بعد الإنستغرام خطف السناب شات عقول بعض الفنانين، لم يميّزوا بين العفوية والتلقائية، وبين المبالغة في الظهور عبر التطبيق الذي اخترق خصوصياتهم وجعل منها لزوم ما لا يلزم على مواقع التواصل الاجتماعي التي أحرقت صورة كثيرين، فتراجع بعضهم في الوقت المناسب، في حين رأى البعض الآخر خصوصاً "العاطلين عن العمل"، أنّ الظهور المستمرّ عبر السناب شات يعوّض غيابه، ضارباً بعرض الحائط تاريخه ونجوميته وما تبقى من هالة.
فالفنّان الذي كانت محطّات التلفزيون تدفع عشرات آلاف الدولارات لكي تحظى بمقابلة منه، بات اليوم متوفراً ومجاناً عبر السناب شات، لم يعد ثمّة مساحة شوق تفصل بين الفنان ومعجبيه، بل بات بيومياته جزءاً من يومياتهم، من لحظة استيقاظه حتى لحظة نومه، علماً أنّ غالبيّة ما ينشر عبر السناب شات يدخل في خانة الاستعراض، وبالكاد تجد فناناً يستخدم هذا التطبيق لنشر أمور قد تفيد متابعيه بالحد الأدنى.
قلّة فقط نأت بنفسها عن جنون مواقع التواصل الاجتماعي، وهم على الأغلب المشغولون بفنّهم الذين بالكاد يجدون وقتاً للردّ على متابعيهم، الزاهدون بالأضواء، الذين ذاقوا طعم النجومية ولم يسكروا بها.
الفنانة إليسا كانت أوّل من استخدم "تويتر"، لم تنجرّ يوماً إلى حروب كلاميّة مع زملائها، على الرغم من الحملات التي تشنّ ضدّها والتي يبدو معظمها غير بريء.
حافظت على توازنها، استخدمت حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي للدعاية لفنّها، ونجحت في تحطيم الأرقام القياسيّة على اليوتيوب وعبر تطبيق أنغامي، كما باتت النجمة الأكثر متابعة على "تويتر".
يأخذ البعض على إليسا نشرها صوراً يعتبر أنّها غير صالحة للنشر، ما يؤكد أنّ النجمة لا تخضع صورها للفلتر قبل نشرها، وتقوم بنشر صور السيلفي حتى لو لم تعجب متابعيها، يكفي أن تعجبها هي لتنشرها.
لا تنشر إليسا صوراً لملابسها وأحذيتها وخزانتها ومقتنياتها الشخصية، تعبّر عن رأيها السياسي بصراحة، يهمّ إليسا أن تظهر كما تريد لا كما يريدها الآخرون، وقد أثبت حجم متابعتها على مواقع التواصل الاجتماعي أنّها تسير على الطريق الصحيح وأنّها لم تحرق يوماً صورتها ولم تتخلّ عن هيبتها واتزانها.
بدورها حافظت الفنانة نانسي عجرم على صورتها البرّاقة، يحب متابعوها فيها صورة الأم والزوجة والإبنة، تخصّص نانسي مساحة واسعة لعائلتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نادراً ما تطلق موقفاً سياسياً، لا تتشاجر مع أحد، لا تفتعل المواقف ليتحدّث عنها الإعلام.
نانسي عرفت كيف تطلّ عبر نافذتها الخاصة على جمهورها، وأبقت بينها وبين محبّيها مساحة حافظت فيها على هيبتها كفنانة، عرفت كيف تستخدم الأضواء بطريقة تخدمها بدلاً من أن تحرقها.
الفنانة كارول سماحة التي نجحت كواحدة من أهم النجمات الاستعراضيات على المسرح، هي واحدة من الفنانات البعيدات في حياتهن الخاصة عن الاستعراض، تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن أعمالها الفنية، إبداء مواقف سياسية وإنسانية، لمشاركة محبيها مناسباتها الخاصة بحدود تدرك الفنانة بخبرتها أنها في حال تعدّتها قد تحرق صورتها البراقة في أعين متابعيها.
لحياة كارول الخاصة مساحة ضئيلة على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها مساحة تحظى باهتمام محبيها، وتدرك كارول أنّها لو تخطّتها سيملّها الجمهور يوماً كما ملّ نجمات كان ظهورهنّ بحد ذاته حدثاً قبل أن يصبح لزوم ما لا يلزم.
الفنانة سيرين عبد النور النّاشطة على مواقع التواصل الاجتماعي بدورها عرفت كيف توازن بين خصوصياتها التي تفضّل الاحتفاظ بها لنفسها، وبين تلك التي ترضي فضول متابعيها بالحد الأدنى. ورغم أنّها قادمة من عالم الموضة والأزياء، لم تحوّل سيرين حساباتها كما تفعل الكثير من النجمات إلى خزانة لعرض أحذيتها وفساتينها، لم تفقد اتزانها أمام أضواء السوشال ميديا المجانية، بقيت حاضرة رغم غيابها عن الشاشة حضوراً لم يخفّف من هيبتها.
بين العفوية والتلقائية وافتعال المواقف الصبيانيّة على مواقع التواصل الاجتماعي خيط رفيع، لم يدرك البعض أهميته، فتمادى في نشر تفاهات أسقطت عنه قناع الهيبة، قناع كان يتمنّى محبّوه لو بقي مزيفاً حفاظاً على نجوميته وتاريخه وصورته في عيون جمهوره.
سيدتي