا من حمايته لكن القصف أحرق عرباتنا.»
واعترفت القوات الأسدية بأن المعارضة استعادت السيطرة على حندرات الذي كانت سيطرت عليه لفترة وجيزة يوم السبت في أول تقدم بري كبير لها في هجوم جديد لاسترداد حلب من أيدي المعارضة.
وتبين مقاطع فيديو لمواقع القصف حفراً ضخمة يصل قطرها وعمقها إلى عدة أمتار.
المستقبل : واشنطن: أفعال روسيا في سوريا بربرية
المستقبل : واشنطن: أفعال روسيا في سوريا...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
455
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro